اليوم.. دار الشروق تطلق «قهوة وآيس كريم» لبسمة العوفي من مبنى قنصلية

آخر تحديث: الإثنين 18 أكتوبر 2021 - 11:03 ص بتوقيت القاهرة

شيماء شناوي

تنظم دار الشروق، مساء اليوم الأحد، حفل إطلاق وتوقيع المجموعة القصصية «قهوة وآيس كريم» للكاتبة بسمة العوفي، وذلك في الساعة 7 مساء بمقر مبنى «قنصلية»، في 5 شارع الفضل خلف حلواني العبد، بشارع طلعت حرب وسط البلد.

تأتى نصوص المجموعة القصصية «قهوة وآيس كريم»، للكاتبة الصحفية والقاصة بسمة العوفى، الصادرة عن دار الشروق، عبر 13 قصة قصيرة ونوفيلا تحمل عناوين «يد خفية، المشتاق، تفاحة فاسدة، ذهب عتيق، القاتِل، قهوة وآيس كريم، الخروج من عباءة العالم، المشي على الماء، بيتزا على روح الساحرة، الأمير الكبير، سلم إلى السماء، شجرة القطط الذهبية».

بلغة عذبة ومفردات أنيقة وخيال يحمل القارئ فوق أجنحة الأساطير ووعى يرصد الواقع وينقش مأساته فى الأذهان بنصل السكين، تأخذ بسمة العوفى القارئ فى رحلة عبر الزمن، وحكايات تتأرجح بين الفانتازيا والواقع والأساطير، فتارة ترصد الواقع العربى المعاش فى ظل الحروب والدمار، وتارة تأخذه حيث تسكن ربة القمر «إيزيس» أم الطبيعة، سيدة العرش المُبصرة الكاهنة البديعة، صاحبة القلب الوضّاء، ومنشأ الحب وأصل الوفاء.

وبين رسائل الجدات القديمة التى كانت تحفظها فى صناديق عتيقة داخل خزانة ملابسهن، مصحوبة بصور وخطابات غرامية وذكريات لأيام كانوا عشاقًا، ورسائل أخرى نتلقاها صدفة فى زجاجة آتية من عمق المحيط بها رسالها حملتها الأمواج، ربما يكون صاحبها قد غرق، وربما يكون فى انتظار المساعدة، تتأرجح النصوص السردية، لـ«قهوة وآيس كريم» فى تلك المساحة الفارغة بين الحلم والواقع.

تطرق بسمة العوفى فى قصة «تفاحة فاسدة»، إلى قضية التنمر والعنصرية التى يعانى منها أغلب سكان العالم على اختلاف ألوانهم وجنسياتهم، من خلال قصة طفلة سمراء، ينبذها من حولها وعلى رأسهم أفراد عائلتها بسبب لون بشرتها شديد الاسمرار وعيناها الواسعتين، فالجدة تلقبها بـ«العفريتة السمراء»، والأم تذكرها أنه لا أمل لها بالزواج طالما أن يديها كبيرتان فلن تجد من يضع فيها خاتم زواج. تبحث عن الحب فلا تجد، تكمل تعليمها وتعمل بالإرشاد السياحى، وهناك وفى عتمة صحراء الأهرامات تتعرض للتحرش ثم الابتزاز والسرقة ثم للضرب والبصق فى وجهها مصحوبًا بعبارة «سوداء حقيرة».. لينتزع ذلك الموقف صبر صدرها، وتقرر أن تفجر الأهرامات، لكن قبل تلك اللحظة تقرر أن تروى للعالم قصتها والتعامل معها كتفاحة فاسدة. وتسأله لماذا لم يحبنى أحد؟ لماذا لم يرحمنى العالم؟.

وفى قصتها بعنوان «المشي على الماء»، التى اختيرت ضمن القائمة القصيرة لأفضل قصة قصيرة عن مؤسسة «آنا ــ ليندا» إسبانيا 2015. تتطرق إلى جحيم الحرب بين مؤيد ومدبر ومبرر وقتلى ومقتولين لم يشاركوا فى قرار الحرب، وأصبح اصطيادهم أشبه برياضة صيد البط، تنهمر عليهم الطلقات والمقذوفات وتلتهمهم النيران أينما كانو.

فى القصة التى توضح وجة نظر الإنسان الرافض لكل ذلك لكنه لا يملك حيلة لوقفه، تلجأ المؤلفة إلى الأساطير القديمة المتوارثة، إذ تختار البطلة أن تصنع لزوجها المذعور من أصوات المفرقعات، «عروسة ورقية» كتلك التى كانت أمها تصنعها لطرد الشرور، بعدما تقوم بشك العروس ومع كل شكة دبوس تذكر اسم حاقد أو حاسد. لكنها هنا تذكر أسماء السياسيين والقتلة ومن دقوا طبول الحروب ورقصوا حول نيرانها، وتنظر إلى العروس التى تآكلت من كثرة الشكشكة قبل أن تشعل فيها النار وتقول: كلهم يحترقون بما فعلوه.

يبقى شبح الموت وفقدان الأوطان، خيط رئيسى يربط نصوص المجموعة القصصية، فلدى بسمة العوفى، كل الأوجاع مقارنة بفقدان الوطن والذكريات بلا قيمة، كل المشاكل تافهة وحقيرة، أن الوطن أقيم من حدود جغرافية يتنازعون عليها، كيف نعيش فى عالم نحن فيه عرايا بلا وطن بلا أرض بلا ظهر، أغراب تائهون فى متسع العالم، لا تختفى ذكرياتنا كالبالون فى السماء، لكنها تتسرب وتقوى وتتصلب كالصخر فى قاع البحر حسبما كتبت.

أما الموت، فقصصه تختلف كاختلاف البشر، وبين متأمل ومتمرد ومنتظر الخلاص، تأتى حكاياته ومراسمه وأوجاعه وربما يأتى أحيانًا بفرحة تحتاج إلى احتفال، كما حدث مع قصة «بيتزا على روح الساحرة»، إذ تجد نفسك أمام نص لا يصور الموت بالكوابيس والرعب، رحيل لا نحيب فيه ولا دموع، بل يصوره كخلاص. «لم أكن وحدى من فرح بموتها، كانت الأرض تحتفل معي».

استوحت «العوفي» اسم قصتها الأمير، من القصة العالمية «الأمير الصغير»، لأنطون دى سانت أكزبيرى، التى تحكى عن طيار سقطت طائرته فى منطقة جبلية، والتقى هناك بأمير صغير طلب منه أن يرسم له خروفًا، ثم حكى الأمير عن مغامراته فى كواكب عديدها زارها. لكنها هنا تحكى عن فتاة فى العاشرة من العمر، ذات وجه نحيف متورد، وأنف دقيق وشفتين صُبغت بلون الفراولة، وعينين زرقاوين صافيتين، نظرتهما لامعة كالبرق، وفوق وجهها تاج ذهبى رفيع، تتوسطه لؤلؤة خضراء، ترتدى فستانا أبيض لا نهاية لطوله كشعرها المنساب فوقه. أميرة تخرج من وسط صحراء قاحلة وسط عاصفة ثلجية، لتطلب من رجل أن يصنع لها فيلمًا، تستطيع من خلاله أن تسترد عالمها الذى لوثته دون قصد، ويبقى السؤال كيف عرفت هى أنه صانع أفلام؟، وهل ما تطلبه مجرد طلب أم أمر يتوقف عليه حياة رفقائه التائهين فى تلك الصحراء التى جاءوها للتسلق وقضاء وقت ممتع والتقاط الصور مع الثلوج التى تزور بلادهم لأول مرة.

بتجربتها وقاموسها الخاص، بقدرتها على التعبير عن تفاصيل المشاعر والأحاسيس، وبراعتها فى رصد تلك المساحة الفارغة بين الحلم والواقع، تطرز بسمة العوفى قصص هذه المجموعة الثلاث عشرة؛ كل واحدة منها بمذاق مختلف و«وصفة» فنية فريدة تتحدى بها رجفات الإحساس بالوحدة والخوف، سلاحا تواجه به العزلة والاغتراب، وتحكى بعمق عن لحظات الحب القصيرة، بحساسية عالية تجعلها قادرة على استدعاء الأصوات والصور والألوان وتمزجها فى لوحات قصصية بديعة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved