باحثة آثرية تكشف طقوس احتفال المصريين بليالي «الوقود» و«الإسراء والمعراج»

آخر تحديث: الأحد 22 مارس 2020 - 11:25 ص بتوقيت القاهرة

أ ش أ

أكدت الباحثة الأثرية نادية عبدالفتاح أن الأعياد والاحتفالات الدينية، التي تنبع من تراث الشعوب أو تتصل بدياناته، تعد مؤشرا مهما على مدى تقدم المجتمع، مشيرة الى أن الاحتفالات الدينية للمسلمين في مصر لم تقتصر على شهر رمضان والعيدين فقط ، وإنما كانت هناك مواسم دينية أخرى اتخذ بعضها شكل الاحتفالات العامة.

وقالت الباحثة الأثرية - لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الأحد - "إن من أهم هذه الاحتفالات، الاحتفال بـ"ليالي الوقود"، وهي أربع ليالي في الشهور الهجرية، وتشمل أول شهر رجب ونصفه، وأول شعبان ونصفه، وليلة الإسراء والمعراج.. موضحة أن أصل فكرة ليالي الوقود يعود، حسب ما ذكره المقريزي، لخلافة سيدنا عمر بن الخطاب، حيث كان أهل مكة يوقودن النار ليلة المحرم حتى يوضحوا الطريق للحجيج، فأقتبس الفاطميون هذه العادة للاحتفال بهذه الليالي بإضاءة المساجد بالأنوار الساطعة".

وأضافت أنه في ذلك الاحتفال كان قاضي القضاة يخرج نيابة عن الخليفة في موكب يصل إلى القصر الفاطمي والخليفة جالسا على منظرة "قاعدة مرتفعة تساعد الجالس عليها مشاهدة المناظر من جميع الجهات".

وعن تفاصيل الاحتفال بليالي الوقود، قالت "إن هذه الليالي كانت تعد من أبهج الليالي أيام الفاطميين لما ينال فيها الناس من أنواع البر، وما ينال أهل الجوامع من إكرام، فهم يحتفلون بها كاحتفالهم بشهر رمضان، حيث تضاء جميع المساجد بعد الغروب بالتنانير والقناديل والشموع وتحمل الأطعمة والحلوى إليها، ويطوف المبخرون بمباخر من الذهب والفضة، في الوقت الذي تتلى فيه آيات القرآن الكريم، وتوزع الشموع في هذه الليالي على كبار رجال الدولة".

وأضافت أن القاضي كان يخصص 60 شمعة في كل ليلة من هذه الليالي، ويصل وزن الشمعة الواحدة إلى 16 رطلاً، عدا الشموع التي تقدم للمدعوين، حيث يختص كل منهم بشمعة أو شمعتين أو ثلاثة على الأكثر، وذلك على حسب رتبة كل منهم، كما يخصص لجامع عمرو بن العاص في كل ليلة 11 قنطارا من الزيت لإضاءته.

وأوضحت أن الأسواق في هذه الاحتفالات كانت تكتظ بالناس، وقد عمرت بأنواع الأطعمة والحلوى التي تعلق على الحوانيت "الدكاكين" بخيوط ليشاهدها الجميع، خاصة أنواع الحلوى الجافة المصنوعة من السكر على أشكال تماثيل الحيوانات، وكانت تعم أسواق القاهرة والفسطاط والأرياف ويقبل عليها الناس لشرائها.

وبينت أن الموائد في ليالي الوقود كانت تقدم جميعها في أروقة الجوامع والمساجد وتحتوي على جميع الأصناف والحلويات، مثل حلوى "الخشكاننج"، وهو نوع من الحلوى المصنوع من العجين على شكل حلقة مجوفة تحشى باللوز أو الفستق، أو حلوى "البسندود"، والتي تصنع من الدقيق والبلح.

ولفتت الباحثة الآثرية إلى أن هذه العادات ظلت مستمرة للاحتفال بهذه المناسبات في العصر المملوكي، مع إضافة بعض العادات الجديدة، ومنها أن يقوم الناس بمهاداة أقاربهم وأصهارهم بهذه الحلوى، وفي المساء يجتمع الناس رجالا ونساء حول القراء والمنشدين الذين يقرأون القرآن وينشدون الأغاني الدينية احتفالا بهذه المناسبة.

وبالنسبة للاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، فقالت "إن المسلمين كانوا يجتمعون في أكبر مساجد المدينة، رجالا ونساء، وتعلق في أرجاء المدينة الفوانيس والشموع، ويفرش البسط والسجاد داخل المساجد ويوضع عليها الأواني والأباريق التي امتلأت بالمشروبات، ويستمعون إلى مشاهير قراء عصرهم وهم يرتلون آيات القرآن الكريم".

ونوهت بأن هذه العادات ظلت مستمرة حتى العصر العثماني، إلا أن بعض الأطعمة العثمانية دخلت على ثقافة المجتمع المصري لتقدم في هذه المناسبات، مثل الأرز باللبن وحلوى الزردة "أرز عليه عسل أبيض وزعفران" حيث يملأون منها قصعا كثيرة للفقراء، ويجتمع في كل بيت الكثير من الفقراء فيتم تفريق الخبز عليهم، ويأكلوا من الأرز باللبن والزردة حتى الشبع.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved