رويترز: أزمة لبنان تدفع الشباب للهجرة

آخر تحديث: الإثنين 18 نوفمبر 2019 - 2:44 ص بتوقيت القاهرة

بيروت (رويترز)

كان كريم دايا أحد آخر أصدقائه وأفراد عائلته الذين لا يزالون في لبنان. والآن وبعدما خسر وظيفته فقد شرع في حزم أمتعته استعدادا للهجرة.

قال كريم (27 عاما) وهو خريج درس تصميم الجرافيك ”عم بتسوء لقدام لقدام خلص. كمان مش معروف أبدا وين رايحين، وكتير حازعل رح اشتاق كتير للبنان بس انه ما في مستقبل بهذا البلد أبدا“.

وتعكس مشاعره الإحباط الذي يعانيه الكثير من الشبان اللبنانيين المتضررين من أسوأ أزمة اقتصادية بالبلاد منذ الحرب الأهلية التي وقعت بين عامي 1975-1990.

وكانت سلسلة المقاهي التي عمل بها كريم تعاني حتى من قبل الاحتجاجات العارمة التي أثارها الغضب من الفساد والمحسوبية وأطاحت بالحكومة في الشهر الماضي. ووجهت الاضطرابات الأخيرة الضربة القاضية لها.

ويخطط كريم للسفر إلى بلغاريا حيث يعيش أخوته وذلك للبحث عن عمل في قرار حاول تأجيله من قبل. ولكن وفي ظل معاناة 37 في المئة من الشبان اللبنانيين من البطالة فإن الآفاق تبدو قاتمة.

والبنوك مغلقة في أنحاء لبنان وتجاهد الأنشطة التجارية حتى لا تضطر للتوقف.

وتمتلئ شوارع لبنان بمطاعم خاوية ومتاجر مغلقة. وأفلست المزيد من الشركات أو علقت أنشطتها وسرحت موظفين بالجملة في مساع للبقاء.

وقال موظفون في 15 شركة لرويترز إنهم فقدوا وظائفهم أو قلصت رواتبهم الشهر الماضي مع عشرات من زملائهم.

* لا سيولة
وقال بيير بطرس وهو مهندس يدير شركة للمقاولات ومصنعا للأثاث ”هالخنقة الاقتصادية وصلت لمرحلة وانفجرت. نحن بعدنا من الشركات التي استمرت حتى 2019“.

واضطر بطرس لتقليص الرواتب وتسريح عشرات العمال في الأسابيع الأخيرة. ومن المرجح أن يسرح المزيد من الموظفين. وقد تراجع عدد موظفي الشركة إلى 70 فردا من ذروة نشاطها قبل 2016 حين بلغ عدد موظفيها 425.

وأضاف ”التسهيلات وقفت, كاش ما في...التجار يلي كانوا يطولوا بالن (ينتظروا) وكان في اتفاقية معن صاروا ما بيقدروا يسلموكي الا اذا بتدفعيلن دغري (نقدا). الناس ما معها لتشتري“.

وإذا استمرت الأزمة قد يضطر بطرس لتجميد نشاطه ”ممكن نسكر (نغلق). منسكر لنجمد العمليات متل ما هي شهر شهرين تلاتة تحل الازمة...منرجع منمسح الغبرا عن حالنا ومن بلش (نبدأ) نشتغل من جديد“.

وتأتي خسائر الشركات بعد سنوات من انخفاض النمو، وشلل حكومي، وصراع إقليمي، وتوقف تدفقات رؤوس الأموال من الخارج“.

ومنعت البنوك، التي أغلقت أبوابها طوال نصف أكتوبر تشرين الأول، معظم عمليات سحب الدولار والتحويلات للخارج في محاولة لمنع هروب رؤوس الأموال. وأغلقت البنوك مجددا هذا الأسبوع بعد إضراب للموظفين بشأن مخاوف على سلامتهم في ظل مطالب الناس بسحب أموالهم.

وأضر شح العملة الصعبة بالتجارة مما دفع الناس لتخزين السيولة في منازلهم، وضغطت على الليرة اللبنانية المربوطة بالدولار منذ 22 عاما.

ويقول ملاك الأنشطة التجارية إنهم يضطرون لتنفيذ معظم معاملاتهم نقدا في السوق السوداء حيث ضعفت الليرة بنسبة 20 بالمئة أمام الدولار مقارنة بالسعر الرسمي المربوط بالعملة الأمريكية.

ويطالب الموردون باستلام أموالهم بالدولار أو بالليرة بناء على السعر غير الرسمي الذي يغيره التجار بشكل يومي.

* ”عالقون هنا“
قال علي وهو موظف مبيعات وأب لطفلين جرى تقليص راتبه بواقع النصف ”ما بقى فينا نتحمل. بكرا حيصير في فوضى اكتر بكتير اذا ضل الوضع على ما هو عليه. وما في دولار بالبلد. انا حياتي صارت كتير سيئة...مش قادر اصرف على ولادي مش قادر عيش ولادي العيشة التي انا بدي“.

ولجأت عائلات لتخزين بعض السلع مثل الأغذية المعلبة والأرز والطحين. وقال عدة أفراد إن البنوك أبلغتهم بأن عليهم رد الديون بالدولار الأمريكي.

وفي ظل صغر حجم القطاع الصناعي ونقص الموارد، يعتمد اقتصاد لبنان على الواردات والتدفقات النقدية من اللبنانيين في الخارج التي تراجعت في السنوات الأخيرة مما تسبب في ضغوط على احتياطات المصرف المركزي من العملة الأجنبية.

وذكرت دراسة رسمية في وقت سابق من العام الجاري أن لبنان يصدر طلابا وخريجين أكثر من أي بلد عربي آخر.

ويعمل أبناء أمال الثلاثة في الخارج. وقد خسرت الممرضة البالغة من العمر 60 عاما وظيفتها في مستشفى سرح 40 موظفا. وقالت أمال ”يمكن يسكروا طوابق كاملة. بكيت شوي“.

وفقد ماجد شدياق (23 عاما) وظيفته أيضا. وقال إن زملاءه الذين لم يهاجروا بعد سيرحلون لاحقا وإن من لا يجدون المال للهجرة سيبقون وسيزدادون فقرا مشيرا إلى أن هذا هو الواقع المحزن.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved