في ذكرى ميلاد الكاتب المسرحي هنريك إبسن.. كيف كانت فلسفته الفكرية؟

آخر تحديث: الجمعة 20 مارس 2020 - 2:41 م بتوقيت القاهرة

الشيماء أحمد فاروق:

في مثل هذا اليوم - 20 مارس، ولد الكاتب المسرحي النرويجي هنريك إبسن عام 1828، وهو من مواليد مدينة شيين، وهو أحد رواد وكبار مجددي الأدب المسرحي الحديث في أوروبا، وواحد ممن دفعوا بالمذهب الواقعي إلى الحياة ودعموه بشدة، من خلال كتاباته المسرحية التي أولت أهمية كبيرة للنقد الاجتماعي في أوروبا، ومن الخصائص المميزة لأعماله، أن مسرحياته التاريخية تمثل بداية عاصفة للواقع الاجتماعي.

ويمكن فهم فلسفة الراحل هنريك إبسن، من خلال بعض الكتابات العربية المتوفرة عنه.

ففي تقديمه لترجمة عربية لمسرحية هنريك إبسن "إيولف الصغير"، يؤكد المفكر المصري عبد الرحمن بدوي أن إبسن هو مارد متوحد في صراع دائم مع المجتمع بتقاليده، والناس بنفاقهم وتصنعهم، وقد حارب من خلال كتاباته لنصرة فكره، من خلال 26 نص مسرحي كتبهم على مدار حياته.

التقاليد والعادات الأوروبية بشكل عام والتي تقيد المرأة بشكل خاص كانت تشغل هنريك إبسن، ويتضح ذلك في كتابته، ومنها مسرحية "بيت الدمية" التي كتب عنها الكثير من الدراسات التحليلية، وركزت هذه المسرحية وفق لبحث منشور في مجلة مركز بابل للدراسات الإنسانية عام 2015، على هيمنة الرجل الذكورية والحفاظ على مكانته، وسعي المرأة الأوروبية متمثلة في البطلة – نورا- إلى الخروج على سلطة الكنيسة.

أما الكاتب والمترجم العراقي يوسف عبدالمسيح ثروت، كتب في مجلة "الأديب" اللبنانية عام 1967 عن الراحل إبسن، متناولاً الأفكار الرئيسية التي جاءت في بعض مسرحياته، وقال في مقاله: "إن إبسن كاتب فذ، يمتاز مسرحه بأصالة خاصة جعلته في أواخر القرن التاسع عشر محوراً لجدل مترامي الأطراف، أخذ عليه بعض النقاد مآخذ كثيرة فعدوا أدبه بأسره أدباً فجاً وقحاً، واعتبره آخرون وعلى رأسهم برنارد شو فتحاً جديداً في عالم المسرح من حيث صراحته وقوة انحداره في مهاوي شلالات المجتمع... وهذا العرض وجد له أصداء واضحة المعالم في المسرحيات الاجتماعية، لا سيما بيت الدمية، والأشباح، وعدو الشعب، وأعمدة المجتمع".

ويقول عبدالمسيح عن بعض مسرحيات إبسن: "في مسرحية بيت الدمية فضح الكاتب فضحاً صريحاً للصلات النفاقية التي تجمع بين الزوج والزوجة في المجتمع الأوروبي وثورة المرأة على وضعها، وقد أحدثت هذه المسرحية إعصاراً في طول أوروبا وعرضها... أما في عدو الشعب وأعمدة المجتمع، تناول إبسن الزيف الاجتماعي تناولاً فيه مسحة كئيبة وسخرية مبطنة".

أما الكاتب والإصلاحي المصري سلامة موسى، فقد ترك مساحة فصل كامل عن هنريك إبسن في كتابه "هؤلاء علموني"، كأحد الذين أثروا في فكره التنويري، وتحدث تحديداً عن مسرحية بيت الدمية ومعانيها.

والكتاب عبارة عن جولة مع مجموعة من أشهر رموز النهضة الأوروبية الحديثة، مثل فولتير داعية الحرية، وجوته العالم والشاعر الألمانى، وداروين صاحب نظرية التطور، وهنريك أبسن داعية بناء الشخصية وغيرهم.

وقال عنه: "هنريك إبسن هو داعية الاستقلال الروحي للإنسان عامة وللمرأة خاصة وقد ألف درامته لعبة البيت أو بيت الدمية في دعوة للمرأة الأوروبية أن تستقل وتربي نفسها، بدلاً أن تعيش خلف الرجل... وجاء إبسن حوالي منتصف القرن التاسع عشر فتبلورت فيه هذه الآراء وأخرجها درامة اهتزت منها المجتمعات الأوروبية، وقد غير أوروبا الأدبية وأحالها إلى الآراء العصرية... وقد ساهم في نقل الدراما الرومانتيكية إلى الواقعية وجعلها اجتماعية تعالج المشكلات".

وأكمل: "لقد تعلمت من إبسن شرفاً جديداً لم أكن أعرفه وهو شرف الإنسانية التي يجب ألا يحدها حجاب المرأة، وشرف الروح الذي يقوم على الإخاء والمساواة، ليس فيه سيد وعبيد، وهو شرف الأمة التي ترفع نساءها إلى مقام الوزيرات والنائبات وتفتح لها المدارس والجامعات" .

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved