«القراءة بين المتعة والعلاج».. أطباء: تقلل من الإصابة بالأمراض النفسية

آخر تحديث: الجمعة 16 أغسطس 2019 - 1:07 ص بتوقيت القاهرة

سارة النواوي

وآخرون: القراءة تسهم في العلاج.. والمثقف أقل عرضة للإصابة بالمرض النفسي

هل تخيلت أن القراءة يمكنها أن تصبح نوعًا من العلاج النفسي؟ العلم يؤكد ذلك، فكما أن هناك علاجًا بالموسيقى وآخر بالرقص أو الرسم أو غيرها، يمكن للقراءة أن تفعل ذلك أيضا؛ فهي تساهم في التخفيف من حدة الاكتئاب، فضلًا عن أنها تساعد بعض المرضى النفسيين على سرعة التشافي؛ وهو ما أشارت إليه دراسات عدة؛ كما أكد باحثون بجامعة "تورينو" أن الذين عولجوا بالقراءة شهدوا تخطيًا كبيرًا في مرحلة العلاج.

وفي هذا الصدد، تواصلت «الشروق» مع عدد من الأطباء النفسيين للوقوف على كيف يمكن للقراءة أن تسهم بشكل فعال في العلاج النفسي.

قال الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي، بجامعة القاهرة، إن القراءة يمكنها أن تسهم بشكل فعال في العلاج النفسي؛ فكل إنسان له نشاطات متعددة يفضلها، ولكن هذا الأمر قد يختلف من شخص لآخر؛ فليس بالضرورة أن يفضل جميع المرضى نشاط القراءة؛ ولذا لا بد على الطبيب النفسي أن يعلم أولًا إذا كان المريض يرغب في القراءة أم لا، فإذا كان يفضلها يمكنها أن تحسن من حالته النفسية، وأما إن لم تكن لديه رغبة بها، ففي هذه الحالة ستشكل عبئًا ثقيلًا عليه، وتعوق عملية شفائه.

كما أشار "فرويز" بأن مدى تقبل القراءة يعود إلى ثقافة وتعليم كل مجتمع، والتي تختلف من بيئة لأخرى، ففي البلاد الغربية يمكن للقراءة أن تسهم في رفع المستوى المزاجي؛ ولذا تتواجد ثقافة القراءة بكل مكان، فالكتب تتبادل بين الأشخاص في القطارات ومناطق النزهة والمصحات وغيرهم؛ ولذا تلعب القراءة دورًا عظيمًا في تحسين حالتهم المزاجية.

وأضاف بأنه في حالات الإصابة بالوسواس القهري والاكتئاب وغيرهم من الأمراض، يمكن التخفيف منها عن طريق القراءة، غير أن القراءة لا بد أن تخضع إلى اختبار من الطبيب أولًا، لأن هناك بعض الكتب التي يمكنها أن تزيد من حدة الأمراض، كما أن نسبة القراءة يجب أن تتحدد وفق كل شخص ومدى استيعابه؛ فمثلها مثل أي علاج آخر، لا يمكن أن يطبق على الحالات جميعا، كل علاج يجب أن يلقى قبولًا من جانب المريض أولا.

وأكد بأنه يمكن أن يتم توجيه المريض إلى قراءة الكتب التي تساعده على التخلص من المرض الذي يعاني منه بشكل مباشر، كالكتب التي تتحدث عن التخلص من الاكتئاب أو غيره من الأمراض، إضافة إلى كتب التنمية البشرية، موضحًا بأن القراءة لا يمكن الاعتماد عليها بشكل أساسي في العلاج، ولكنها وسيلة إضافية تساعد في التشافي بجانب وسائل العلاج الأخرى.

واتفق معه الدكتور عمار علي، خبير علم النفس السياسي، وأضاف بأن دور الطبيب النفسي هو توجيه المريض النفسي، إلى الأعمال التي تلائمه وتساعده على الخروج من موجة الاكتئاب؛ ومن ثم لا بد أن يكون الطبيب مثقفًا حتى يستطيع أن يقوم بدوره في أن يرشد المريض إلى الأعمال التي تلائم حالته؛ فمثلا إذا كان يعاني من تشتت واضطراب نفسي، وقرأ روايات كابوسية كـ"البومة العمياء"؛ قد تزيده من حدة المرض، وإذا كان مصدر اكتئابه مثلًا الأحوال الجارية، يمكنه هنا أن يتجه إلى كتب التاريخ والاجتماع؛ لأنها قد تساعده في فهم الأحداث ومن ثم تجعله أقل حيرة وقلقا وتريحه نفسيًا.

وأكد بأن كل مريض نفسي يحتاج إلى تحديد الكتب التي تساعده على الخروج من أزمته، مشيرًا إلى أن هذا النوع من العلاج لكي يجزم به، لا بد من تطبيقه أولًا على عينة، ومن ثم التأكد من فعاليتها، كي نستطيع تعميم العلاج فيما بعد.

وأوضح بأن كل شخص له اهتمامات تختلف عن غيره، وبناء عليها يمكن اختيار الكتب التي يحبذها وتأتي بتأثير ملحوظ على حالته، مشيرًا إلى أن الكتب أو الروايات التي تتناول حالة تشبه المريض، كأن يمثله بطل، في هذه الحال، ستؤتي بثمارها بشكل ملحوظ؛ حيث تزيد من رغبته في الشفاء؛ مشيرًا إلى أن أول طريق العلاج هو أن يعرف المريض جوهر علته ومن ثم يعرف سبب مرضه. وأردف بأنه يجب توفير مكتبة على الأقل بكل مصحة نفسية، مزودة بكتب فعالة وأمين مكتبة يكون على دراية كاملة بمضمون الكتب التي تلائم كل مريض حسب علته.

وقال الدكتور، هاشم بحري، رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر، إن القراءة يمكنها أن تلعب دورًا هامًا في العلاج بشكل عام، فضلًا عن أنها تقي من الوقوع في الأمراض النفسية المختلفة وتقلل من احتمال حدوثها، موضحًا بأن الشخص القارئ يكون أكثر وعيًا ودراية بالأمراض المختلفة من غيره، من ثم يمكنه أن يتفادى الوقوع بها.

وأوضح بأن هناك علاجًا يسمى "العلاج المعرفي السلوكي"؛ حيث يمكن من خلاله تعديل معرفة الإنسان وثقافته ومن ثم التحكم في سلوكه وفي الأزمات المختلفة التي يمر بها، كما أن بعض الأعمال الأدبية التي تسلط الضوء على المشكلات النفسية، يمكنها أن تسهم بشكل أو آخر في التخفيف من الأزمات النفسية وتقديم الحلول المختلفة لها، كمسرحية "هاملت" أو "الإخوة الأعداء" وكتاب "الخيميائي" الذي يعطي القارئ دافعًا إلى أن يكمل حياته بطاقة إيجابية حتى ولو فقد الكثير.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved