فلسطنيون من غزة يروون لـ الشروق مشاهد قصف العدوان: نتقاسم الطعام والمنازل

آخر تحديث: الإثنين 17 مايو 2021 - 6:17 م بتوقيت القاهرة

بسنت الشرقاوي

دموع وقهر وفزع وأجساد مُتعبة لنساء وأطفال وعجائز لا حول لهم ولا قوة، أصبحوا ينتظرون مصير الاستشهاد أسفل أسقف منازلهم، التي باتت مهددة بالقصف في قطاع غزة، الذي طالما وقف صامدا أمام ضربات الاحتلال الموجعة؛ دفاعا عن فلسطين بأكملها.

على غير العادة، استمرت ويلات القصف الجوي للاحتلال الإسرائيلي فوق رؤوس أهالي قطاع غزة لمدة 8 أيام متواصلة، دون هوادة، في الوقت الذي دمرت فيه تلك الغارات البنى التحتية لأحياء داخل القطاع.

 

 

بصعوبة شديدة للغاية ووسط استمرار القصف العنيف على القطاع، تمكنت "الشروق" من التواصل مع أحد أهالي شارع الوحدة بحي الرمال، للحديث عن كيفية سير حياتهم اليومية، بعدما قصف الاحتلال الشارع ليلة أمس الأحد، حتى وصل الوضع لمجزرة أذهبت عائلات بأكملها.

• في انتظار الموت

"في كل يوم كانت الغارات تتوقف عدة دقائق، ثم تعاود مرة أخرى ليرتجف معها قلبي وأهرع إلى أطفالي الثلاثة، فأحتضنهم حتى لا نفترق بعد الموت، لطالما كنت أغمض عيني في انتظار الصاروخ الذي يخلصنا جميعا من هذا العذاب النفسي، لكننا نجونا بمعجزة بعد عشرات الغارات، وها أنا أتحدث الآن"، بهذه الكلمات المأساوية وصفت (ز. ن.)، التي تسكن قطاع غزة، وتحفظت على ذكر اسمها كاملا أو مقر سكنها نظرا للوضع الحالي، حال أسرتها يوميا تحت قصف الاحتلال، الذي لم يترك حيا في القطاع إلا وأحدث فيه الخراب.

تقول (ز. ن.) لـ"الشروق"، إن أسرتها وجيرانها يعيشون حياتهم في حي الرمال بصعوبة، بعدما دمر الاحتلال البنى التحتية للحي، فأصبحت الكهرباء تأتي متقطعة، وأصبح الحصول على الطعام أمرا صعبا: "كل الشعب في غزة يتقاسم الغذاء وبعض الشقق الآمنة تأوي أفراد العائلات النازحة من شمال القطاع، وعلى الرغم من تدمير مدينتنا الجميلة التي عمرناها بعد الحرب في السنوات الماضية، إلا أننا صامدون، وسنعمرها مجددا".

ولفتت (ز. ن.) إلى أنه في كل ليلة تنهمر الصواريخ على رؤوسهم كالمطر، حتى دمرت شارع منزلها: "لا أنكر أنني فكرت في النزوح للعيش في مدينة أخرى غير غزة، التي باتت تنضح برائحة الموت، لكنها في قلبي وعقلي ولم ولن أقدر على فراقها".

• تقاسم الطعام

رواية أخرى لـ"الشروق" يقصها جمال الدرة، والد شهيد الطفولة الفلسطينية محمد الدرة، الذي يسكن في حي البريج وسط القطاع، قائلا: "شعبنا متكاتف للغاية ومتماسك وصامد، هنا لا نقبل أبدا أن يبقى جار لنا بدون طعام، الشعب فتح منازله لإيواء الفارين من القصف، حتى أصبحنا نرى 7 و10 عائلات في بيت واحد".

وتابع: "بات الحصول على الطعام أمرا مرهقا وسط دمار القصف، لكننا نلتقط طعام يومنا من بعض المحال البسيطة التي لا تزال تعمل بين البنايات السكنية، وأعاون جميع أهالى غزة في شراء الطعام لأي أسرة نعلم أنها نازحة من القصف، فهنا لا يوجد فرد ينقصه شيء، وجميعنا عونا لبعض".

• تدمير البنى التحتية وانقطاع الكهرباء

وأوضح الدرة أن غارات الاحتلال دمرت البنى التحتية لبعض الأحياء، حيث تضررت شبكات المياه والكهرباء، حتى الطرق الموصلة للمستشفيات: "الكهرباء تأتي إلينا في حي الرمال بالكاد ساعتين، حتى أنها لا تكفي لشحن هاتفي الجوال، في المقابل يتعرض الاحتلال لزلازل لم تحدث له منذ نكبة عام 1948، فعلى الرغم من كثرة شهداءنا، إلا أن الاحتلال واقع حقا في ورطة غير مسبوقة تشعرني باقتراب النصر بأمر الله".

 

 

• قصف لم تشهده غزة في تاريخها

أدت غارات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، اليوم الاثنين، لارتفاع عدد الشهداء إلى 200 وإصابة 1305 آخرين بجروح، فيما نقل بعض المصابين إلى مستشفيات سيناء عبر تعاون بين الهلال الأحمر الفلسطيني والمصري، لتلقي العلاج، وذلك لعدم كفاية القدرة الاستيعابية لمستشفيات القطاع.

وتستمر الغارات الجوية للاحتلال الإسرائيلي ليل نهار لليوم الثامن على التوالي، في قصف لم تتعرض له غزة في تاريخها، محدثا آثار كارثية في جميع أحياء القطاع.

يجري ذلك فيما تواصل المقاومة رشقاتها الصاروخية المؤثرة من داخل غزة، على بعض الأحياء والمستوطنات الإسرائيلية، حيث اخترقت جزءا من تلك الصواريخ، القبة الحديدية -نظام الدفاع الجوي- لإسرائيل، لتسقط في الداخل، ما أحدث عدة قتلى وأضرارا مادية كبيرة، في الوقت الذي تفتح فيه إسرائيل الملاجيء طوال اليوم تأهبا للقصف، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.

وبلغت التوترات حدتها بين الجانبين الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية منذ اقتحام وتدنيس شرطة الاحتلال للمسجد الأقصى عدة مرات في الأيام العشر الأواخر في شهر رمضان، وترويع المصلين وإطلاق الرصاص المطاطي وقنابل الصوت والغاز، ما أحدث إصابات بالغة للعشرات، بينهم نساء في مصلى المسجد.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved