كلاب الشوارع.. هل قتلها يخل بالنظام البيئي والتنوع البيولوجي في مصر؟

آخر تحديث: الثلاثاء 30 نوفمبر 2021 - 1:34 م بتوقيت القاهرة

تحقيق: أحمد الجمل

يشتعل الجدل فى مصر منذ فترة حول ظاهرة انتشار الكلاب في مختلف الشوارع المصرية، فلا تكاد تخلو مدينة أو حي من الآلاف منها، سواء كانت هذه المدينة ريفية أم ساحلية أم حضرية.


ومع الانتشار الواسع للكلاب الضالة والذي يخرج عن السيطرة ويؤدي إلى الحوادث أحيانا، تنتهج الحكومة المصرية منذ سنوات منهاجا مقننا لمكافحة كلاب الشوارع، ويطالبها البعض بتكثيف هذا العمل، خاصة أن بعض هذه الكلاب قد يكون مصابا بالسعار.

 

ومع هذه المطالبات أطلقت الدولة الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة 2030، وضمّنت أحد محاورها على مبادرة للقضاء على مرض السعار بحلول عام 2030، بما يتفق مع استراتيجية منظمة الصحة العالمية في ذات الشأن، وتكريس الجهود الحكومية والمدنية لمكافحة هذا المرض والقضاء عليه، لكن كيف تواجه الحكومة هذه الظاهرة وكيف يتم النظر إلى الأبعاد البيئية والصحية والتنوع البيولوجي حين التعامل مع ملف كلاب الشوارع.

 

حملات حكومية لقتل وتسميم كلاب الشوارع:


تشن الإدارة المحلية بالمحافظات والأحياء في مصر عدة حملات من فترة إلى أخرى، تستهدف مكافحة انتشار الكلاب الضالة بالشوارع، وذلك بالتنسيق بين مديرية الطب البيطري ومسئولي الأحياء والمراكز، ويتم التعامل مع الكلاب الضالة عادة إما بالقتل بالخرطوش أو بإلقاء طعام يحتوى على سم الاستركنين المستخدم لمكافحة انتشار الكلاب فى الشوارع المصرية، والتى قدرت بـ20 مليون كلب ضال، بحسب دراسة منسوبة لطبيب بيطري بوزارة الزراعة.


وفي فبراير العام الماضي هاجمت مجموعة من الكلاب الضالة أهالي قرية في مركز ملوي بمحافظة المنيا جنوب مصر، ما أسفر عن عقر 14 طفلا، نقلوا إلى المستشفى، وحينها شنت مديرية الطب البيطري حملة أعدمت فيها 30 كلبا داخل القرية والقرى المجاورة.


وحينها، أوضح محمد عثمان مدير الطب البيطري بالمنيا، أنّ مواجهة الكلاب الضالة تتم باستخدام مادة "سلفات الاستركنين" لإعدام الكلاب بالقرى والنجوع، مشيرا إلى أن الحملات تضم أطباء بيطريين.

 

- الظهير التشريعي لتسميم الكلاب:


طبقا لقانون الزراعة المصري رقم 53 الصادر سنة 1966 والمعمول به حتى الآن، فإن الفقرة "ط" من المادة 131 منه تنص على إلزام وزير الزراعة بإصدار "قرارات تحدد الإجراءات التي تتخذ بشأن الكلاب ومرض الكلب ومراقبة الحيوان الشرس والعقور والحالات التي يجوز فيها ضبط وذبح هذه الحيوانات أو إعدامها دون تعويض عنها لأصحابها".


وفي عام 1967 صدر قرار وزير الزراعة لإعمال المادة السابقة وهو القرار رقم 35 لسنة 1967 حيث تنص المادة 12 منه على "التزام الإدارة البيطرية المختصة بتسميم الكلاب والقطط الضالة التى توجد فى الطرق والاماكن العامة أو إعدامها بأية طريقة دون استعمال القسوة معها، وعلى الإدارة البيطرية ملاحظة دفن جثثها أو حرقها"، بحسب نص المادة.


ومن هنا يتضح أن الهيئة العامة للخدمات البيطرية، التابعة لوزارة الزراعة، هى المسؤولة عن تسميم الكلاب والقطط الضالة في الشوارع أو إعدامها بدعوى القتل الرحيم، ثم دفن الجثة أو حرقها طبقا للقانون.

 

- استراتيجية للتنمية المستدامة ولكن غير مفعلة:


دينا ذو الفقار الناشطة فى مجال حقوق الحيوان، أوضحت في حديث خاص لـ"الشروق" أن الحكومة المصرية قد أقرت فى سبتمبر 2020 استراتيجية للتنمية المستدامة 2030 يحتوى أحد محاورها على مكافحة الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان، لكن منذ هذا الحين لم يتم الإعلان عن تفاصيل الاستراتيجية، ولم تتخذ الحكومة خطوات فعلية للحد من هذه الأمراض وتحقيق التوازن البيئي وعدم الإخلال به، وتعزيز التنوع البيولوجي أيضا، بحسب ذو الفقار.


وتؤكد الناشطة أن حماية وتعزيز التنوع البيولوجي في مصر لا يمكن أن يكون بالقضاء على الكلب المصري لأنه يعتبر أحد الأنواع الأصلية، معتبرة أن "مكافحة الكلاب الضالة في الشوارع وقتلها سواء بالخرطوش أو سم الاستركنين، هو جريمة ضد حقوق الحيوان من جهة، ومن ناحية أخرى فإنه يقضي على التوازن البيئي ويقلص فرص التنوع البيولوجي" الذي أعلنت مصر أنها تهتم به مؤخرا واستضافت مؤتمر الأمم المتحدة لتعزيز التنوع البيولوجي عام 2018 بمدينة شرم الشيخ.

 

- استخدام سم محظور دوليا لمكافحة كلاب الشوارع:


تشير الأبحاث المتخصصة المنشورة عن سم الاستركنين أنه مادة شديدة السمية وخطيرة على البيئة بحسب موقع "”pubchem المتخصص في أبحاث المواد الكيمياء والمستحضرات الطبية، فهو نوع من السموم المحرمة استخدامها في العديد من الدول.


ويؤكد هذا البحث أن هذه المادة سامة جدا وخطيرة على الحياة المائية وتأثيراتها طويلة الأمد لأنها لا تتحلل بسهولة فى الماء أو التربة، كما أن الجرعة القاتلة منها عن طريق الفم في البشر أقل من 5 ملغ/ كجم، أى أقل من 7 قطرات كافية لقتل شخص بالغ لأنه يسبب تشنجات عنيفة وشلل للجهاز التنفسي في مدة تتراوح بين 15 إلى 60 ثانية.


كما أنها مادة شديدة السمية، قاتلة إذا تم استنشاقها أو ابتلاعها أو امتصاصها من خلال الجلد، وبالرغم من أنها غير قابلة للاحتراق لكن قد تتحلل عند التسخين وتنتج أبخرة شديدة السمية. قد تصل للمياه أو التربة وتلوثها، وقد تنفجر الحاويات المستخدمة لتخزينها عند تعرضها لدرجة حرارة عالية وقد تصل للمجارى المائية وتلوثها.


وفيما يتعلق بتأثير قتل كلاب الشوارع بسم الاستركنين الذي تستخدمه الجهات الحكومية ممثلة فى وزارة الزراعة والمحافظات والوحدات المحلية والطب البيطري لمكافحة انتشار الكلاب في الشوارع، أوضحت ذو الفقار أن "الاستركنين" غير مدرج على جداول السموم بوزارة الصحة أو وزارة الزراعة، وهنا تكمن الكارثة، أن هذا السم لا يمكن التعرف عليه أو إعطاء شهادة بتحليل من أى جهة طبية يثبت الإصابة به، وتكون نتيجة التحليل أنه تسمم بمادة "غير معروفة".

 

- تهديد التوازن البيئي والتنوع البيولوجي:


أشارت ذو الفقار إلى أنه فضلا عن كون هذا السم مجرّم في العديد من الدول، ويستخدم بلا رخصة فى مصر، فإنه يهدد التوازن البيئي من ناحية والتنوع البيولوجي من ناحية أخرى، حيث أن قتل جموع الكلاب بهذه الطريقة الوحشية يعمل على تقليل أو انعدام وجودها فى مناطق معينة مثل منطقة التجمع الخامس على سبيل المثال والتى انتشر فيها الفئران ومختلف القوارض والثعابين نظرا لانعدام وجود عدوها الطبيعي وهو الكلاب المصرية البلدي، وهو ما كشف بجلاء عن اختلال للتوازن البيئي نتيجة الحملات الموجهة للقضاء على الكلاب فى هذه المنطقة.


ولفتت إلى تأثير آخر لقتل الكلاب على التنوع البيولوجي، حيث أن التوسع فى قتل الكلاب البلدي يهدد بانقراضها وهو فصيل أصيل من الحيوانات فى مصر، لذا لا يجب القضاء عليه وإبادته وإنما التعامل معه طبقا للحاجة سواء بالتطعيم أو بالتعقيم وهما الحل الأمثل للتعامل مع انتشار الكلاب أو وجود بعض الأمراض المشتركة بينها وبين الإنسان، نافية فى الوقت ذاته وجود سعار في مصر، مؤكدة أن هذه ذريعة المسئولين في قتل كلاب الشوارع، لكن مصر ليس بها سعار وإن وجد فهو حالات قليلة جدا يمكن التعامل معها بالتطعيم الذي تبلغ فعاليته نسبة 100% ضد المرض، على حد قولها.


وتستنكر ذو الفقار هذه الممارسات تجاه النظام البيئي والتنوع البيولوجي، في حين أن مصر كانت حاضنة لمؤتمر الأمم المتحدة التنوع البيولوجي بشرم الشيخ في نوفمبر 2018، كما تم اختيارها رسميا لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP27 والمقرر له الانعقاد في مدينة شرم الشيخ في العام المقبل 2022.

 

- الحكومة تستخدم الاستركينين رسميا:


ينص قرار إنشاء إدارة الأمراض الفيروسية المشتركة التابعة لوزارة الزراعة، والمنشور في عدد الوقائع المصرية رقم 261 في 17 نوفمبر عام 1985، صراحة على اختصاص هذه الإدارة بـ"متابعة القضاء على الكلاب والقطط فى جميع المحافظات وتوفير سم الاستركنين اللازم لإعدام الكلاب الضالة".


كما يوضح موقع بوابة المشتريات الحكومية، أن هناك العديد من المناقصات المصرية المطروحة حديثا، لاستيراد مادة "سلفات الاستركنين"، وهى المادة التي نضر بالبيئة ضررا بالغا ودرجة سميتها عالية عن طريق الاستنشاق أو الدخول عن طريق الفم أو ملامستها للعين، كما أنها لا تتحلل فى التربة بسهولة بالتالي تضر الإنسان والحيوان معا فضلا عن إضرارها البالغ بالنظام البيئي.


دعاوى قضائية لمنع استخدامه في مصر:


في 19 أكتوبر 2020 أقام المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، نيابة عن جمعية "أورتيم لحقوق الحيوان"، دعوى قضائية حملت رقم 2242 من لسنة 75 ضد رئيس الوزراء، وزير الزراعة، وزير الصحة، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للخدمات البيطرية، وذلك لمطالبتهم بمنع استخدام سم الاستركنين لقتل الكلاب والحيوانات الضالة.


وأشارت الدعوى القضائية إلى أن مادة الاستركنين هي واحدة من أكثر 10 مواد خطرة على مستوى العالم في العالم.


وبحسب تقديرات وزارة التنمية المحلية، فإن مصر تستورد ما يقرب من 100 طن استركنين سنويا من الهند، سعر الكيلو يتعدي 500 دولارا، أى أن مصر تستورد هذه المادة المحظورة دوليا بقيمة مليار جنيه سنويا، وبعيدا عن التكلفة المادية المرتفعة لاستيراد نوع من السموم المحظورة دوليا، لكن يبدو أن الجهات الحكومية لا تعترف أيضا بأحدث الأبحاث والتقارير العلمية التى نشرتها كبرى الدوريات العلمية والجامعات المتخصصة بشأن خطورة هذه المادة وتأثيرها على الحيوان والبيئة والتربة والمسطحات المائية والإنسان أيضا.

 

- مصدر حكومي يرد: نستخدم الاستركنين بحذر وبضوابط طبية:


مصدر من الهيئة العامة للخدمات البيطرية، تحفظ على نشر اسمه - لأنه غير مخول بالتصريح لوسائل الإعلام- أوضح في حديث خاص لـ"الشروق" إن الوحدات المحلية تقوم بمكافحة انتشار الكلاب الضالة عن طريق سم الاستركنين بالفعل، لكن بواسطة أطباء بيطريين متخصصين في التعامل مع حالات انتشار الكلاب أو الكلاب المصابة بالسعار.


وأضاف المصدر، أن هناك بدائل لمكافحة الكلاب الضالة بدلا من استعمال مادة الاستركنين، لكنه يرى في الوقت ذاته أن استحدام الاستركنين هو الحل العملى الوحيد، لأن الحلول الأخرى مثل التطعيم والتعقيم تتكلف أموالا طائلة ويستلزم ذلك وجود موارد بشرية ومادية هائلة.


ويشرح الطبيب البيطري قائلا: "عملية الإخصاء هي عمليّة جراحيّة للكلب في الأساس، وتحتاج فرقا متخصصة لصيد الكلاب ثم إجراء العملية، فضلا عن تكاليف التخدير وأجور الأطباء البيطريين والمطهرات والخيوط وخلافه، ناهيك عن ملاحظة الكلاب بعد إجراء العملية وتكلفة إجراء العملية وما إلى ذلك، ثم تجميع الكلاب مرة أخرى بعد إتمام عمليات الإخصاء وتركها مرة أخرى في الشارع، وبالتالى فالمسألة غير عملية مقارنة باستخدام السم".

 

ويرى المصدر أن نشطاء وجمعيات حقوق الحيوان التي ترى في التطعيم والتعقيم حلولا لانتشار الكلاب أو مكافحة السعار، غير موفقة في نظرتها للأمور ورؤيتها قاصرة "لأن ذلك يحتاج إمكانيات مادية وبشرية ضخمة، ويمكن أيضا أن تنعكس مسألة إخصاء الكلاب على النظام البيئي فلو تم إخصاء جميع الكلاب أو نسبة كبيرة منها، يمكن أن يؤدي ذلك لتقليل التناسل بنسبة كبيرة جدا تؤدي للإخلال بالتوازن البيئي، فهذا يجب أن يكون له دراسة بيئية معينة ولا يجرى بشكل عشوائي هكذا، لأن تناقص أعداد الكلاب بشكل كبير يؤدي لخلل فى السلسلة الغذائية"، يوضح المصدر.


وأكد أن الفرق الطبية المصاحبة لحملات القضاء على الكلاب، تستخدام سم الاستركنين في أضيق الحدود وليس بشكل عشوائي، نظرا لتأثيره الخطر على البيئة، كما توفر هذه الأطقم الطعوم المسممة للكلاب أنفسهم ولا يتم ترك السم فى الشارع، لكن يتم مراقبة الكلاب للتأكد من أنها تناولت الطُّعم ويتم أخذ الطعام المسمم الزائد عن الحاجة ولا يتم تركه فى الشارع لأنها مادة ذات سمية عالية فيتم التخلص منها وعدم تركها فى الشارع، مؤكدا وجود إشراف طبي وبيطري على إجراء هذه الحملات.

 

الحكومة: نواجه 20 مليون كلب ضال.. و574 ألف حالة عقر في عام 2019

 

ويؤكد ذات المصدر في حديثه للشروق، أن أعداد الكلاب تتراوح ما بين 15 إلى 20 مليون كلب ضال بالفعل، موضحا أن ما نشر بالجرائد وعلى لسان بعض المسئولين الحكوميين الكبار هى أرقام تقديرية لا تعبر عن إحصائية فعلية لأنها إحصاء الكلاب في جميع الشوارع على مستوى الجمهورية فيه استحالة عملية، لكنه يرى فى الوقت ذاته أنها هذه التقديرات أقرب إلى الدقة وليست فيها أدنى مبالغة.

 

وقال إن الهيئة العامة للخدمات البيطرية غير مختصة بقتل الكلاب في الأساس، ولا توجد إدارة متخصصة لمكافحة الكلاب، لكن عملها الرئيسي هو مكافحة السعار والقضاء عليه، والكلب هو أحد الحيوانات الناقلة لهذا المرض، لكنه ليس الحيوان الوحيد الناقل للمرض على عكس الشائع.

 

ويؤكد المصدر ازدياد حالات عقر الكلاب وانتشار أعدادها بشكل كثيف بالفعل، حيث تكشف بعض التقديرات أن حالات العقر وصلت إلى 574 ألف حالة فى عام 2019 وحدها، فيما كشفت دراسة أعدها الدكتور حمدي عرفة، أستاذ الإدارة المحلية، أن عدد الكلاب الضالة المنتشرة في مصر بلغ 22 مليون كلب، ومن المتوقع طبقا للدراسة أن تصل أعداداها إلى أكثر من 44 مليون كلب بحلول عام 2028.

 

خط ساخن للإبلاغ عن كلاب الشوارع:

 

بدوره أشار المصدر إلى أن وزارة الزراعة ممثلة فى الهيئة العامة للخدمات البيطرية، تتعامل وحدها مع هذه البلاغات بحالات العقر، حيث أن الدولة توفر خط ساخن رقم 19561 لتوجيه بلاغات المواطنين بالتضرر من حوادث عقر الكلاب إلى المحافظة، والتى بدورها تحيلها إلى مديرية الطب البيطري، ولا يتم التحرك فى الأغلب إلا في حالات الشكاوى الناتجة عن هجوم فعلى من الكلاب وإثبات ذلك فى وزارة الصحة.

 

وزاد بقوله: تداخل الاختصاصات هو ما يؤدى لتحميل الهيئة العامة للخدمات البيطرية فاتورة القضاء على الكلاب الضالة وحدها، لأن الوحدات المحلية والشرطة ووزارة البيئة ووزارة الصحة يجب أن يكون لهم دور أيضا وليس وزارة الزراعة وحدها، مؤكدا أن الشرطة كانت فى السابق هي الجهة المسئولة عن مكافحة الكلاب عن طريق القتل الخرطوش، لأن الطبيب البيطري لن يقوم بحمل السلاح وقتل كلاب الشوارع بطبيعة الحال، ثم انتقل الملف للمحليات ثم تداخل معها الطب البيطري عندما تم استعمال سم الاستركنين للقضاء على الكلاب.

 

وأوضح أن السعار ليس له علاج فعلى، وما يتم هو محاولة اللحاق بالحيوان أو الإنسان المصاب بالسعار، وإذا لم يتم إسعافه في توقيت معين حوالى 24 ساعة فيسوف يكون عرضة للموت بنسبة أكبر، لأن المرض ينتشر فى الأعصاب سريعا.

 

- قتل الكلاب والإخلال بالنظام البيئي:

 

بدوره يوضح الدكتور عاصم عبد المنعم، الأستاذ المساعد بالمعمل المركزي للمناخ الزراعي، أن النظام البيئي هو عبارة عن سلسلة متصلة طبيعيا بين الكائنات، سواء الحيوان أو النبات، فعند القضاء على نوعية معينة من الحيوانات سوف ينتج عن ذلك خللا واضحا فى هذه السلسلة، لأن الحيوانات التى تعتمد فى غذائها على الحيوان المنقرض سوف يمثل ذلك تهديدا لوجودها بطبيعة الحال، كما ستتأثر الحلقة التالية من السلسلة حيث تزداد الأنواع التى كانت يتغذي عليها النوع المنقرض أو النوع الذي يقل وجوده عن التواجد البيئي الطبيعي في السلسلة الغذائية، فالتأثير هنا يكون على المُتغذيِ والمُتغذىَ عليه.

 

وأشار إلى أن إعدام الكلاب الضالة وتقليل أعداها سينتج بالضرورة خللا بيئيا في السلسلة الغذائية، وضرب مثالا بالفئران عندما زادت فى دولة من دول أوروبا، فحدث مكافحة لها وانخفضت أعدادها كثيرا، وهو ما أدى للإخلال بالتوازن البيئي، حيث أن الفئران كانت تتغذي على حشرات معينة وبالتالى تقوم بدورها في التوازن الحيوى، فبدأ ظهور إصابات أكثر فى النباتات بسبب انخفاض نسبة الفئران.

 

ولفت إلى انخفاض أعداد الكلاب بسبب استهدافها فى مدينتى الرحاب والتجمع الخامس في مصر، أدى لانتشار كبير للثعابين والقوارض في المنطقتين.

 

ويختلف عبد المنعم مع تقديرات المصادر الحكومية، من حيث تقدير أعداد الكلاب الضالة في مصر بـ20 مليون كلب، ويرى أنه تقدير غير دقيق وغير علمي بالأساس بسبب عدم وجود جهة أجرت تعدادًا الكلاب، بالتالى فهو تقدير مبالغ فيه جدًا، مؤكدا أن طريقة مواجهة انتشار الكلاب الضالة هو نقلهم إلى أماكن إيواء أخرى، أو تطعيمهم حتى يمكن الوقاية من حالات العقر أو السعار إن وجد.

 

وأوضح أن طريقة تعامل المواطنين مع الكلاب فى مصر مؤذية في الأساس فالعديد من المواطنين يقومون بضرب الكلاب أو التعامل معها بعنف وغلظة ما يؤدى في بعض الأحيان إلى عقر الكلب للإنسان، لأن هذا يكون رد فعل طبيعي أو دفاع عن النفس ضد العنف في بعض الحالات.

 

وحذر عبد المنعم من خطورة انقراض فصيلة معينة من الحيوانات بسبب التكلفة الضخمة على النظام البيئي ككل، موضحًا أن بعض جينات النباتات المصرية انقرضت ولم تعد موجودة حاليًا، حيث أن بعض الأنواع من القطن والقمح والملوخية لم تعد موجودة فى مصر، لأن بنك الجينات المصري قد تم تدشينه في وقت متأخر جدا، وبالتالى لا نجد الجينات أو البذور الخاصة بها، وإذا تم استيراد أصناف من الخارج فنجد أنها لا تلائم التربة المصرية والظروف الجوية فى مصر، يقول عبد المنعم.

 

ولفت إلى أن الجينات المستوردة يمكن أن تنقل أمراض وآفات لا نعرف عنها شيء وهو ما حدث عند استيراد القمح المكسيكي في السبعينيات، حيث ظهر حينها نوع جديد من صدأ القمح غير صدأ القمح المصري، صدأ القمح المكسيسكي، وهو ما يستلزم أبحاثًا ودراسات قد تمتد لعشرات السنين حتى يمكن السيطرة على المرض الجديد أو إيجاد علاج ناجع لمكافحته، وبالتالي فشلت التجربة.

 

ويرى عبد المنعم أهمية الحفاظ على هذه الأنواع عن طريق بنك الجينات بالنسبة للنباتات، والمحميات الطبيعية بالنسبة للحيوانات، مشيرا فى الوقت ذاته إلى أن الكلب المصري لن ينقرض فى الوقت الحاضر لأن الأمر لم يصل لمرحلة الصيد الجائر، وأن ما يحدث فقط هو استهداف للكلاب فى مناطق محددة عن طريق وسيلة غير آدمية وهى القتل أو السم، وليس استهداف للفصيلة أو النوع كله.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved