في الذكرى الـ120 لميلاده.. كيف أثار شيخ المعماريين حسن فتحي جدل علماء العمارة؟

آخر تحديث: الإثنين 23 مارس 2020 - 8:47 م بتوقيت القاهرة

الشيماء أحمد فاروق

في مثل هذا اليوم 23 مارس، ولد المعماري المصري حسن فتحي عام 1900، ونشأ في مدينة ساحلية ولم يتعرف على الريف إلا بعد بلوغه سن الـ27 عامًا، إلا أن الريف كان المحرك الرئيسي في أعماله، حيث اعتمد على "الطين" في صنعها، وكان يتبنى فكرة "الاعتماد على عناصر البيئة في فن العمارة".

وفي ضوء تلك الذكرى نلقي الضوء على حسن فتحي من وجهات نظر مختلفة، فهو معماري عالمي مُختلف عليه عربيًا.

تناول الدكتور عبدالباقي إبراهيم في كتابه "المعماريون العرب.. حسن فتحي"، بعض ملامح حسن فتحي الفنية والشخصية وفلسفته، في محاولة منه لرسم صورة عن إنسانيته وفكره ووجهات نظره، قائلاً: "لقد كان لشخصية حسن فتحي الأثر الكبير في انتشار فكره وفلسفته من خلال أعماله على هذا المدى الواسع في العالم، وتظهر هذه الشخصية في تكوينه العلمي والثقافي وبنائه الإنساني والفني، فهو يتميز بلباقة الكلمة وسعة الاطلاع وحماسة التعبير وقوة الإقناع".

وذكر أن اهتمام فتحي بالريف جاء عن طريق والدته التي عشقت الريف، وتمنت أن تعيش فيه طيلة عمرها، ورسمت له صورة رومانسية رسخت في وجدانه، ومن هنا بدأت عاطفته تتجه نحو الفلاح المصري الضعيف، وأخذ عقله يفكر في الأسلوب الأفضل لإسكان هؤلاء الفقراء.

و"فتحي" شخص رومانسي يحب الموسيقى الكلاسيكية ويعزف آلة الكمان، ترك منزله في الزمالك وفضل الحياة في القاهرة القديمة في منزل "رقم 4 درب اللبانة" وسط مباني العصر المملوكي.

• حسن فتحي والعمارة الريفية

وتحدث الدكتور عبدالباقي إبراهيم عن علاقة حسن فتحي بالعمارة الريفية، حيث بدأ أول تجربة له مع الإسكان الريفي عام 1940، عندما كلفته الجمعية الزراعية الملكية بتصميم بعض المساكن للفلاحين في بهتيم شمالي القاهرة، مستخدما الطوب اللبن؛ لعدم توافر مواد أخرى.

"الأقبية" و"القباب" هي أحد رموز فن العمارة عند الفنان حسن فتحي، والتي استقاها من العمارة النوبية، حيث انبهر بها في أول زيارة له لمدينة أسوان، ودمج بين هذا الفن النوبي وفن العمارة الإسلامية من خلال استلهام المشربيات والفتحات والعناصر الخشبية في أبنيته، فجاءت أشكال الأبنية التي تركها كصيغة معاصرة للعمارة الإسلامية؛ على حد وصف عبد الباقي إبراهيم.

• الفكر المعماري

ويتابع الدكتور عبدالباقي: "يظهر الفكر المعماري جليًا في كتابات حسن فتحي بالمجلات الثقافية، وما ألقاه من محاضرات في المحافل المعمارية، وجميعها تدور حول الأصالة الحضارية للعمارة العربية التي يجدها في عمارة العصور الإسلامية. ومن المبادئ الرئيسية لديه ما يسميه (نقل الطبيعة إلى الحضر عن طريق الرمز)".

ومن أقوال حسن فتحي المعروفة عن فن العمارة: "إن الناحية التقنية في العمارة -إلى جانب لزومها لضمان سلامة الإنشاء- تعتبر الوسيلة المتاحة لتناول المواد بالتشكيل في عمليات التعبير الفني الذي يجب على المعماري أن يمتلك ناصيتها، كما يمتلك عازف الآلة الموسيقية مثلا تقنية عزف السلالم الموسيقية والأوجييات والأكودات لكي يصل إلى مرحلة التعبير".

وتختلف الرؤية لحسن فتحي عند المعماري العربي عنه عند الغربي، وذكر عبدالباقي أن فتحي نال اهتماما كبيرا من المعماريين في الغرب، وظهر ذلك في نشر أعماله في المجلات المتخصصة المعمارية الفرنسية والإنجليزية والإيطالية واليونانية والإسبانية وغيرها، وهو لم ينل مثل هذا الاهتمام في مصر أو العالم العربي.

أما المعماري والأستاذ في جامعة القاهرة، نبيل الهادي، طرح سؤالاً في مقال له عن ضرورة تشجيع النقد المعماري، وقال: "متى يأتى اليوم الذى نرى أن من حقنا أن نتساءل عن القيمة الحقيقة لأعمال حسن فتحى وهل كان معماريا رائدا وهل عدم تطور أعماله أو مدرسته دليل على مشكلة جوهرية فى تعاليم المدرسة ذاتها؟!".

ومن الذين تناولوا إشكالية حسن فتحي، الدكتور علي عبد الرؤوف، الحاصل على الدكتوراة في الهندسة المعمارية، في كتابه "مقالات نقدية في العمارة المصرية"، وقال فيه: "إن الفهم الحقيقي لإنجاز حسن فتحي يجب أن يتجاوز حدود المبنى إلى آفاق الرؤية الفلسفية التي طرحها وناضل من أجلها، فهو بنى فقط ما لا يزيد عن اثنين بالمائة من أفكاره ومن ثم فإننا يجب أن نميز بوضوح بين حسن فتحي كمرجعي تشكيلية وبينه كمرجعية فلسفية.

وأكمل: "وإن الإساءة لحسن فتحي جاءت من تلاميذه أكثر من منتقديه، لأنهم سجنوا في مرجعيته التشكيلية وأنتجوا عشرات المشروعات المنفصلة عن الإطار الفلسفي له، وتكررت مشروعاتهم بصورة سرطانية في تجمعات سياحية تحولت إلى موضة قديمة الطراز فيما بعد".

أما الدكتور والمعماري هشام جريشة، خصص كتابًا كاملًا للرد على كتاب حسن فتحي "عمارة الفقراء"، وكان عنوانه "فقراء العمارة.. ردًا على كتاب عمارة الفقراء للمعماري حسن فتحي"، وخصص الكاتب فصلًا كاملًا بعنوان حضارة الطين يتناول فيه نقد موضوعي لعمارة حسن فتحي.

وقال جريشة في مقدمته: "في محاضرة لي بنقابة المهندسين تحدثت عن العمارة الطينية وما قدمه المهندس الرائع حسن فتحي، ثم عقبت بقول إن من عيوب هذا العمران أنه محدود فأنا أصنفه ضمن العمارة الصحراوية ولا أتصوره يصلح لمكان آخر، كمطقنة وسط البلد، وإذا بسيل عارم يوجه إلي وأنا فوق المنصة كيف تتحدث عن حسن فتحي، ومن أنت حتى تتكلم عنه، وهل تعرف تفاصيل حياته، وحزنت لا على نفسي بل على الناس أنهم مازالوا يعقدون القدسية للأفراد ولا يناقشون الأمور بشكل علمي".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved