قبيل استعادة الأردن أرض الباقورة والغمر.. مزارعو إسرائيل في مواجهة المجهول

آخر تحديث: الخميس 17 أكتوبر 2019 - 5:46 م بتوقيت القاهرة

أدهم السيد

على هامش معاهدة السلام الإسرائيلية الأردنية عام 1994 وافقت الأردن على ترك مساحتين من المزارع داخل حدودها كأراضى مؤجرة للمزارعين الإسرائيليين لمدة 25 عام قابلة للتجديد كبادرة على السلام وهو ما جعل الإسرائيليون يستثمرون بها وبنى كثير من مزارعيهم مستقبلهم على تلك الأرض، قبل أن تقرر عمان أخيرا عدم تمديد العقد الخاص بها لتذر المزارعين الإسرائيليين يواجهون مصيرهم بعدما تخاذلت حكومتهم عن تقديم أى تنازلات للأردن بشأنها ثنى الأخيرة عن قرارها.

وسلطت صحيفة التايمز الإسرائيلية الضوء على تبعات استرداد الأردن لأرضى الباقورة والغمر علي المزارعين الإسرائيليين بينما يشير التحقيق لوجود حلول وترضيات كانت السلطات الإسرائيلية لتقوم بها لتجنب الأزمة ولكنها لم تفعل.

وتقع الباقورة قرب نهر الأردن وتسمي نحارييم بالعبرية بينما تقع الغمرة فى نطاق مقاطعة إريفا لإسرائيل وتسمي تزوفار بالعبرية وتبلغ مساحة كلتا المنطقتين 1000 دونما بينما تحوى تلك المساحة كذلك علي ما يعرف بجزيرة السلام التى يعتبرها الإسرائيليون ضريحا لمراهقات قتلن برصاص الجيش الأردنى فى حادثة وقعت تسعينيات القرن الماضى.

ويذكر أن ملك الأردن الملك عبد الله الثانى قرر أكتوبر 2018 لاسترداد المنطقتين وعدم تجديد عقد تأجيرهما لإسرائيل وذلك بعد خلافات داخلية فى الأردن علي وضعية تلك الأرض.

ويقول أورين يوريفينى مدير قطاع الزراعة بمستوطنة أشدوت المسؤولة عن الباقورة "ليس بإمكان أحد أن يتوقع ما سيؤول إليه مصير المزارعين".

وهاجم يوروفينى فى حواره كل من وزير الطاقة يورى إيرييل ووزير الطاقة يوفال ستينيتس والذان أعلنان عن فشل المحادثات بشأن الأرض مع الأردن حيث قال يوروفينى "نحن مستوطنى أشدوت أنفقنا الملايين فى تلك الأرض والان لا يأتى أحد حتى ليكلمنا فالحكومة تضع الزراعة فى ذيل أولوياتها دائما".

وتابع يوروفينى "بالنسبة لى فأنا أملك 200 دونما علي تلك الأرض ومع ذلك لم تدفع لى الحكومة أى تعويض مقابل خسارتى وحتي إن فعلوا فلا أتوقع أن يأخذوا الأمر بجدية".

واستطرد يوروفينى متحدثا عن تقاعس الحكومة الإسرائيلية فى حل الأزمة قائلا: "ظننا أن لتلك الأرض أهمية استراتيجية لدى إسرائيل ولذا حافظوا علي البقاء فيها ولكن فجأة تغير الحكومة اتجاهها رغم أن الأمر كان سهلا فبمجرد زيادة حصة الأردن من المياه كانت لتدع الأمر وتجدد عقد الأراضى لكن الحكومة لم تبذل جهدا".

ويذكر أنه بموجب معاهدة السلام تمد إسرائيل الأردن الفقيرة مائيا ب45 مليون متر مكعب ماء سنويا وارتفعت تلك الحصة لاحقا ل50 مليون مترا مكعب لتعود الأردن العام الماضى لتطلب زيادة الحصة ل100 مليون متر مكعب.

ويعلق يوروفينى على أمر اتفاقية الماء "لم يكن تتطلب الموافقة علي طلب الأردن التى كانت لتتراجع عن خطوتها حيال الأرض سوي موافقة وزير الطاقة ستينتس ولكن أين ستينتس هو لا يولى الأمر اهتماما هو ليس معنا من الأصل".

وأما أورونا شمعونى فتري لتلك الأرض أهمية رمزية لشعب إسرائيل إذ تم تشييد مشروع محطة توليد الطاقة منذ ثلاثينيات القرن الماضى علي يد المهندس الإسرائيلى بنحاس روتنبيرجز.

وكذلك دأبت شمعونى علي مدي 25 سنة مضت علي زيارة ضريح جزيرة السلام ووضع الأكاليل تخليدا لذكري ضحايا حادثة جزيرة السلام عام 1997 حين أطلق جندى أردنى النار علي طالبات مدرسة إعدادية إسرائيليين ما أسفر عن مقتل 7 وجرح 6 أخريات.

وأوضح إلياكيم روبنستاين رئيس المحكمة الإسرائيلية السابق والمشارك بالمباحثات بين البلدين أن بموجب المعاهدة يحق للأردن قبل إنتهاء عقد تأجير الأرض بسنة إخطار الجانب الإسرائيلى بعزمها عدم التجديد.

ويضيف روبنستين: "رغم امتلاك عمان الحق فى عدم التجديد إلا أن ذلك لم يكن توجه الأردن ولا إسرائيل ولم يكن أحد يتوقع أن يحدث ذلك لأن العقد كان ليتم تجديده بشكل تلقائى بمجرد انتهائه".

وبسياق متصل يظل مستوطنوا أشدوت المأجرين لأرض الباقورة أفضل حالا من مستوطنى تزافور الذين يعملون فى أرض الغمرة حيث تبلغ مساحة الغمر 1200 دونم بينما تم الاستثمار فيها بشكل أكبر من سابقتها لتحتوى الغمر علي بيوت شتوية للزراعة وغيرها من المنشآت المكلفة والذى يعنى فقدانها خسارة فادحة للمزارعين الإسرائيليين.

وبسؤال المجلس المحلى لمنطقة نهر الأردن علق مديره أايدن جرينبوم بقوله إنه هناك محادثات تجرى علي نطاق واسع بين الخارجية الإسرائيلية ونظيرتها الأردنية بينما يساهم الأمن الوطنى الإسرائيلى فى المباحثات ولكن دون وجود أى بوادر علي نجاح مساعى إسرائيل فى الإبقاء على الأرض.

وأضاف جرينبوم: "من غير المعقول أن تأتى الأردن لتأخذ الأرض التى عكف مزارعى أشدوت علي رعايتها 70 عاما مضوا وأيضا تخالف الخطوة الأردنية الأخيرة روح السلام الذى اتفق عليه الملك حسين وإسحاق رابين إلي جانب تعلق الإسرائيليون بتلك الأرض التى بذلوا أرواحهم من أجلها وبالتالى لن يكون مبهجا أن تستعيدها الأردن بعد كل ذلك".

ومن جانبها رفضت الخارجية الإسرائيلية التعليق عن أى شيئ مرتبط بأراضى الأردن المأجرة.

وأكدت مصادر فى الجانب الأردنى لزمان إسرائيل أن باب المحادثات بشأن الإبقاء علي الأراضى قد أغلقت وأن كلمة الملك عبد الله الثانى أنهت كل شيئ حيث يقول الصحفى خطاب داوود الخبير فى الشأن الأردنى أن أى نوع من المباحثات القائمة هى مجرد مناقشة لآلية تنفيذ القرار الأردنى وأنه لا مجال لأكثر من ذلك بسبب وجود ضغط كبير علي الملك من قبل المجتمع الأردنى.

وكذلك علق عوديد إيرين السفير الإسرائيلى السابق لعمان علي المسألة بقوله أن الأمر منتهى وليس هناك مجال لتمديد العقد فالعقد ينتهى 2019 والأرض واقعة تحت السيادة الأردنية فقط كان يعكف علي زراعتها الإسرائيليون.

وعن وجود أوراق ضغط إسرائيلية علي الأردن كاتفاق توريد 45 مليون متر مكعب من حقل غاز ليفياثان الإسرائيلى للأردن بتكلفة 10 مليار دولار واتفاق توريد المياه الإسرائيلية للأردن فينصح إيرين بعدم اللجوء لتلك الأوراق حيث يتضمن اتفاق الغاز إدارة الحقل الأمريكية بينما لا تستطيع إسرائيل التراجع باتفاق توريد الماء لأنه جزء أساسى من معاهدة السلام.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved