على هامش ثورة 1919 (20): عقوبة الإعدام كانت محل نقاش وخلاف قبل 100 عام

آخر تحديث: الأربعاء 20 مارس 2019 - 12:50 م بتوقيت القاهرة

حسام شورى:

تواصل "الشروق" على مدار شهر مارس، إبراز مجموعة من الأخبار والموضوعات والطرائف واللطائف التي نشرتها الصحف المصرية في شهور فبراير ومارس وأبريل 1919، تزامنا مع اندلاع ثورة 1919، في محاولة استرجاع صورة للمجتمع المصري أيام الثورة، بعيدا عن السياسة، بالتركيز على الأنشطة والأحداث الاجتماعية والثقافية والفنية.

••••••••••

ما أشبه اليوم بالأمس؛ فعقوبة الإعدام التي مازالت محل انتقاد وسبب لخلاف في وجهات النظر وجوهر لكثير من النقاشات بين بلدان العالم في وقتنا الحالي.. كانت موضوعا لحديث الصحف قبل 100 عام.

ففي عدد مارس 1919 لـ«مجلة فتاة الشرق» الموصوفة بـ «مجلة علمية أدبية تاريخية روائية»، لصاحبتها لبيبة هاشم، كتب المحامي والأديب اللبناني أمين البستاني، مقالا بعنوان «حكم الإعدام» تعرض فيه لأسباب تطبيق العقوبة وانعكاس ذلك على المجتمع، ونقاش المشرعين حولها، ومحاولة بعض الدول إلغاءها، إلا أنه خلص في نهاية مقاله إلى أهمية تطبيق عقوبة الإعدام؛ مستدلا بأن الدول التي حاولت إبطال العقوبة عادت إليها فيما بعد.

                             

 

كتب أمين البستاني في مجلة فتاة الشرق يقول:

«عقوبة القتل على القتل صارت في هذا الزمن من أجل المسائل خلافية بين علماء الشرائع، ولا متسع هنا لا برد كل ما قيل فيها، وفي كتابي (شرح قانون العقوبات) الذي طبع في عام 1894 بحث شاق.

«وقد أنكر مشرع شهير على المجتمع الانساني الحق في قتل القاتل وعنده أن الناس متباعدون أصلا فمتباعدون حكما؛ فمنهم من اباح لغيره حق سلب حياته، وقال غيره على ضد فاستباح قتل كل قاتل بحق الحرب لأن من قتل انسانا فقد صار محارب للانسانية، وعدوها وحق للإنسانية قتل محاربها، ثم اعتدل أهل هذا الرأي فقالوا نعم جاز للعدو أن يقتل عدوه ولكن إذا لم يتيسر له أسره واعتقاله، واذا اخذته الحكومة فلتبق على حسابه، وقد أمنت بالاعتقال شره.

«وكلها أقوال مردودة لأنه إذا لم يحق للأمة اخماد حياة كل قاتل متعمد؛ فكيف حق لهذا الفرد الظالم قتل أخيه عدوانا؟.. وهي أي الأمة لم تعمد إلى قتله أخذًا بثأر مقتولها فقط، بل ارادت وقائها من أذاه ثم إرهاب غيره، فلا يفعل غيره مثل فعلته ولا أدعى للعبرة والرهبة من عقوبة القتل على أن العدل في الناس مفروض عليهم، وقوام العدل ووسيلته العقاب فالعقاب هنا مشروع مسجل، وعلى هذا أجمع البشر منذ كانوا على وجوب عقوبة القتل في جاهليات دولهم، ثبتوا على هذا المذهب مهما أصاب شرائعهم النقض والتجديد.

«نعم إن عقوبة القتل مشروعة محللة وهي على قول جمهور المتشرعين من حقوق الدولة والأمة، وإنما هذا الحق محقق لشرطين: أولهما أن يحصل من هذه العقوبة تأثير في نفوس الناس، وثانيها أن يكون للضرورة ملحة إيها قاضية بها، أما وجه تأثيرها في ديارنا نحن الشرقيين فلا ينكره منكر.

«قال بعض فقهاء الفرنسيين لا يصح أن تلان العقوبات إلا إذا تهذبت العادات، ودمثت الأخلاق، وترقى الشعور، وعم العلم، ورقت القلوب، ولطفت النفوس وصار الناس على الجملة أقل افتقار للعنف والغلظة بما يجعل العقاب وإن اعتدل شديد التأثير قوي العبرة...

«وتسعى بعض الدول منذ أعوام طويلة إلى إبطال عقوبة الفتل ثم اضطروا الآن يعودوا إليها وكفى بهذا حجة ونذير».

وغدا حلقة جديدة....

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved