إخناتون وورق البردي.. جوانب من شخصية الراحل آدم حنين الفنية

آخر تحديث: السبت 23 مايو 2020 - 10:21 م بتوقيت القاهرة

الشيماء أحمد فاروق:

رحل عن عالمنا بالأمس، النحات والرسام صاحب التاريخ الطويل في مجال الفن التشكيلي، آدم حنين، وهو مواليد القاهرة عام 1929، واسمه الأصلي صمويل هنري حنين، ولد في القاهرة من أسرة تنتمي لصعيد مصر – محافظة أسيوط- ونشأ في حي باب الشعرية، التحق بمدرسة الفنون الجميلة، وبعد تخرجّه قضى مدة في مرسم الأقصر، ثم استكمل دراسته في ميونخ بألمانيا وأقام في فرنسا لسنوات.

رحلة آدم حنين في عالم الفن التشكيلي، تحتاج مجلدات لرصدها، ولكننا في هذه السطور نركز على بعض من جوانب شخصية الفنان آدم حنين، الطفل، والناضج عندما تحولت رحلته من الصلصال إلى ورق البردي والطبيعة.

- أول تمثال من الصلصال

طفل صغير، عمره 8 سنوات، ذهب مع معلمه، مدرس التاريخ زكي أفندي، في زيارة إلى المتحف المصري، مثله مثل بقية زملائه، وهناك أثناء تجوله في المتحف يميناً ويساراً، خطف قلبه نحو هذه الأشياء المبهرة.

ومن زكي أفندي إلى مدرس الأشغال، كما كان يسمى قديماً، وهيب إلياس، وقد شاهده آدم وهو يصنع تمثالاً من البلاستسين، فتفرغ لمراقبته ورؤية ما يقوم بعمله، بعدها قرر أن يكون له تمثال من صنع يديه، فأحضر الصلصال وحاول تقليد تمثال رأس إخناتون الذي رآه في المتحف، وما كان من والده إلا أن قام بتشجيعه ووضع التمثال في الفاترينة بمحل الصاغة الذي كان يملكه، وقد روى هذه القصة أكثر من فنان عاصر أو أحب النحات الراحل، ومنهم الفنان التشكيلي صبحي الشاروني والناقد توفيق حنا.

وقال حنين عن هذه اللحظات الأولى التي جذبته نحو الفن: "وقفت مذهولاً كأني على علاقة قديمة بها، خرجت من المتحف ولم تفارقني التماثيل، كان داخلي حاجة ماسة للمس مادة النحات سيطرت على يدي، وبعد صناعة أول منحوتاتي، قام والدي بوضعها في واجهة محله بالصاغة وكان هذا أو معرض لي".

ومن هذه البداية كان أول تمثال يصنعه آدم بيديه الصغيرتين، وكبرت الأيدي وكبر العقل واندمج مع طبيعته وأصالة موروثه الفني، فوجدناه يرتبط وبشدة بالماضي، ليجدده في الحاضر، من خلال حبه لورق البردي وألوان الطبيعة.

 

- آدم حنين وحب الخامة الأصيلة

يقول الناقد توفيق حنا في مقال له بمجلة إبداع، في منتصف الثمانينيات، إن آدم حنين يحب الخامة الأصيلة فهو يرسم أو ينحت على ورق البردي، بألوان يقوم بصناعتها بنفسه من الجير والحديد والمنجنيز، وهي خامات مصرية استعملها المصري القديم في كتابته ورسومه، ألوان من صنع الطبيعة بعيدة عن زيف الصناعة.

وأكمل "وقد انتهى آدم من رحلاته الإبداعية مع الجرانيت والبازلت والحجر الجيري والخشب في منحوتاته، إلى ورق البردي، وكأنه يعود إلى لخظته الإخناتونية الأولى، وقد بدأ آدم رحلته الإبداعية على أوراق البردي عام 1976".

ويقول الفنان المصري ورسام الكاريكاتير جورج بهجوري عن آدم حنين: "ورق البردي الذي يجف تعود إليه الحياة بمائيات آدم حنين الترابية، تحمل أنفاس الإنسان وريح الجبل وسحر الطبيعة في صعيد مصر، إن أعماله تجمع بين التراب الفرعوني القديم وتطور الفن الغربي الحديث...".

واستشعار آدم بورق البردي مختلف فهو يتحدث عنه بحب شديد كأنه جزء من حياته منذ الطفولة، فهو يقول عنه: "النور هو سر الفن ففي كل عمل فني مبدع هناك إشعاع معين يصدر من لعبتي الفنية أحب أن يكون هذا إشعاع المادة نفسها، ورق البردي مادة مدهشة مادة تجمع بين الحجر والخشب فيها نوع من الدفيء يجعلني مبرتبطاً بها ارتباطاً عضوياً، كانت علاقتي بمادة البردي مثمرة للغاية لأنها كشفت عندي عن مخزون ثقافي وروابط ماضٍ ما زال يتحرك في داخلي حتى الألوان التي استعملها في تكويل العمل الفني أجلبها بنفسي وهكذا أحس أكثر بحضورها في".

هكذا نرى أن حنين كان يتعامل مع المواد التي يصنع منها أعماله كأنها جزء لا يتجزء من مضمونه الكامل كفنان تشكيلي، لذلك هي ترتبط بذاته ارتباط شديد.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved