نبيل فهمي يكتب عن القضية الفلسطينية: كفانا كلام

آخر تحديث: الإثنين 17 مايو 2021 - 6:57 م بتوقيت القاهرة

ما تعرض له الشعب الفلسطينى فى القدس أخيرا، بالمسجد الأقصى ومنع المؤمنين العزل من أداء واجباتهم الدينية فى شهر رمضان المعظم، والاعتداءات الممنهجة فى حى الشيخ جراح، والسعى لطردهم من بيوتهم والاستيلاء عليها لصالح المستوطنين، كلها دلائل قاطعة بأن إسرائيل دولة محتلة تضرب بعرض الحائط بالقوانين الدولية والإنسانية، أحداث فارقة تفرض على الدول والقيادات اتخاذ مواقف واضحة، وتبنى قرارات مؤثرة تتضمن إجراءات محددة وفعالة من قبل من يتمسك بنظام عالمى يتأسس على القانون الدولى، أو يصون مصالحه ومواقفه من منطلق الالتزام بأصول وقوة القانون، بدلا من افتراءات قانون القوة، بكل ما يحمله من تجاوزات مرفوضة.

والأحداث الأخيرة مؤلمة ومشينة ومتكررة فى تاريخ الاحتلال الإسرائيلى الذى امتد أكثر من سبعين عاما، ولم يعد مقبولا المضى فى تحليل الأوضاع، أو الاكتفاء بالشجب والإدانة أو التعبير عن التمنيات، لذا سأقتصر فى ملاحظاتى الصريحة اليوم على طرح طلبات محددة، أعترف من البداية أنها دون حجم الجرم الذى شهدناه، وإنما أطرحها كحد أدنى وكخطوات فى طريق محاسبة المعتدى، ورغم أن قطاع غزة عمليا تحت وطأة المحتل الإسرائيلى أيضا، الذى يتحكم فى أغلب مداخله ومخارجه، أقصر ملاحظاتى على القدس والمناطق المجاورة لها حتى لا يفتح بابا للمقارنات المغلوطة والتبريرات غير السوية لاستخدام القوة دفاعا عن النفس، كأن هذا حق لدولة الاحتلال فحسب، ومسلوب من الشعب الفلسطينى تحت الاحتلال.
بداية يخطئ بيننا من يتصور أن اكتفاء الدول العربية بإدانة وشجب الممارسات الإسرائيلية له صدى دولى أو عربى، ناهيكم عن تجاهلها الكامل إسرائيليا، أو أن تركيز قرارات جامعة الدول العربية على الحديث عن التحرك الدبلوماسى المعتاد موقف يتمتع بمصداقية أو يلائم قسوة وفجاجة الأحداث الأخيرة، لا إطلاقا، لم يعد كافيا مطالبة المجتمع الدولى باتخاذ مواقف واضحة دون خطوات محددة من جانب العرب، خطوات مثل؛
ــ تقدم الدول العربية بطلبات مباشرة لانعقاد مجلس الأمن والجمعية العامة والمؤسسات الدولية القانونية، لمناقشة وإقرار طلبات وإجراءات محددة من جميع هذه المؤسسات، بهدف التأكيد على عدم شرعية وقانونية الإجراءات الإسرائيلية ومخالفتها جميع القواعد القانونية والإنسانية، مع اقتراح إجراءات عقابية ضد دولة الاحتلال حال استمرارها على هذا النهج.
ــ استدعاء السفراء ورؤساء مكاتب الدول العربية فى إسرائيل للتشاور، ليس لقطع العلاقات وإنما تعبير عن رفضهم الممارسات الأخيرة، ولتأكيد أن المضى على هذا المنهج سيكون له تداعيات طويلة الأجل وتكلفة فعلية على علاقات إسرائيل بالدول العربية، وهذا ليس نقضا للسلام العربى الإسرائيلى، وإنما رفض عربى بأن تفسر إسرائيل رغبتهم فى السلام على أنها رخصة لممارسات مرفوضة من الجميع.
ــ اتخاذ إجراءات محددة على المستوى الوطنى ضد دولة الاحتلال نتيجة ممارساتها اللاإنسانية. فعلى من له علاقات كاملة معها ــ إن لم يكن قد اتخذ هذه الخطوات بعد ــ، الإعلان عن تخفيض مستوى الاتصال فى العواصم العربية لممثلى دولة الاحتلال إلى دون المستوى الوزارى.
ــ تجميد إصدار تأشيرات الدخول للمواطنين الإسرائيليين، أو عقد أى صفقات تجارية جديدة بينها وبين إسرائيل، إلى أن توقف تلك الممارسات.
ومن الهزل أن تدعى إدارة بايدن الأمريكية أنها مناصرة لحقوق الإنسان والديمقراطية، فى الوقت الذى تكتفى فيه بإصدار بيانات، تطالب فيها ــ على حد سواء ــ الفلسطينيين والإسرائيليين بضبط النفس، وكأن ما نشهده الآن من ممارسات إسرائيلية أحداث جديدة أو مجرد ظاهرة عابرة وفريدة وغير ممنهجة. فأقل المطلوب من أمريكا هو التأكيد على سيادة القانون من خلال:
ــ الاعتراف بأن القدس الشرقية أرض محتلة وعاصمة للدولة الفلسطينية وفقا لحل الدولتين على أساس حدود الخامس من يونيو 1967.
ــ ربط استمرار المساعدات الأمريكية لإسرائيل بوقف ممارساتها غير المشروعة واللاإنسانية فى الأراضى المحتلة، وألا تخصص مساعدات مستقبلا إلا بعد أن تقدم الخارجية الأمريكية بتقرير سنوى واضح وصريح للكونجرس بأن حليفها الأول فى المنطقة قام بشكل قاطع بوقف ممارساته غير المشروعة تجاه الشعب الفلسطينى.

أما بالنسبة للدول الأخرى دائمة العضوية فى مجلس الأمن، روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا، فلم يعد مقبولا منها الاكتفاء بإصدار المجلس قرارات لا تردع المعتدى أو بيانات لا تعكس الحقيقة المأسوية، وأتساءل هل انحصر دوركم كدول صديقة ومؤيدة للحق الفلسطينى على مجرد التعبير عن القلق، وهل حدود مسئولياتهم فى مجلس الأمن هو طرح القضايا التى تعنيكم دون غيرها، وكأن المجلس مخصص وموجه لمصالحكم، بدلا من أن يكون وضعكم المميز داخلة يعكس مسئولية أوكلت إليكم فى إطار النظام الدولى المعاصر، لحفظ السلم والأمن الدوليين وفقا لميثاق الأمم المتحدة لا يا سادة لم يعد ذلك مقبولا، يفترض منكم دعوة المجلس للانعقاد وإصدار القرارات اللازمة التى توقف المهازل الإسرائيلية وتردعها عن سياساتها غير الشرعية.
وأدعو الدول الإسلامية وغير المنحازة والأفريقية والآسيوية إلى المشاركة فى وقفة ضد الممارسات الإسرائيلية التى تمس الحقوق الوطنية والإنسانية للإخوة والأخوات فى فلسطين، والتى شكلت إهانة صارخة لشعائرنا الدينية فى شهر رمضان المبارك، ومطلوب من هؤلاء الأصدقاء:
ــ استدعاء سفراء إسرائيل لديهم لمقار وزارات الخارجية ومطالبتهم بالوقف الفورى لممارساتهم تجاه الفلسطينيين
ــ دعم ما تطرحه الدول العربية فى المحافل الدولية لوقف الممارسات الإسرائيلية ومحاسبتها على تجاوزاتها
واسأل الدول الأوروبية التى تتباهى برفع راية القانون وإعلاء حقوق الإنسان والمبادئ الإنسانية، هل تتمسكون بحقوق الإنسان حقا، أم هو واجب مقصور على حقوق الفرد بين الحين والآخر تحت تأثير جماعات ضغط محلية، ويتجاهلون تماما ما يتعرض له الإنسان الفلسطينى والشعب المناضل من جرائم ضد الإنسانية، إن المطلوب منكم؛
ــ الاعتراف بالقدس الشرقية أرض محتلة وعاصمة للدولة الفلسطينية على أساس حدود 1967
ــ أخذ زمام المبادرة ودور ريادى فى طرح إجراءات فى المحافل القانونية والإنسانية لمحاسبة إسرائيل على تجاوزاتها فى حق الإنسان الفلسطينى، وردعها عن تكرارها.
كفانا كلام، آن أوان المواقف والقرارات والإجراءات الحاسمة والملموسة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved