باكستان تتسبب في عرقلة الانتصارات العالمية ضد شلل الأطفال بعد نجاح إفريقيا

آخر تحديث: الأربعاء 21 أكتوبر 2020 - 2:13 م بتوقيت القاهرة

(د ب أ)

يعتبر أكثر ما يندم عليه رؤوف خان في حياته هو أنه لم يفتح باب منزله عندما طرقه موظفو الصحة المعنيون بمكافحة مرض شلل الأطفال.

ويحمّل الرجل 40 عاما، وهو أب لخمسة أبناء ويعيش في مدينة بيشاور بشمال غرب باكستان، نفسه مسؤولية معاناة ابنته الصغرى التي أصيبت بشلل الأطفال.

وقال خان بشأن ابنته نيدا رؤوف 20 شهرا والتي تم تشخيص إصابتها بالمرض في ديسمبر الماضي: "كدت أن أموت من الصدمة عندما علمت أن ابنتي لن تمشي أبدا".

ويشار إلى أن نيدا طريحة الفراش حاليا ولا يوجد فرصة لكي تشفى من المرض.

وقد أضاعت عائلة خان فرصة حصول ابنتهم على التطعيم الدوري، لأنهم كانوا يسافرون بين مسقط رأسهم في المناطق القبلية السابقة في البلاد ومدينة بيشاور التي يعيشون بها الآن.

وهناك ما يقرب من 300 ألف من موظفي الصحة الذين يقومون بصورة روتينية بتنظيم حملات تطعيم من الباب إلى الباب، بتمويل من الأمم المتحدة، لإعطاء اللقاحات المضادة لشلل الأطفال لكل طفل دون سن الخامسة، في إطار الجهود العالمية المبذولة من أجل القضاء على المرض.

وتعد باكستان واحدة من آخر دولتين ينتشر فيهما شلل الأطفال، إلى جانب دولة أفغانستان المجاورة، وذلك بعد استئصاله من القارة الأفريقية هذا العام.

وكانت الدولة الواقعة في جنوب آسيا، والتي يبلغ تعدادها السكاني نحو 220 مليون نسمة، قد أوشكت على القضاء على المرض في عام 2017، عندما تم تسجيل ثماني حالات إصابة جديدة فقط خلال العام بأكمله.

وقد تم الترحيب بتراجع أعداد الاصابات، بوصفه إنجازا، بالمقارنة مع تسجيل 306 حالات إصابة في عام 2014، وهو العام الذي بدأت فيه البلاد في شن سلسلة من الهجمات العسكرية ضد المتشددين الإسلاميين.

ويشار إلى أن المتشددين التابعين لحركة طالبان، قتلوا منذ عام 2012 أكثر من 80 من العاملين في مجال الصحة ومن أفراد قوات الأمن الذين يقومون بحراستهم، وقالوا إن التطعيم ما هو إلا مؤامرة من جانب الغرب بغرض إصابة المسلمين بالعقم.

ومن جانبه، قال الدكتور سافدار رنا، الذي يقود معركة باكستان ضد المرض، قبيل انطلاق فعاليات "اليوم العالمي لشلل الأطفال" الذي يحل يوم السبت الموافق الرابع والعشرين من تشرين أول/أكتوبر الجاري: "لقد كانت هذه أكبر عقبة".

ويخشى رنا وفريق الخبراء الذي يعمل معه، من عودة ظهور المرض مثلما حدث في عام 2019، عندما تم تسجيل 147 حالة إصابة جديدة، مما دفع منظمة الصحة العالمية إلى نصح باكستان بإعلان حالة طوارئ صحية.

وحذرت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة باكستان في أواخر العام الماضي من أنه من الممكن أن يتحول شلل الأطفال إلى وباء من جديد.

وازداد الأمر سوءا هذا العام عندما أدى تفشي جائحة كورونا إلى إجبار باكستان على تعليق حملات التطعيم لعدة أشهر.

وقد تم تسجيل نحو 80 حالة إصابة جديدة بالمرض خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، كما أن هناك مخاوف من أن تتجاوز أعداد الاصابات الأرقام التي تم تسجيلها في عام 2019 عندما تم تجميع البيانات السنوية الموحدة.

وأوضح رنا أن عودة ظهور المرض يعود جزئيا إلى معارضة رجال الدين المسلمين، وأيضا بسبب الانتقال السياسي الذي حدث في عام 2018، عندما تولت حكومة جديدة سلطة البلاد.

وقال رنا في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) في مكتبه بالعاصمة إسلام آباد، إن "الزخم الذي كان لدينا في الأعوام السابقة، انكسر بسبب صرف التركيز بعيدا عن مكافحة المرض بسبب الانتقال (السياسي) ".

وأشار رنا إلى أنه مع انحسار انتشار فيروس كورونا إلى حد ما في باكستان، تم استئناف حملات التطعيم من الباب إلى الباب بداية من شهر أيلول/سبتمبر الماضي، حيث تستهدف تطعيم ما يقرب من 40 مليون طفل.

وقال إن المسؤولين من باكستان وأفغانستان يقومون بالتنسيق فيما بينهم بصورة منتظمة، للتأكد من حصول أطفال العائلات التي تسافر كثيرا عبر الحدود التي سهل اختراقها، على التطعيم.

ومازالت المناطق الواقعة على الحدود بين باكستان وأفغانستان، تشكل تحديا خاصا بسبب حركة التنقل الكبيرة، وتهديدات المسلحين، ومعارضة رجال الدين المؤثرين.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved