القماش والورق بدلا من البلاستيك.. البحث عن بدائل آمنة يصطدم بسيطرة المصنعين

آخر تحديث: الجمعة 18 أكتوبر 2019 - 10:39 م بتوقيت القاهرة

عامر عبدالرحمن ومحمد المهم

أنيسة حسونة: أوروبا تعتمد على الورق والقماش وأصحاب المصانع يهددون التنفيذ.. وشيرين فراج: الحكومة مطالبة بتحفيز المواطنين على استخدام الورق

تاجر: الورق غير ملائم للحوم والألبان والخبز.. ورئيس شعبة البلاستيك: بعض المصانع والشركات بدأت فى تصنيع أكياس قابلة للتحلل

 


لا تزال أصداء المطالب البرلمانية والاقتراحات الحقوقية بشأن حظر استخدام الأكياس البلاستيكية فى مصر مستمرة فى الانتشار بين المؤيد والمعارض، فهناك من يرى صعوبة تنفيذ المقترح لصعوبة إيجاد بدائل عملية للأكياس، فيما رصد برلمانيون متخصصون البدائل المناسبة للتخلص من الأضرار الصحية للبلاستيك.

النائبة البرلمانية أنيسة حسونة، أحد المطالبين بحظر تداول الأكياس البلاستيك، تقول إن هناك العديد من البدائل المتاحة أمام الحكومة المصرية لتطبيقها، منها الاستعانة بالنموذج الأوروبى بالاعتماد على الأكياس الورقية التى يمكن استهلاكها وإعادة تدويرها ولا تسبب أى مشاكل صحية أو بيئية للمواطنين، مشيرة إلى وجود مقترح آخر وهو العودة إلى أكياس القماش التى كان يستخدمها الناس فى الماضى.
وأضافت حسونة أن الكثير من المحلات الأكثر تطورا فى مصر لجأت مؤخرا إلى استخدام الأكياس الورقية مما أجبر كثيرين على العزوف عن أكياس البلاستيك لما تحدثه من أضرار صحية للإنسان ومدى تأثيرها على البيئة.
وأوضحت حسونة أن البدائل المتاحة سهل تنفيذها لكن يتوقف الأمر على أصحاب مصانع البلاستيك والمستثمرين فى خامات البلاستيك الذين يمتلكون مصانع واستثمارات ضخمة فيها، متوقعة أن يتصدوا بكل شراسة لتلك المقترحات.
وتكشف الدكتورة شرين فراج، عضو مجلس النواب، أن مشكلة صناعة البلاستيك بدأت أولا بالسماح باستيراد النفايات البلاستيكية من الخارج واستخدامها فى الصناعة وهو ما نادت بإيقافه للحد من خطورته، مشيرة إلى أن العالم كله يتجه إلى استخدام الأكياس الورقية أو القماشية، بالإضافة إلى الأكياس البلاستيكية أحادية التحلل وهى أجود وأعلى أنواع البلاستيك وكذلك استخدام الأكياس البيولوجية.
ولفتت إلى أن الدول تعتمد على تحفيز المواطنين وليس بالقانون أو الإكراه من خلال نشرات التوعية وتشجيع المواطنين باستخدام الأكياس الورقية من أجل الحفاظ على نظافة البيئة وصحة وسلامة المواطنين وكذلك إلزام المشترى لأى سلعة ومنتج بدفع مبلغ مالى فى حالة تفضيله أو اختياره للأكياس البلاستيكية عن الورقية أو غيرها.
وأضافت فراج أن المشكلة تخص نوعية معينة من البلاستيك وهى الأكياس البلاستيكية السوداء التى تم صناعتها من أسوأ أنواع البلاستيك لما تتسبب فيه مشكلات صحية، مشيرة إلى أن فكرة إلزام المشترى بدفع ثمن الكيس البلاستيك سوف تعمل على تحفيز المواطنين إلى استخدام الأكياس الورقية التى يسهل تحللها وإعاده تدويرها، إلا أنها تطالب أيضا بمنع استيراد النفايات البلاستيكية من الخارج فإذا كانت وزاره البيئة سمحت بدخولها فعليها أن توقف استيرادها وإعادة تدوير البلاستيك فى الداخل.

فى باسوس، التابعة لمركز القناطر الخيرية، حيث تعمل أغلب القرية فى صناعة البلاستيك، لا تبدو مناقشات مجلس النواب مقنعة بل ومستحيلة التنفيذ أيضا، كونها من الصناعات الضخمة التى تدخل فى صناعات أخرى وتدر دخلا كبيرا.

ويتجاوز عدد مصانع البلاستيك فى مصر 3500 مصنع بخلاف مصانع بير السلم التى تعمل بشكل غير رسمى، بإجمالى استثمارات بلغ نحو 12.5 مليار دولار، وفقا لخالد أبو المكارم رئيس المجلس التصديرى للصناعات الكيماوية.

تامر أبوعلى، تاجر أكياس، يقول إنه يعمل فى تجارة وتوزيع أكياس البلاستيك منذ 7 سنوات، ولا يتخيل حياة الناس بدونها، نظرا لاستخدامها فى جميع المجالات والأنشطة التجارية المختلفة مثل المطاعم والجزارة والصيدليات ومحلات العصائر والألبان والملابس والخضار والفاكهة، فهى سلعة أساسية لا غنى عنها ولا يوجد بديل يؤدى نفس الغرض.
برأى أبوعلى فإن فكرة استبدال أكياس البلاستيك بالورق لن تحقق الهدف لأن الورق غير ملائم للعديد من السلع مثل اللحوم والألبان والملابس والخبز، فالورق معرض للقطع والتهالك أسرع من البلاستيك فى حالة تعرضه للماء.

وبنبرة تحمل القلق والتوتر خوفا من ضياع مصدر رزقها الوحيد، قالت العشرينية ندى يحيى إن ظروف المعيشة الصعبة وعدم انتظام عمل والدها بورشة الحدادة جعلها تعمل فى مصنع بلاستيك من أجل مساعده والدها وشراء ما يلزمها من جهاز عرسها، لافتة إلى أنها تتابع عن كثب ما يدور فى البرلمان حول حظر استخدام البلاستيك لأنه سينعكس على عملها فى المصنع.

محمد ممدوح، صاحب مصنع أكياس بلاستيك بباسوس، يقول إن هناك بعض المصانع لجأت إلى استخدام مادة معينة تشبه الجير الأبيض المضرة للصحة فى صناعة أكياس البلاستيك، نتيجة لارتفاع أسعار المواد الخام المستخدمة فى صناعه البلاستيك بالإضافة إلى ارتفاع الكهرباء وأجور العمالة.

ويرى سيد سالم، تاجر أكياس بلاستيك بالمنطقة ذاتها، أن البدائل المقترحة كلها جيدة ولكن حل المشكلة متوقف على أصحاب المصانع من خلال الالتزام بشراء المواد الكيماوية وإضافتها إلى أكياس البلاستيك، مستبعدا حدوث ذلك لأن هناك الكثير من المصانع تعمل بشكل غير قانونى ما نطلق عليها «مصانع بير السلم» التى تسعى إلى تحقيق الكسب المادى باستخدام الخامات الرديئة وأقلها سعرا فى صناعة البلاستيك.

وفى السياق ذاته، كشف خالد أبو المكارم، رئيس شعبة البلاستيك باتحاد الصناعات المصرية، ورئيس المجلس التصديرى للصناعات الكيماوية، عن أن بعض المصانع والشركات بدأت فى شراء الخامات والمواد اللازمة لتصنيع أكياس قابلة للتحلل، وإضافتها للإنتاج، كما عقدت الشعبة ورشة عمل فى شهر يونيو السابق للمصنعين لشرح تفاصيل كيفية التحول إلى تصنيع البلاستيك الصديق للبيئة، ومواكبة متطلبات السوق.

وبحسب رئيس الشعبة، فإن تكلفة التحول من أكياس عادية إلى قابلة للتحلل لا تتعدى 4%، كما أنه لن يكون هناك تغيير فى خطوط أو ماكينات الإنتاج بالمصانع، لأن التغيير يتمثل فى الخامات والمواد التى تدخل فى الصناعة وليس المعدات، مشيرا إلى أنه سيتم إضافة مادة d2w وهى عبارة عن مادة تضاف للبلاستيك أثناء تصنيعه بنسبة 1%، ليصبح البلاستيك صديقا للبيئة وقابلا للتحلل الحيوى.

وأوضح أبو المكارم أن الأكياس القابلة للتحلل تستخدم فى فترة زمنية محددة وتبدأ بالتحلل حيويا فى نهاية عمرها من 6 أشهر إلى 5 سنوات، حيث تستغرق الأكياس العادية نحو 400 سنة للتحلل، مما يعمل على تلوث البيئة.

وأضاف رئيس الشعبة أن التحول إلى صناعة الأكياس القابلة للتحلل أمر ضرورى، لأن غالبية دول العالم تحولت إلى هذه الصناعة أو الأكياس الورقية، وتمنع تداول هذه الأكياس وتسمح باستخدام البدائل لتقلل من الأمراض، لافتا إلى أن السعودية اشترطت مؤخرا عدم دخول أكياس عادية ضمن الصادرات إليها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved