محمود محيي الدين: تنوع مصر الجغرافي والبشري يمثل نقاط قوة للاقتصاد

آخر تحديث: السبت 19 يوليه 2025 - 11:34 م بتوقيت القاهرة

قال محمود محيي الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، إن أهم عناصر القوة في الاقتصاد المصري تكمن في تنوعه الجغرافي والبشري والاقتصادي.

وأضاف خلال لقائه في برنامج "شغل عالي" على منصة يوتيوب، أنه لا يجب حصر التنمية والاستثمار في مناطق محدودة مثل القاهرة الكبرى أو بعض المناطق الحيوية كقناة السويس والساحل الشمالي. بل يجب التعامل مع كل محافظة باعتبارها محركًا اقتصاديًا مستقلًا يمتلك إمكانات تضاهي دولًا قائمة بذاتها من حيث السكان والمساحة والموارد.

ويرى محيي الدين أن على المستثمرين المصريين أن تكون لديهم نظرة أبعد من السوق المحلي، وأن يسعوا جديًا لتوسيع أعمالهم إقليميًا ودوليًا. فهذه الخطوة لا تُعزز فقط من تنافسية الشركات المصرية على الصعيد المحلي، بل ترفع مكانة مصر إقليميًا وعالميًا وتجذب استثمارات أجنبية جديدة.

تعزيز الصناعة المحلية وجذب الاستثمارات

وأشار محيي الدين إلى أن مصر تمتلك ثروة كبيرة من المواد الخام والموارد الزراعية، لكنها بحاجة إلى سياسات نشطة لتشجيع التصنيع المحلي وتحويل هذه الموارد الأولية إلى منتجات ذات قيمة مضافة عالية.

أكد على ضرورة التوسع في الصناعات لتقليل الاعتماد على استيراد المنتجات النهائية، وهو ما من شأنه أن يزيد الصادرات ويعزز الميزان التجاري. وينبغي لصانعي القرار التركيز على جذب الاستثمارات في القطاع الصناعي وتقديم الحوافز لاعتماد التكنولوجيا الحديثة والابتكار في خطوط الإنتاج، إضافة إلى تحفيز الربط بين الجامعات ومراكز الأبحاث والمصانع لتطوير منتجات تنافسية قادرة على اختراق الأسواق الدولية.

الاستفادة من التجارب الدولية

من الضروري أن تستفيد مصر من التجارب الدولية في إدارة الموارد الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل. فالتجربة الخليجية مثال عملي على السعي نحو التحول الاقتصادي بعيدًا عن القطاعات التقليدية كالنفط والغاز.

أما في أفريقيا، فهناك جهود ملحوظة للتحرر من الاعتماد على تصدير المواد الخام. مصر لديها فرص حقيقية للاستفادة من هذه الدروس من خلال سياسات تسرّع التحول نحو اقتصاد متعدد المجالات يعتمد على الابتكار والمعرفة والتكامل مع الأسواق العالمية، بما يحصّن الاقتصاد الوطني ضد الأزمات ويخلق المزيد من الفرص للشباب والمجتمع.

رأس المال البشري وجودة التعليم والصحة

تمتلك مصر ميزة نسبية مهمّة تتمثل في رأس المال البشري الكبير والمتنوع، مما يجعلها في موقع متميز للانطلاق في مواجهة التغيرات العالمية والتنافس الدولي الكبير. خاصة في ظل صعود الصين والهند كأكبر كيانين سكانيًا واقتصاديًا عالميًا.

وأشار إلى أن العدد الكبير للسكان ليس عبئًا بحد ذاته، بل يشكل فرصة حقيقية إذا ما صاحبه استثمار فعّال في التعليم والصحة والتكنولوجيا. الولايات المتحدة، على سبيل المثال، تتطلع لأن تصبح "مليار أمريكي" كما ذُكر في كتبهم، ليس لسد الازدحام السكاني، بل لرفع مستوى الإنتاجية والتنافسية عبر الدمج بين عدد السكان الضخم والتكنولوجيا المتقدمة.

وأكد أن جوهر الاستفادة الحقيقية من هذا العنصر البشري يكمن في جودة التعليم والصحة. الاستثمار في هذين المجالين لا يشكل فقط دعامة لرفع الكفاءة والإنتاجية، بل يُعتبر أقوى ذخيرة يمكن الاعتماد عليها لمواجهة تحديات المستقبل، خصوصًا في مجالات التحول الرقمي والاقتصاد الأخضر والبحث والتطوير والذكاء الاصطناعي.

شدد على أن التفاوت في مستوى التعليم والتميز التعليمي في مناطق مختلفة من مصر يجب معالجته. كما يتطلب أن يكون التعليم ذا جودة عالية ومرتبطًا بشكل مباشر بسوق العمل لتحقيق ارتقاء اجتماعي ونمو اقتصادي مستدام.

أولويات الإنفاق الحكومي

هناك ثلاثة مجالات أساسية يجب أن تخصص لها الدولة الإنفاق والاستثمار بشكل مستمر، وهي التعليم، والصحة، والنقل والمواصلات. فالاستثمار في هذه المجالات سيقلل من الإنفاق العائلي الكبير على التعليم الخاص والدروس الخصوصية والعلاج الطبي. ويُعتبر مشروع التأمين الصحي الشامل أحد الأدوات المهمة التي ستُحسن من جودة حياة المواطنين وتخفف الأعباء الاقتصادية عليهم.

تحديات الهجرة ومزايا مصر

اعتبر أن مصر من أكثر الدول تضررًا من ظاهرة الهجرة باعتبارها "دولة ترانزيت"، وهذا يتطلب تعاونًا دوليًا لتخفيف الأعباء المرتبطة بتلك الظاهرة.

وأشار إلى أن مصر تمتلك إمكانات هائلة مقارنة بدول أخرى تعاني من نقص في الأراضي الزراعية أو المساحات للبناء. وكذلك تمتلك مصر طاقات بشرية كبيرة، الأمر الذي يضعها في موقع استراتيجي للنهوض والتقدم الاقتصادي حتى في ظل "نزيف العقول"، لأن هؤلاء العقول غالبًا ما تعود أو تدعم الاقتصاد الوطني من الخارج عبر التحويلات المالية، وهو ما يصب في زيادة حصيلة الدولة من العملة الأجنبية.

أكد محيي الدين أن رأس المال البشري في مصر هو الفرصة الأكبر لمستقبلها الاقتصادي، وهو المورد الأساسي الذي يجب أن يلقى كل الدعم والتطوير عبر التعليم النوعي، والصحة الجيدة، وتهيئة بيئة محفزة تشجع على الابتكار والبقاء داخل الوطن، مما يجعل مصر مركزًا إقليميًا وعالميًا للكفاءات والمهارات في مجالات المستقبل الحيوية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved