تعرف على آثار عفو أبناء جمال خاشقجي عن قاتل والدهم.. لا قصاص من المدانين

آخر تحديث: الجمعة 22 مايو 2020 - 2:13 م بتوقيت القاهرة

محمد فرج

أسدل أبناء الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي الستار على قضية مقتل والدهم داخل القنصلية السعودية بإسطنبول العام قبل الماضي، بإعلانهم العفو واحتساب الأجر عن الله، وذلك وفق بيان نشره ابنه الأكبر صلاح على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.

 

 

وأعلنت النيابة العامة السعودية، ديسمبر الماضي، صدور أحكام ابتدائية بالقتل قصاصا بحق 5 متهمين، وسجن 3 آخرين لمدة 24 عامًا، والإفراج عن أحمد عسيري نائب رئيس المخابرات لعدم ثبوت تهم عليه، وعدم توجيه اتهام للمستشار في الديوان الملكي سعود القحطاني لعدم وجود أدلة ضده، والإفراج عن القنصل السعودي محمد العتيبي بعد أن أثبت تواجده في مكان آخر وقت وقوع الجريمة.

وأكدت النيابة السعودية فى بيان سابق، أنه تم التوصل إلى أسلوب الجريمة، وهو الشجار مع خاشقجي ثم حقنه بجرعة مخدرة كبيرة أدت إلى وفاته، وأن جثة خاشقجي تمت تجزئتها بعد القتل ونقلها إلى خارج القنصلية، مضيفة أنه تم تشكيل فريق لاستعادة خاشقجي بأمر من نائب رئيس الاستخبارات السابق، وأن مستشاراً سابقاً ساهم في الإعداد لعملية استعادة خاشقجي، وأن قائد مهمة استعادة خاشقجي قرَّر قتله في حال فشل بإقناعه.

- العفو وشروطه

ووفقا للشريعة الإسلامية المتبعة في المحاكم السعودية، فإنه ليس للعفو صيغة معينة وإنما يصح بأي صيغة، نحو أن يقول العافي عفوت أو أسقطت أو أبرأت أو وهبت وما يجري مجر ذلك، ولا يكون العفو صحيحا منتجاً لأثره إلا بتوافر شروط، وهي أن يكون العافي بالغا عاقلاً، وأن يكون العفو صادراً من صاحب الحق فيه، وذلك لأن العفو إسقاط للحق ولا يصح الإسقاط إلا إذا وجد الحق، أي وجد محل الإسقاط، وأن يكون العافي مختاراً غير مكره على العفو، فإن أكره لم يصح عفوه، وذلك عند جمهور الفقهاء، على أن يكون صاحب الحق فى العفو فى جرائم الاعتداء على النفس لأولياء الدم؛ باعتباره حقّا خاصا لهم لا ينازعهم فيه أحد.

واستثنى العلماء من حكم العفو عن القصاص، حالات ثلاث؛ لعظم خطرها وضررها على المجتمع، حيث رأى العلماء أن الحق فيها ينتقل من حق للعبد إلى حق للخالق، وهي: القتل فى الحرابة "قطع الطريق للسرقة والنهب، وقتل الغيلة "ومعناها اللغوي قتل الإنسان وهو غافل لا يدري وغير مستعد للمواجهة وقتله حيث لا يراه أحد من الناس أو وهو منفرد به، وتتضمن أيضا الشر والحقد والخديعة".

بينما اختلف الفقهاء فى تعريف الغيلة فى الاصطلاح سواء بين الحنفية والمالكية والشافعية، إلا أن خلاصة تعريف كل منهم، هي كل وسيلة فيها خديعة للمرء لاستدراجه وقتله من حيث لا يشعر، سواء لأخذ ماله أو انتهاك عرضه أو قتله لأي غرض من الأغراض، فلا يؤثر في ذلك عفو ولا صلح ولا يقبل فيه شفاعة، بالإضافة للحالة الثالثة وهي قتل الإمام.

كما اختلف العلماء فى العفو عن القاتل غيلة، فمنهم من رأى أن الأولياء إن شاؤوا اقتصوا وإن شاؤوا أخذوا الدية وليس لولي الأمر في ذلك شئ، ومنهم من رأي أن من قتل غيلة يقتل ولا يجوز فيه عفو وهو قول المالكية وبعض الحنابلة وهو اختيار شيخ الإسلام أبن تيمية.

- اختلاف فقهي حول هوية أولياء الدم

بينما اختلف الفقهاء في بيان من هم أولياء الدم تحديدا، حيث ذهب الإمام مالك إلى القول بأن مستحقي القصاص هم العصبة من أولياء الدم فقط، أي أنه لا يكون للبنات ولا للأخوات قول فى المطالبة بالقصاص أو العفو وينتظر الغائب إلا إذا كانت غيبته طويلة ويوجد غيره، وينتظر إفاقه المجنون إذا كانت ممكنة وإلا فلا تنتظر إفاقته، وينتظر بلوغ الصغير إلا إذا كان غيره من المستحقين من العصبة فلا ينتظر بلوغه.

أما أبو حنيفة وأحمد بن حنبل والشافعي فيذهبون إلى القول بأن أولياء الدم هم كل الورثة، بينما يذهب الظاهرية إلى القول بأن مستحقي القصاص هم جميع أهل المقتول ولا يصح إلا بإجتماع جميع أولياء الدم بما فيهم الصغير حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق وينتظر الغائب حتى يعود أو يوكل.

- عفو أم قبول دية؟

وتتولى لجان الإصلاح التابعة لإمارة المناطق بالمملكة حث أولياء الدم على العفو عن القاتل أو قبول الدية، وسواء كان عفوا أو قبولا للدية فإنه يعد إسقاطا لحق المجني عليه مقابل تنازله سواء بشكل مطلق أو بعوض، إلا أن بيان أبناء خاشقي لم يتطرق لا من قريب أو بعيد لأي شي يتعلق بالدية وأكتفى فقط بإعلان العفو.

وذكرت شبكة "سي أن أن" الأمريكية نقلا عن "مصادر مطلعة"، في مارس 2019، أن كلا من أبناء خاشقجي الأربعة حصلوا على منزل قيمته 15 مليون ريال سعودي كتعويض مادي "دية" عن مقتل والدهم جمال خاشقجي.

وأضافت الشبكة الأمريكية آنذاك، أن كلا من أبناء خاشقجي، حصل على دفعة واحدة قيمتها مليون ريال، في حين سيحصلون على مبلغ مالي شهري تتراوح قيمته بين 10 و15 ألف دولار، بالإضافة لتقاضي مبالغ مالية إضافية مستقبلا بعد الانتهاء من القضية والمحاكمة، قد تصل إلى ما بين 100 و200 مليون ريال.

وهذه الأنباء جميعا نفتها أسرة خاشجقي فيما بعد.

- أثر العفو

ويعد العفو من مسقطات العقوبة فى المملكة، وينقذ حياة المعفو عنه من القتل، فالعفو لغة يعني التجاوز والمحو والطمس، حتى لو تنازل فرد واحد فقط من أولياء الدم ولو كان البقية يرفضون التنازل، وذلك ومن منطلق قوله تعالى: ﴿..وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾.

ويقول الله تعالى {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}، {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}، {ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً}، {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ}.

وأثر العفو عن المعفو عنه في عقوبتي القصاص والديات، 4 أشياء ، أولها إنقاذ حياة المعفو عنه من القتل وهذا أهم أثر يناله المعفو عنه، فبالعفو ينال عصمة نفسه وينجو من القصاص، وثانيها أن يؤدي المعفو عنه بالحسنى الدية لمن عفى عنه وذلك دون أن يبخسه حقا ويحوجه إلى اقتضاء ومطالبة.

والأثر الثالث النزول عن القصاص إلى الدية فيه تخفيف من عقوبة غليظة إلى عقوبة أخف، مع تخيير بين العفو بلا مقابل أو العفو عن القصاص إلى الدية أو القصاص، أما الأثر الأخير عن الجاني أنه يعتبر كفارة له فلا يؤخذ بجنايته فى الآخره.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved