تاريخ الطعام (17): الكوراع بين الفراعنة والعثمانيين

آخر تحديث: الأربعاء 22 مايو 2019 - 12:50 م بتوقيت القاهرة

عندما يوضع أمامك طبق من الطعام الشهي الذي تفضله وتبدأ في التهامه.. هل فكرت أن وراء هذا الطبق حكاية طويلة تضرب بجذورها أحياناً عبر آلاف السنين؟! فوراء كل نوع طعام يتناوله الإنسان الآن في مصر والعالم قصة لا تقتصر على تطور أدوات وأساليب الصيد والقنص والطهي.. بل يتأثر في محطات عديدة بالتاريخ السياسي والاجتماعي والديني للشعوب.
وفي هذه السلسلة «تاريخ الطعام» الممتدة طوال شهر رمضان المبارك.. تستعرض «الشروق» معكم حكايات أنواع مختلفة من الأطعمة المحلية والإقليمية والعالمية.. وتنشر الحلقة يومياً الساعة 12 ظهراً بتوقيت القاهرة.
-------------------------
الكوارع أكلة لا منطقة وسطى في حبها، إما يعشقها المرء أو يبغضها، أبيض أو أسود ولا رماديات، فهي أكلة ذات مذاق خاص، تحتاج لشخص شجاع يقدم على إمتاع خلايا التذوق لديه بتناولها والتلذذ بها دون ثمة تفكير فيما كانت عليه قبل "سمطها" ويتمتع بصبر يجعله ينتظر حتى يكتمل طهيها، كما يتطلب طهيها خبرة وكفاءة لا تتوافر لكثيرين.

«طبق الكوارع» أو «فتة الكوارع» أو «طاجن الكوارع» ستجده منتشرًا في المناطق الشعبية، وخاصة في منطقتي السيدة زينب والحسين، حيث المحلات التي تتفن وتتنافس في تقديمها مع «فواكه اللحوم» أو بمفردها؛ لأن الكوارع كانت تصنف على أنها أكلة رخيصة الثمن إذا ما قورنت بأسعار اللحوم، كما أنها من الأكلات التي تحيطها أساطير كثيرة تتعلق بفوائدها وآثارها الإيجابية على الحياة الجنسية وصحة الرجال.

ولكن لمن يعود أصل الكوارع؟ ومن الذي أقدم على تناولها في المرة الأولى؟
هناك روايتان عن أصل الكوارع وتاريخها.

العثمانيون:
الرواية الأولى عن أصل الكوارع تقول إنها أكلة تركية الأصل، وكانت تعرف بأنها «أكلة السلطان» حيث إنها كانت حاضرة على موائد السلاطين العثمانيين، وكانت تدعى في ذلك الوقت بـ«الأكارع».

ومن الدولة العثمانية، انتقلت إلى بلاد الشام ومصر والعراق، خلال حكمها لهذه الدول، لتنتقل بذلك الكوارع من مطبخ السلاطين والأغنياء إلى عامة الشعوب، حيث كانت تعرف في هذا الوقت بأنها «وجبة الفقراء»، نظرًا لانخفاض سعرها مقارنة باللحوم، ولأنها تمثل بديل جيد مليء بالفوائد.

الفراعنة:
أما الرواية الثانية عن تاريخ الكوارع تقول إن أصلها يعود إلى القدماء المصريين وتحديدًا إلى الفرعون «سخم خت» الذي ينتمي للأسرة الثالثة.. وكان المصريون لا يأكلون أرجل الحيوانات باعتبارها شيئا مقززا وغير جدير بالاهتمام، إلا أن الملك سخم كان يحب أن يجرب الأكلات الجديدة، فطلب من طباخه أن يخترع له أكلة جديدة، فقام الطباخ بتنظيف أرجل العجل وقطعها وأخرج منه العظم ثم طهاها جيدا، ووضع الكثير من التوابل عليها وقدمها للملك فاعجب بها جدا، واعتبرها هدية من الإله «رع» له.
بعدها اقترح الطاهي أن يكون اسمها «كا رع» فكلمة (كا) في اللغة المصرية القديمة تعني الروح و(رع) هو اسم اله الشمس، وبذلك اصبح يطلق على أرجل الحيوانات اسم «كارع».

تسميات الكوارع:
في مصر، تعرف بـ«الكوارع»،أما في الأردن وفلسطين فتعرف بـ«الفوارغ»، وفي سوريا تسمى بـ«المقادم»، والليبيون يطلقون عليها «العصبان»، أما في العراق والكويت تعرف باسم «الباجه».
وغالبًا ما تطهى بالطريقة التقليدية وتقدم «مسلوقة» في حسائها المعروف بثقله، وهناك مصريون يتفنون في إعدادها ويضعون الكوارع بعد سلقها في صلصلة حمراء مع تقلية الثوم، ثم إلى الفرن لتخرج «طاجن» شهي المذاق.

وغدا حكاية طبق جديد...

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved