رئيس بعثة صندوق النقد إلى مصر في أول حوار له: قرب الانتخابات الرئاسية لم يؤثر بأي شكل على تنفيذ خطوات برنامج الإصلاح الاقتصادي
آخر تحديث: الأربعاء 22 نوفمبر 2017 - 9:02 م بتوقيت القاهرة
حوار- نيفين كامل
- تدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة أو ارتفاع أسعار النفط مخاطر محتملة تحيط ببرنامج الإصلاح
- على الحكومة مراجعة توقيت بعض النفقات ذات الأولوية الأقل إذا استمر ارتفاع سعر النفط
- نتوقع أن ينخفض الدين بشكل كبير على مدى السنوات القادمة حال استمرت الحكومة في خططها للضبط المالي
- علينا أن نقيم مدى فاعلية برامج الحماية الاجتماعية للحكومة المصرية قبل أن نقرر إذا كنا نحتاج فرض ضرائب تصاعدية من عدمه
- لا تزال هناك إمكانية لتحقيق أهداف المالية العامة لهذا العام على الرغم من ارتفاع العجز الأولي في الربع الأخير
- حصول مصر على ترتيب متدني في معيار الانفاق الاجتماعي في تقرير "الراصد المالي" الصادر عن الصندوق يعود لقدم البيانات التي اعتمد عليها وعدم رصده لمصروفات دعم الطاقة والغذاء ومعاشات التقاعد.
بداية إيجابية استهل بها سوبير لال، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر، مهمته في القاهرة عندما أوصى بمنح الحكومة الجزء الأول من الشريحة الثانية من قرض الصندوق (والتي تقدر قيمتها بـ2 مليار دولار من أصل 12 مليار دولار القيمة الإجمالية للقرض).
لال، الذي استلم منصبه حديثا خلفا لكريس جارفيز، زار القاهرة على رأس بعثة من الصندوق منذ أيام، لإجراء المراجعة الثانية لبرنامج الإصلاح المصري، وجاءت توصيته بصرف الـ 2 مليار دولار، دليلا على ارتياحه لمسار البرنامج الذي تنفذه الحكومة منذ نهاية 2016.
«الشروق» انفردت بأول حوار مع لال بعد أيام قليلة من عودته إلى الولايات المتحدة، لتتعرف على أسس تقييمه لبرنامج الإصلاح المصري، والمخاطر التي يحتمل أن تعرقل تنفيذه خلال الفترة القادمة، وللإجابة على عدة أسئلة شغلت الرأي العام في الآونة الأخيرة من حيث مدى رضاه عن اهتمام الحكومة بالعدالة الاجتماعية في برنامجها الإصلاحي، وموقف الصندوق من تنفيذ الضرائب التصاعدية، وتعليقه على الارتفاع الحاد في ديون مصر الخارجية، وكيف ومتى سيتخلص الشعب المصري من الضغوط التضخمية التي تلاحقه منذ بدء التعاون مع الصندوق.
* انتهت بعثة صندوق النقد من المراجعة الثانية لها لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري.. كيف ترى تقدم الإصلاحات الاقتصادية في مصر وما هي المخاطر المحيطة بها؟
- يمضي برنامج الاصلاح المصري على مسار جيد، فالإجراءات الحاسمة التي اتخذتها السلطات المصرية على مستوى السياسات مستمرة في تحقيق نتائج ايجابية من حيث استعادة ثقة السوق، وتقوية النمو، وتضييق عجز الموازنة والحساب الجاري، وارتفاع رصيد الاحتياطي النقدي الأجنبي الذي بلغ أعلى مستوياته منذ عام 2011.
بالإضافة إلى ذلك، اتخذ التضخم مسارا هبوطيا، ولكن أي تغيرات غير متوقعة في البيئة الخارجية، مثل التغيرات في الأوضاع المالية العالمية، أو ارتفاع أسعار النفط أو تغير الوضع الأمني في المنطقة، سيكون له تأثير على هذا المسار.
وبالنسبة للمخاطر المحلية، فإن استمرار مجهودات الحكومة والبنك المركزى للحد من التضخم أدت إلى الحد من مخاطر الضغوط التضخمية. وتتراجع حدة المخاطر الأخرى المحيطة بتنفيذ البرنامج بفضل "سجل الأداء القوي للسلطات" وحماس الحكومة للبرنامج الذي أعدته بنفسها.
* استهدفت الحكومة المصرية خلال الفترة الأخيرة سد الفجوة التمويلية، وقد نجحت في ذلك، ولكن في المقابل سجلت فاتورة الدين ارتفاعا حادا.. فهل ترى أن سد فجوة التمويل من خلال الاقتراض إجراء سليم؟
- آليات الاستدانة التي تتبعها الحكومة المصرية تتسق إلى حد كبير مع الخطط التي قدمتها للضبط المالي، ومع استمرار هذه العملية، ستتراجع احتياجات الحكومة للتمويل، ونتوقع أن ينخفض الدين بشكل كبير على مدى السنوات القادمة.
• هل سيؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة العجز في الموازنة العامة، علما بأن سعر النفط في الموازنة الحالية هو 55 دولارا؟ وكيف يمكن معالجة هذه المسألة؟
- تأثير أسعار النفط على عجز الموازنة متوقف على مدى الارتفاع ومدته، وحتى الآن السلطات ملتزمة بأهداف موازنتها، وهو ما يطمئننا بأنها ستتخذ الإجراءات العلاجية المناسبة حال حدوث مخاطر تؤدي لعجز الموازنة، ومن هذه الإجراءات على سبيل المثال مراجعة توقيت بعض النفقات ذات الأولوية الأقل.
• يرى البعض أن الانتخابات الرئاسية ستؤخر بعض خطوات برنامج الإصلاح، هل تتفقون؟
- لا .. لم نشهد أي تراجع في زخم الإصلاح مع قرب الانتخابات الرئاسية، ونحن واثقون أن تنفيذ السلطات لبرنامج للإصلاح سيستمر باطراد.
• ألا ترى أن الوقت قد حان لاعتماد نظام الضرائب التصاعدية من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية؟
- بشكل عام، تتسم سياسات الإنفاق في مصر بفاعلية أكبر من حيث تحقيق الأهداف الاجتماعية. وتتحقق هذه الأهداف من خلال برامج المساعدة الاجتماعية التي ارتفع الإنفاق عليها في الموازنة العامة بنسبة 1% من إجمالي الناتج المحلي، فضلا عن جهود توخي مزيد من الدقة في توجيه المساعدة الاجتماعية إلى الفئات الأكثر احتياجا، بما فيها على سبيل المثال توسيع نطاق برامج "تكافل وكرامة".
ومتى أُحرِزت أهداف تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي وسنحت لنا الفرصة لنرى التأثير الكامل لجميع إصلاحات الضرائب والمساعدة الاجتماعية، يمكننا عندئذ أن نأخذ خطوة إلى الوراء ونُقَيَّم بموضوعية مدى الحاجة إلى مزيد من الإصلاحات لمواصلة تطوير شبكة الأمان الاجتماعي.
* وصل العجز الأولي خلال الربع الأخير من عام 2017 إلى مستوى أعلى من المتوقع. هل هذا أمر يثير قلقكم؟
- فيما يتعلق بالعجز، من الضروري أن ننظر إلى توقعات السنة كاملة نظرا لاحتمال وجود اختلافات بين أرباع السنة نتيجة عوامل كثيرة، هذه مسألة عادية. وبوجه عام، لا تزال هناك إمكانية لتحقيق أهداف المالية العامة لهذا العام.
* أثبت تقرير "الراصد المالي" الصادر عن صندوق النقد في أكتوبر الماضي، أن مصر تأتي في أدنى مرتبة حينما يتعلق الأمر بالإنفاق الاجتماعي. ما تعليقك؟
- يستخدم مقياس الإنفاق الاجتماعي في تقرير "الراصد المالي" قاعدة بيانات موحدة على مستوى البلدان، وآخر بيانات توافرت عن مصر هي بيانات 2012.
بالإضافة إلى ذلك، فإن البيانات التي يقدمها التقرير لا تتضمن بعض البنود المهمة في مصر، مثل دعم الطاقة والغذاء أو معاشات التقاعد القائمة، ونظرا لأن البيانات تعود إلى عام 2012، فهي لا تعكس ارتفاع مستويات المنافع واتساع نطاق تغطية برنامج التحويلات النقدية "تكافل وكرامة" ومضاعفة منافع دعم الغذاء مؤخرا.
وهنا يجب أن نتذكر أن برنامج السلطات يتضمن توسيع نطاق الحماية الاجتماعية وزيادة الدقة في توجيهها إلى الفئات الأكثر احتياجا، وقد حققت السلطات تقدما كبيرا على هذا الصعيد.