يوميات ثورة 1919 (21): كيف كانت الثورة في دمياط؟ ومن الذي عينه الاحتلال لتثبيت الحماية؟‎

آخر تحديث: الخميس 21 مارس 2019 - 4:25 م بتوقيت القاهرة

هاجر فؤاد:

تواصل «الشروق» على مدار شهر مارس، عرض يوميات ثورة 1919، التي اندلعت أولى مظاهراتها في 9 مارس بالتحديد، وذلك لاطلاع الأجيال الشابة على أحداث هذه الثورة التي تعتبر أول حراك شعبي سياسي واجتماعي في تاريخ مصر الحديث، شاركت فيه كل فئات وطوائف المجتمع.

الكتاب الذي نعتمد عليه لاسترجاع هذه الأحداث هو «تاريخ مصر القومي 1914 -1921» للمؤرخ الكبير عبدالرحمن الرافعي، الذي يروي في قسم كبير منه يوما بيوم حالة مصر بعاصمتها وأقاليمها وشوارعها وجامعتها في فترة الثورة.

***************

كان يوم الجمعة 21 مارس 1919، يوما مشهودا في دمياط، فخرجت المدينة عقب صلاة الجمعة في مظاهرة عظيمة تهتف بحياة مصر والاستقلال وسعد زغلول، كما كانت العادة تصدت لها قوة كبيرة من الإنجليز؛ لتفريق المتظاهرين بالقوة ومنع استمرارهم في السير.

وفشلت كل محاولات الجنود الإنجليز ولم يستطيعوا تشتيت هذه الجموع الحاشدة وإخماد المظاهرة، ولما لم يفلح مأمور البندر في تفريق هذه الآلاف فأخرج مسدسه من جيبه ولوح به في وجوههم مهددا بإطلاق النار، فانبرى له أحد زعماء المتظاهرين ويدعى الحاج أحمد عمر، وانتزع منه المسدس وأنزله عن صهوة جواده، فانضم إليه بعض المتظاهرين في شجاعة وانهالوا عليه ضربا.

واستمرت المظاهرة في طريقها ومرت من أمام البندر، فأطلق عليهم أحد رجال الإدارة الرصاص فتوفي اثنين في الحال أحدهما تاجر يدعى محمد رجب الشهاوي، والآخر عوض حسين العباسي المراكبي، وأصيب غيرهما بإصابات طفيفة غير قاتلة.

وصدرت الأوامر بمنع التجول وبإطلاق النار على أي شخص يسير في الشوارع، وسارت الدوريات مسلحة بكافة الأسلحة، وقتلت أحد المارة وهو في طريقه لسوق الخضار يدعى محمد الدنون، كما صدرت أوامر مشددة بعدم الاحتفال بتشيع جنازة هؤلاء الشهداء فوراهم أهلوهم من غير أي احتفال.

وقبض البوليس على عدد من الأفراد وقدموا للمحاكمة العسكرية وهم: الحاج أحمد عمر، وعبد السلام الحلو، ومحمد شحاتة، وأمين المعداوي، وعوض زغلول، ومصطفى النحاس، الطالب بالمعهد الديني، فحكم على الأول بالسجن 5 سنوات، قضى وسنة واحدة في سجن الزقازيق ثم توفي داخل محبسه.

وحكم على الثاني بالسجن 3 سنوات وتوفي بعد أن قضى عاما ونصف في سجن طنطا، وشيعت جنازته من محطة دمياط إلى قبره في احتفال رهيب بعد إجراء التصريح بنقله، أما الثالث حكم عليه بعامين قضاهما في سجن المنصورة.

وبعد مظاهرة الجمعة، قامت عدة مظاهرات أخرى تختلف عنها فلم تسفك فيها دماء، واشتركت فيها دمياط وجميع بلدان الشطوط، بعلمائها وتجارها ومحاميها وطلبتها وموظفيها وعمالها، مطالبين بالاستقلال، مناديين بالحرية.

تعيين أللنبي رجل الحرب والقتال:

في نفس اليوم تم تعيين الجنرال أللنبي، مندوبا ساميا فوق العادة في مصر والسودان بدلا من السير ونجت، الذي غادر مصر في 21 يناير، أذيع نبأ تعيين أللنبي، في بيان رسمي جاء فيه أنه:

«بسبب خطورة الحالة في القطر المصري ولغياب نائب الملك فيها عن مركزه عين الجنيرال أللنبي مندوبا ساميا فوق العادة لمصر والسودان، ووكل إليه أن يقوم بالسلطة العليا في جميع المسائل العسكرية والملكية، وأن يتخذ جميع الوسائل التي يرى ضرورتها ومناسبتها حتى يعيد القانون والنظام في هذه البلاد، وحتى يدير جميع الشئون إذا لزم الأمر ناظرا إلى ضرورة تأييد حماية جلالة الملك على القطر المصري على قاعدة ثابتة عادلة».

وتدل صيغة البيان على أن الحكومة البريطانية، برغم الثورة، كانت مصرة على توكيد الحماية وتثبيتها، كما أن اختيار الجنرال أللنبي بالذات يدل على اتجاهها لقمع الثورة وتوكيد الحماية وتثبيتها، فأللنبي قبل كل شيء رجل حرب وقتال، لا رجل صلح وسلام، فهو القائد العام للجيوش البريطانية في مصر منذ يونيه 1917، وتولى قيادة حملة الحلفاء في فلسطين وسوريا، وذاعت شهرته العسكرية بفضل الانتصارات التي نالها في تلك الحملة.

وغدا حلقة جديدة.....

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved