#قصة_أثر (10).. معبد دندور.. أهداه عبدالناصر لأمريكا لينبض بين جنبات المتروبوليتان

آخر تحديث: الخميس 22 أبريل 2021 - 3:31 م بتوقيت القاهرة

منال الوراقي:

يضم العالم في جوفه وظاهره كنوزا أثرية مهيبة وتحفا فنية عديدة، بل ومعالم لم يقل رونقها رغم مرور الزمن، كل منها تحوي وتحمل قصتها وأسرارها الخاصة، فوراء كل اكتشاف ومعلم حكايات ترجع لعصور بعيدة وأماكن مختلفة، على رأسها تلك القطع الفريدة والمعالم التاريخية المميزة في بلادنا، صاحبة الحضارة الأعرق في التاريخ، والتي ما زالت تحتضن أشهر القطع والمعالم الأثرية في العالم.

لذلك، تعرض "الشروق" في شهر رمضان الكريم وعلى مدار أيامه، حلقاتها اليومية من سلسلة "قصة أثر"، لتأخذكم معها في رحلة إلى المكان والزمان والعصور المختلفة، وتسرد لكم القصص التاريخية الشيقة وراء القطع والمعالم الأثرية الأبرز في العالم بل والتاريخ.

بين لندن وبرلين وباريس إلى نيويورك وتورونتو، هناك أكثر من 40 مدينة أوروبية وأمريكية تتزين بالآثار المصرية القديمة، رغم عدم وجود إحصاء رسمي حقيقي لكمية الآثار المسروقة طيلة أكثر من قرن ونصف مضت، لكن الغريب هو وجود معابد أثرية مصرية كاملة أصبحت منتصبة في بلد غير بلده.

• معبد أغسطس الذي خصص لعبادة الآلهة

أحد تلك المعابد المصرية الموجودة خارج مصر، هو معبد دندور، المعبد المصري القديم، الذي بُني في 15 قبل الميلاد، في عهد القيصر الروماني "أغسطس"، الذي خلف كليوباترا السابعة، آخر حكام البطالمة بالبلاد، على أنقاض معبد قديم يعود لعصر الأسرة السادسة والعشرين، قبل أن تدور العصور والأيام ويُهدى إلى نيويورك الأمريكية.

والمعبد، الذي شيد بالقرب من الشاطئ الغربي، وعلى بُعد حوالي 80 كيلومترا إلى الجنوب من أسوان، أمام قرية "دندور"، خُصِص للألهة الكبرى إيزيس وأوزوريس وإلى ولدي حاكم نوبي، كان قد ساعد الرومان في حروبهم مع ملكة مروي في الجنوب، اُعتبرا بطلي حرب وهما "باديسه"، والذي يعنى اسمه عطية إيزيس، و"با حور" والذي يعنى اسمه "عبد حورس"، وفقا لما ذكره عالم الآثار الاسكتلندي، جيمس بيكي، في موسوعة "الآثار المصرية في وادي النيل"، الصادر عام 1994.

شُيد بنقوش ورموز فرعونية أبهرت من يراه، وكان المعبد القديم مُشيدا من الحجر الرملي، على مساحة 25 مترا من البوابة الأمامية إلى الخلف، وبطول 8 أمتار من أعلى حتى أدنى نقطة به، وزُين المعبد الأثري بنقوش فرعونية مختلفة، فزُينت قاعدته بنقش نبات البردي واللوتس، التي ترمز إلى الإله حابي، وزُينت بوابته بقرص الشمس المجنح، الذي يرمز إلى الإله حورس، أما الحوائط الخارجية، فتصور الإمبراطور أغسطس كفرعون وهو يقدم العطايا إلى الإلهين إيزيس وأوزوريس وولدهما حورس.

• تحول المعبد إلى كنيسة مع انتشار المسيحية

ظل المعبد يستخدم لعبادة الآلهة المختلفة، حتى انتشار المسيحية في مصر، فتحول الجزء الأوسط من المعبد إلى كنيسة زالت آثارها إلا بعض النقوش القبطية، حيث توجد بعض النصوص التي سجلت فوق جدرانه، مكتوبة باللغة القبطية، والتي تتحدث عن تحويل هذا المعبد إلى كنيسة، سُجلت حوالي عام 577 ميلادية، بعدما أوصى بتسجيلها الملك النوبي "أكسيا نومي"، وفق ما ذكره عالم الآثار المصري، عبدالحليم نور الدين، في كتابه "مواقع الآثار اليونانية الرومانية فى مصر"، الصادر عام 2006.

• هدية غير متوقعة ونقله أبهر العالم

لكن، وخلال القرن العشرين، حدث ما لم يكن متوقعا عندما تم نقل المعبد من مكانه الأصلي لإنقاذه من الغرق بعد بناء السد العالي في أسوان، فتقديرا للجهد الذي بذلته الولايات المتحدة الأمريكية في الحفاظ على آثار النوبة من الغرق، تم إهداء معبد دندور إلى الحكومة الأمريكية، عندما وافق الرئيس الراحل جمال عبدالناصر على القرار الوزاري رقم 4647 لسنة 1966.

وفي ديسمبر من نفس العام، قامت الولايات المتحدة بمجهود كبير لنقل المعبد بالكامل من صعيد مصر إلى شوارع نيويورك الأمريكية، فكانت حجارته تزن أكثر من 800 طن، وتم نقله في حوالي 700 صندوق بواسطة شركة شحن أمريكية.

وفى 27 إبريل عام 1967، مُنح المعبد إلى متحف المتروبوليتان الشهير في حي مانهاتن بولاية نيويورك، والذي قام بإجراء تعديل كبير في المتحف أوائل السبعينيات لتشييد جناح جديد يوضع فيه معبد دندور الأثري، الذي أعيد تركيبه بنفس شكله القديم، ليعرض للجمهور في إنجاز عظيم أبهر العالم.

• أشهر وجهات أمريكا الأثرية

واليوم، يعد معبد دندور بمتحف المتروبوليتان، واحدا من أهم معابد العصور القديمة في العالم، التي تضم رسومات تم رسمها بالألوان الحية، تظهر وكأنها حديثة النشأة ولا تعود إلى أكتر من 2000 عام، بل وأصبح يعرف المعبد المصري، الذي يعود تاريخه إلى القرن الأول قبل الميلاد، بينما عمره 50 عاما داخل متحف المتروبوليتان، كأحد أكثر الوجهات شهرة في الجناح الرئيسي بالمتحف الأمريكي، بعد نقله بموجب قرار من الرئيس الأميركي ليندون جونسون.

• أيقونة تحظى باحتفالات أمريكية خاصة

وما زال المعبد يقف كأيقونة تحظى بأهمية خاصة من قبل إدارة المتحف والزائرين، فقبل 4 سنوات، جرى الاحتفال بذكرى مرور خمسين عاماً على نقله إلى المتحف، حيث قام موظفو إدارات حفظ الفن والقطع المصرية بكتابة سلسلة مقالات تتعلق بهذا الأثر، بما في ذلك الزخارف التي تزين جدرانه الخارجية وتصميمه وتاريخه وطريقة نقله من مصر.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved