الخطوات العشر لإنعاش الاستثمار فى مصر

آخر تحديث: الإثنين 16 ديسمبر 2019 - 8:47 م بتوقيت القاهرة

منذ فترة ليست بالقليلة تصاعدت آراء حول ضرورة صياغة خريطة طريق جديدة لتنشيط الاستثمار فى مصر وتشجيعه تكمل ما تم البدء فيه من خطوات منذ عام 2014 وحتى الآن والذى أسفر عن تطورات إيجابية مهمة تستدعى حاليا تدعيمها وتطويرها لتحقيق المستهدف من تنمية الاستثمار فى مصر، وبخلاف التطوير التشريعى الذى مازلت أرى أن مساحة الحركة فيه مازالت مهمة فإنه يجب الأخذ بوجهه نظر المؤسسات الدولية والتى ترى أنه قد تساعد الحوافز الاستثمارية على اجتذاب الاستثمار الأجنبى المباشر لكنها ليست فعالة بوجه عام إلا حين يفاضل المستثمرون بين مواقع متماثلة لاختيار قاعدة جديدة لصادراتهم. عندما يكون الدافع للاستثمار هو الرغبة فى الوصول إلى سوق محلية أو استخراج موارد طبيعية، تصبح تلك الحوافز غير فعالة.. عموما، لهذا فمن الأهم بكثير توفير الحماية القانونية من المخاطر السياسية والتنظيمية فالحد من هذه المخاطر هو أساس بدونه لن يؤدى مجرد الحد من المخاطر على مستوى المشروع إلى زيادة الاستثمار والنمو.
على مدى الأشهر الماضية قمت بتجميع العديد من الآراء سواء من اجتماعات أو ندوات أو لقاءات أو مقالات أو تحليلات أو دراسات أو تجارب دولية وعربية خلصت من خلالها إلى 10 خطوات كبرنامج إصلاحى لمناخ الاستثمار بصورة متكاملة تتمثل فى:
أولا: ضروره تشكيل اللجنة الوطنية لتوحيد وتنسيق جهود جذب وتسويق الاستثمارات فى مصر داخليا وخارجيا فهذا الموقف يواجه أزمة متكررة فى أغلب البلدن النامية حاليا فكل جهه تعمل بنشاط وقوة فى سبيل جذب الاستثمارات ولكن دون تنسيق فعلى أو فعال مع باقى الجهات، وهو ما يتسبب دائما فى ضعف المردود مع استبعاد جهات فى غاية الأهمية من المشاركة غالبا كالبورصة وبنوك الاستثمار والوحدات المصرفية والمؤسسات المالية غير المصرفية.
مع إطلاق منصة «استثمر فى مصر» كهوية استثمارية وطنية موحدة لتسويق وجذب الاستثمارات ومن خلال هذه الهوية يتم التعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة لاستخدام هذه الهوية فى جميع أعمالها المتعلقة بجذب وتسويق الفرص الاستثمارية، والعمل على إعداد المحتوى والرسائل التسويقية ذات الصلة بحسب اختصاص كل جهة، وهو ما سيسهم فى تعزيز الدعم والتنوع فى النمو الاقتصادى خصوصا فى القطاعات المستهدفة مع أهمية تشكيل مجلس جديد للتجارة الإلكترونية فى مصر ليتواكب مع الزخم الكبير فى التفاعل التجارى عبر الإنترنت فى البلاد.
ثانيا: من المهم إعادة تفعيل دور المجلس الأعلى للاستثمار لكى يتولى مراجعة الإجراءات والقوانين المتعلقة بالاستثمار فى الأنشطة والمجالات جميع الأمر الذى يعطى ثقة لجميع المستثمرين المصريين والأجانب بأن المرحلة المقبلة ستشهد نقلة نوعية فى منظومة الاستثمار.
ثالثا: تساهم الشراكة بين القطاعين العام والخاص فى ارسال إشارة واضحة إلى القطاع الخاص تؤكد توافر العمليات الشفافة والفعالة من أجل تحديد مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتطويرها وإجراء المفاوضات والشراء وتنفيذها ورصدها ويستلزم الأمر إرساء البيئة المؤسسية للشراكة بين القطاعين العام والخاص.
رابعا: منظومه الجذب الاستثمارى يجب أن تتضمن ــ وبشكل أساسى ــ التوسع فى إنشاء المناطق الحرة العامة بعد أن باتت تشكل عنصرا أساسيا فى المنظومة الاقتصادية الشاملة التى تساهم فى نمو الناتج الإجمالى، كما أنها أحد الحلول المبتكرة التى لجأت إليها دول العالم للاستثمار فى صناعة المستقبل، وتحقيق الازدهار الاقتصادى وهو ما يستدعى التوسع فى إنشاء مناطق حرة جديده بهدف جذب المستثمرين عبر توفير مزايا تنافسية عالمية.
خامسا: وضع برنامج متكامل للإصلاحات المقترحة لتحسين ترتيب مصر فى مؤشر التنافسية العالمى وينبغى إدراك أن التحدى الأساسى للاستثمار ليس فى الحصول ــ فقط ــ على ترتيبات متقدمة فى مؤشرات التنافسية ولكن فى تحقيق التحسن المستمر فى هذه الجوانب.
سادسا: وضع برنامج متكامل لخطوات جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مصر يتضمن متابعة الشركات القائمة والتواصل مع المستثمرين وإمدادهم بالمعلومات الخاصة بالاستثمار وتشكيل لجان التعاون الاستثمارى محليا وخارجيا وتعريف مجتمع الأعمال بالدور الجديد لخدمات المستثمرين والخريطة الاستثمارية والحوافز وإعداد مؤتمرات إقليمية فى أقاليم مصر المختلفة بصفة دورية والترويج للمناطق (الحرة / الاستثمارية) الجديدةو الترويج للمشروعات الكبرى ومساعدة المستثمرين الأجانب فى ايجاد شركاء مصريين (Match Making). ودراسة وحل المشكلات والعقبات التى تواجه المستثمرين.
سابعا: ضرورة وضع برنامج زمنى متكامل لربط جميع الجهات المعنية بالاستثمار إلكترونيا بحيث يتم اصدار التراخيص بصورة موحدة من خلال منظومة رقمية متكاملة دون الحاجه للتوسع فى انشاء مراكز جديدة لخدمات المستثمرين غير فعالة وفى المحافظات ذات النشاط الاستثمارى المحدود مما يستلزم تعيين عدد كبير من العاملين وتكبد تكلفة مرتفعه دون تحقيق الفاعلية المطلوبة كما يجب أن تتضمن هذه المنظومة ليس فقط خطوات التأسيس والتراخيص ولكن كل ما يتبعها من خطوات واجراءات مكملة طوال عمر المشروع مع التوسع الكامل فى استخدام الوسائط التكنولوجية بجميع أنواعها لتحقيق ذلك وستساههم هذه المنظومة فى القضاء على تضارب تأسيس الشركات بين الجهات المختلفة.
ثامنا: البدء فى وضع برنامج متكامل لمراجعة التكاليف التى تتعرض لها الشركات بدءا من مرحلة التأسيس وحتى مرحلة التشغيل بصورة تعكس عنصر المنافسة على مستوى قطاعات الاستثمار بانواعها إلى جانب زيادة الدور الذى تلعبه السياسات الحكومية فى عملية تشجيع الاستثمار ويجب ان تشمل عملية المراجعه هنا ثلاثة مراحل:
الاولى: تتعلق بتكاليف التأسيس والتراخيص بأنواعها سواء المصروفات الإدارية أو تلك المرتبطة بتكلفة الحصول على الأرض والمرافق وغيرها من التكاليف عند بدء النشاط.
الثانية: ترتبط بعنصر فترة التشغيل ويتضمن هنا عوامل مثل تكلفة الطاقة والضرائب والتأمينات الاجتماعية والرسوم الإدارية التنظيمية وتكلفة النقل والمواد الخام ونقص سلاسل الأعمال بالإضافة إلى الرسوم الجمركية والأعباء الإدارية وتكاليف تأخير الإجراءات الحكومية بما يضم تحقيق وفر فى التكاليف التى يتحملها المستثمر دون تحقيق غبن فى تحصيل مستحقات الدولة.
الثالثة: هو مقارنة متوسطات التكاليف بالمتوسطات السائدة فى المنطقة بالمقارنة مع المتوسطات الخاصة بالعوائد ايضا محلياو مع الدول المنافسة لإبراز عنصر التنافسية الحقيقى للاستثمار فى مصر. علما بأن هذه التكاليف يجب أن تتضمن أيضا مراجعة شاملة لتكاليف التمويل سواء المصرفى أو غير المصرفى على عملية الاستثمار.
تاسعا: إنشاء وحدة مركزية تتبع مجلس الوزراء أو إحدى وحداته التابعة لكى تتولى عمليات المتابعة والتقييم والتنسيق فيما يخص جميع عمليات الاستثمار بالاضافة إلى تحليل جميع المتغيرات الاستثمارية محليا وعالميا وتتضمن هذه الوحدة بالإضافة إلى إدارتها التنفيذية مركزا لمعلومات الاستثمار وبياناته متضمنا وضع برنامج للمتابعة والتقييم فيما يخص عمليات وإجراءات ونظم الاستثمار على مستوى الجمهورية.
عاشرا: ضرورة التركيز على تنفيذ ومتابعة برنامج تعميق التصنيع المحلى لزيادة القيمة المضافة للمنتجات المصرية، وإعداد برنامج إصلاح هيكلى لقطاع الصناعة يركز على حل مشكلات الصناعة بدءا من مرحلة الإنشاء وحتى الإنتاج والتصديرو الاستفادة من الحوافز التى أعلنتها الحكومة لجذب استثمارات فى الصناعات التكنولوجية لتصنيع منتجات ذات قيمة مضافة مرتفعة، والاهتمام بالتعليم الفنى واستحداث مدارس ومعاهد فنية مؤهلة لسوق العمل تتناسب مع أنواع الصناعات التى تسعى مصر لتوطينها وتحقيق ميزة تنافسية بها، وحل مشكلات منظومة النافذة الواحدة التى تم البدء فى تنفيذها بمصلحة الجمارك، والتى لم تحل مشكلة تأخر مدة الإفراج الجمركى، وربطها بجميع الجهات المتعاملة مع الجمرك، وتطوير منظومة النقل البرى والاستفادة من السكك الحديدية فى عملية نقل البضائع.

(تمت الاستعانة فى المقال بآراء ومقالات منشورة من مصادر متعددة)

محسن عادل ــ نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved