مهن الصحابيات (1).. رفيدة الأسلمية: أول ممرضة في الإسلام

آخر تحديث: الإثنين 27 مارس 2023 - 11:54 م بتوقيت القاهرة

هند أحمد عمر

يتبين من الاستشهادات القرآنية ومن السنة النبوية، أن الإسلام كرم الرجل والمرأة وحثهم على العمل على حد سواء، وأعطى المرأة الحرية الكاملة في التصرف في مالها، وأعطاها حق اختيار العمل أو المهنة التي تميل إليها، وليس فيها مخالفة لنص شرعي.

ويقول الله تعالى في قرآنه: "وقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ"، فيما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لَأَنْ يَحْتَطِبَ أحَدُكُمْ حُزْمَةً علَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ له مِن أنْ يَسْأَلَ أحَدًا، فيُعْطِيَهُ أوْ يَمْنَعَهُ".

وتستعرض "الشروق" في حلقات خلال الـ10 أيام الأولى من شهر رمضان، مهن الصحابيات في عهد النبي مع ذكر أمثلة لهؤلاء الصحابيات اللاتي امتهنَ هذه المهنة.

الحلقة الأولى: "مهنة الطب"

امتهنت النساء في عهد النبي مهنة الطب، فكان للعلوم الطبية مكافحة خاصة في الإسلام، وكان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يحث الصحابة على البحث عن الشفاء بوسائل العلاج والتطبب المعروفة، ما شجع المسلمين على وضع علم الأبدان في مصاف واحد في أهميته مع علم الأديان، وهكذا اهتم المسلمون بصناعة الطب اهتمامًا كبيرًا فتسابقوا لدراسة الطب، ومنذ بداية الإسلام وحتى اليوم نجد أن تاريخ الدولة الإسلامية حافل بأسماء أطباء عظام خدموا دولتهم والعالم أجمع وأسماؤهم ما زالت تتردد حتى اليوم في الأوساط الطبية.

ولكن مثلما كان هناك عدد كبير من الأطباء المشهورين كانت هناك أيضًا طبيبات مسلمات شاركن في مهنة الطب منذ بداية الإسلام وكن جزءًا من تطورها وتدرج أطوارها. غير أن هؤلاء الطبيبات لم ينصفهن التاريخ بل تجاهل دورهن ووجودهن، لذلك رأينا لزامًا علينا أن نظهر دور هؤلاء الطبيبات ونوضح مدى مشاركتهن في الحياة الطبية في الدولة الإسلامية.

وأولى هؤلاء النساء هي: رفيدة الأسلمية (أول ممرضة في الإسلام)

هي رفيدة بنت سعد الأنصاري، صاحبة الخيمة الطبية الأولى في التاريخ، وأول من شيدت مستشفى ميداني في الغزوات الإسلامية، وُلدت رفيدة في المدينة المنورة بقبيلة أسلم في أواخر العصر الجاهلي، وكان والدها سعد الأسلمي طبيبا ماهرا فاكتتسبت منه الكثير من معرفتها الطبية وهي تكبر إلى جانبه، واستهوتها حرفة التطبيب ومداواة المرضى، وأدركت رفيدة الإسلام منذ هجرة الرسول إلى المدينة وذكر في كتاب "نساء حول النبي" أنها كانت من أوائل من بايعوا النبي بعد الهجرة.

خيمة رفيدة

شاركت رفيدة في غزوتي الخندق وخيبر، وكانت ذو ثروة واسعة فكانت تنفق على عملها من مالها الخاص بالجهد والمال في سبيل الله، وكانت تحب المشاركة في الغزوات، فاختارها الرسول لتداوي الجرحى بخيمة متنقلة أثناء الغزوات، وظهرت خيمة رفيدة بَدْءًا من غزوتي الخندق وخيبر، عندما كانت تستضيف الجرحى، تضمِّد جراحاتهم، فكانت تنقل معها خيمتها بكل متطلباتها وأدواتها واحتياجاتها فوق ظهور الجِمال، ثم تُقيمها بإزاء معسكر المسلمين، ثم أذن لها الرسول صلى الله عليه وسلم ببناء الخيمة داخل المسجد النبوي لتقديم الرعاية الطبية للجرحى، تشاركها العمل الصحابيات رضوان الله عليهن؛ لذا تعتبر خيمة رفيدة أول مستشفى ميداني في الغزوات الإسلامية، كما دبرت فريقًا من الممرضات، وقسمتهن إلى مجموعات لرعاية المرضى ليلا ونهارًا. ولم يكن عمل رفيدة مقتصرًا على الغزوات فقط، بل عملت أيضًا في وقت السِّلم تعاون وتواسي كل محتاج.

حصة مقاتل
عندما كان جيش المسلمين يستعد لغزوة خيبر، ذهبت رفيدة الأسلمية ومجموعة من المتطوعات إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، يطلبن الإذن بالمشاركة لعلاج الجرحى والمصابين، وهو ما أذن به النبي الكريم، وقامت رفيدة بعمل جيد في إسعاف المصابين والجرحى، لذلك خصص الرسول صلى الله عليه وسلم حصة من غنائم الحرب لها تقديرا لتمريضها وعملها الطبي الاستثنائي، وكان نصيبها يعادل حصة جندي من الذين قاتلوا بالفعل.

وفي غزوة الخندق، أصيب الأنصاري المحارب سعد بن معاذ بسهمٍ، وطبقا لما جاء في كتاب "النساء ومهنة الطب في المجتمعات الإسلامية"، أشار النبي إلى أصحابه بنقله إلى خيمة رفيدة، وهناك مكث مع رفيدة وصاحباتها حيث أسعفنه ومرضنه، ثم اضطرت رفيدة في آخر الأمر أن تكوي الجرح لإيقاف النزيف، وكان الرسول يزوره هناك كل يوم.

واقتحمت رفيدة مجال التمريض والتطبيب بشجاعة لم يسبقها إليها أحد، ونقلت علمها إلى أخريات حتى إن 7 من النساء امتهن الطب والتمريض في عصر الرسول والصحابة، أسوة بها وسيرا على نهجها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved