إبراهيم المعلم: «الكتاب» هو أقدم الصادرات المصرية.. والشروق لا تدعم أي فكر متطرف

آخر تحديث: السبت 18 يناير 2020 - 9:23 ص بتوقيت القاهرة

كريم البكري

• دور وزارة التربية والتعليم لا يجب أن يشمل وضع المناهج وطباعة الكتب الدراسية وتوزيعها
• بيل جيتس قال لي «إن لم تحلوا أزمات المُعلمين فلن تتطور العملية التعليمية»
• مصر تمتلك تاريخًا ممتدًا في الثقافة والفنون يمثل لها «ميزة تنافسية»
• مسؤولية النشر باتت «تحديا كبيرا» خاصة مع ظروف السوق العربية
• «التزوير والرقابة» على رأس مشكلات عديدة تواجه النشر العربي
• القاهرة هي عاصمة العالم العربي والإسلامي والإفريقي الثقافية
• «القرآن محاولة لفهم عصري» لـ«مصطفى محمود» أثار جدلا فور نشره ثم تغيرت الآراء
• الشروق طبعت أكثر من 12 ألف عنوان وحوالي 100 مليون نسخة
• لو كان لي ميل سياسي كنت سأختار أن أكون وفديًا حتى حقبة النحاس
• «عودة الوعي» لتوفيق الحكيم خلق حالة فريدة من النقاش وتبادل الرؤى
• حماية الملكية الفكرية تمكّن المؤلفين والباحثين من إثراء الحياة الثقافية
• الشروق ملتزمة بالدستور والقانون ولن تدعم أي فكر هدّام أو دموي أو متطرف
• الناشر مستقل ولا يتطبع بطبيعة ما ينشره.. وأؤمن بالثقافة والفكر والتنوع
• هيكل هو «الأب الروحي» لجريدة الشروق.. وخلق مكانة مرموقة لصورة الصحفي
• تطوير التعليم «مشروع دولة ومواطنين» وليس ملك شخص أو وزارة

في حوار تلفزيوني، تحدث المهندس إبراهيم المعلم، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الشروق، مع الإعلامية قصواء الخلالي، عن الساحة الثقافية المصرية والتحديات التي تواجه الناشر العربي، بالإضافة إلى استعدادات الشروق لمعرض الكتاب المرتقب، وملف تطوير التعليم في مصر والمناخ الثقافي بشكل عام.

وبدأ تصريحاته ببرنامج «المساء مع قصواء» المذاع عبر شاشة «Ten»، مساء الجمعة، مستشهدًا بكتاب الأديب طه حسين عن مستقبل الثقافة في مصر، موضحًا أن الكتاب ينفي «مغالطات» سائدة مثل «عدم انتشار القراءة بين أوساط الطلاب» في الوقت الذي يؤكد فيه عميد الأدب العربي عدم انتشار القراءة أيضًا بين صفوف المُعلمين، متابعًا: «المُعلمون منهكون ومستهلكون طيلة اليوم الدراسي المليء بأعمال سخيفة لا ترتقي لمهنة المُعلم، فضلا عن حالة العوز والرواتب المتدنية التي تحول بين المُعلم وثقافته»، مع الإشارة إلى أن الكتاب نُشر في ثلاثينيات القرن الماضي.

وأوضح «المعلم»، أن طه حسين كان يطمح لتطوير التعليم والتخلص من «التلقين» واستبداله بالبحث والتفكير بدلا من «عبادة الامتحانات والتخوف منها»، مضيفًا: «وفقًا لطه حسين.. إذا كنا نطمح لتطوير التعليم فيجب التطلع للتوقف عن التلقين والحفظ والصم، وتكرار النظريات في الماضي والحاضر والمستقبل»، مشيرًا إلى ضرورة ابتعاد وزارة التربية والتعليم عن التأليف والنشر وطباعة الكتب وتوزيعها، بل يجب استبدال ذلك بتقييم المناهج ورسم الاستراتيجيات وفتح ساحات التنافس بين المؤلفين والناشرين.

وأعرب عن تقديره لخطة الدولة لتطوير التعليم، مضيفًا: «أهم شيء في التعليم هو تمكين الأبناء من التعامل مع المستقبل، وتجديد التعليم والمناهج وطريقة التفكير سيصب في صالح المستقبل».

وأشار إلى نقاش سابق له مع رجل الأعمال مؤسس شركة مايكروسوفت بيل جيتس، حول قضية تطوير التعليم، متابعًا: «بيل جيتس قال لي نحن يأسنا.. وإذا لم تحلوا أزمات المُعلمين لن تنجحوا في تطوير العملية التعليمية».

وشدد على ضرورة تطوير المُعلمين بالتزامن مع تطوير المناهج، متابعًا: «التعليم هو الأساس.. والإنسان لن يتطور إلا بالتعليم؛ وبالتالي لن تتطور الثقافة والصحة وكافة المجالات إلا بتطوير التعليم».

وفيما يخص النشر.. وصف «المعلم» دوره في عملية النشر بـ«التحدي الكبير»، خاصة مع الصعوبات التي تواجه السوق العربية في ظل ظروف ثقافية واقتصادية وتعليمية وصفها بـ«الصعبة».

وعن الصعوبات التي واجهته خلال عمله بالنشر، قال: «واجهنا عدة قضايا مثل التزوير والرقابة، ففي بعض الدول العربية 3 أجهزة خاصة بالرقابة، فضلا عن التواصل والشحن، وفي وقت من الأوقات كان البعض يهاجم الناشرين ويدعو لأن تسيطر الدولة على سوق النشر».

وأوضح «المعلم»، أن «الكتاب» هو أقدم الصادرات المصرية، لافتًا إلى أن مصر تصدر منذ عام 1854، كذلك هو أوسع صادرات مصر انتشارا؛ لأنه يصل إلى إندونيسيا ونيجيريا والمغرب العربي.

وأشار إلى امتلاك مصر تاريخ ممتد في الثقافة والفنون، بالإضافة إلى موارد عديدة؛ ما يشكل «ميزة تنافسية» عالية يجب تنميتها ودعمها؛ حتى يصب في الصالح العام.

وانتقالا لملف معرض القاهرة المقرر افتتاحه في 22 يناير الجاري، قال «المعلم» إن معرض القاهرة هو الأهم في العالم العربي، واصفًا القاهرة بـ«عاصمة العالم العربي والإسلامي والإفريقي الثقافية».

وأشار إلى اعتبار الناشرين المصريين موسم معرض الكتاب هو الأهم، معلنًا اشتراك الشروق بجناح مميز وعدد جديد من الكتب والمؤلفين المتميزين، مطالبا الإعلام بتسليط الضوء على تواجد المؤلفين والكُتّاب العرب والمصريين داخل أروقة المعرض.

وتابع: «معرض القاهرة يمتاز عن غيره من المعارض، بأنه يبيع للقرّاء لا يعرض فقط، كذلك يشمل تقديم الخصومات للجمهور في هذه المناسبة المهمة».

وقال إن طوال تاريخه في دار الشروق والممتد منذ 51 عاما مضت، طبعت الدار أكثر من 12 ألف عنوان، مشيرًا إلى احتمالية أن يصل إنتاج الشروق إلى حوالي 100 مليون نسخة كتاب.

وعن الأعمال التي أثارت جدلًا حول نشرها، ذكر المعلم أن عمل الدكتور مصطفى محمود «القرآن محاولة لفهم عصري» تسبب في إثارة الجدل بسبب تفسير الكاتب للقرآن في حين كونه ليس عالمًا أزهريًا، ولكن تحولت آراء البعض عنه وتبدّل الهجوم إلى إشادة، نفس الأمر يتعلق بعدة أعمال تخص الدكتور زكي نجيب محمود.

وأشاد «المعلم» بانتشار كتاب «عودة الوعي» للكاتب توفيق الحكيم، مضيفًا: «أظن هذا الكتاب هو الأكثر توزيعا على مر التاريخ المصري، ونشره شهد حالة من النقاش وتبادل الرؤى بين توفيق الحكيم ومجموعة من الكتّاب أبرزهم محمد حسنين هيكل، ونُشر هذا الكتاب باللغة الفرنسية ثم تم نشره بالعربية؛ وأحدث ضجة متميزة».

وفيما يخص الأعمال التي أحدثت مشكلات للدار، قال رئيس مجلس إدارة «الشروق» إن كتاب «حالم بفلسطين» للكاتبة راندا غازي والذي كتبته في عمر 15 عامًا، تسبب في أزمات عديدة بسبب ما أسماه «سوء الفهم»، موضحًا: «هذه الفتاة أهلها مصريين وهاجروا إلى إيطاليا، وهي تأثرت بالثقافة الإيطالية وكانت ضد القضية الفلسطينية، حتى شاهدت مقتل الشهيد محمد الدرة في المشهد الشهير، وتأثرت به وكتبت قصة نالت المركز الثاني على مستوى إيطاليا؛ ثم كتبت رواية خلال 4 أشهر تنشد السلام وتنبذ العنف والدماء، والبعض أساء فهم الكتاب وحدثت مشكلات للكاتبة وتم إلغاء بعض الندوات لها».

وتابع: «اتحاد الناشرين الدولي بُني على أساس حرية النشر وحرية التعبير وحرية تداول الكتب وسلامة المؤلفين والناشرين والموزعين، كذلك بُني على حماية الملكية الفكرية التي من شأنها تمكين المؤلفين والباحثين من إثراء الحياة الثقافية، وأحد حرية النشر هي البند الأصعب في تطبيقه بسبب سؤال البعض عن مدى الحرية»، معتبرًا أن مهمة الناشر تكمن في إتاحة الفرصة للمؤلفين والباحثين وليس معنى ذلك تطبعه بطبيعة المؤلف أو الكتاب.

واستطردت: «إذا كان لي ميل سياسي، كنت سأختار أن أكون وفديًا حتى حقبة مصطفى باشا النحاس، ثم بعد ذلك سأكون متعاطفًا مع الوفد»، مشيرًا إلى انضمام والده الناشر الكبير محمد المعلم، إلى الحزب الوطني بتشكيله القديم من الزعيم مصطفى كامل، ومحمد فريد، وغيرهم.

وأكد المعلم، ضرورة أن يظل الناشر مستقلًا ويفتح بابه للجميع، قائلا: «انتمائي أنا هو الثقافة والفكر والتنوع، فالزهور ستجعل الجنائن أجمل ما يكون، والآراء المختلفة كذلك ستثري الإنسانية، والسياسة ليست كل شيء لكن أعني الأدب والعلوم والزراعة والجغرافيا.

وإجابة على سؤال: «هل يمكن للشروق نشر أعمال الإخوان أو الفكر الأصولي؟»، أجاب أن المؤسسة ملتزمة بالدستور والقانون ولا تدعم أبدًا أي فكر هدّام أو دموي أو متطرف أو غير متسامح او غير مؤمن بضرورة سلامة الآخرين.

واستشهد بإحدى دراسات الجامعة الأمريكية، والتي أفادت بأن جريدة الشروق، هي الأكثر تقديمًا للنقد والتفنيد منذ 2012، متابعًا: «في الظروف العصيبة الموضوعية لا تكون ميزة، والانحياز للوطن شيء طبيعي وبديهي، والعمل في الثقافة والعِلم أمر مجهد له ضريبة كبيرة».

وتطرق إلى الكتب المسموعة والإلكترونية، مؤكدًا أنها لا تؤثر بالسلب على الأعمال المطبوعة، بل على العكس تساعد في نشرها، مضيفًا: «أنا ناشر محتوى، ومهمتنا أن نقدم المحتوى في أي وسيلة مقروءة كانت أو مسموعة، فالكتاب ليس ورقًا فقط».

وحذّر من «تزييف» المعلومات والحقائق والأعمال الأدبية، ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واصفًا ذلك بـ«الكارثة الكبرى».

وفيما يخص حال الصحافة المصرية، قال «المعلم» إن الصحافة المصرية في أزمة بسبب معرفة القرّاء بالأخبار الجديدة من وسائل التواصل الاجتماعي، فضلا عن أزمة الإعلانات، بالتزامن مع ارتفاع تكلفة الورق والطباعة، مشيرًا إلى عدم تأثر مجموعة بسيطة من الجرائد العالمية بتلك الأزمات، بينما النسبة الأكبر تتأثر بقوة.

وتابع: «الصحف حتى تقدم الخدمة للقارئ، يجب توفير وسائل مادية ملائمة للصحفي، وللأسف في مصر والمنطقة العربية الصحف الإلكترونية لازالت مجانية؛ ما يجعل الصحافة مهنة طاردة، ويضعف الصحافة المحلية، ويدفع بالقارئ للأسف إلى اتخاذ المعلومة من جانب آخر لا نعلم مدى موضوعيته وجودته».

وانتقل للحديث عن الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل، قائلا: «أحد رؤساء تحرير الجرائد الأجنبية قال لي عنه إنه أحد أهم 3 صحفيين على مستوى العالم، وهذا الرجل بعدما ترك مؤسسة الأهرام اهتم بمتابعة الأحداث العالمية كافة، ومطالعة كل وسائل الإعلام، ويتميز بقدرة كبيرة على التحليل والرؤية المستقبلية مهما اختلف معه البعض».

واعتبر المعلم، أن «هيكل» هو الأب الروحي لتجربة جريدة الشروق، ورسّخ لقيمة الصحفي ومكانته مع المجتمع، متابعًا: «عندما أتحدث مع الكاتب الصحفي عماد الدين حسين رئيس تحرير الشروق، أقول له كيف كان سيتصرف هيكل في هذا الظرف؟ وأجد أن أي صحفي يجب أن يكون هيكل مثله الأعلى».

وانتقل للحديث عن تجربته داخل أروقة مجلس إدارة النادي الأهلي وخوض الانتخابات على مقعد الرئيس، مشيرًا إلى أن علاقته بالأهلي إداريًا بدأت مع صالح سليم عن طريق الكابتن محرم الراغب المدير التنفيذي الأسبق للقلعة الحمراء.

وأضاف: «كنت أتوقع أن صالح سليم ديكتاتور الطبع، ولجأت للكاتب الصحفي الكبير نجيب المستكاوي الذي نصحني بتلبية النداء والترشح لمجلس إدارة النادي الأهلي، كما توليت منصب أمين الصندوق، وكنت نائب حسن حمدي في أحد المجالس حتى قلت له إن الخطيب بات ملائما لمقعد النائب على أن ألبي النداء في أي وقت، مثلما لبيّته في الاحتفال بمئوية النادي الأهلي.

وأشار إلى تعرضه إلى حملة من الشائعات والهجوم جرّاء ترشحه على مقعد الرئيس، خصوصا أنه ترشح تلبية لنداء البعض رغم اعتراضه على قانون الرياضة آنذاك.

واختتم «المعلم»، تصريحاته مشيدًا بسعي الدولة لتطوير التعليم ومناهجه، ومشددًا على ضرورة التفاف المجتمع حول مشروع تطوير التعليم خاصة وكونه مشروع دولة ولا يجب أن يكون مِلك شخص أو وزارة.

وأشار إلى سعي أمريكا وكوريا إلى تطوير تعليمهما بما يتناسب مع العصر؛ ما يؤكد أنه أساس التنمية البشرية وإطلاق الطاقات وإثراء الحالة الثقافية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved