بعد 7 سنوات من خطط الإنقاذ.. اليونانيون يغوصون فى مستنقع الفقر

آخر تحديث: الأربعاء 22 فبراير 2017 - 10:00 م بتوقيت القاهرة

رويترز:

لم يخطر على بال ديميترا حتى بعد أن بلغت سن التقاعد أن ظروف الحياة قد تدفعها لقبول معونات غذائية تتمثل فى بعض الأرز وكيسين من المكرونة وكيس من الحمص وبعض التمر وعلبة من الحليب فى الشهر.
أصبحت ديميترا (73 عاما) واحدة من عدد متزايد من اليونانيين الذين يدبرون أحوالهم بصعوبة وهى التى كانت تساعد المحتاجين متطوعة فى الصليب الأحمر للعمل فى تقديم الطعام.
فبعد سبع سنوات من خطط الإنقاذ انهالت فيها المليارات على البلاد لم يطرأ أى تحسن على مستوى الفقر بل إنه يزداد سوءا بدرجة ليس لها مثيل فى أى دولة أخرى من دول الاتحاد الأوروبى.
تقول ديميترا: «لم يخطر ذلك أبدا على بالى. عشت حياتى باقتصاد. لم آخذ إجازة. لا شىء. لا شىء على الإطلاق». وامتنعت عن ذكر بقية اسمها خشية الوصمة التى ترتبط فى الأذهان بقبول المعونات فى اليونان.
والآن تنفق ديميترا أكثر من نصف دخلها الشهرى البالغ 332 يورو (350 دولارا) على إيجار شقة صغيرة فى أثينا. والباقى تنفقه على فواتير خدمات المرافق الأساسية.
دفعت الأزمة المالية العالمية وتداعياتها 4 من دول منطقة اليورو للجوء إلى مؤسسات الإقراض العالمية. وخضعت كل من أيرلندا والبرتغال وقبرص لخطط إنقاذ وخرجت من أزمتها وعاد اقتصادها ينمو من جديد.
أما اليونان التى كانت أول دولة من الدول الأربع تطبق خطة إنقاذ عام 2010 فقد احتاجت ثلاثا من حزم الإنقاذ.
أنقذت أموال هذه الحزم التى دفعها الاتحاد الاوروبى وصندوق النقد الدولى اليونان من الإفلاس غير أن سياسات التقشف والإصلاح التى اشترطها المقرضون ساعدت فى تحويل الركود إلى كساد.
وقد حاول رئيس الوزراء اليكسيس تسيبراس الذى تتراجع شعبية حكومته ذات القيادة اليسارية فى استطلاعات الرأى، أن يجعل من محنة اليونانيين صرخة استغاثة فى أحدث جولة من المفاوضات الطويلة مع المقرضين الذين يعطلون الإفراج عن المزيد من المساعدات.
وقال رئيس الوزراء هذا الشهر: «علينا جميعا أن نتوخى الحرص تجاه بلد تعرض للنهب وقدم شعبه ومازال يقدم تضحيات كثيرة باسم أوروبا».
وتمثل جانب كبير من أموال المساعدات الطائلة فى صورة ديون جديدة لسداد ديون قديمة. لكن بغض النظر عن المسئول عن انهيار مستويات المعيشة فإن أرقام الفقر من وكالة الإحصاء التابعة للاتحاد الاوروبى (يوروستات) مروعة.
وليست اليونان بأفقر الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى فمعدلات الفقر أعلى فى بلغاريا ورومانيا. غير أن اليونان تأتى بعدهما مباشرة فى المركز الثالث وتبين بيانات يوروستات أن 22.2 % من السكان «تعرضوا لعوز شديد» فى 2015.
وفى حين أن الأرقام شهدت انخفاضا حادا فى دول البلقان فيما بعد العهد الشيوعى ــ إذ بلغ الانخفاض نحو الثلث فى حالة رومانيا ــ فقد تضاعف المعدل فى اليونان تقريبا منذ عام 2008 وهو العام الذى تفجرت فيه الأزمة العالمية. وعموما فقد انخفض المعدل على مستوى الاتحاد الأوروبى من 8.5 % إلى 8.1 % فى تلك الفترة.
وتتضح الصورة الواقعية لهذه الإحصاءات فى أماكن مثل بنك الطعام الذى تديره بلدية أثينا حيث تتسلم ديميترا معوناتها الشهرية.
فأمام هذا البنك وقف عشرات من اليونانيين فى وقار وكل منهم يحمل بطاقة فى يده للحصول على حصته. وكلهم مسجلون فى قائمة من يعيشون دون حد الفقر البالغ 370 يورو شهرى.
قالت إيلينى كاتسولى المسئولة بدار البلدية التى تتولى إدارة المركز «الاحتياجات هائلة».
وتوضح أرقام بنك الطعام الذى يخدم منطقة وسط أثينا أن الاتجاه على المستوى المحلى مماثل للاتجاه الذى أوضحته بيانات يوروستات. فقد قالت كاتسولى إن عدد الأسر المسجلة فى البنك يبلغ نحو 11 ألف أسرة ــ 26 ألف شخص ــ ارتفاعا من 2500 فقط فى عام 2012 ومن 6000 فى 2014، ويشمل هذا العدد 5000 طفل.
وكان كثير من الأرفف والثلاجات التى يتم تخزين الطعام فيها فارغا. فما يتم توزيعه يتوقف على ما يتبرع به رعاة المركز وهم من الشركات التى تعانى هى نفسها فى كثير من الأحيان.
وقالت كاتسولى: «نشعر بالقلق لأننا لا نعلم ما إذا كنا سنقدر على تلبية احتياجات هؤلاء الناس. فهناك أسر عندها أطفال صغار وفى بعض الأيام لا نجد حتى الحليب لنقدمه لهم».
وحثت مؤسسات دولية من بينها منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية الحكومة على إعطاء الأولوية لمعالجة الفقر والتفاوت فى مستويات الدخل.
وقد انخفض معدل البطالة من الذروة التى بلغها عند 28 % من قوة العمل إلى 23% لكن المعدل لايزال الأعلى فى الاتحاد الأوروبى. ومنذ بدأت الأزمة انكمش الاقتصاد اليونانى بمقدار الربع وأغلقت آلاف الشركات ومنشآت الأعمال أبوابها.
والآمال كبيرة أن ينتعش الاقتصاد هذا العام غير أن بيانات صدرت الأسبوع الماضى أظهرت أنه انكمش مرة أخرى فى الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضى بعد نموه فى الربعين السابقين.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved