هل قلة الحركة تسبب السمنة؟.. دراسة حديثة تكشف الحقيقة
آخر تحديث: الأحد 20 يوليه 2025 - 10:14 ص بتوقيت القاهرة
رنا عادل
لطالما ساد اعتقاد بأن قلة الحركة وقضاء ساعات طويلة أمام المكاتب أو الشاشات في المجتمعات الأكثر تقدما، هي السبب الرئيسي وراء ارتفاع معدلات السمنة، بينما يظل الأشخاص في الدول الأقل تقدما أكثر نحافة بسبب نشاطهم الدائم وحركتهم المستمرة. ولكن دراسة حديثة نشرتها مجلة PNAS أعادت النظر في هذه الفكرة السائدة، لتكشف لنا السبب الحقيقي وراء انتشار السمنة في عالمنا اليوم.
-الدراسة التي غيرت الفكرة السائدة عن السمنة
اعتمدت الدراسة على بيانات دقيقة حول معدلات الأيض وحرق السعرات الحرارية لدى أكثر من 4200 رجل وامرأة من 34 دولة حول العالم، تتراوح ظروفهم المعيشية من قبائل إفريقيا إلى موظفين في مكاتب أوروبية، باستخدام تقنية "الماء المزدوج الموسوم"، التي تعد المعيار الذهبي لقياس الطاقة المستهلكة في الجسم بدقة عالية. وتعتمد هذه التقنية على شرب الشخص كمية محددة من ماء يحتوي على نظائر مستقرة وغير مشعة من الهيدروجين والأكسجين، ثم يقيس العلماء خلال فترة معينة كمية هذه النظائر التي يطرحها الجسم عبر البول أو اللعاب أو الدم، لمعرفة عدد السعرات الحرارية التي يحرقها الشخص بشكل دقيق أثناء ممارسة حياته اليومية.
وكانت المفاجأة أن الأشخاص في الدول المتقدمة مثل أمريكا وأوروبا يحرقون يوميا تقريبا نفس كمية السعرات الحرارية التي يحرقها الصيادون وجامعو الثمار في إفريقيا أو المزارعون في بوليفيا أو الرعاة في سيبيريا، بالرغم من اختلاف نمط حياتهم وعدد ساعات حركتهم.
-نظرية جديدة حول عمل الأيض في أجسامنا
تدعم نتائج هذه الدراسة نظرية "النفقات الكلية المحدودة للطاقة" التي اقترحها البروفيسور هيرمان بونتزر من جامعة ديوك، والتي تفيد بأن أجسامنا تراقب بعناية كمية الطاقة التي تستهلكها يوميا وتحافظ عليها ضمن نطاق محدد، حتى لو قمنا بزيادة نشاطنا البدني لفترات طويلة مثل التدريبات الشاقة أو المشي لمسافات طويلة، فإن الجسم يقلل من استهلاك الطاقة في عمليات أخرى داخلية للحفاظ على معدل ثابت تقريبًا.
-السبب الحقيقي للسمنة
تشير الدراسة إلى أن السبب الأساسي وراء أزمة السمنة الحالية لا يتمثل في قلة الحركة، بل في الإفراط في تناول الطعام، وخاصة الأطعمة الخاطئة. فقد وجد الباحثون أن زيادة تناول السعرات الحرارية تساهم في أزمة السمنة الحالية بمعدل أكبر بـ10 مرات من تأثير قلة النشاط البدني.
كما أوضحت الدراسة أن تناول "الأطعمة فائقة التصنيع"، وهي المنتجات الصناعية التي تحتوي عادة على 5 مكونات أو أكثر، يلعب دورا كبيرا في زيادة معدلات السمنة، حيث يرتبط ارتفاع نسبة هذه الأطعمة في النظام الغذائي بزيادة الدهون في الجسم بشكل واضح.
-هل يعني ذلك أن التمارين الرياضية غير مهمة؟
وأكد الباحثون أن هذه النتائج لا تقلل من أهمية النشاط البدني والتمارين الرياضية للصحة العامة، فهي ضرورية لصحة القلب والأوعية الدموية وتقوية العضلات وتحسين الصحة النفسية، لكنها ليست الأداة الأساسية لعلاج السمنة. بل إن الخطوة الأهم في مكافحة السمنة تكمن في تعديل النظام الغذائي وتقليل الاعتماد على الأطعمة فائقة التصنيع.
-الغذاء قبل الحركة لمواجهة السمنة
وأوضحت هذه الدراسة أن مواجهة السمنة تتطلب إعادة النظر في أولوياتنا الصحية، إذ إن التركيز على النظام الغذائي ونوعية الأطعمة المستهلكة يأتي في المقدمة إذا أردنا حقا علاج هذه الأزمة العالمية، في حين يظل النشاط البدني جزءا مهما من أسلوب الحياة الصحي، لكنه وحده لا يكفي في معركة إنقاص الوزن.