خاص| حيثيات سجن مودة الأدهم ولايكى: استقطبوا الفتيات لتصوير فيديوهات منافية للآداب
آخر تحديث: الإثنين 22 مايو 2023 - 5:23 م بتوقيت القاهرة
نهاد القادوم
- الجنايات استخلصت اتفاق المتهمين مع حنين حسام على تحريض الفتيات على الفسق مقابل المال
- عبارات القاضي عن الفضيلة والأخلاق لا تعيب الحكم ولا تؤثر على الدليل.. وإغفال علانية الجلسات يؤدى لبطلان الإجراءات
- محاكمة المتهمين عن جنحة الاعتداء على قيم المجتمع لا تمنع محاسبتهم على جريمة الاتجار بالبشر
أودعت محكمة النقض، حيثيات حكمها الصادر مؤخرًا بتأييد سجن فتاة التيك توك مودة الأدهم، وآخرين لمدة 6 سنوات وغرامة 200 ألف جنيه لكل منهم، لإدانتهم بالاتجار في البشر عن طريق استخدام الأطفال دون سن 18 سنة في تصوير فيديوهات مُحرضة على القيام بأعمال منافية للآداب.
وتعود الوقائع إلى عامي 2019 و2020، حيث تضمن حكم الجنايات معاقبة كل من: محمد زكى، ومحمد علاء لايكى، وأحمد لايكى، بذات العقوبة، فيما صدر حكم غيابي ضد المتهمة الأولى في القضية حنين حسام بالسجن المشدد 10 سنوات، ثم أعيدت إجراءات محاكمتها حضوريًا بعد القبض عليها لتعاقبها المحكمة بالسجن لمدة 3 سنوات وغرامة 200 ألف جنيه. وتقدمت حنين بطعن منفصل أمام محكمة النقض ستنظره لاحقًا.
صدر حكم النقض برئاسة المستشار أحمد الخولي، وعضوية المستشارين محمد عبد الحليم ودكتور كاظم عطية، وأسامة النجار، والمعتز بالله عيسى، وأمانة سر محمد عمران ومحمد مبروك.
وردت النقض - في حيثيات حكمها الذي حصلت الشروق على نسخة منه - على أوجه الطعون المقدمة من دفاع مودة الأدهم و3 آخرين على حكم محكمة جنايات القاهرة الصادر في 20 يونيو 2021 برئاسة المستشار محمد أحمد الجندي.
• الوقائع ونية المتهم واستخلاص المحكمة للدليل
قالت محكمة النقض إن الاشتراك بالاتفاق يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية من مخبآت الصدور ودخائل النفس التي لا تقع عادة تحت الحس، وليس لها أمارات ظاهرة، كما أن الاشتراك بالمساعدة يتحقق بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلا مقصودًا يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق فيه معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذي جعله الشارع مناطًا لعقاب الشريك.
وأضافت أنه للقاضى الجنائي إذا لم يقم على الاتفاق أو المساعدة دليل مباشر أن يستدل على ذلك بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه، ما دام هذا الاستنتاج سائغًا وله من ظروف الدعوى ما يبرره، كما له أن يستنتج حصوله من فعل لاحق للجريمة يشهد به.
وأوضحت محكمة النقض أن حكم الجنايات أورد فى سرده لوقائع الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت فيها، أن وكالة لايكى كتطبيق إلكترونى للتواصل الاجتماعي استعانت بالطاعن الثاني (محمد زكي)، والذي يعمل مديراً للوكالة بالشرق الأوسط والمسئول عن اختيار العناصر المميزة ذات التقييم العالي في نسبة المشاهدة والعمل على تقديم فيديوهات مباشرة للجمهور يعاونه في ذلك الطاعن الثالث (علاء لايكي) وهو المدير المسئول عن قاعدة البيانات والبث المباشر والدعم الفنى في التطبيق.
وأضافت أنه وقع اختيار الطاعن الثاني على المحكوم عليها الأولى (حنين حسام) والتي ذاع صيتها في مثل هذه التطبيقات واتفق هو والطاعنان الثالث والرابع (علاء لايكي وأحمد لايكي) على أن تقدم فيديوهات تذاع على التطبيق تحوى فى طياتها بطريقة مستترة دعوة للتحريض على الفسق والإغراء بالدعارة، مقابل حصول المحكوم عليها الأولى ومن تقوم باستقطابه من الفتيات على مبالغ مالية، وذلك سعياً لتحقيق أرباح بتحقيق أقصى عدد من المشاهدة؛ فقامت المحكوم عليها الأولى بإنشاء تطبيق لها الاستقطاب الفتيات سعياً لعقد لقاءات مع الشباب عبر محادثات مرئية مباشرة مقابل حصول الفتيات على مبالغ مالية تتحدد بمدى اتساع أعداد المشاهدين لهذه المحادثات استغلالاً لحاجة بعضهن للمال، ومن ثم حصولها على 20% من الأرباح المحققة.
وتابعت: أعد الطاعنون الثاني والثالث والرابع فيديو للمحكوم عليها الأولى تم نشره على موقع الوكالة بتاريخ ١٢ مارس ۲۰۲۰ تضمن دعوة الفتيات لتشغيلهن بمسمى مذيعات عبر التطبيق على أن تتحصل الفتيات على المقابل عبر القائمين على إدارة التطبيق، وقد احتوى ذلك الفيديو دعوة الفتيات للقاء الشباب عبر محادثات مرئية وإنشاء علاقات صداقة وتجاذب حوارات تحوى تحريضاً من المحكوم عليها الأولى لكثير من الفتيات لارتكاب أعمال تحض على البغاء والفسق وأصوات ممارسة جنسية بين شاب وفتاة تحقيقاً لأعلى قدر من المشاهدة لتحقيق غايتهم في الربح.
كما قامت المحكوم عليها الأولى بمعاونة الطاعنين الثاني والثالث والرابع باستقطاب المجنى عليها الطفلة "هـ" وشهرتها "زلابية" وشقيقتها "ن" وشهرتها "فانليا"، مستغلة ظروفهما المادية والاجتماعية بالظهور معهما في العديد من مقاطع الفيديو الراقصة المحرضة على الفسق واستغلالهما جنسياً مقابل تحصلهما على مبالغ مالية كما أطلقت هاشتاج "مسرحك سريرك".
وأضافت النقض أن حكم الجنايات أورد إقرار الطاعن الخامس بالتحقيقات أن الفتيات اللاتي يقدمن فيديوهات مباشرة "لايف" على التطبيق يتعمدن الرقص بملابس تغرى الرجال سعياً لزيادة عدد المشاهدين لتحقيق النسبة الخاصة بها والربح من وراء ذلك، وأضاف بحدوث تواصل بين هؤلاء الفتيات والشباب كما يتم ترتيب لقاءات دعارة بينهم.
وأشارت النقض إلى أن حكم الجنايات أثبت أنه بمطالعة النيابة العامة لهواتف الطاعنين الثاني والثالث والرابع تبين وجود مراسلات متبادلة فيما بينهم والمحكوم عليها الأولى تتعلق بنشاطهم المؤثم سالف البيان.
وانتهت النقض في هذا الوجه من الطعن إلى أن حكم الجنايات إذ استخلص من ذلك اشتراك الطاعنين الثاني والثالث والرابع مع المحكوم عليها الأولى (حنين حسام) بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجرائم التي دانهم بها، فإنه يكون استخلاصاً سائغاً مؤدياً إلى ما قصده الحكم، وينحل ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد محض جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب.
• تكرار المحاكمة عن الجريمة الأشد
قالت محكمة النقض إن الحكم قد انتهى إلى رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة ٤٧٩ لسنة ۲۰۲۰ اقتصادية القاهرة والمقيدة برقم ٢٤٦ جنح مستأنف القاهرة الاقتصادية تأسيساً على اختلاف موضوعها (كجنحة اعتداء على المبادئ والقيم الأسرية للمجتمع المصرى) عن وقائع الدعوى المطروحة (جناية الاتجار بالبشر).
وأضافت النقض أن حكم الجنايات ردًا سائغًا يتفق وصحيح القانون؛ لما هو مقرر أنه وإن كان لا يجوز قانوناً محاكمة الشخص أكثر من مرة عن فعل جنائي وقع منه، إلا أنه يشترط لذلك أن يكون الفعل واحداً في المحاكمتين أطرافًا وموضوعًا وسببًا، وأن تملك المحكمة الأولى الفصل فيه بجميع أوصافه المختلفة، وعلى الأخص وصف الجريمة الأشد.
وأوضحت النقض: "إذا كانت الجريمة لها أكثر من وصف، وكانت المحكمة الأولى لا تملك التعرض للوصف الأشد، وكان الوصف المقرر للجريمة الأخف هو المرفوع أمامها؛ فإن الحكم الصادر منها على هذا الأساس لا يمنع من إعادة محاكمة المتهمين عن الجريمة الأشد، التى تخرج عن اختصاصها، كما هو الحال في الدعوى المطروحة".
• الحكم لم ينسب اعترافًا للمتهمين
قالت محكمة النقض إن الحكم المطعون فيه عندما أورد مؤدى أقوال الطاعنين التي عول عليها لم ينسب إليهم اعترافاً بارتكاب الجريمة -على خلاف ما ذهبوا إليه بوجه النعى- وإنما أسند إلى الطاعنة (مودة الأدهم) أنها أقرت بقيامها بنشر فيديوهات ولديها قناة على يوتيوب وتتحصل على مبالغ كبيرة لقاء ذلك.
وتابعت أن الحكم أسند للطاعن الثاني أنه مدير لوكالة تطبيق "لايكي" ويقوم بعمل فيديوهات قصيرة وأن المحكوم عليها الأولى تعمل بالوكالة، وأسند للطاعن الثالث إقراره بأنه المسئول عن قسم البث المباشر وقاعدة البيانات والترجمة بالتطبيق آنف البيان، كما أسند للطاعن الرابع إقراره أن الفتيات اللاتي يعملن بالتطبيق يتعمدن الرقص بملابس تغرى الرجال سعياً لزيادة عدد المشاهدين ويحدث تواصل بين الفتيات والشباب وترتيب لقاءات دعارة بينهم، وهو ما لا يمارى الطاعنون في صحة ما نقله الحكم عنهم في هذا الصدد.
وأضافت النقض أن هذه الإقرارات لا تخرج عن كونها عنصرًا من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المُقر، فلها أن تجزىء هذا الإقرار وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه وتطرح ما سواه مما لا تثق به دون أن تكون ملزمة ببيان علة ذلك؛ فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن ينحل في واقعة الدعوى محض جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض.
• علانية الجلسات
أكدت محكمة النقض أن الأصل الدستوري المقرر بالمادة 187 من الدستور، هو علانية جلسات المحاكمة التي يشهدها المواطنون بغير تمييز، وذلك حتى يتاح للرأى العام متابعة ما يجرى فى القضايا التي تهمه.
وأضافت أن إغفال العلانية يؤدى إلى بطلان إجراءات المحاكمة، ويبطل الحكم الذى يصدر تبعًا لذلك، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة بوجه نعيها يكون على غير أساس.
• سماع الشهود أمام المحكمة
أضافت النقض أن الأصل المقرر في المادة ۲۷۹ من قانون الإجراءات الجنائية المُعدل أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على التحقيق الشفوى الذي تُجريه المحكمة بالجلسة وتستمع فيه إلى الشهود ما دام ذلك ممكناً، إلا أنه يصح لها أن تقرر تلاوة أقوال الشهود إذا تعذر سماع شهادتهم أو إذا قبل المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه، ولها الاعتماد في حكمها على أقوال هؤلاء الشهود فى التحقيقات ما دامت كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة.
وتابعت النقض أن البين من مُطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافعين عن الطاعنة وكذلك النيابة العامة لم يتمسكوا بسماع شهود الإثبات بل تنازلوا عن سماعهم صراحة، واكتفوا هم والنيابة العامة بتلاوة أقوالهم وتليت، ولم يدع أى منهم أنه اتخذ الإجراءات القانونية المنصوص عليها في المادة ۲۷۷ من القانون رقم ۱۱ لسنة ۲۰۱۷ فى فقرتها الثانية والتي جرت المحاكمة في ظل سریان أحكامه.
وأوضحت النقض أنه لا تثريب على المحكمة إن هي فصلت في الدعوى دون أن تستمع لشهادتهم، ولا تكون قد أخطأت فى الإجراءات ولا أخلت بحق الدفاع، ويضحى كافة ما تُثيرهُ الطاعنة في هذا الخصوص نعياً على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع ولا محل له.
• اقتناع المحكمة
قالت النقض إن الدفاع بكيدية الاتهام وتلفيقه وبعدم معقولية تصوير الواقعة وبانتفاء أركان الجريمة وبانتفاء الصلة بالواقعة، لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من المحكمة، لأن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
وأضافت أن ما تثيره الطاعنة بشأن سرقة هاتفها المحمول والحسابات الخاصة بها على مواقع التواصل قبل حدوث الواقعة، وأن الطاعنين الثالث والرابع مجرد موظفين بالتطبيق وأن الخامس مذيع به شأنه شأن المجنى عليهم، وبأن من التوظيف مذيعات ليس أي منهم، وبأن التطبيق يعمل به آلاف الأشخاص وتخضع مقاطع الفيديو المنشورة عليه لرقابة ذاتية بالذكاء الاصطناعي من شأنها محو أي محتوى غير أخلاقي وبعدم وجود أحراز تدل على وقوع جريمة، كل ذلك لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا حول واقعة الدعوى ومناقشة أدلة الثبوت ومبلغ اقتناع المحكمة بها، وهو مما لا تُقبل إثارته أمام محكمة النقض.
• عبارات المحكمة عن الفضيلة والأخلاق
وذكرت محكمة النقض إن المادة ٢٤٧ من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت الحالات التي يمتنع فيها على القاضي نظر الدعوى لما بينها وبين ولاية القضاء من تعارض، وما أورده الطاعنون بأسباب طعنهم لا يندرج تحت أي من الحالات الواردة حصراً في هذه المادة، لأن ما أوردته المحكمة من عبارات قبل نطقها بالحكم لا يستقى منها ما يفيد إفصاحها عن رأيها قبل النطق بالحكم.
وأضافت النقض أن البيان المعول عليه في الحكم، هو ذلك الجزء الذي يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجة عن سياق هذا الاقتناع، وأن تزيد الحكم فيما استطرد إليه لا يعيبه، ما دام أنه غير مؤثر في منطقه أو في النتيجة التي تناهى إليها، وما دام أنه لم يورده إلا بعد أن فرغ في منطق سائغ وتدليل مقبول يكفي لحمل قضائه بإدانة الطاعنين.
وأشارت إلى ما يُثار بوجه الطعن من أن "المحكمة استهلت الحكم بحديث يحث على الفضيلة ونشرها وبعبارات تتعلق بمكارم الأخلاق وهو منبت الصلة عن الدليل المعتبر قانونًا، كما استندت إلى آية قرآنية لا تنطبق على الواقعة"، إنما كان بعد أن فرغ الحكم من إيراد الأدلة السائغة التي تكفي لحمل قضائه، مؤكدة أن ذلك يعد تزيدًا غير مؤثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي خلص إليها؛ وبالتالي فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولًا.