الباحث الأمريكي مايكل روبين: حان الوقت لترك طالبان تسقط

آخر تحديث: الجمعة 20 مايو 2022 - 1:02 م بتوقيت القاهرة

د ب أ

يرى الباحث الأمريكي الدكتور مايكل روبين أن هناك أوجه شبه بين وضع أفغانستان وأوكرانيا، بيد أن أوكرانيا ومقاومتها استحوذت على الخيال الغربي بطريقة لم تفعلها أفغانستان مطلقا.

فالقادة الأوروبيون وأعضاء الكونجرس الأمريكي يتوجهون إلى كييف ويتم التقاط صورهم مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بصورة سريعة لم يفعلها سوى القليلون مع الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني: فالسياسيون الغربيون يدركون أنهم يحققون مكاسب مع زيلينسكي أكثر بالمقارنة بأشرف غني .

من ناحية أخرى يشيد روبين بالمقاومة الأفغانية حاليا ويشبهها بالمقاومة الأوكرانية في بدايتها ويدعو إلى تمويلها.

ويقول روبين ، أحد كبار زملاء معهد أمريكان انتربرايز والمحاضر في كلية الدراسات العليا في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية إنه من المرجح أن إدارة بايدن ترغب في نسيان أنها نصحت باستسلام زيلينسكي في بادىء الأمر.

وقد ارتقى الرئيس الأوكراني لمستوى الحدث وظهر كأنه وينستون تشرشل. وشجع ابناء وطنه على القتال من أجل قضية يؤمنون بها وضد عدو يمكنهم الاتحاد في مواجهته. ولو كان زيلينسكي قد اختار موقفا مختلف لكانت العواقب كارثية بالنسبة للنظام الليبرالي.

ولم يكن أشرف غني مثل زيلينسكي. فطوال سنوات قبل سقوط كابول كان ترامب أولا ثم بعده جو بايدن ينصحانه بالمصالحة، وقاوم غني في بادىء الأمر- فمزايا السلطة كانت كبيرة-ولم يعتقد مطلقا أن الولايات المتحدة سوف تمضي في تحقيق تهديداتها بمغادرة البلاد- ولكن، عندما حان الوقت الصعب، فر من قصره في منتصف الليل ، مسلما العاصمة لطالبان.

وسارعت طالبان، في نشوة الانتصار، بتبديد أي أمل بأنها مختلفة عن القوة الراديكالية القمعية التي هيمنت على البلاد طوال السنوات التي سبقت هجمات 11 سبتمبر 2001.

وعلى الرغم من احتمال أن بايدن يرغب في نسيان أفغانستان، وتفادي اللوم، وتلطيخ كل الأفغان بأفعال رئيسهم السابق، فإن الحقيقة هي أن الكثير من الأفغان لم يتخلوا عن القتال مطلقا. وبعد أن تحرر قادة أفغان حقيقيون من جهود واشنطن لإدارة السياسة الخاصة بأفغانستان بصورة مصغرة ، نهضوا لرفض قبول خضوع شعبهم، ومن أبرزهم أحمد مسعود نجل الزعيم أحمد شاه مسعود( أسد بانشير) الذي قاد قوات التحالف الشمالي ضد الغزو السوفيتي في الثمانينيات وحركة طالبان في التسعينيات من القرن الماضي.

وحتى لو لم يكن بايدن يعتقد أن انسحابه كان خطأ، من المؤكد أن توقيته كان كذلك. فقد أمر بإجلاء الأمريكيين في الصيف في ذروة موسم القتال في أفغانستان عندما كانت طالبان أكثر تحركا. ولو كانت الولايات المتحدة انتظرت حتى الشتاء ، لكان ذلك وفر للأفغان فرصة للتعزيز والاستعداد. وبعد أن جمدت ثلوج الشتاء مكاسب طالبان في مكانها، أخطأ السياسيون الغربيون مرة أخرى عندما خلطوا بين الصمت والاذعان.

وفي الأسابيع الأخيرة شنت جبهة المقاومة الوطنية التي يتزعمها أحمد مسعود هجوم الربيع الذي اعتادت عليه. واستطاعت بسرعة تولي زمام الأمور في ثلاث مناطق في بانشير، ومنطقة في تاخار، وعدة قرى في انداراب. وفقدت طالبان قدرا كبيرا من الثقة المحلية عندما نفى المتحدث باسمها اندلاع قتال في الشمال بينما نشرت وسائل الإعلام صورا لمقاتلين قتلى وأكفان يتم نقلها إلى هيلمند وقندهار.

ثم نصبت قوات مسعود كمينا لتعزيزات لطالبان، وألحقت خسائر في الأرواح بين صفوف قوة طالبان في جنوب بانشير وفي منطقة عبدالله خيل.ومما يضاعف من مشكلات طالبان حقيقة أن التعزيزات القادمة من جنوب أفغانستان مثل سمك خارج من المياه في بانشير والوديان المحيطة.

كما فقدت طالبان مقاتلين ومركبات في إحدى القرى في انداراب. وكانت هناك كمائن مماثلة لقوات طالبان في شمال كابول، وباروان، وكابيسا، وتاخار، وباغلان وباداخشان. ومن ثم، فإن طالبان تواجه الآن مقاومة عبر مئات الأميال. ومن المهم أن طالبان لم تستطع الاستيلاء على أي قواعد لجبهة المقاومة الوطنية في أي هجوم مضاد. وفي الواقع أن ما تفعله قوة مسعود الآن في وادي بانشير ومناطق أخرى في أفغانستان يذكرنا بالمقاومة الأوكرانية الأولية ضد الغزو الروسي.

وتماما كما فعلت روسيا في وجه المقاومة، تقوم قوات طالبان باحتجاز رهائن مدنيين وتنفيذ عمليات إعدام فورية في أنحاء أنداراب، ربما اعتقادا منها أن الانتقام ضد أقارب المقاتلين المشاركين في المقاومة سوف يضعف روحهم المعنوية. ولكن على العكس يبدو أن ذلك يعزز ويحفز المقاومة. كما أن وحشية طالبان دفعت الكثير من غير المنتمين للبشتون إلى الانضمام لصفوف جبهة المقاومة الوطنية. ومن أبرز من قاموا بذلك حتى الآن القائد مالك، الذي كان مديرا لمخابرات شرطة طالبان في بانشير.

وتكشف خسائر طالبان في وقت مبكر للغاية في الربيع كفاءة جبهة المقاومة الوطنية. فبدون مساعدات خارجية، وضد عدو مسلح تسليحا قويا، تظهر قوات مسعود أن الانتصار ممكن. وفي الحقيقة، تشبه أفغانستان اليوم أوكرانيا قبل شهرين. فانتصارات أوكرانيا تكذب التقييمات الاستخباراتية عن قوة روسيا، ويشبه ذلك تماما القول بأن طالبان قوة لا يمكن تحديها في أفغانستان وأنها تتمتع بسيطرة قوية.

ويعتبر الرئيس بايدن والكونجرس على حق بالنسبة لتمويل أوكرانيا. وسوف يكون من غير المعقول اقتراح أي مسؤول في واشنطن أو الغرب تمويل المناطق التي تحتلها روسيا باسم تخفيف المعاناة التي سببها الروس أنفسهم. ومع ذلك سوف يكون من الجنون بالمثل ضخ عشرات الملايين من الدولارات إلى نظام طالبان باسم المعونات الانسانية. وقد تكون دوافع المانحين نقية، لكن المال لا يحقق اهدافه. فطالبان تسرق الأموال وتحولها لحسابها. وعلى الأقل تساعد هذه الأموال طالبان على تعزيز سيطرتها.

وهناك حاجة لأن تمول الولايات المتحدة مسعود والمقاومة الأفغانية بقوة، فنجاح مسعود واضح للعيان. فقد حان الوقت لترك طالبان تفشل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved