في ذكرى افتتاحها...كيف قضى العمال المصريون أيامهم في حفر قناة السويس؟

آخر تحديث: الجمعة 16 نوفمبر 2018 - 3:22 م بتوقيت القاهرة

هاجر فؤاد :

العديد من الكتب والمراجع التاريخية تناولت تاريخ حفر قناة السويس، من الجانب السياسي من ناحية وفق الرواية الأوروبية لتاريخ القناة، باعتباره جزءا من تاريخ أوروبا ومظهرا من مظاهر الصراع السياسي بين فرنسا وإنجلترا في القرن التاسع عشر.

أما عن تضحيات وجهود الشعب المصري في حفر القناة والمشاكل التي واجهت الأيادي العاملة المصرية، في ساحات الحفر، فلم تتعرض لها الكثير من المراجع التاريخية، ليتم إغفال التضحيات الجسيمة المتعددة الألوان والأشكال التي تم فرضها على المصريين جبرا من أجل إنشاء القناة، التي أصبحت بفضل تضحياتهم -الجسيمة والمهولة- أحد العناصر البارزة في ازدهار وسطوع الحضارة الأوروبية، وفق معطيات ذلك التاريخ.

في هذا التقرير نحاول أن نقدم قراءة من زاوية مغايرة لتاريخ قناة السويس، تركز على تاريخ وجهود الشعب المصري في حفر القناة ومشاكل الأيادي العاملة المصرية وترحيلها إلى ساحات الحفر وما له من تأثيرات على حياتهم الاجتماعية ومعانتهم، اعتمادا على واحد من أهم الكتب التي تناولت هذه الجهود وهو كتاب "السخرة في حفر قناة السويس" للكاتب عبدالعزيز الشناوي، في طبعته الصادرة عام 2010 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.

العمل تحت الكرابيج

فبعد وصول العمال إلى ساحات الحفر منهكي القوة بعد السفر الطويل مستغرقين 20 يوما، تبدأ عملية فرزهم إلى قسمين "الفريق القوي، والفريق الأقوى" ويعطي كل فريق من الفريق القوي قفة لجمع أنقاض عملية الحفر، ونقلها بعيدا عن مجرى القناة في مكان تحدده الشركة، فيما الفريق الأقوى يعطى كل واحد منهم فأسا يضرب بها في الأرض لحفر القناة ويهبط بها في الأرض إلى أن يبلغ في حفرها العمق المطلوب، ولم يكن العمال يعملون إلا تحت إكراه "شيوخ العمال" الذين كانوا يمسكون بالكرباج طوال النهار.

استبدال العمال بعد استنزاف قواهم

لم يسمح للعمال بالعودة إلى قراهم إلا بعد انتهاء شهر في العمل، فكان العمال يلجؤا للهرب من العمل والحراسة المشددة المفروضة ليهم، حتى ضجت الشركة من كثرة الشكاوى من هرب العمال.
وكانت الشركة تبدل عمال السخرة كل شهر؛ لأن العمال بعد شهر من العمل المتصل في الصحراء وسط الرقابة الصارمة المفروضة عليهم، يصبح إنتاجهم من الحفر ضئيلا كما أن الشركة تكون استنزفت قواه، فمن مصلحة الشركة استبدال العمال المرهقين بالعمل بآخرين جدد، خصوصا أن الشركة لن تتكلف أي شيء من نفقات سفرهم.

العودة قبل الموت

تسبب نظام التغيير الشهري للعمال في التأثير العميق في حياة المصريين، إذ كان هذا النظام يعني أن 60 ألف من العمال المصريين يتغيبون كل شهر عن بيوتهم وعن حقولهم ومزارعهم، لأنه بينما يكون 20 ألف في ساحات الحفر، يكون 20 ألفا آخرين في طريق العودة إلى قراهم، فيما 20 ألف الباقين في الطريق إلى مناطق الحفر، بالإضافة إلى أنه لا الشركة ولا الحكومة المصرية كانتا تتكفلان بعودة عمال السخرة إلى قراهم، مع الوضع في الاعتبار الهزال الذي كانوا فيه نتيجة أن الشركة استنفذت كل ذرة نشاط منهم، فكانوا يعودون إلى بلادهم عاجزين عن العمل مرة أخرى، بالإضافة إلى الآثار الاجتماعية الأخرى لتغيب العمال عن بيوتهم ما سبب تفشي التذمر بين الأهالي من أقصى البلاد إلى أقصاها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved