«السابع والعشرين من مايو لهذا العام».. تجربة سينمائية مصرية تحصد جوائز دولية

آخر تحديث: الأربعاء 17 نوفمبر 2021 - 3:42 م بتوقيت القاهرة

الشيماء أحمد فاروق

يوجد كثير من التجارب السينمائية التي تبحث عن النجاح وتحاول تحقيق رغبتها في الوصول والظهور، ومن هذه التجارب كان فيلم "في السابع والعشرين من مايو لهذا العام"، تجربة قصيرة للمخرج مصطفى مراد، لكن حقق من خلالها الكثير من النجاحات، مشاركات في مهرجانات متنوعة وعدد من الجوائز من دول مختلفة، كان آخرها في أول نوفمبر الجاري، جائزة أحسن مخرج وأحسن ممثل عن الفيلم في مهرجان "Quetzalcoatl Indigenous International Film Festival" المكسيكي، كما يعرض حاليا ضمن فاعليات المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة بالمهرجان المصري الأمريكي للسينما والفنون بالولايات المتحدة الأمريكية.

عن هذه التجربة السينمائية والمشاريع القادمة، أجرينا هذا الحوار مع المخرج الشاب مصطفى فكري، الذي درس السينما في أكاديمية نيويورك للأفلام ويعمل حالياً على مجموعة من الأفكار ليظهرها إلى النور.

الفيلم يروي قصة رجل كسا شعره الشيب يُدعى أدهم سليمان، جسد دوره الممثل أحمد عباس ولعب نفس الشخصية في مرحلة الشباب الممثل أحمد عادل، يعود من مكان غير معلوم متجهاً إلى مكان آخر، يحمل ذكرياته وأخطاء ظناً منه أنه يستطيع تغيير ما حدث، وموت زوجته، لكن يفشل بالتأكيد بعد مشاهد نستكشف فيها أسباب وفاة زوجته ولماذا يشعر البطل بالذنب، ليقرر في النهاية إنهاء حياته.

قال مراد عن سبب اختياره لفكرة الحنين إلى الماضي فكرة أساسية للعمل: "في الحقيقة أنا دائما لا أختار موضوع معين لأقوم بتقديمه، الفيلم بالنسبة لي هو شعور ينتابني ويحركني، دائما ما يكون المحرك هو فكرة ما تؤرقني أو تناديني، ومع فيلم (في السابع والعشرين من مايو لهذا العام) كان بطل الحكاية هو من يناديني لأحكي حكايته".

مع تتبع الفيلم، نلاحظ أن المخرج قد اختار البطل الرئيسي أن يكون ممثلاً مسرحياً، وأوضح أن اختياره للممثلين كان حيادياً تماما فلم يكن هناك تعمد لاختيار ممثلي مسرح، وإنما كان الاختيار بناء على مدى قرب الممثل من الشخصية التي رآها في خياله.

في بداية الفيلم لا نعلم أين يقف البطل أو ما اسم المكان الموجود فيه أو تاريخه تحديداً، وقال مراد إنه تعمد تجهيل المكان الذي أتى منه البطل ليخوض رحلة العودة وذلك لأن هذا المكان الذي لجأ له البطل هرباً من ماضيه هو اللا مكان في الأساس، اللا شيء، فالمكان الحقيقي للبطل هو ذاك المكان الذي ظلت روحه عالقة به.

تضمن الفيلم سرد مونولوج داخلي بين البطل وذاته، وأيضاً مشاهد أخرى باللغة العربية الفصحى، قال مراد عن ذلك: "اخترت اللغة العربية الفصحى لتكون الصوت الداخلي للبطل، وذلك كونه صوت الرواية التي يغوص بداخلها بطل الحكاية، وهي الرواية التي أسرته منذ بدأ سطورها الأولى وحتى حين عاد ليضع فصولها الأخيرة بعد مرور سنوات".

عندما نتابع الفيلم نجد أن نهايته تشبه نهايات البطل التراجيدي، الذي يعاني كثيراً وغالباً ما تكون نهايته مأساوية بغرض التطهير من أخطاءه، ويوضح مراد في هذا السياق أن النهاية هي النهاية الحتمية لشخصية تراجيدية بقدر تراجيديا البطل، الذي طالما ما كان يرى في نفسه البطل الملحمي.

وبالفعل، الشخصية تتشابه مع سمات البطل التراجيدي كما حددها أرسطو، وكان أرسطو قد حدد سماتها بأن تتابع الأحداث ينبغي أن يجري بمقتضى الضرورة والرجحان، وكما هو في بناء الحبكة الدرامية، فإنه ينبغي أن يكون تصوير الشخصية يهدف إلى تحقيق الحتمية أو الاحتمال، أيّ أن ما يقوله أو ما يفعله ينبغي أن يكون حتميا أو محتملا لشخصيته، بمعنى أن أفعال الشخصية وأقوالها تأتي في سياقها بمقتضى الضرورة، بحسب ما ورد في كتاب "الأسطورة والتراجيديا في اليونان القديمة".

وسمات البطل التراجيدي مستمدة من هدف التراجيديا ووظيفتها المتمثلة في وجوب تحقيق التطهير، عن طريق إثارة عاطفتي الخوف والشفقة في نفس المتلقي لتخليصه منهما، ولا بد للشخصية التراجيدية أن تتميز بالقدرة على تحقيق هذا الهدف، وإلا فقدت أحد اشتراطات التراجيديا بمفهوم (أرسطو) وهو مبدأ جمالي، أخلاقي في آن واحد، ومن سمات هذا البطل أن يطرأ على حظه التحول، حيث يقف البطل بين طرفي الفضيلة والسوء، وإن كان أقرب إلى الفضيلة، ويتحول البطل من السعادة إلى الشقاء، لا بسبب رذيلة فيه، ولكن بسبب زلة ما أو خطأ ما.

كل ذلك يتقاطع مع شخصية أدهم الذي ظلم صديقه وتسبب في دخوله السجن، ثم تزوج حبيبته، وتسبب في موتها ليعود في النهاية نادماً ظناً أنه يستطيع تعديل النهاية التي وقعت بالفعل منذ سنوات.

وظف المخرج الأغاني في الفيلم ليحاول خلق عالمين متناقضين بين حاضر البطل وماضيه، في البداية نسمع صوت إحدى الأغاني الحديثة، لويجز، ولكن عندما يذهب البطل لمنزله القديم نستمع لصوت محمد عبدالوهاب، يستمع إليه البطل "امته الزمن يسمح يا جميل"، أما ليعبر عن الزوجة كانت تصاحبها أغنية "تعالى جنبي" للمطربة عفاف راضي.

قال مراد عن ذلك: "اختيار الأغاني كان نابع من ملامح شخصية الأبطال، استغرقت وقت طويل للاستمتاع لعدة أغاني تتماشى مع الحقبة الزمنية للأحداث حتى استقريت على أغنية عفاف راضي تعالى جنبي لتكون هي صوت البطلة "

وعن مسيرة الفيلم في المهرجانات قال مراد إنه شارك في أكثر من 50 مهرجان دولي في مختلف دول العالم من مصر والإمارات والمغرب وعمان وليبيا وفلسطين والعراق وأمريكا واليونان وبريطانيا وتركيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها، وحصل على 27 جائزة.

وأوضح أنه حاليا يقوم بالتحضير لمشروع قصير جديد بعنوان "درية"، بالإضافة للعمل على سيناريو مشروع فيلمه الطويل الأول.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved