الترابى لـ«الشروق»: البشير يحتمى فى مرسى

آخر تحديث: الإثنين 22 أكتوبر 2012 - 10:24 ص بتوقيت القاهرة
آية أمان

فى منزله الكائن بشارع يحمل اسمه فى حى الرياض بالعاصمة السودانية الخرطوم، كان اللقاء.. وسط دوريات للمراقبة نظمها أتباعه، خوفا من المتربصين به من حكومة البشير.

 

فى صالة الاستقبال الممتلئة بلوحات تحمل آيات من القرآن الكريم، حاورت «الشروق» الشيخ حسن الترابى، المعارض الإسلامى السودانى المعروف، فى حديث اتسم فيه الشيخ بالهدوء الشديد، متحدثا بصوت منخفض يخفى وراءه تاريخا من الأحداث والمناورات مع النظم السياسية فى السودان، والتى كان جزءا منها فى يوم من الأيام، قبل أن يعود ليعود مرة أخرى إلى صفوف المعارضة.. تحدث بوجه باسم مبتسم، سرعان ما تظهر عليه ملامح الخوف من مستقبل غامض للسودان.. «قد يجعلها أسوأ من الصومال».

 

«أنا لا أتحزب ولا أتمذهب ولا أتعصب لفكرة ولا لطائفة بعينها.. أقرأ الأدب والتاريخ.. فأنا ابن الثقافة العربية والغربية أيضا.. ولا أريد الانغلاق على تقليد معين، فأنا عربى أفريقى مسلم أحاول ان اجمع من كل موارد الثقافة والحضارة الإسلامية وأرفض التصنيف لست شيعيا ولا متطرفا».

 

هكذا بدأ الترابى مفجر الثورة الإسلامية والداعى لها فى السودان حواره متحدثا عن الوضع الآن فى السودان بعد ثلاث ثورات ضد الحكم العسكرى ليستقر فى النهاية حكم عسكرى آخر يأخذ من الشريعة الإسلامية راية له لترويج سياسته، مفترضا ثورة جديدة لكنه يقف متحيرا متخوفا من ثورة غير محكمة ليس لها قائد قوى تزيد الوضع بالسودان سوءا لتكون أسوأ من الصومال.

 

«نحن نقدس الحرية ونرفض أن نكون تبعا لأحد ولهذه الأفكار كان انفصال الجنوب عنا، فلا يمكن لطرفين أن يتوحدا فى ظل القهر»، يقول الشيخ الترابى إن هذه الطبيعة الإنسانية فى الشخصية السودانية «لن تكون سهلة أمام حكامها.. فالبدوى يتعامل دائما بمنطق (لو القهر غلبنى هاشرد)، ولن يكون هناك توحيد بين طوائف الشعب إلا بالألفة والتكامل وليس بالسياط والقهر».

 

عن انفصال الجنوب وتوابعه يقول: «كان شعب جوبا وجنوب السودان مختلفا تماما عنا، كلهم عراة تماما، والتعليم محدود ولا يتحدثون العربية، كان الجنوبى مظلوما جدا، وكما انفصلنا عن مصر، انفصل هو عنا بعد الحروب الأهلية واتخاذهم حق تقرير المصير».

 

يؤكد الترابى أنه وحزبه يدعمان حق شعب جنوب السودان فى تقرير مصيره لكنهم اجتهدوا كثيرا وباقى الأحزاب السودانية فى منع هذه الكارثة التى حلت بالجسد السودانى: «من أول يوم فى نشأة حزبنا انتشرنا فى كل السودان واتكلمنا معهم كثيرا، ولم يكن لدينا نزعة عرقية فبعض البشر فى السودان آفاقهم محدودة حيث يروا الأسود مثل الرقيق، وعندما أتى الجنوبيون إلى الخرطوم شعروا بالظلم الواقع عليهم عندما وجدوا الكهرباء والمستشفيات والتعليم والطرق الممهدة، ولم نجد مخرجا لنبرر لهم ذلك إلا بالقول أن هذا ما تركه الإنجليز للسودان من أيام الاحتلال».

 

يؤكد الترابى: «قضية الإسلام لم تكن المشكلة مع الجنوبيين لكنها كانت قضية العروبة المفروضة عليهم رغم انتماءاتهم الأفريقية ومعانتهم من الحكم العسكرى الشديد الذى انقلب عليهم وسجن منهم الكثير، وانتهت القضية بشبة الاجماع مسلمين وغير مسلمين على الانفصال، لأن السودان لا يمكن أن يكون واحدا بالقهر والظلم».

 

ويضيف: «وفى النهاية كان الانفصال.. وكان التخوف المصرى الذى لم يشغل بال الخرطوم كثيرا وقتها وهى مياه النيل، لأن جنوب السودان إذا غلب عليها الطابع الافريقى فإنها ستنحاز إلى الدول التى شكلت منظومة فى مصادر النيل ضد مصر والسودان فى ظل تنامى حاجة دول المنابع لمياه النيل لبناء جسور وسدود للكهرباء، والتوسع فى الزراعة، وكانت مشكلة القاهرة بأن سوء علاقة الخرطوم مع جوبا ستفسد هذه العلاقة».

 

ويقول الترابى: «السودان بات يعانى مشكلة حقيقية جراء الانفصال، فالجنوب بالنسبة له قطعة صغيرة كحلايب الذى ينازع مصر عليها، لكنه فقد جزءا أساسيا من جسده، بتر منه موارد البترول والذهب والزراعة والأمطار».

 

يرجع الترابى مشكلة الانفصال إلى «توالى الأنظمة الديكتاتورية على حكم السودان لأكثر من ثلاث مرات، وكان من الممكن ــ على حد تأكيده ــ الإدراك بالربط بين أجزاء الوطن بشبكة من الدم والعصب والعلاقات الإنسانية، بدلا من الانشغال بالعاصمة، وهذه هى أخطاؤنا التى يدفع ثمنها السودان الذى ضاع ملامح شبكة الربط بين أجزائه، فالسودان لا يمكن أن يكون واحدا بالظلم».

 

«الآن ولسوء الحظ باتت العلاقات سيئة مع الجنوب لأن الحكومات لم تضع الحدود قبل أن تقر أو تتفق على الانفصال، فكانت الأرض غير معروفة، والجنسيات غير معروفة» هكذا يقرأ الترابى الوضع الآن فى الخرطوم الذى «لا يبشر بالخير على النظام الحاكم الحالى، خاصة بعد انتقال جميع مخصصات البترول إلى جنوب السودان والذى كان يدخل للخزانة السودانية ما يقرب من 85% من إيراداتها».

 

يضيف: «المشكلة زادت بعد أن طردت حكومة الخرطوم جميع الجنوبيين الذى كانوا يعيشون فى الشمال عقب الانفصال رغم أن هناك من ولد منهم هنا فى السودان، وتربى وعمل الدولة ومنهم أساتذة، فضلا عن وجود الكثير من أهل الشمال فى الجنوب».

 

نظام البشير

 

ويتطرق الترابى إلى النظام الحاكم حاليا، قائلا: «كان فى أوله ثورة لكنها غير متضحة المعالم، وبعد ذلك بدأ يأخذ الشكل العربى الإسلامى بأن يمنع الخمور والربا ليحدث بعض التغيير، لكنه فى مراحله الأخيرة انقلب من الطابع العربى ليحمل رسالة إسلامية، والعداء للغرب، واستقر على ذلك بعد أن وجد فى الراية الجديدة ضالته».

 

ويضيف: «إلا أن العسكر والإسلاميين لا يتفقان.. النظام العسكرى فى السودان الآن لن يستطيع الاستمرار بادعائه الصبغة الإسلامية لأنه لا إكراه فى الدين، والعسكر يعملون للسلطة فقط».

 

يتابع التراب: «أصبح النظام فى السودان فاسدا جدا والفساد هنا لا يحتاج لمراجع أو لمحاسب، لأن المجتمع بسيط ويعرف بعضه بعضا، واذا ما تطور فى حياة أى من المسئولين الحكومين تغيرا ماديا يعرف الجميع أنه نتيجة الفساد، والآن يشعر الشعب بأن الفساد انتشر انتشارا شديدا فى السلطة».

 

ويؤكد أن الفساد والممارسات الحكومية الحالية فى السودان «لا دين لها.. كيف يكون نظاما إسلاميا، ولو عرفوا أن الله رقيب عليهم، ما استعملوا القوة وفرضوا الطوارئ وكان الاعتقال دائما وإغلاق الصحف، وملء السجون السياسية مشغولة بزوارها طوال الوقت».

 

وقال الترابى: «سمعة الإسلام قطعت البلد جنوبا.. وقد تطول غربه لتعالى مطالب انفصال دارفور.. والحركة الإسلامية تخجل أن يكون هذا وضع السودان.. ولايزال الغرب يرى أن الدين غالبا ما يأتى بالطغاة»، مضيفا أن نظام البشير وجد فى كلمة النظام الإسلامى غاية لترويج مواقفه وسياساته مثلما فى حكام العرب الطغاة الذى سمى أحدهم نفسه بالاشتراكى وهو يحتكم على المال كله، والآخر بالديمقراطى وهو يمارس كافة أشكال الديكتاتورية لكنهم يقولون ما لا يفعلون مستشهدا بالآية الكريمة، «كَبُرَ مَقْتا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ».

 

 الأزمة الاقتصادية السودانية

 

يقول الشيخ الترابى إن المأزق الذى وقع فيه النظام الحاكم الآن هو المشكلة الاقتصادية التى باتت تواجه حكومة البشير بعد أن انخفضت موارد الدولة نتيجة انتقال البترول إلى الجنوب، لتحاول الحكومة فرض نسب أعلى من الضرائب، محذرا من «ثورة الجياع الذين سيتصرفون كالحيوانات تكسر وتضرب وتقتل».

 

لكن مخاوف الترابى لن تقف عند استمرار نظام البشير قائلا «الآن خائفون إذا زال هذا النظام بثورة، وسط النزعة القبلية والإقليمية القائمة، تكون السودان أسوأ من الصومال، لأنه حتى ما تبقى من أراضى وولايات السودان يجعل منها دولة كبيرة، ولا يزال لديها 2000 كيلو متر حية مع جنوب السودان، وهناك 7 ملايين سودانى بيمشوا رعاة فى أراضى الجنوب، وإذا قامت أى مشاكل داخل الدولة سيتأثر الأمن القومى الداخلى للسودان».

 

يؤكد الترابى أن «جميع قوى المعارضة داخل السودان لابد أن تقدر مخاطر قيام ثورة شعبية فى السودان وعليها أن تأخذ الحيطة، خوفا من انتهاء السودان، فمعظم أحزاب المعارضة داخل السودان تقليدية، منها ذات أصول صوفية ولا تحب التعرض إلى الاعتقالات ولا المشاكل السياسية، وكل منهم له ولده الأكبر يعمل مع النظام فهم معارضة البين البين».

 

يضيف الترابى أنه لا يمكن استبعاد حركات المعارضة المسلحة فى الأقاليم من المشهد السياسى، والتى يعتبرها الأخطر على السودان لأن من يأتى بالسلاح يسيطر على الحكم مباشرة، وهكذا كان يحذر المصريين بعد ثورتهم من استمرار الجيش فى الحكم بعد مبارك.

 

الثورة المصرية

 

«الإرادة المصرية هى من صنعت ثورة يناير، كنا مشفقين على مصر فكل ما كان أهلها يقومون بثورة يكبتها حكماهم لكن كانت ثورة يناير الأولى فى تاريخ مصر بارادة الشعب، الإرادة حاولت، ونحن نعلم أن ثورات المجتمعات لا يمكن أن تغلبها قوة السلاح».

 

يشيد الترابى بأداء مرسى فى استبعاد العسكر من السلطة وإنهاء سيطرتهم على الحكم قائلا: «كان الجميع يعلم أن العسكر يريد محاصرة الرئيس.. لكنه اتمسكن إلى أن حدثت واقعة الحدود فى رفح وشالهم من الصورة بلطف».

 

«كنت امشى مع الشباب لميدان التحرير ونهتف (ديكتاتور ديكتاتور يا بشير جايك الدور) لكن عندما اتكلمت مع الشباب وسألتهم ماذا تريدون لمصر لم أجد لديهم رأى لأنه لم يكن أحد يتوقع أن يتنحى حسنى مبارك، وتحدثت مع السلفيين رغم خوفى منهم، لكنى وجدتهم نسبيا مثقفين.

 

يتحدث الترابى عن الجماعات السلفية فى مصر قائلا: «الحكم العسكرى فى مصر فى وقت مبارك أوجد نزعة دينية فى مصر وقرر توجيه هذه النزعة الدينية فى اتجاهين الصوفية والذكر وعدم المساس بالدولة، والباقى سلفيون على الطريقة الوهابية المتشددة والمشغولة بلبس الحرمة واللحية، أعتقد أنهم طيبون نسبيا لكنهم على بداية طريق العمل السياسى».

 

ولجماعة الإخوان المسلمين يقول الترابى «سيكون لحزبكم شأن وكل واحد منكم سيكون له موقع فى الدولة وهذه المواقع ستحدث لكم المشاكل، لأن الرئيس عندما يأتى من الإخوان المسلمين سيكون مضطرا للرجوع إلى الحزب، والحزب ذاته لابد أن يروج لنفسه بصرف النظر عن حجم التدين، وكنت أتمنى لو جاء الإخوان إلى مجلس الشعب لا يمسكون رئاسة المجلس حتى لا تبعث رسالة إلى المجتمع بأنهم يريدون السيطرة على السلطة».

 

يضيف الترابى أنه على رجال الإخوان أن «يتصرفوا فى مواقعهم القيادية (بالراحة) دون أن يتحدثوا مع المواطنين بكلام الدين أو التصريح بأننا مسلمون وغيرنا لا».

 

يطل الترابى على المشهد السياسى المصرى بكل تفاعلاته واتجاهاته الفكرية قائلا «مصر لا تزال تجرب»، إلا أن تونس برأيه كانت أفضل لأنها وضعت نظاما انتقاليا، ليراها الفرنسيون أكبر مأساة فرغم تأثيرهم الثقافى عليها وتعلمنها إلا أن الحزب الإسلامى يأتى على رأس السلطة.

 

يوجه الترابى رسالته للمصريين بعد انتخاب مرسى قائلا «خليكوا مع الناس الطيبين فى المرحلة الانتقالية دى لانه غالبا ما يكون الليبراليون واليساريون أداة للدول الخارجية».

 

يرى الترابى أن القوى الغربية باتت متحيرة من المتغيرات فى الساحة العربية بعد الثورات فما بين موروث الكراهية للإسلام أصبح عليهم التعامل مع أنظمة وأحزاب إسلامية تحكم بعض دول العالم العربى، ولا يوجد أحزاب قوية غير الاسلامية بعد أن انهارت الاشتراكية فى العالم ولم تعد فكرة الاحزاب العربية القومية مجدية بعد أن ارتبط العالم العربى ببعضة تكنولوجيا.

 

يبرر الترابى صعوبة توقع نجاح ثورة شبيهة بالثورة المصرية فى السودان بأن نجاح الثورة فى مصر كان لأسباب أهمها قومية مصر وشعبها فهى دولة واحدة كثيفة الجوار، لكن هنا فى السودان شعوب وقبائل مترامية ولنا حدود مع أكثر من سبع دول، وأغلب من يسكنوها شعوب أفريقية وعربية واسلامية ومسيحية، منتشرون فى جميع أنحائها ليست كما الحال فى مصر حيث يتكدس السكان جانبى النيل.

 

«كنا نعذر المصريين قبل أن يقوموا بالثورة ولم نكن نتوقع نجاحها بعد أن حاول المصريون القيام بعدد من الثورات لكن حكامهم كبتوها على مدار التاريخ منذ عهد الفراعنة والأيوبيين والممالك حتى مع الاحتلال الإنجليزى، لكن هنا فى السودان قمنا بثلاث ثورات متتابعة ضد الحكم العسكرى، والآن نحن خجلانين أن تقوم الثورات فى الدول الأخرى ونحن راقدون مكاننا».

 

يضيف الترابى أن شعب السودان أغلبة رعاة وبدو لن يقبلوا أن يسيطر عليهم أحد أو يفرض سياساته بالقوة بعد أن اعتادوا الحرية، لافتا إلى محاولات لاتزال تمارس لتوحيد السودان والسيطرة على شعبه باسم الإسلام وهو ما لم يتم لاعتياد السودانى فالحرية هنا نزعة فى الناس، لكن مكبوتين سياسيا».

 

العلاقات المصرية السودانية

 

لا يخلو حديثه فى أى لقاء إعلامى عن تاريخ السودان وعلاقاته مع مصر منذ الدولة العثمانية والاحتلال الإنجليزى وسيطرة مصر بالقوة على السودان، ليؤكد الترابى أن الدولة العثمانية كانت تجند الجنود من السودان، لما له من الروح القتالية، وكانت مصر تريد ضم السودان إليها وخير السودانيين بخيار الوحدة، لكن كنا نشعر ونسميها بوحدة وادى النيل، لكن ظلت فى الأذهان المصرية السيادة على السوادن، وهو ما رفضناه فكنا نسمع كيف عامل الحكام المصريون وأخذوهم للعمل بالسخرة فى قناة السويس وكنا نتعجب «ماذا سيفعل الحكام المصريون بنا إذن؟».

 

 

العقد والمشاكل النفسية لاتزال قابعة فى نفوس الشعبين يؤكد الترابى أن صورة السودانى فى شخصية البواب أو السائق لاتزال فى أذهان المصريين، كما كان يقول السودانيون على المصريين بأنهم «البربر»، مفسرا ذلك بالبعد الثقافى بين الشعبين.

 

«نظام البشير يتشبث بعلاقاته مع مصر الثورة كحماية له وحتى لا يقال انه ونظامه ضد الثورة العربية، لكن حديث التكامل والتواصل بين وادى النيل الآن هو كلام فارغ ساكت، وغدا يختلف البشير مع النظام المصرى وتقطع العلاقات من جديد، ولا نعلم ما سيحدث إذا تصالحوا».

 

يؤكد الترابى أن علاقات مصر الآن مع نظام البشير ما هى إلا علاقات دبلوماسية لكنه لا تعنى بالضرورة قبول مرسى لنظام البشير، والدليل على ذلك عدم مجىء مرسى للسودان وهى أقرب بلد له سياسيا وأمنيا واقتصاديا، لأنه من العيب أن يأتى رئيس منتخب ديمقراطيا إلى بلد يحكمها نظام ديكتاتورى، قائلا «لقد كنت وزير خارجية وأعلم أن هذه العلاقات شكلية لا معنى لها».

 

يؤكد الترابى أن التكامل لن يأتى إلا بين الشعوب قائلا «الطغاة يتعاملون دائما من فوق، والطغاة لا يوحدوا البشر»، قائلا إن الربط بين الشعبين يكون من خلال الاقتصاد فالمصريين فلاحون أكثر منا وليس عندهم عرقية فى التزاوج، ويمكن أن نختلط، وبذلك تكون هناك قاعدة قوية للوحدة بين البلدين، إلا أن «هنا فقط تجد كل دولة عربية صغيرة عاملة لنفسها علم ونشيد وطنى وضد الاخر وفيزا دخول وخروج هذه فضيحة لنا».

 

يؤكد الترابى أن «مصر والسودان وليبيا اذا حكموا بالديمقراطية والحرية بيكونوا واحد، لكن لو حكموهم الطغاة هاتتفتت العلاقات، كما كان من قبل، والآن نريد أن نضمن أن مصر بلد حر تماما، لكنها الحرية التى تفتح آفاقا لبناء مصر، ليكون شعبها منتجا ومبتكرا».

 

«مصر كُبتت كثيرا.. والآن انفتحت وهاتشوفوا لوحدكم ستصعد لأعلى»، هكذا يرى الترابى مستقبل مصر فى حكم الإخوان المسلمين، داعيا المصريين إلى الوقوف بجانب الحكومة الجديدة ومعاونتها.

 

يضيف الترابى أن حزب المؤتمر الشعبى يقوم باتصالات مع الأحزاب المصرية ليس فقط جماعة الإخوان المسلمين أو الأحزاب الإسلامية لكنه يؤكد انفتاح حزبه مع جميع التيارات السياسية فى مصر من اليساريين وحزب الوفد وجماعة أبوالفتوح التى تحولت إلى حزب مصر القوية، داعيا إلى نموذج الحكم الإسلامى الوسطى.

 

الخلاف مع مبارك

 

لم يرد الترابى الاستطراد فى حديثه عن مشاكله مع نظام مبارك الذى منعه من دخول مصر لأكثر من 15 عاما قائلا «ما عندى أحقاد مع الطغاة عندما ينتهون»، لكنه يتذكر حديثا دار بينه وبين الرئيس المخلوع حسنى مبارك قائلا «لم يكن هناك أداة للتفاهم معه حاولت أوصل لتفكيره بكل الطرق، قلت أجيبه من الدين مش نافع، وكنت أقنعه بالتكامل الاقتصادى، وعرضت عليه تهجير المصريين إلى السودان، قلت له يا أخى عيب المصريين يسكنوا المقابر واحنا عندنا الأرض واسعة، لكنه قال لى الأمريكان ما يرضوش، قلت له لا تعلن مباشرة لكن افتح الطريق للناس تيجى وسهل لهم مشروعات، لكن كانت اقتراحات لم تلق قبولا».

 

 

•من هو الترابى؟


«أشهر القادة الإسلاميين فى العالم العربى، وقائد الثورات الإسلامية ضد الحكم العسكرى»، هكذا يوصف الشيخ حسن الترابى الذى بدأ عمله فى السياسة كأحد أعضاء جبهة الميثاق الإسلامية والتى تعد أول حزب تؤسسه الحركة الإسلامية السودانية التى تحمل فكر الإخوان المسلمين، والتى عملت حتى عام 1969 لحين مجىء نظام جعفر النميرى بانقلاب عسكرى ليعتقل أعضاءها ليمضى الترابى سبع سنوات فى السجن ثم خرج بعد مصالحة الحركة الإسلامية مع النميرى فى 1977.

 

أسس الترابى الجبهة الإسلامية القومية بعد سقوط نظام النميرى بثورة شعبية ضد فرضه قوانين الشريعة الإسلامية وترشح للبرلمان لكنه لم يفز، ليقوم بانقلاب عسكرى آخر ضد حكومة المهدى المنتخبة مساندا لعمر البشير والذى عينه رئيسا للسودان.

 

فى حكم البشير كان الترابى حليفا له فى سنواته الأولى حيث عين رئيسا للوزراء ووزيرا للخارجية ووزيرا للعدل حتى أسس حزب المؤتمر الشعبى واختير رئيسا للبرلمان السودانى فى 1996.

 

انقلب الترابى على البشير ودعاه إلى التنحى بعد قرار المحكمة الدولية بارتكاب جرائم حرب فى دارفور، ووقع الشقاق بعد صراع مرير مما دفع البشير إلى حل البرلمان فى 1999 وبعدها أصبح الترابى أشهر معارض للحكومة واعتقل عددا من المرات آخرها بداية 2011 بعد أن اتهم حزبه بتمويل أعضاء جبهة العدل والمساواة فى غرب دارفور.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved