الحلقة العاشرة | حكايات من مصر.. السنباطي شيخ الأزهر الذي تخطت شهرته المحروسة

آخر تحديث: الخميس 22 أبريل 2021 - 10:29 م بتوقيت القاهرة

عبدالله قدري

لم تعرف مصر نظام مشيخة الجامع الأزهر قبل الفتح العثماني، وكان العثمانيون يهتمون اهتماماً خاصاً بالوظائف الدينية، ولما كان الجامع الأزهر يحتل مركز الصدارة بين المساجد والمعاهد الإسلامية، ويضم جمهرة كبيرة من علماء الإسلام من جميع البلاد الإسلامية، فقد كان طبيعياً أن يكون لشيخه مكانة خاصة، حيث يشير إلى ذلك الكاتب الصحفي الراحل صلاح عيسى "هوامش المقريزي .. حكايات من مصر".

ووفقا لعيسى فإن الشخصيات التي يرجح أنها تولت هذا المنصب في بواكير نشأته الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الحق السنباطي، وكان واعظا بالأزهر ارتفع صيته، ونبه ذكره، ولم يقبل الناس على واعظ قبله كما أقبلوا عليه.

ويقول عنه معاصره الإمام الشعراني: "إنه كان إذا نزل من فوق الكرسي يقتتل الناس عليه، ويذكر أنه كان متفننا في العلوم الشرعية، وله باع طويل في معرفة مذاهب المجتهدين، وإن شهرته تعدت حدود مصر، لتصل إلى الشام والحجاز واليمن، وحتى اسطنبول".

ويضيف عيسى أن الشيخ السنباطي كان شجاعا في الحق، لا يخشى سطوة حاكم ولا جبروت متسلط، وقد حدث أن عين السلطان العثماني - داود باشا، واليا على مصر، فتصدى الشيخ لموكب الوالي وقال له أمام الناس: "إنك رقيق ولا يجوز لك أن تتولى الأحكام ، وأحكامك باطلة ما لم تعتق".

وغضب الوالي غضبا شديدا، وهم بضرب عنق الشيخ بالسيف، لولا أن تدخل الجنود ورفضوا تنفيذ أمره بإعدام الشيخ، بل وأخذوا جانبه وكادت تكون فتنة، واتسعت رقعتها فأرسل الباشا نبأها إلى السلطان الذي اقتنع باعتراض الشيخ، فأنعم على الوالي بالعتق وأرسل يشكر الشيخ.

وسعى الباشا إلى الإمام السنباطی، فقبل أقدامه، وحاول أن يسترضيه بمال أو هبة، فلم يقبل منه شيئا، ومن يومها أصبح لا يرد للشيخ رأياً ولا شفاعة.

ويعقب عيسى: "قد مات الشيخ بعدها بقليل، وقال الإمام الشعراني في ذلك، ولما مات أظلمت مصر لموته وانهدم ركن عظيم من الدين".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved