«سوبيبور» يثير عاصفة من الجدل فى المهرجان القومى للمسرح

آخر تحديث: الخميس 22 أغسطس 2019 - 10:07 م بتوقيت القاهرة

 حاتم جمال الدين:


• اتهامات تلاحق العرض بالترويج لأفكار صهيونية.. والجمهور ينقسم بسبب رسالته الملتبسة

جدل واسع فى الدورة 12 للمهرجان القومى للمسرح أثاره العرض المسرحى «سوبيبور»، والذى تشارك به فرقة كلية التجارة بجامعة عين شمس ضمن مسابقة الشباب.
الخلاف حول العرض وفكرته تجاوز الحوار الفنى النقدى إلى التراشق وتبادل الاتهامات، وبعد أول ليلة عرض اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعى بين من يرون أنه عمل مسرحى يخضع لقواعد فنية تقبل النقاش، والخلاف حولها، وبين آخرين يتهمون العرض بالتطبيع مع الكيان الصهيونى، وتقديم دعاية مجانية للمزاعم اليهودية بشأن مذابح الهولوكوست، وذلك من خلال ما قدمه العرض من أحداث تدور داخل أحد معسكرات الألمان فى أوروبا؛ حيث يتعرض اليهود إلى القتل الجماعى على يد الألمان أثناء الحرب العالمية الثانية، كما وجهوا سهام النقد لجامعة عين شمس التى وافقت على إنتاج العمل تحت اسمها، وإدارة المهرجان التى سمحت بعرضه فى عرضين جماهيريين بمسرح السلام فى شارع قصر العينى أحد أكبر المسارح التابعة لهيئة المسرح.
المعركة التى دارت رحاها على مدى يوم أمس الأول فى مواقع السوشيال ميديا ساهمت بشكل كبير فى الترويح لعرض المسرحية الثانى، وجعلت شباب المسرحيين يزحفون على شارع قصر العينى قبل ساعتين من بداية العرض لحجز أماكنهم، وتجمع المئات أمام المسرح مما أثار حالة من القلق خاصة بعد حدوث بعض المناوشات حول أسبقية الدخول، وأمام هذا الضغط فتحت إدارة المسرح أبواب قاعة العرض للجميع؛ حيث امتلأ المسرح بطابقيه وافترش الجمهور جميع الممرات.
يفتح الستار على معسكر «سوبيبور» بأسلاكه الشائكة، والجنازير التى تحيط بجانبى المسرح، بينما يظهر فى الخلفية العلم الأحمر ذو الصليب المعقوف رمز ألمانيا النازية، ومجموعة من الأسرى سرعان ما تنكشف هويتهم اليهودية سواء من خلال الأسماء والحوارات التى تدور أو من بعض الرموز مثل غطاء الرأس، ويحيط بهم جنود ألمان بزيهم الذى رسخته عشرات الأفلام الغربية التى تناولت الحرب العالمية الثانية، وتبدأ أحداث العرض الذى يقترب زمنه من الساعتين حول القهر الذى يتعرض لها الأسرى، والذين يجبرون على العمل فى ظروف لا إنسانية، ويلقى الضوء على أثر ما يتعرض له الأسير على نفسه، فيفقد البعض إيمانه، وينتظر البعض الآخر مخلصا قد لا يأتى أبدا، وبين هذا وذاك تظهر قصص بعضها رومانسى مثل وقوع ضابط ألمانى فى حب أسيرة يهودية، وأخرى فيها شىء من الكوميديا مثل وجود زوج وزوجة مسلمين بين الأسرى وعليهما إقناع قائد المعسكر بهويتهما ليخرجهما من الأسر، ولتنتهى الأحداث بثورة ضد هذا الظلم الألمانى لليهود..
كانت هذه هى أحداث العرض باختصار وهو ما أثار حالة من الالتباس حول الرسالة التى يقدمها المخرج محمد ذكى مخرج «سوبيبور»، والتى كان يطرح من خلالها أسئلة تتكرر بين الحين والآخر فى سياق العرض مثل «كيف للإنسان الذى أذاع أنه ذاق العذاب والألم المهين كله أن يذيقه لغيره؟»، و«كيف لمن إدرك الأسر والقهر والاغتصاب أن يقتل ويغتصب الأرض؟»، ويناقش العرض مأساة الفلسطينيين وما يتعرضون له من أعمال إجرامية على يد من اغتصب الأرض واختتم العرض بجملة بين قوسين مفادها «كيف للإنسان الذى ذاق العذاب أن يذيقه لغيره».
ورغم تأكيد مخرج العرض على هذه المعانى من آن لآخر عبر أدواته المسرحية، ومنها الإضاءة التى تتغير ما بين الأحمر والأزرق، لترسم فى بعض المشاهد العلم الإسرائيلى الأزرق محل العلم النازى الأحمر، وتحول الصليب المعقوف إلى نجمة داوود فى خلفية المسرح، وكذلك اللون الأزرق الذى كان يكتسى به القائد الألمانى أثناء حديثه بلذة شديدة عن القتل والتعذيب، ولكن تلك المفردات ربما لم تتمكن من إحداث التوازن لدى بعض مشاهدى العرض، والذين وجدوا أنه أفرط فى الشحن العاطفى تجاه التعاطف مع النظرية اليهودية.
الناقد المسرحى محمد روبى شدد على دور النقد الفنى فى فك الاشتباكات حول الالتباس فى رسالة العمل المسرحى، وفتح آفاق الحوار حول مثل هذه الأعمال التى تثير الخلاف الفكرى، مؤكدا أن عرض «سوبيبور» قد يكون به مشاكل فنية أدت إلى وصول هذه الفكرة السلبية للبعض بهذا الشكل، لكن هناك أيضا مبالغة فى رد الفعل تجاه عمل يعلم الجميع أنه برىء من أى شبهة تطبيع، وأن لجان المهرجان لم تكن لتسمح بمرور عمل يطبع أو يروج لأفكار يرفضها المجتمع.
شارك فى تجسيد أدوار عرض «سوبيبور» أكثر من 50 ممثلا من طلبة كلية التجارة بجامعة عين شمس منهم حسن خالد وأدهم هانى وحسام سعيد وليالى خلف وبسمة عادل وإسلام خالد وخالد مانشى ومحمد فريد ومحمد عبدالله وجهاد أحمد ونوران زايد ومطفى طلعت وندى ممدوح ومحمد عبدالرازق ونادين اشرف ومصطفى محمود ومنه أحمد ونوران سمير وعز جمال وفادى فخرى، عمر عصام وهاجر كمال.
وصمم ديكورات العرض محمد ابو الحسن، وإعداد موسيقى عمرو صلاح، وملابس اميرة صابر وإضاءة محمد جبر ودراما حركية هانى فاروق، صياغة مسرحية واخراج محمد ذكى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved