جوابات ريما.. مشروع إحياء الخطابات الورقية بنكهة الزمن الجميل

آخر تحديث: الإثنين 17 يناير 2022 - 3:29 ص بتوقيت القاهرة

أماني إبراهيم

سعادة بالغة كان يحملها ساعي البريد بين الأحبة، ما بين سطور صادقة وحروف بخط اليد وظرف وطابع بريد، تفاصيل صغيرة كان يحملها الخطاب لا يُمكن وصفها، لكن مع مرور الوقت وتطور التكنولوجيا أصبحت هذه الخطابات في طي النسيان وتحول التعبير عن المشاعر لرموز تعبيرية و"إيموشن" بلا روح على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

أرادت ريما الحبيبي، مصممة جوابات ورقية وصاحبة مشروع "جوابات ريما"، أن تعيد زمن الخطابات الجميل إلى الأشخاص الذين يشعرون بالحنين للماضي وذكرياته الجميلة، طريق تسلكَه لنفسها تساعد من خلاله في رسم البهجة والعودة للحنين إلى الماضي.

وتقول ريما لـ "الشروق"، إنها تعشق الكتابة متأثرة بوالدتها كثيرا: "منذ يوم ميلادي ومنذ أن أتيت إلى هذه الدنيا كنت دوما أرى أمي التي لديها حقيبتين للجوابات ورثتهم من والدها ووالدتها، وحقيبة من والدي عندما كان مسافرا خارج مصر، وكان يكتب لها وكنت أرى مدى أهمية هذه الجوابات لدى أمي، ورغم وفاة جدي منذ أكثر من 40 عاما، لا زالت أمي تقرأ هذه الجوابات حتى تشعر بوجوده وتشم رائحه الورق وتقول لي أشعر برائحة أبي في هذا الورق حتى جوابات أبي تذكرها بفتره شبابها وذكرياتها، لدرجة أنها لازالت تتذكر الكواليس واليوم التي استلمت فيه الجواب من ساعي البريد".

 

وأضافت: "كنت بحلم أكون مثل أمي لدي حقيبة ذكريات، فكانت تهدي أصدقائها وتعطيهم هدية مخصصة لهم، وبرفقتها رسالة مكتوبة بخط يدها"، تلك الهواية ظلت ريما أسيرة لها، وقالت إنها لا زالت تحتفظ بهذه الجوابات منذ الصف الأول الابتدائي إلى هذه اللحظة.

"عندما تخرجت من الجامعة التحقت بمهنة مرشدة سياحية لفترة قصيرة، بعدها انجرفت إلى مجال التسويق (الماركتينج) إلى أن جاءت أزمة كورونا والحجر المنزلي وخسرت شغلي مثل الكثير". 

وتابعت: "أصابني اكتئاب لأنه لا يوجد سبب يجعلني استيقظ كل يوم، ومع مرور الأيام بدأت أشعر بملل رهيب، ومن هنا أتت الفكرة، لماذا لا أصنع الجوابات التي كنت أعدها لأصحابي من قبل كعمل أقوم به للمهتمين بهذا الأمر أيضا، وتصبح فرصه لاستغل وقت فراغي، والأهم من كل هذا يكون هناك عمل ولو بسيط بربح بسيط ابدأ به كمشروع وكعمل كاسر للملل أيضا".

 

بدأت ريما، تنفيذ فكرتها بالفعل، وأجرت Analysis Marketing، مستطردة: "بدأت أشوف مين بيقدم أفكار زي اللي في دماغي، بحيث أقدر أضيف حاجة جديدة للسوق تبهر الناس، وبناء عليه جاتلي الفكرة الجديدة وهي مشاهد السينما من أفلام الأبيض وأسود، وده لأني أصلا بحب السينما جدا وبالذات الأبيض وأسود".

وأكملت: "وبالفعل عملت plan" marketing" وبدأت أجمع مشاهد السينما اللي ممكن تعبر عن حياتنا اليومية، وجهزت الصور وطبعتها وبدأت أشتغل بأقل إمكانيات، فجبت ألوان وأختام وطوابع، وبدأت أصور بنفسي وأرفع على صفحتي الشغل اللي بدأتة بـ5 جوابات بس، وسميت المشروع جوابات ريما".

كأنها قادمة من زمن مضى، تصنع ريما الجوابات يدويا: "بحس إن الهدية المعمولة بالإيد، بيبقى ليها قيمة أكبر"، ومع كل جواب ترفق ريما مشهد من الأفلام المصرية القديمة، حيث اختارت توثيق الأفلام التي ظهرت في الفترة من 1950 وحتى 1985، تلك الفترة التي تعشق مشاهدة أفلامها، خاصة أنها تشبه شخصيتها، فدوما يبدو كلامها كأنها قادم من زمن الأبيض والأسود، "أنا بحب أقول يا بيه ويا هانم ويشرف مقدارك وأنشانتيه"، وهي نفس اللغة التي تستخدمها ريما مع عُملائها الحاليين.

 

وجدت ريما طلبا كبيرا على الجوابات، حيث نفذت إلى الآن أكثر من 110 تصاميم، لا يشبه أحد منه الآخر، حيث تصنع الجواب بحسب طلب العميل، فلا يقتصر عملاؤها على المرتبطين عاطفيا أو متزوجين فحسب، أحيانا يطلب منها أحدهم لصديقه أو صديقته أو لوالدته "وساعات بيطلبوا مني إني أكتب لهم الجواب"، حيث يقول لها العميل ملخص ما يريد كتابته، ثم تصيغ هي الفكرة بنفسها.

"أنا بسمع العميل كويس وبعدها أعبر عن كلامة في الجواب سواء لأمه أو حبيبته أو زوجتة"، تقول ريما.

واستطردت: "دلوقتي معايا فريق للكتابة بيتم صياغة أفكار مجهزة للعملاء، من بينها خطابات للأم والأب والحبيبة والحبيب، بحيث اللي عايز بيختار منها، أو يقرر إنه هيكتب بنفسه، أو يحب أنا اللي أكتب له الجواب"، ويحتوي كتالوج الرسائل المجهزة على 20 خطاب "بنكتبهم كأننا عايشين في زمن قديم".

تتمني ريما أن يصبح لديها متجر للخطابات في القريب، "صحيح إنه حلم بعيد الآن"، لكنها تعلم أن في استطاعتها تحقيق ذلك، تحاول من خلاله نشر ثقافة التواصل بشكل إنساني، حيث ترى أن وسائل التواصل الحديثة قطعت حبل الودّ القديم، "بحس إن الشات بيدمر كل حاجة، إنما الرسالة هيفضل ليها رونق وقيمة".

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved