أشرف العشماوي لـ«الشروق»: لا قيمة لقوانين لا يتم تطبيقها ولا أهمية لاتفاقيات نتشدق بها في المؤتمرات

آخر تحديث: الجمعة 22 يناير 2021 - 6:23 م بتوقيت القاهرة

حوار ــ شيماء شناوي:

♦ على المؤلف التفرغ لإبداعه وليس الدخول فى صراعات للدفاع عن حقه تلك مهمة الناشر والشرطة
♦ إذا لم تعرف الشرطة أماكن مزورى الكتب يمكننى أن أدلهم
♦ منح ترخيص للمطبعة عن طريق المصنفات واتحاد الناشرين يقضى على التزوير
♦ غلق الموقع الإلكترونى وتغريم صاحبه مليون جنيه وووقفه 5 سنوات يقضى على القرصنة
♦ الطبعات الشعبية لن تفلح مع جشع المزورين سلمنا بائعى «الفرش» طبعة بـ10 جنيهات زوروها وباعوها بضعف الثمن
♦ تعزيز ثقافة احترام حقوق الملكية الفكرية فى مصر أشبه بمستحيل «الغول والعنقاء»
♦ لا يمكن اعتبار القارئ متهما لو اشترى غير الأصلى والحديث عنه قبل عقاب المزور عبث
♦ نتعامل مع حقوق الملكية الفكرية بل القراءة أنها من قبيل التسلية والترفيه
♦ دور النشر الجادة الأكثر تضررًا ومبادراتهم فى السنوات الـ10 الأخيرة «لا حياة لمن تنادى»
♦ المزورون يسيطرون على السوق بأكثر من 50% ومشاركتهم بمعارض الكتاب عبث
♦ لا تلوموا القضاة فهم يطبقون ما يوافق عليه البرلمان من قوانين وتشريعات
♦ تزوير الحقوق وسرقتها والتعدى عليها جريمة من الدرجة الأولى
♦ على الحكومة أن تعى أن هناك مهنة مهددة بالانقراض بسبب التزوير
♦ يجب إشراك اتحاد الناشرين فى إنفاذ القانون بنص واضح والأخذ بتوصياتهم كخبراء بشأن الكتب المزورة فى النيابات والمحاكم

أشبه بالمتاهة.. هكذا يبدو مشهد حماية حقوق الملكية الفكرية وصناعة الكتاب فى الوطن العربى خلال السنوات الأخيرة، صراع دائم ومشكلات تتفاقم لا يلوح فى الأفق القريب بشائر حلها، ووضع مأزوم لم تعانى مثله صناعة النشر فى مصر نتيجة لجرائم القرصنة وتزوير الكتب والانتهاك الصارخ لحقوق الملكية الفكرية من قبل مجموعة من المزورين يمارسون دورهم فى خنق صناعة النشر والثقافة بأصابع باردة على مرأى ومسمع من الجميع وعلى مدار عقود فائتة.

فى السطور التالية حوار لـ«الشروق» مع الكاتب والمستشار أشرف العشماوى، يروى فيها تجربته فى مواجهة مزورى الكتب، ويكشف الخطوات التى نحتاجها للحد من استباحة حقوق الملكية الفكرية، وكيف يرى سيطرة مزورى الكتب على سوق النشر المحلية والإقليمية على حساب دور النشر الأصلية، ويعرض رؤيته للتشريعات التى نحتاجها لنرى العقاب على قدر الجريمة؟ وغير ذلك الكثير فى ثنايا هذا الحوار:

♦ كيف يواجه المؤلف العدوان الصارخ على حقه الإبداعي؟
ــ المؤلف ليس مطلوبًا منه أن يدافع عن حقه الإبداعي؛ تلك مهمة الشرطة والناشر، وليس مهمة أى كاتب. أنا كروائى مطلوب منى التفرغ لإبداعى وغير منطقى أن أدخل فى صراعات وقضايا للدفاع عنه إذا ما تعرضت لسرقة أو تزوير. من المفترض هنا أن يقوم ناشرى بتوكيل محام للدفاع عن حقوقى وحقوقه، وأن تعمل الشرطة على ضبط المزورين التى تعرف أماكنهم جيدا، وإذا لم تكن تعرفها يمكننى بجولة بسيطة فى شوارع القاهرة والإسكندرية لمدة يوم واحد فقط أن أدل البوليس عليهم.

♦ ما الخطوات التى نحتاجها للحد من استباحة حقوق الملكية الفكرية إلكترونيًا بذريعة تحصيل المعرفة؟
ــ الحل يكمن فى خطوة واحدة هى تفعيل اتفاقية «الوايبو»، لحماية الملكية الفكرية، لا يكفى أن يتم سن القانون طالما لا يتم تطبيقه ولا يتم تفعيله من جهات إنفاذ القانون، ولا قيمة للاتفاقية إذا ما تشدقنا بها فى المؤتمرات والأحاديث الصحفية. باختصار حتى لا ندخل فى متاهة المصطلحات القانونية وثنايا الاتفاقيات الدولية إذا ما وقعت جريمة إلكترونية يتم غلق الموقع، وتغريم صاحبه ومديره مليون جنيه على الأقل وحرمانه من ممارسة أى عمل مماثل لمدة خمس سنوات ولو تحايل وفعلها عن طريق آخرين كستار له يتم توقيع عقوبة الحبس عليه لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات. «المزور يخاف ولا يختشي».

♦ هل طباعة نسخ شعبية تحد من شراء الكتب المزورة؟
ــ موضوع طباعة نسخة شعبية أو اقتصادية للأسف لم يفلح مع جشع المزورين.. دعينى أحكى لك قصة قصيرة حزينة، فى عام 2013 تعرضت روايتى «البارمان» لتزوير أشبه بإعصار تسونامى، آلاف النسخ كل شهر، فعقد ناشرى محمد رشاد رئيس مجلس الدار المصرية اللبنانية محمد رشاد، اتفاقا مع بائعى الفرش بوسط البلد على تسليمهم طبعة اقتصادية بسعر عشرة جنيهات فقط للنسخة والباقى مكسب وكانت تباع بعشرين وأحيانا ثلاثين، بمعنى مكسب يفوق المائة بالمائة لكن بعد شهر واحد قاموا بتزوير الطبعة الاقتصادية وباعوها بضعف سعرها. ولهذا أقول لا فائدة من التعاون مع مزور فى رأيى ومن آمن العقاب أساء الأدب وهذا ما حدث ويحدث للأسف.

♦ كيف نعزز ثقافة احترام حقوق الملكية الفكرية فى المجتمع؟ وبرأيك لماذا يزال الوعى بها غائب فى مجتمعاتنا العربية؟

تعزيز ثقافة احترام حقوق الملكية الفكرية فى مصر أشبه بمستحيل «الغول والعنقاء» فى تقديرى أولا الظروف الاقتصادية بالكاد تسمح للقارئ بشراء كتاب ولا يمكن اعتبار القراء متهمين أو جناة لو اشتروا كتبا مزورة أنا أراهم الطرف الأضعف فى المعادلة وأى حديث عنهم قبل عقاب المزورين، وتعفيل القوانين وتشديد العقوبات، وأخذ الأمر بجدية سيكون نوعا من العبث.

لا يمكن أن أحاسب القارئ أو أعاتبه أو أقول له «فليكن عندك وعي» وكل ما حوله مزيف. الوعى الجمعى يتشكل عبر سنين، وبوجود قدوة وقوانين نحترمها ورجال يعملون على تنفيذها باعتبار أن كل مهمة موكلة لهم هى الأهم لكن للأسف حتى الآن نحن نتعامل فى مصر وبعض الدول العربية على أن حقوق الملكية الفكرية بل مع القراءة نفسها أنها من قبيل التسلية والترفيه وتوافه الأمور. لا يمكننى الحديث عن وعى جمعى بلا قدوة وبلا تقدير من الحكومة.

♦ حماية حقوق الملكية فكرية تتطلب جهودًا مشتركة من المؤلفين والناشرين وأصحاب المطابع وسائر الأطراف المعنية للكتاب.. برأيك لماذا لا يتم ذلك؟
إذا تحدثنا عن جهود مشتركة من ناشر ومؤلف وصاحب مطبعة للحد من التزوير فأظن أننا سنكون كمن يحرث فى بحر. فببساطة هناك مؤلف يزور أعماله بغرض الانتشار والشهرة وهناك صاحب مطبعة لا علاقة له بالنشر سوى أن السيدة المصون حرمه تنشر الغسيل كل صباح، وهناك ناشر رأى أن هذه المهنة سوف تدر دخلًا إذا ما احتال على مغفل ممن يظنون أنفسهم كُتابا ومؤلفين ويحصل منه على بضع الآف ليطبع له مئة نسخة وكان الله بالسر عليم. إذًا كيف نريد من هذا المثلث أن ينتفض ضد التزوير.

المتضرر من التزوير هم دور النشر الجادة والحقيقية التى تعمل فى هذه الصناعة منذ عشرات السنين مثل «الشروق والمصرية اللبنانية ونهضة مصر ومؤخرًا الكرمة» وبالطبع هناك ناشرون محترمون للغاية غيرهم لكن التفاحة الفاسدة كثيرة ومنتشرة ولا يمكن لهؤلاء أن يقومون لوحدهم بمقاومة التزوير. مع أنهم بالفعل حاولوا خلال العشر سنوات الماضية، وكانت كل المبادرات أما من الشروق أو المصرية اللبنانية أومن كتابهم ومؤلفيهم لكن لا حياة لمن تنادى. لن نستطيع أن نفعل شيئا أمام قوانين ضعيفة وعدم جدية من الحكومة.

♦ كيف ترى سيطرة مزورى الكتب على سوق النشر المحلى والإقليمى على حساب دور النشر الأصلية؟
فى رأيى أن المزورين مسيطرين على السوق سواء إليكترونيًا أو واقعيا بنسبة تفوق الخمسين بالمائة. أنا شخصيًا تم تزوير كل رواياتى وضبطت شحنات بالآف الكتب فى الموانئ البحرية والجوية خلال الأعوام الماضية كلها لرواياتى مصدرة للدول العربية وبعض المزورين يشارك فى معارض الكتاب وهو أهم فصل فى المسرحية العبثية التى نشهدها فى سوق تزوير الكتب، وهنا اتحدث فقط عن نفسى فما الحال وهناك عشر مؤلفين غيرى بالمصرية اللبنانية، يتم تزوير أعمالهم وهناك مثلهم فى دار الشروق، والكرمة، ونهضة مصر، والرواق، وكيان، ودون، ونون، وغيرها من دور النشر. هذه سوق كبيرة للغاية وهذه تجارة أشبه بتجارة المخدرات لا يمكن أن تتوقف فى يوم وليلة الأمر يحتاج لسنة على الأقل بشرط أن نبدأ.

فى رأيى أن الحل الوحيد للحد من التزوير هو إعطاء ترخيص للمطبعة عن طريق المصنفات الفنية واتحاد الناشرين معا. بحيث لا يسمح باستيراد مطبعة رقمية لأى شخص إلا بترخيص محدد وله رقم وغاية أعرف منه سبب الإستخدام وأتابعه.

المطبعة تتكلف نصف مليون جنيه لو تم التحفظ عليها فى كل ضبطية قضائية لكتب مزورة سيتوقف التزوير. لكن أن يُحقق مع مزور ويفرج عنه بكفالة مائتى جنيه أو يحصل على حكم غيابى بالحبس لشهر أو شهرين أو حتى حضورى فلن نحقق شيئا مع قوانين ضعيفة، ولا تلوموا القضاة فهم يطبقون ما يوافق عليه البرلمان من قوانين وتشريعات، أيضًا لابد من الحزم مع المزور ومنعه من مزاولة المهنة فى بيع الكتب أو توزيعها ومصادرة الماكينات وإعطائها رخصة من البداية مثل السيارات لمراقبة استعمالها ولا يرخص بها لشخص لا ينتمى لمهنة النشر من الأساس والدخلاء على المهنة كثيرون.

♦ ما التشريعات التى نحتاجها لنرى العقاب على قدر الجريمة؟
لا بد أن تكون العقوبة رادعة بالسجن فتزوير الحقوق وسرقتها والتعدى عليها والمشاركة فيها جريمة من جرائم الدرجة الأولى وليست من توافه الأمور كما يراها البعض عندما يجلس على مقهى بوسط البلد ويسحب نفسا من الشيشة واضعًا ساقا فوق أخرى وهو يقول بلامبالاة «وأيه يعنى تزوير كتاب المهم يتقري».

لابد أن يفعّل دور اتحاد الناشرين وأن يتم اشراكهم فى إنفاذ القانون بنص واضح والأخذ بتوصياتهم كخبراء بشأن الكتب المزورة فى النيابات والمحاكم وأخيرًا أن تعى الحكومة أن هناك مهنة مهددة بالإنقراض بسبب التزوير. وقتها سيتشكل وعى حقيقى لدى القراء ولن يشاركوا فى هذه الجريمة وإلى أن يحدث هذا علينا أن لا نلوم القارئ.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved