مسجد الإمام الشافعي.. تاريخ من البناء والتجديد والترميم

آخر تحديث: الخميس 20 يناير 2022 - 3:21 م بتوقيت القاهرة

محمد عبدالناصر

يعد مسجد الإمام الشافعي (الذي ولد في غزة عام 767 ميلاديا الموافق 150 هجرية، ويقال أيضا أنه ولد في اليمن، وتوفى عام 819 ميلاديا)، واحدا من مساجد القاهرة الأثرية العريقة، ويمثل علامة بارزة في مصر الإسلامية لصاحبه محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب الشافعى القرشى، صاحب ثالث المذاهب الإسلامية.

يعد الشافعى بحرا في العلوم الإسلامية وهو ثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة وصاحب المذهب الأشهر في العالم الإسلامي، إذ أمر صلاح الدين بعمل تابوت خشبى يعتبر آية من آيات زخرفة الخشب، وضع على قبر الإمام الشافعى، الذى يعتبر ضريحه من أكبر أضرحة مصر على الإطلاق، فهو يتكون من مساحة مربعة طول ضلعها من الداخل نحو 15 مترا، وله جدران سميكة جدا مما يؤهلها لحمل قبة ضخمة.

ويضم الضريح إلى جوار رفات الإمام الشافعى، رفات الأميرة شمسة زوجة صلاح الدين الأيوبى، ورفات العزيز عثمان بن صلاح الدين، ورفات والدة الملك الكامل المتوفاة سنة 608 هجرية، كما يضم 3 محاريب تتجه نحو مكة عند حائط اتجاه قبلة الصلاة، علاوة على تواجد باب فى كل من الحائطين الشرقى والشمالى، والحوائط الداخلية مغطاة بالرخام، وللضريح مدخل واحد بالضلع الشمالى الشرقى، وجدرانه سميكه نشأ من ذلك دهليز صغير طوله سمك الجدران تغلق ببابين بكل طرف من أطرافه. أما الباب الخارجى له مصرعان من الفضة، والباب الداخلى له مصرعان عرض كل منهما 98 سم، ارتفاعه 3 أمتار.

ويعتبر أول من بنى مسجدا على مقام الإمام الشافعى هم السلاطين الأيوبية، وأولهم السلطان الكامل الأيوبى سنة 1211 ميلاديا، الذى دفن بجوار الإمام الشافعى، ثم أعاد عمارة المسجد السلطان صلاح الدين الأيوبى، ومقصورة المقام والنقوش كاملة جميعها تعود لصلاح الدين الأيوبى.

ودخلت بعد ذلك عمارة المماليك والعثمانيين وغيرهم، وتم تجديد الضريح من قبل السلطان قايتباى، قبل أن يجددها الأمير عبدالرحمن كتخدا، الذى أنشأ فيها سبيلًا على يسار باب القبة، أما المتبقى من عمارة السلطان صلاح الدين الأيوبى فى المسجد فهو المقام ذاته، وبنيت وجهاته بالحجر، وحليت أعتاب الشبابيك بكتابات كوفية، وله منارة على شاكلة المنارات المملوكية، ومنبره مطعم بالسن والآبنوس، حيث اهتم الملك الأيوبى ببناء قبة المسجد، فهى قبة كبيرة من أجمل قباب مصر، وهى خشبية ومكسوة بالرصاص، وكسيت جدرانها من الداخل بالرخام، وفى جدارها الشرقى ثلاثة محاريب.

وتعتبر قبة الإمام الشافعى من أجمل القباب التى بنيت فى مصر، وأهم ما يميزها شرفاتها المسننة الجميلة، التي يقع أسفلها محاريب ذات عقود مثلثة محلاة بزخارف، وفوق هذه القاعدة المربعة توجد قبة خشبية، وبقمة القبة من الخراج يوجد قارب برونزي يعرف بـ"العشاري" كان يوضع فيه الحبوب لأكل الطيور.

وأول من بنى القبة بشكلها الحالى، هو السلطان الكامل الأيوبى فقد بناها حباً فى الإمام الشافعى وطلباً لأن يدفن بجواره وبالفعل فقد دفن السلطان الكامل الأيوبى، ثم جددها على نفس هيئتها السلطان قايتباى الذى كان مريداً عند السيد الدشطوشى الذى مسجده ومقامه ومدرسته بباب الشعرية، ثم جددها أيضاً السلطان قنصوة الغورى، ثم جددها على بك الكبير من نفقته الخاصة عام 1772، الذي جدد ما بها من خشب وجدد نقوش القبة من الداخل بالذهب والأصباغ وهو الذى أزال ألواح الرصاص الفضية اللون من على جميع القبة التى كساها السلطان الكامل الأيوبى وأبدلها الألواح الخشبية الحالية.

ولأسرة محمد علي باشا باعا في الاهتمام بالمسجد وتجديده، ففي عام 1891 أمر الخديوى توفيق باشا بتجديد المسجد على ما هو عليه الآن وهو مسجد جميل وجهاته مبنية بالحجر، وحليت أعتاب الشبابيك بكتابات كوفية وله منارة رشيقة عملت على مثال المنارات المملوكية، ومنبره مطعم بالسن والأبنوس، ففي عهد عباس حلمي الثاني قامت وزارة الأوقاف عام 1322 هجرية ببناء مسجد الإمام الشافعي بهيئته الحالية، وذلك يظهر من الكتابة الكوفية على المنبر.

وفي يوم 18 أبريل عام 2021، افتتح مختار جمعة وزير الأوقاف، وخالد العناني وزير السياحة والآثار، واللواء خالد عبدالعال محافظ القاهرة، مشروع ترميم قبة الإمام الشافعي، حيث شملت أعمال الترميم المباني والرخام والفسيفساء الخزفي، علاوة على أعمال ترميم المباني كأعمال الحقن والتقوية وترميم الشروخ واستبدال الأحجار والطوب التالف، أما بالنسبة للرخام فقد تم ترميم معظم الكسوة الرخام، ونظرا لسوء حالة الفسيفساء الخزفي بسبب حركة المشاة، فقد تم نزعها وترميمها وإعادة تثبيتها على منسوب أكثر انخفاضًا بعد عزلها، وتم تركيب ممشى من الزجاج المقوى أعلاها.

كما تم ترميم القبة من الخارج حيث تم ترميم الكسوة الرصاص والعشاري، وعزل جميع الأسطح الخارجية وعمل نظام لصرف الماء، كما تم ترميم أسطح القبة الداخلية وأسقف الممر والمدخل وترميم المقصورات والتركيبات والأبواب، إضافة إلى تصميم نظام إضاءة حديث يتناسب مع النسيج التاريخي للقبة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved