رانية حسين أمين: رواية «ذراع ثقيل فوق كتفي» تستند إلى شخصيات واقعية

آخر تحديث: الجمعة 19 نوفمبر 2021 - 6:46 م بتوقيت القاهرة

أسماء سعد

أكتب الروايات لإنارة الطريق أمام الشرائح العمرية الأصغر
نحتاج إلى أكثر من أخصائى اجتماعى فى المدرسة الواحدة.. والسوشيال ميديا عائق أمام التواصل الإنسانى

نقاشات ثرية وأحاديث شيقة دارت حول أدب الأطفال والناشئة، خلال الندوة الموسعة التى أقامتها دار الشروق لمناقشة رواية «ذراع ثقيل فوق كتفى»، للكاتبة رانية حسين أمين، وذلك فى مكتبة مصر الجديدة الأسبوع الماضى فى حضور حشد من الكتاب والمثقفين والشخصيات العامة.
أدارت الندوة الدكتورة هبة قورة، الباحثة فى العلوم الإنسانية، فى حضور أميرة أبو المجد، العضو المنتدب بدار الشروق، وقد استهلت قورة الندوة قائلة «رانيا حسين كاتبة مميزة ومثقفة، وفى مقدمة الكاتبات اللاتى يشعرن بالفئات العمرية الصعبة فى سن صغير، لا يتوافر بمصر العديد من الكاتبات ممن يتركز اهتمامهم على الشرائح والفئات العمرية فى سنوات التشكل والمراهقة وتحديدا فى زمننا الصعب هذا، حيث هناك نقلة كبيرة فى هذا الجيل نتيجة لثورة السوشيال التى خلقت جيلا جديدا، ممن نحاول أن نكتشفهم ونعيد اكتشاف ذواتنا من خلالهم».
ووجهت قورة سؤالا للكاتبة رانيا حسين، عن منبع فكرة هذا الكتاب، لتجيب رانيا، أن بداية الفكرة كانت حادثة حقيقية شاهدتها على اليوتيوب وقعت فى أمريكا حول بنتين فى أحد الفصول وبينهم نفس نوع العلاقة الموجودة فى الكتاب، واحدة منهم شخصية تتسم بصفات تجعلها تُسيطر على الأخرى، مضيفة: «عادة حينما أكتب أفضل نسج الأحداث من معطيات واقعية وقصصا حقيقية وهو ما يجعل النصوص نفسها حيوية وحية».
وتابعت الكاتبة رانية حسين: «أوليت اهتماما شديدا بهذه القصة وتخيلتهن لو كانا فى مجتمعنا، فقمت بنسج الرواية من وحى هذه القصة ولكنى أضفت تفاصيل إبداعية لإدخال تعديلات مؤثرة عن النسخ الحقيقية فى النهاية».
«مرحلة الطفولة إحدى أكثر الفئات العمرية التى يكون فيها الإنسان فى حالة ارتباك وحيرة وشغف لاكتشاف العالم»، هكذا أوضحت الكاتبة رانيا حسين، سبب اختيارها للتعبير عن هذه الفئة العمرية، قائلة: «يبدأ الطفل فى محاولة دخول عالم الكبار ليزداد ارتباكه ويشعر بصراع فورى، ونفاجأ بأن الكثيرين منهم يدخلون فى مرحلة الاكتئاب، وتحديدا حينما تحتم عليهم الظروف حرمانهم من الطفولة والمرح والانطلاق، لأننا أصبحنا نرى ضغوطا دراسية قوية وتحديات كبيرة».
واستطردت: يستهوينى استخدام الروايات والإبداع الأدبى فى إنارة الطريق للشرائح العمرية الأصغر وأن أقوم بعملية أشبه ما تكون بإنارة الطريق أمامهم لكى يستطيعوا فهم من حولهم والتمكن من عيش حياة صحيحة وسليمة على جميع الأصعدة والمستويات النفسية والسلوكية.
وواصلت رانية: اخترت اسم الرواية «ذراع ثقيل فوق كتفى» بعد كتابة جزء كبير منها، واستلهمتها من الأحداث ومسار الشخصيات، تدل على سيطرة إحدى الشخصيات على الأخرى فى أحداث الرواية، حيث يدل على احساس وشعور الشخصية بالثقل الواضح.
وقالت رانية، الواضح جدا أن استخدام السوشيال ميديا بشكل زائد عن الحد كما نرى كثيرا تلك الأيام يؤثر بشكل سلبى وفورى على التركيز والمذاكرة والتواصل والتفاعل مع الآخرين، لافتة إلى أن كل تلك المهارات فى التواصل باتت فى منتهى الصعوبة بسبب اعتماد الأجيال الجديدة على التواصل عبر السوشيال مما أحدث لهؤلاء الأطفال والشباب ضررا بالغا، مشيرة إلى ان لم يعد هناك قرب حقيقى فى العلاقات الإنسانية الضرورية.
وفيما يخص الرابط بين الثقة فى النفس وتأثرها بالمستوى المادى، أكدت رانية حسين، أنها أرادت توصيل رسالة قوية على لسان والد أحد الأبطال بأنه علينا ألا نولى اهتماما بالغا بالفارق المادى والاجتماعى، وأن الإنسان يستطيع أن يبلغ ما يريد اعتمادا على ذاته وقوة إرادته، مشيرة إلى أن الرواية تبرز أن هناك بعض الشخصيات المسيطرة التى تستغل ضعف الشخصيات وتسيطر عليهم، وهو ما يجب مقاومته بعدم التطرف فى الاهتمام بالمظاهر والمقارنات والفوارق.
وعن سؤالها عن أسلوب كتابتها الذى تتبناه أثناء كتابة أدب اليافعين، قالت لابد أن يكون هناك اهتمام كبير ودقيق بكتابة الشخصيات وتفاصيلها وتفضيلاتها ودوافعها وكيف سيكون شكل التصرف عند تعرضها للمواقف المختلفة، مشددة على أنه من الضرورى أن الكاتب عند شروعه فى التصدى لعمل مماثل أن يبذل مجهودا حقيقيا فى الإطلاع والقراءة ومشاهدة الأفلام والاحتكاك بالناس وامتلاك الفضول الشديد لبلوغ أعماق الشخصيات للحصول على مادة تصلح للكتابة عنها.
الكاتبة رانية حسين أكدت أن معظم مشكلات الاطفال يكون سببها الأساسى الأهل، موضحة أن ذلك يظهر عبر شخصيات فى الرواية كان لديهم مشكلات كبرى وواضحة بسبب الأهل، مضيفة «نجد أن الشخصيات السوية قد تربت على الإيثار والتسامح والمسئولية، وهو ما يجب أن يكون بمقدار أيضا لأنه فى بعض الأحيان عند خروج تلك الشخصيات للحياة الواقعية فقد تدور فى فلك الشخصيات المتسلطة لأن الأهل لم يغرسوا فيهم مسبقا كيفية وضع حدود فى التعامل مع الآخرين».
الكاتبة رانية حسين حذرت من أن الشخصيات التى يغلب عليها صفات السيطرة كلما اقتربنا منهم وزادت مدة الصداقة والقرب أصبحوا أشخاصا انتقاميين عند انفصالنا عنهم، لافتة إلى أنه لابد من إدراك ذلك من البداية، والتعامل معهم بذكاء وحذر وحرص.
وجه أحد الحضور سؤالا عما إذا وجد الشخص المسيطر رعاية واهتمام من خارج نطاق الأهل، فهل من الممكن أن يصبح ذلك سببا فى تقويم سلوكه، لترد بأنه من الافضل أن يكون الاهتمام من الأهل وأنهم مثلما بدر منهم تقصير فلابد أن يخرج منهم سعى للإصلاح وتقويم السلوك أيضا، وأن هذا الاهتمام من أطراف خارجية قد يكون مؤثرا بشكل بسيط ولكن ليس بذات تأثير الأهالى.
وعن دور الأخصائى الاجتماعى فى المدارس، أجابت رانية، أن دور الأخصائى الاجتماعى هام وضرورى جدا، مشيرة إلى أنه من الضرورى ان يكون هناك أكثر من أخصائى فى المدرسة لأن الاطفال الذين يعانون من مشكلات أعدادهم فى ازدياد ومن الصعوبة أن شخصا بمفرده يستطيع التعامل مع كل الطلاب، مضيفة: «مما لا شك فيه أن المعلمين لهم دور كبير فى حياة الأطفال وبالتالى لا يجب التقليل أو التهوين أبدا من أثر المدرسة على الأطفال».
واختتمت رانية حسين أمين بقولها: نريد الوصول فى النهاية إلى أطفال على قدر كبير من الوعى والفهم بذواتهم ومشكلاتهم وما يدور حولهم، وأن يكونوا فى حالة تفهم لدوافع الآخرين فى التعامل معهم خاصة الآباء والإهالى، وألا يكون هناك تقليل من قدرة الكتب والقصص على تعريف النشء بحقوقهم وواجباتهم.
رانية حسين أمين (1965) كاتبة كتب اطفال ورسامة مصرية. عرفت من خلال سلسة كتب فرحانة، والتى تقوم هى أيضا برسمها. نُشرت رسوماتها وكتاباتها فى جريدة «الدلتا» ومجلة «قطر الندى»، بالإضافة إلى أنها ألفت العديد من الكتب، وصممت رسومات كتب لمؤلفين معروفين، مثل «أنا وأنا» للكاتبة ميشيل حنا. كما كانت أمين من الشخصيات التربوية فى مسيرتها المهنية، فساهمت فى تعليم الأطفال من فئة ذوى الاحتياجات الخاصة، ومن خلال كتبها وشخصية فرحانة التى صممتها، تدعو إلى الممارسات التى يجب على الآباء اتباعها عند تربية أطفالهم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved