من أرشيف الكاتب أحمد بهجت: السحابة والشجرة

آخر تحديث: الجمعة 22 مايو 2020 - 7:52 م بتوقيت القاهرة

إعداد ــ سارة النواوى:

وقفت السحابة فوق الشجرة.. سكنت الرياح فوقفت السحابة.. كان منظرها مربيا جميلا، فرفعت الشجرة غصنا من أغصانها وتأملت السحابة بسرعة.
ثم عادت الشجرة تخفض غصنها على استحياء.. لم تلاحظ السحابة وجود الشجرة إلا حين اقتربت الشمس من المغيب واستطال ظل الشجره وامتد.
نقلت السحابة بصرها من الظل إلى الشجرة.. كانت الشجره حسناء.
هناك أشجار بائسة تعسة، وهناك أشجار جميلة تدرك بشكل ما أنها جميلة..
لم تعجب السحابة فكرة إحساس الشجرة بجمالها، قالت السحابة لنفسها: هذه شجرة مغرورة وغبية.. إنها ليست مسئولة عن جمالها.. لقد خلقها الله جميلة.. ما فضلها فى ذلك؟ مرت بخاطر السحابة ذكريات الأيام الخالية التى كانت فيها جزءا من البحر، وتاقت السحابة إلى حركة الموت وتذكرت رحلتها الطويلة من البحر إلى الهواء إلى الجبال.. وبكت السحابة قليلا.. ثم مسحت عينيها من الأفق.. تصورت الشجرة بغرورها أن السحابة تبكى من أجلها هى، ووقعت الشجرة فى حب السحابة.. تحولت الشجرة إلى عاشقة شاعرة، قالت الشجرة شعرها الجميل مجسدا فى هذه الوريقات الخضراء التى تنبت من أغصانها..
لاحظت السحابة أن الشجرة تلد أوراقا خضراء جديدة، أدركت أن هذا من المطر، قررت أن تعاون الشجرة على مزيد من الخضرة، بدأت تمطر..
اغتسلت الشجرة العارية تحت مياه المطر، وزاد حبها للسحابة.. ثم هبت الريح فتحركت السحابة لتمطر أرضا ثانية وأشجارا أخرى..
تأملت الشجرة هذا الرحيل المفاجئ بغضب وكبرياء وصمت لم تتكلم الشجرة.. ولكنها أصيبت بالكآبة.. وقررت أن السحابة لم تكن تحبها.. ابتعدت السحابة أكثر حتى اختفت من زاوية الرؤية.. زاد حزن الشجرة، وأحست بالفرح فجأه حين سرى فى جذعها سؤال: إذا كانت السحابة لا تحبنى فلماذا غازلتنى بالمطر؟!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved