«تسليح الفضاء».. حرب باردة جديدة بين ترامب وبوتين تشارك بها الصين

آخر تحديث: الأربعاء 20 فبراير 2019 - 8:25 م بتوقيت القاهرة

إنجي عبدالوهاب

يسعى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لتسليح الفضاء، متخذًا خطوات جادة في اتجاه ذلك؛ سعيًا منه للمواجهة الفضائية لعدويه الاستراتيجيين، الصين وروسيا.

وبعدما وقع ترامب، في البيت الأبيض، رابع المذكرات الدستورية بهذا الصدد، أمس الثلاثاء، فيما سمي بـ"الأمر الرابع لسياسات الفضاء"، وهي مبادرة تشريعية يقودها لانشاء قوات أمريكية مخصصة للتعامل مع ما أسماه "التهديدات في الفضاء".

تستعرض الـشروق مبادرة ترامب لتسليح الفضاء، ودوافعها وكيف تقود ترامب وبوتين لخوض حرب باردة جديدة، فضلًا عن التحديات المرتقبة التي تنتظرها، في السطور التالية:

"أولوية للأمن القومي"

توجه مذكرة ترامب، وزارة الدفاع الأمريكية، إلى "حشد مواردها الفضائية للردع والتصدي للتهديدات في الفضاء"، عبر إنشاء قوة تكون جزءًا من القوات الجوية، وفق مسودة المذكرة التي اطلعت عليها رويترز، ونشرتها أمس، فيما علق عليها قائلًا: أن تسليح الفضاء يعد أولوية للأمن القومي الأمريكي"مشيرًا بذلك غلى ردع النفوذ المتنامي لمنافسي بلاده القويين روسيا والصين.

تسليح الفضاء..فكرة عائدة من الخلف

رغم قدرة ترامب الهائلة على خوض العديد من النزاعات، في الوقت ذاته؛ إلا أنه لم يكن مبتدع فكرة نقل النزاع االمسلح من الأرض إلى الفضاء؛ بل ابتدعها وزير الدفاع السابق، دونالد رامسفيلد، في عهد بوش الإبن، مطلع الألفية الثانية، فيما سمي بـ"لجنة الإصلاح العسكري، مستلهمًا فكرتها من "مبادرة الدفاع الاستراتيجي" للرئيس الأمريكي السابق، رونالد ريجان، في ثمانينيات القرن الماضي، باستخدام النظم الفضائية لحماية أمريكا من الصواريخ الباليستية للالتحاد الروسي أثناء الحرب الباردة.

لماذا توارت الفكرة

تحمس العديد من القادة العسكريين لامتلاك امريكا سلاح في الفضاء، كرئيس اللجنة الفرعية للقوات الاستراتيجية، مايكل روجرز، ما دفع رئيس أركان القوات الجوية الأمريكية آنذاك، ديفيد غولدفين، للتريح بأنه جاهز لقيادة القوات الفضائية، في إشارة إلى رفضه استقلاليتها، وتمزيق سلطاته؛ الأمر الذي أدى لتواري الفكرة، عقب تنازع القوات الجوية من أجل الاستحواذ عليها.

ثم ساهمت أحداث 11سبتمبر 2001، في اختفاء الفكرة تمامًا، لتظهر مجددًا في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ترامب يحي فكرة تسليح الفضاء

أحيا الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الفكرة بإعلانه عن نيته إنشاء قوة فضائية، في يوليو 2018، في مؤتمر صحفي أجراه لإصدار أوامره لوزارة الدفاع بالبدء في إنشاء فرع جديد للقوات المسلحة، وهو «القوة الفضائية»، كسادس فرع مستقل بعد القوات البرية والبحرية والجوية ومشاة البحرية وحرس السواحل.

الصين وروسيا..خطى متسارعة

بدت المخاوف الأمريكية من تسارع خطى الصين وروسيا جلية جلية في تصريحات مدير وكالة الفضاء الأمريكية، ناسا، جيم بريدينستاين، الذي صرح العام الماضي، فور انعقاد المؤتمر الصحفي لإعلان ترامب عن رغبته إنشاء قوة فضائية، قائلًا: "لم يكتف الخصمان الفضائيان روسيا والصين بتطوير قدرات إطلاق صواريخهم المضادة للأقمار الصناعية فحسب، بل حسنتا القدرات المدارية لصواريخهما بوتيرة متسارعة؛ لتصبحان قادرتان على التشويش والقرصنة

روسيا والصين وأمريكا .. حرب باردة جديدة!

كما عادت فكرة تسليح الفضاء من الخلف، يبدو أن مصطلح "الحرب الباردة" بين الولايات المتحدة وروسيا ، يلوح في الأفق، لكم مع دخول طرف جديد يتمثل في الصين؛ جراء التنافس على مستوى التسلح النووي، والبرؤامج الفضائية.

فطالما كانت الولايات المتحدة رائدة في مجال الفضاء، إلى جانب تفوقها في التكنولوجيا المضادة للصواريخ، في عهد الرئيس الأمريكي، جون كينيدي، لكن ثمة وجوه جديدة ظهرت على ساحة التفوق الفضائي؛ ما نتج عنه تخلف الولايات المتحدة عن تلك السيطرة.

إذ وضعت روسيا نصب أعينها إعادة بناء برامجها الفضائية بعد نهاية الحرب الباردة عام 1991، وبلغت وكالة"روس كوزموس الروسية" 60% من الأقمار الصناعية للفضاء، كما طورت طائرة جديدة يمكنها التشويش والقرصنة على الأجهزة الالكترونية المثبتة في الأقمار الصناعية ذكرته ، حسب سبوتنيك نيوز الروسية.

الصين .. طرفً جديد ينضم للحرب الباردة!

ومع بدايات القرن الجاري خطت الصين أيضًا خطوات متسارعة للالحاق بوكالة ناسا الأمريكية، وروس كوزموس الروسية، إذ يزيد عدد الأقمار الصناعية، والمركبات الفضائية للصين في الفضاء عن 36 مركبة بحسب وكالة الأناضول التركية، وصولُا لبلوغ كوزمونوت الصين الجانب البعيد من القمر في سابقة هي الأولى من نوعها، مطلع يناير 2019، كما تختبر الصين إلى جانب طموحاتها المدنية، صواريخ مضادة للأقمار الصناعية أيضًا، لكنها حذرت على لسان خارجيتهتا مما أسمته"تسليح الفضاء"

منافسة حامية

وفي إطار المنافسة الحامية بين الأطراف الثلاثة حظر الكونجرس الأمريكي على إدارة الطيران والفضاء "ناسا" التعاون مع نظيرتها الصينية بسبب "مخاوف أمنية"، بحسب رويترز، كما أطلقت شركة "لوكهيد مارتن" الامريكي إبريل الماضي، الصاروخ"أطلس5" متعدد الاستخدامات العسكرية.

وذكرت مجلة "بوبيلر ميكانيكز" الأمريكية في تقرير لها، أغسطس الماضي، خشية الاستخبارات الأمريكية من سلاح فضائي روسي "غامض" يهدد نشاط أمريكا افضائي.

تحديات .. هل يتجاوزها ترامب

وتواجه مساعي ترامب تسليح الفضاء، تحديات عديدة، على رأسها "معاهدة الفضاء الخارجي" لتنظيم أنشطة الدول في مجال الفضاء، والتي تحظر إقامة أية قواعد عسكرية في الفضاء، أو إجراء أي مناورات، أو اختبار عسكرية لأي نوع من الأسلحة به.

و يستلزم"تسليح الفضاء" أيضًا موافقة مجلس الشيوخ، المختص بالاتفاقات الدولية، في الكونجرس الأمريكي، لكن رغم سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ، إلا أن تمرير القرار يبدو صعبًا، في ظل سيطرة الديموقراطيين المعارضين لسياسات ترمب على مجلس النواب، إذ يمكنهم الحيلولة بينه وبين تمرير قرارات تسليح الفضاء، نظرًا للنزاعات الدولية التي سيجلبها هذا الملف.

"فكرة غبية"

وإلى جانب التحديات، تواجه مساعي ترامب تسليح الفضاء انتقادات عديدة، إذ وصفها رائد الفضاء الأمريكي الشهير، مارك كيلي، بـ"الفكرة الغبية"؛ لكون المهام السلمية لهذه الوكالة مخولة للقوات الجوية، مضيفًا: تسارع القوات العالمية في تسليح الفضاء، سيخلق فوضى عارمة من الحطام الفضائي، الذي يستحيل السيطرة عليه، كما سيحول دون وصول البشر إلى الفضاء الذي يسعى إليه العلماء منذ قرون.

حدود في الفضاء

وتروج المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، لإنشاء حدودًا للفضاء الأمر الذي ترفضه روسيا، لكونه إذا تم اعتماده، سيكون خاضعا لسياقات تتأثر بالعوامل السياسية، مما سيؤدي في النهاية إلى نزاع فضائي

وباعتزام الأطراف الدولية إنشاء حدود فضائية، وامتلاك العمالقة الثلاثة صواريخ فضائية ذات استخدامات عسكرية، لم يعد انتقال الحروب الارضية إلى الفضاء أمرًا بعيد، بل يبدو أنه أضحى أمرًا محققًا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved