بعد ارتفاع الأسعار.. كيف تتعامل الأمهات مع فكرة تحضير «اللانش بوكس» لأطفالهن؟

آخر تحديث: الإثنين 23 يناير 2023 - 4:06 م بتوقيت القاهرة

بسنت الشرقاوي

تسعى كل أم لتحضير طعام يومي جيد ومفيد لطفلها في شكل لطيف لفتح شهيته خلال يومه الدراسي، لكن تخشى بعضهن من أن تؤثر الأزمة الاقتصادية على الأمر، بسبب موجة الغلاء التي ضربت الأطعمة الأساسية، مثل البيض ومنتجات الألبان والخضروات واللحوم، نتيجة ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه وجشع التجار، فهل أثر ذلك على محتوى صندوق الطعام أو "اللانش بوكس" كوجبة يومية للأطفال خلال يومهم الدراسي؟

ساندوتشات المدرسة أو "اللانش بوكس" كما عُرف حديثا، قد تختلف المسميات مع تقدم الزمن، لكن تبقى القاعدة العريضة لدى الأمهات في التحضير هي "الطعام المنزلي الصحي"، وهو الذي لا يزال متربعا وسائدا في "لانش بوكس" الأطفال بالمدارس.

وتواصلت "الشروق" مع بعض الأمهات اللائي يمتلكن أطفالا في أعمار مختلفة (حضانة- ابتدائي- إعدادي)؛ لاستعراض خبراتهن في تحضير الطعام اليومي لأطفالهن "اللانش بوكس"، خلال اليوم الدراسي، وجميعهن أكدن أن الطعام المنزلي هو السيد في التحضير، حتى بعد موجة الغلاء.

• كل شيء بقى غالي

من إسكندرية، تقول السيدة شيرين، والدة طفل في المرحلة الإعدادية، إنها لم تغير نظام إعدادها للوجبات في "اللانش بوكس" لطفلها: "ماغيرتش نظامي في تجهيز اللانش بوكس، باحط دايما ساندوتش من الجبن وآخر نوتيلا، أنا باعملها في البيت بتكلفة أقل من الجاهزة، وقطعة بسكويت بالشوفان أيضا أنا اللي عاملاه في البيت، ولما بيكون عندي خيار باضيفه مع ثمرة فاكهة، ولو مفيش فاكهة باضيف عصير الليمون".

تنتهج شيرين منهجا مغايرا لأغلب الأمهات هذه الأيام، فهي لا تقتنع بإدخال جميع أنواع اللحوم أو البيض في وجبة الإفطار: "عمري ما اقتنعت بساندوتشات البانيه والكفتة كفطار، إحنا بنربي أطفال مش بنعلف وخلاص، حتى البيض مش باضيفه في وجبة المدرسة لـ(مصطفى) ابني، البيض بيكون في فطار البيت يوم الجمعة وبس، لكن مدرسة لا، علشان باشفق على الأطفال المحرومين منه".

وأضافت شيرين، لـ"الشروق": "حتى المصروف لا أعطي لابني مصروفا نهائيا؛ لأنه يعوضه بالأكل اللي باكون عاملاه في البيت زي بسكويت الكوكيز، وباحط منه زيادة لما بيكون متاح علشان أصحابه".

كانت شيرين ضمن الأمهات الملهمات وصاحبة رسالة، فبعدما توفي طفلها "كريم"، العام الماضي، بمرض السرطان، قررت إنتاج طعام منزلي بغير مواد حافظة؛ لتقليل فرص الإصابة بالأورام لدى الأطفال، وحاز ذلك على إعجاب أطفال أصدقائها، بعدما نجحت في تحضير الأطعمة السريعة في المنزل مثل (البرجر والشيكولاته وغيرها) لتضاهي طعم تلك المباعة في الأسواق، وكل ذلك بعدما حولت مطبخها الصغير إلى معمل متواضع لمشروع بهامش ربح بسيط كزكاة عن طفلها المتوفي، الذي كانت تطعمه نفس الطعام المنزلي لإتمام شفائه.

لكن موجة غلاء الأسعار التي نجمت عن ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه، أثرت على المشروع بل وسير الحياة اليومية لشيرين وأسرتها الصغيرة المكونة من زوجها وطفلها "مصطفى"، الذي لا يزال يدرس في المرحلة الإعدادية، حيث تقول إن وجبة الغذاء المنزلية تضررت من ارتفاع الأسعار، وأنها لم تستطع التوفير في حصالة المنزل كما اعتادت العام الماضي: "اضطريت أوقف شغلي بشكل تام لإن مفيش سعر ثابت، وحسيت إني مش هقدر أبيع الحاجة بسعر يناسب الكل، وكنت عاملة حصالة توفير في البيت، دلوقتي مش باقدر أدخر فيها أي فلوس علشان كل شيء بقى غالي".

اقرأ أيضا:

بعد إصابة طفلها بالسرطان.. سيدة تطلق مشروعا للطعام الصحي: بلاش تعيشوا تجربتي


• سندوتشات المدرسة من طعام المنزل

ومن القاهرة تقول (و. ف.)، والدة لطفلين في المرحلة الابتدائية، من الطبقة المتوسطة، إنها تعتاد إعداد "اللانش بوكس" من طعام المنزل، مع إدخال خبز الفينو.

وأضافت (و. ف)، لـ"الشروق": "أطفالي بيشربوا اللبن في الصبح، وبعدين باحضر لهم سندوتشات المدرسة من طعام المنزل، مثلا جبن بالبيض أو بطاطس بالبيض أو مربى أو بيض مسلوق، وساعات لو اتبقى من الغداء بانيه أو كفتة؛ باعمله في سندوتشات وباضيف معاه خضروات، مثل البروكلي أو الخس أو الجزر، مع ثمرة فاكهة".

• تأثير على توفير الأطعمة الجانبية المكملة

بالانتقال لمحافظة الجيزة، تقول (ن. إ.)، والدة طفلة في مرحلة الروضة (الحضانة)، إنها اعتادت على إعداد طعام اليوم الدراسي لطفلتها من أطعمة المنزل: "باحضر لبنتي سندوتشات جبن أو بطاطس أو بيض، وكنت باحطلها مرة فاكهة ومرة خضار خيار أو فلفل".

وتابعت أنها اعتادت إعطاء طفلتها أطعمة مكملة أو أخرى للتحلية مصنوعة في المنزل: "بعض الأوقات كنت بديها كيك مع السندوتشات، أو بسكويت، وكل الحاجات دي بتكون مصنوعة فى المنزل".

وكمثل بقية الأمهات، تستشعر (ن. إ) آثار أزمة ارتفاع الأسعار والسلع الاستهلاكية التي نتجت عن ارتفاع الدولار أمام الجنيه المصري، معبرة أن هذه الأزمة ستؤثر على قدرتها على توفير الأطعمة المكملة، بجانب الوجبة الأساسية لطفلتها في المدرسة.

• الطعام المنزلي حديث الأمهات الشائع على فيسبوك

ورصدت "الشروق" منشورات عديدة لأمهات يتساءلن ويعرضن طرق إعداد اللانش بوكس، في جروبات بموقع "فيسبوك".

وتفاعل عدد كبير مع تلك المنشورات، حيث شاركت الأمهات خبراتهن في إعداد "اللانش بوكس" لأطفالهن، ولم يخل منشور واحد من الطعام المنزلي.

وبعد الاطلاع على عدد كبير من المنشورات ظهر أن الاختيار الأغلب للأمهات في إعداد "اللانش بوكس"، ينحصر في العصائر والزبادي مع فواكه وخضروات مثل الخيار والطماطم، مع خبر محشو بطاطس أو جبن أو حلوى طحينية أو بيض مقلي محضر في المنزل كوجبة رئيسية.

وشاركت إحدى الأمهات في أكتوبر الماضي، طريقة إعداد طعام المدرسة لطفلها، وكانت المكونات خبز توست محشو بالبيض المقلي في المنزل، مع جبن الشيدر، مع بروتين المشروم، بالإضافة لسمبوسك بالجبن مطهوة في المنزل، وبطاطس محضرة في المنزل، مع قطعة وافيل للتحلية، وهي طعام منزلي أيضا.

• ما الذي يجب أن تحتويه وجبة الغذاء المدرسية؟

قال الدكتور إبراهيم خليفة، أستاذ الأغذية الوظيفية بكلية الزراعة جامعة بنها، إن التنوع في الوجبات الغذائية هام جدا للطفل، مشيرا إلى أنه من الأفضل أن يتناول الطفل وجبة الإفطار في المنزل، ويجب أن تحتوي على كوب لبن وبيضة وقطعة من الجبن، مع أي مأكولات خضراء مثل البقدونس أو غيره؛ لأنها تزيد من كفاءة الدورة الدموية، وتحسن الكفاءة خلال اليوم الدراسي.

وأضاف خليفة، في تصريحات سابقة لـ"الشروق"، أن الوجبة الثانية وهي الغذاء في حقيبة الطعام خلال اليوم الدراسي، يجب الاهتمام بها جيدا، وبالعناصر العذائية التي سيحصل عليها الطفل؛ لتزويده بالطاقة وتحقيق كفاءة تلقي التعليم وزيادة التركيز ومنع الخمول وعدم الشعور بالتعب والإرهاق.

وبالتالي يجب أن تشمل وجبة الغذاء الآتي:

- منتجات الدقيق، ويفضل بالترتيب الخبز البلدي ثم الفينو؛ لأن الأول به ألياف تحسن من وظيفة الجهاز الهضمي كما ذكر في السابق.
- منتجات غنية بالكالسيوم والبروتين مثل الألبان أو نصف علبة زبادي أو قطعة جبن.
- مأكولات خضراء مثل الزعتر أو البقدونس.
- أي نوع من الأغذية الحيوانية الغنية بالبروتين مثل قطع لحم أو دجاج أو بيضة.
- مصدر خضار أو فاكهة، ويمكن إضافة الاثنين معا أو إحداهما فقط.
- يفضل وضع نقط زيت طبيعي غير مهدرج على الخضار؛ لأنه يعطي الطفل عنصر الأوميجا الذي يحسن التركيز.
- وضع زجاجة مياه تكفي احتياجات الطفل لشرب 4 - 6 أكواب خلال اليوم.

• كيف نحافظ على سلامة الوجبة الغذائية خلال اليوم؟

حذر خليفة من وجود أغذية لا ينصح بإضافتها للطفل في وجبة الغذاء، مثل المخللات والمياه الغازية والفطائر والفانيليا والكاراميل والشيكولاته والشيبسي والكيك واللحوم المصنعة، لأنها تحتوي على دهون زائدة تحدث تقلصات، كما يجب التقليل من العصائر المعلبة واستبدالها بفاكهة أو عصائر طبيعية.

ولفت إلى أنه للمحافظة على سلامة الطعام من الفساد داخل حقيبة الطعام (لانش بوكس)، فإنه لا يجب خلط الخضار مع اللحوم في طبق واحد، بل يجب تقسيم أنواع الطعام داخل حقيبة الطعام، ولابد أن تكون مغلقة بشكل جيد للحفاظ على سلامة الطعام؛ لأن الطفل سيتناول وجبة الغداء بعد ساعات طويلة من الدراسة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved