دراستان ترصدان عودة الانخفاض الملحوظ في انبعاثات الفريون الضار بالأوزون

آخر تحديث: الثلاثاء 23 فبراير 2021 - 9:54 ص بتوقيت القاهرة

بولدر/ بريستول - د ب أ:

رصدت دراستان دوليتان عودة التراجع في انبعاثات مادة كلورو فلورو الميثان المعروفة تجاريا باسم (الفريون) في العامين الأخيرين، وذلك بعد أن كانت أجهزة القياس أظهرت قبل بضع سنوات ارتفاعا مفاجئا في انبعاثات هذه المادة الضارة بالأوزون في الغلاف الجوي، والتي يُفْتَرَض أنه تم وقف إنتاجها بموجب اتفاقات دولية، وسرعان ما حامت الشبهات آنذاك حول الصين بوصفها مركز إنتاج هذا المركب.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا المركب بالإضافة إلى إضراره بطبقة الأوزون، فإنه يُعْتَبَر أيضا من غازات الاحتباس الحراري.

وكان باحثون قد استنتجوا في الفترة بين عامي 2013 و2018 استنادا إلى قياسات عديدة أن هذه المادة لا تزال يتم إنتاجها واستخدامها في شرق الصين رغم الحظر الدولي. وأجرى فريقا بحث دوليان دراستين ونشرا نتائج الدراستين في مجلة "نيتشر" وانتهت الدراستان إلى أن كمية الانبعاثات السنوية من هذا المركب عادت إلى الانخفاض في العامين الماضيين إلى متوسط حجمها في الفترة بين عامي 2008 و2012.

يذكر أن ثلاثي كلورو فلورو الميثان، والذي يُرْمَز له بـ(CFC-11) هو أحد مركبات مادة الكلورو فلورو كربون التي كانت تُسْتَخْدَم في الماضي في عدة أغراض من بينها التبريد وعلب الرش (سبراي) والمواد الرغوية البلاستيكية. وكان باحثون قد لاحظوا في حقبة السبعينيات أن مادة الكلورو فلورو كربون تضر طبقة الأوزون التي تحمي الأرض من الأشعة فوق البنفسجية الصادرة من الشمس.

وكان قد تم اكتشاف ثقب طبقة الأوزون فوق منطقة القطب الجنوبي في عام 1985، واتفق المجتمع الدولي بعد ذلك بعامين على إجراء تخفيض كبير لمادة الكلورو فلورو كربون بموجب بروتوكول مونتريال وبموجب اتفاقيات أخرى لاحقة حتى أصبح هناك حظر دولي على إنتاج هذه المادة القاتلة للأوزون منذ عام 2010.

وأعد الدراسة الأولى فريق من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة (NOAA) بقيادة ستيفن مونتزكا، وانتهت هذه الدراسة إلى حدوث تراجع سريع في قيم مادة ثلاثي كلورو فلورو الميثان في عامي 2019 و2020، واستخدم العلماء بيانات شبكتي قياس مستقلتين (NOAA، ووكالة تجربة غازات الغلاف الجوي العالمية المتقدمة AGAGE) من محطات في مناطق نائية من أجل تحديد قيم المتوسطات العالمية.

وبحسب هذه القياسات، فقد انخفضت انبعاثات هذه المادة عالميا من 2018 إلى 2019 بمقدار 18000 طن في العام أي بنسبة 26%، ونوه الباحثون بأن الكمية المبنعثة من ثلاثي كلورو فلورو الميثان في 2019 (52 ألف طن) اقتربت من المتوسط السنوي في الفترة بين عامي 2008 و2012.

وكتب الباحثون أن "تراجع الانبعاثات العالمية يشير إلى تراجع كبير في الإنتاج غير المبلغ عنه من تلك المادة، وبحسب شواهد وكالة التحقيقات البيئية الأمريكية، فإن تلك المادة كان قد تم إنتاجها في 2018 في مصانع صينية ولاسيما لاستخدامها في تصنيع مواد عازلة من رغاوي البولي يوريثان كمادة مصنعة للرغوة، ومن ثم فقد ارتبطت تلك المادة جزئيا بالرغاوي ثم راحت تتسرب تدريجيا من هذه المنتجات".

وقدر الباحثون في فريق مونتزكا، إجمالي كمية مادة ثلاثي كلورو فلورو الميثان التي تم إنتاجها بشكل غير قانوني في الفترة بين 2013 حتى 2018، والتي لا يزال من الممكن أن تنبعث مستقبلا من هذه المنتجات، بما يتراوح بين 90 إلى 725 ألف طن. ويعتبر هذا التقدير تقريبيا لأن العلماء لا يعرفون عملية التصنيع ولا يعرفون المنتجات على وجه الدقة. ويُذْكَر أن السبب في بطء انخفاض قيم مادة ثلاثي كلورو فلورو الميثان في الغلاف الجوي حتى مع التزام كل الدول بحظر الإنتاج، يرجع إلى تسرب هذه المادة من المنتجات التي تم تصنيعها قبل عام 2010.

أما الدراسة الثانية التي نشرت مجلة "نيتشر" نتائجها، فقد قام بها فريق بحث من جامعة بريستول البريطانية برئاسة ماثيو ريجبي، وعزت هذه الدراسة تراجع انبعاث المادة الضارة بالأوزون إلى أشهر مناطق إنتاجها وهي منطقة شرق الصين. واستند الباحثون في هذا إلى قياسات محطتين في كوريا الجنوبية واليابان، أي في منطقتين قريبتين جغرافيا من شرق الصين. واستخدم الباحثون نموذجين مستقلين لمحاكاة انتقال المواد الكيماوية في الغلاف الجوي واستخدموا أربع طرق إحصاء مختلفة. وانتهى العلماء في نتائج بحثهم إلى أن 60% من تراجع القيم العالمية لمادة ثلاثي كلورو فلورو الميثان يُعْزَى إلى تراجع انبعاثات هذه المادة الصادرة من شرق الصين.

ودرس ريجبي وزملاؤه أيضا تطوير مادتي (CFC-12) ورباعي كلوريد الكربون المرتبطتين بإنتاج مادة ثلاثي كلورو فلورو الميثان، وتراجعت قيم هاتين المادتين في عامي 2017 و2018.

وكتب الباحثون أن "احتمال ارتفاع انبعاثات مادة ثلاثي كلورو فلورو الميثان جرى الحديث عنه خلال اجتماعات علمية اعتبارا من مايو 2016 أي قبل عامين من طرح أول منشور أعده الخبراء".

واعتبر الباحثون أن من الممكن أن يكون لتراجع إنتاج مادتي (CFC-12) ورباعي كلوريد الكربون علاقة بعوامل منها تشديد أعمال الرقابة التي نفذتها السلطات الصينية بعد ذلك.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved