الفرنسية: رجال الشرطة بمصر يعيشون في خوف بعد أن كان الجميع يهابهم
آخر تحديث: الخميس 17 أبريل 2014 - 8:02 م بتوقيت القاهرة
القاهرة - الفرنسية
أصبح الحذر والتحوط عنصرين أساسيين في حياة عقيد الشرطة عمرو الذي أصدر تعليمات صارمة لزوجته وطفليه بعدم الكشف عن مهنته أمام أي شخص بعد أن بات رجال الأمن هدفًا يوميًّا لاعتداءات دامية.
يقول العقيد عمرو، وهو أب لابن وابنة: «نعيش حاليًّا أجواء من القلق والتوتر، كل يوم يسقط زميل لنا شهيدًا، وما يزيد الأمر صعوبة أننا نحارب عدوًّا مجهولًا، عدوًّا لا نراه ولا نعرف قوته»، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية.
وطلب العقيد عمرو عدم كشف اسمه كاملًا أو إعطاء بيانات محددة عن موقع عمله كغيره من أفراد الأمن الذين التقتهم وكالة فرانس برس والذين رفضوا جميعًا التقاط أي صور لهم أثناء المقابلة».
ولأنه صار يخاف البوح بأي معلومات اكتفى الضابط بإعطاء اسمه الأول، مؤكدًا أنه يعمل بالشرطة منذ 25 عامًا وأنه يخدم الآن في وسط القاهرة.
ومنذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو 2013، قتل نحو 500 من أفراد الجيش والشرطة بعضهم ضباط كبار في اعتداءات دامية، كما تعرضت سيارات شرطة وسيارات خاصة لعشرات منهم للحرق، بحسب بيان للحكومة المصرية.
وتتهم الحكومة جماعات «جهادية إرهابية» والإخوان بالوقوف وراء معظم تلك الهجمات التي بدأت أولًا في شبة جزيرة سيناء ثم امتدت مؤخرًا إلى مختلف أنحاء البلاد خاصة في القاهرة والدلتا.
في المقابل، تشن السلطات المصرية حملة واسعة على أنصار الإخوان خلفت نحو 1400 قتيل، بحسب منظمة العفو الدولية.
ومؤخرًا قامت وحدة الشرطة التي يخدم فيها عمرو بإزالة لافتة كانت موضوعة على مدخل مقرها وكان مكتوبًا عليها اسم الإدارة التي تتبعها في وزارة الداخلية خشية تعرضها لأي هجوم أثناء مرور تظاهرات أنصار الإخوان أمامها.
ويقول العقيد عمرو: «حاولت تجنب مواقف المواجهة قدر الإمكان لأنني سأكون فيها قاتلًا أو مقتولًا، كإجراء احترازي قمت بتغيير اللون الأزرق التقليدي لسيارة الشرطة التي تخدم أسرتي إلى اللون الأبيض خشية تعرضها للحرق أو الاستهداف وأسرتي داخلها، كما أزلت من سيارتي الخاصة أي إشارة تدل على أنها سيارة ضابط».
زوجته نها تتخذ المزيد من التدابير خشية استهداف أبنائها
وتقول نها: «لم أعد أعرف عن نفسي كزوجة ضابط شرطة خاصة حين أتعامل مع غرباء أو أطلب مشتريات من متجر بقالة عبر الهاتف، لا أريد لغريب أن يعرف أن بنايتنا فيها ضابط رغم أن ذلك كان مصدر فخر لي سابقًا».
وتتناقض مشاعر القلق والحذر تلك التي تعيشها أسرة العقيد عمرو مع ما كانت تعيشه هذه الفئة التي كانت تملك من السطوة والنفوذ ما يجعل الكثيرين يهابون الاحتكاك بهم.
هذا القلق يزداد حدة مع تعرض أسر الضباط لتهديدات بعد أن نشرت صفحات إسلامية على مواقع التواصل الاجتماعي أسماء وعناوين عدد منهم وطالبت بالقصاص منهم لاتهامهم بقمع أنصار مرسي.
ويقول اللواء ناصر العبد، مدير مباحث مدينة الإسكندرية، الذي نشرت صور لأبنائه على الإنترنت لفرانس برس: «الاستهداف الأسري أكثر قلقًا وإرباكًا، في النهاية أسرتي ليس لها ذنب ولا تستطيع الدفاع عن نفسها».
ويقول اللواء العبد: «التهديد على الإنترنت أكثر خطرًا وتأثيرًا؛ لأنه يجعل الوصول إلينا أسهل».
وألقي القبض لاحقًا على مهددي أسرة العبد ضمن 80 آخرين هددوا ضباطًا، حسبما أعلن المتحدث باسم الشرطة.
وقال ضباط في الشرطة والجيش التقتهم فرانس برس: إنهم أزالوا صورهم وهم بملابسهم الرسمية عن تلك المواقع خشية تتبعهم واستهدافهم.
ومع توالي الهجمات زادت وزارة الداخلية من إجراءات تأمين ضباطها ومقراتها عبر البلاد، وقامت ببناء جدران إسمنتية حول أقسام الشرطة ومديريات الأمن كما أغلقت العديد من الطرق حولها ما زاد من تفاقم أزمة مرورية سيئة أساسًا.
وقال مسؤول كبير في الشرطة لفرانس برس: «الإخوان يقومون بتلك العمليات لزعزعة الثقة في ضباط الشرطة وإضعاف روحهم المعنوية»، رغم أن الجماعة أكدت في بيان صدر قبل أسبوع أنها تقوم على السلمية المطلقة ونبذ العنف بكل صوره.
ويقول أحد الضباط: إن تلك الهجمات تزيدهم إصرارًا على المواجهة. لكن لباس الشرطة الرسمي نفسه أصبح أكبر مصدر للخطر الذي يواجه أفراد الأمن بعدما كان مصدرًا للقوة والفخر.
وتمتد الهجمات لتشمل كافة الضباط بمن فيهم ضباط المرور ممن لا يتعاملون مع المظاهرات، فقد أصيب شرطيان في هجوم استهدف نقطة مرور في القاهرة الثلاثاء.
ويقول نقيب شرطة يدعى حازم يعمل في جنوب القاهرة «لم أعد أرتدي ملابسي الشرطية بعد أوقات العمل خشية استهدافي».
وقرر مدير أمن محافظة الشرقية عدم ارتداء رجال الأمن للزي الرسمي خارج مقار الشرطة مع مغادرتهم أعمالهم في ملابس مدنية وذلك لمنع استهدافهم، وذلك بعد مقتل 10 منهم على الأقل في المحافظة منذ بداية العام الجاري.
وأصدرت وزارة الداخلية تعليمات مشددة لضباطها وأفرادها بضرورة ارتداء السترة الواقية من الرصاص وخوذة الرأس أثناء العمل خاصة لمن يعملون على الحواجز الأمنية المنتشرة على طرقات البلاد خاصة خلال الليل.
رجال الجيش أيضًا ليسوا بمنأى عن هذه الاعتداءات وخاصة بعد إعلان المشير عبد الفتاح السيسي عزل «مرسي» الصيف الماضي.
وفي سيناء التي تشهد غالبية الهجمات ضد الجيش أحيطت الدبابات بشبكات حديدية للتقليل من تأثير تعرضها لأي هجمات، كما تحاط حواجز الجيش بتلال من أكياس الرمل.
وعندما يتنقل رجال الأمن في سياراتهم فإنهم يوجهون دائمًا فوهات بنادقهم للخارج، أي في وضع استعداد للتصويب، ويقول رائد شرطة يدعى أيمن «اتخاذ وضع الاستعداد أثناء التحرك بالسيارات هو "محاولة لجعل رد فعلنا أسرع حين يتم مهاجمتنا».
ولا تعطي التحصينات الأمنية حول مقار الشرطة - والتي حولت القاهرة لقلعة حصينة - الطمأنينة الكافية للرائد أيمن الذي يرتدي سترة واقية من الرصاص وهو يقول «كل يوم يقتل زميل لنا، تلك التأمينات لا تمنع الموت، لا حذر مع القدر».