مواجهة سينمائية بين مصر وتونس في مهرجان جربة

آخر تحديث: الخميس 23 يونيو 2022 - 7:52 م بتوقيت القاهرة

تونس ــ خالد محمود:

إلهام شاهين: قدمنا موضوعا شائكا فى «حظر تجول» دون أن نجرح أحدا
بشرى: «معالى ماما» ينتمى لسينما العائلة.. ولابد أن ندعم أى تظاهرة ثقافية تعزز الجسور بين الشعوب


تبقى دائما المهرجانات السينمائية الجديدة أمام تحدٍ كبير سواء فى لحظة الميلاد أو الاستمرار، فالأحلام والأهداف دائما مشروعة وموجودة، لكن تحقيقها بالصورة التى يأملها المراقبون والجهات المنظمة ربما يستغرق وقتا.
على المستوى الشخصى أكون سعيدا جدا عند انطلاق أى مهرجان سينمائى جديد، بشرط أن يضيف للساحة السينمائية شيئا، ويأتى مهرجان جربة السينمائى الذى تقام دورته الأولى فى جنوب تونس ليشكل نواة جديدة فى الربط بين السينما المصرية والعربية وخاصة التونسية بهذا المزج الذى يشكل مواجهة خاصة تفتح آفاقا جديدة مأمولة لجمهور تلك المنطقة مع أفلام ونجوم الأفلام المصرية، وهو ما حدث فى ثانى أيام المهرجان عند عرض الفيلم المصرى «حظر تجول» للمخرج أمير رمسيس، بحضور بطلته الفنانة إلهام شاهين التى تحظى بحب كبير هنا، كما أنها بحق تملك مشاعر طيبة تجاه دعم المهرجانات الوليدة، وقالت: «ولد المهرجان كبيرا»، وعبرت عن سعادتها بالمساهمة فى التأسيس له، وداخل قاعة العرض وعقب نهاية الفيلم تفاعل الجمهور مع العمل خلال ندوة نقاشية وطرحت تساؤلات ساخنة أجابت عنها إلهام شاهين بصراحة، وقالت إنها فخورة جدا بهذا الفيلم الذى يتناول موضوعا مهما وشائكا، وهو زنا المحارم، وهى قضية إنسانية منتشرة حول العالم، وليست مقتصرة على مجتمع، وكان لابد من مناقشته، وأنا قمت بعمل بحث كبير حول الموضوع ووجدته شيئا مهما خاصة عندما عرفت أن هناك رجلا فى أمريكا حبس ابنته ١٦ سنة ليقوم بفعلته.
وأضافت: الفيلم اتكلم عن القضية دون أن يجرح أحدا ولم نخجل من تقديمه، وقد أحببت الشخصية جدا، وأنا أحيى المخرج أمير رمسيس الذى فاجئنى بموضوع جديد مكتوب بحرفية كبيرة، وسعدت به أن جاءنى هذا العمل المميز فى هذا الوقت بعدما قدمت مائة فيلم ومائة شخصية، وحصل الفيلم على ٢٣ جائزة.
وأشارت إلى أن الفيلم صور فى يوم واحد وهذا شىء صعب، وكان له إيقاعه لأن الفيلم موقف، والمخرج استطاع أن يخلق حالة وكتب سيناريو رائعا وكنت أتمنى حضوره.
وحول نهاية الفيلم قالت: البنت كان عندها ٦ سنوات ولم تستوعب إن دا جنس، هى لم ترغب أن تفهم البنت، وتحملت السجن عشرين عاما، وهناك مشاهد حزفت فى المونتاج حتى لا نجرح أى بنت أو نلفت نظرها فى كسر الأب لكل القيم.
وأكد عدد من الجمهور أن إحدى نقاط القوة بالفعل أنه قدم قضية شائكة دون فجاجة ووصول الإحساس لعمق المشاهد، وتمنوا حضور عدد كبير من المشاهدين لمشاهدة مثل هذه الأفلام المؤثرة خاصة فى جربة التى تقع جنوب تونس وكما يعرف الجميع الشمال غير الجنوب فى النشاط الفنى والثقافى.
وهنا علقت إلهام شاهين أن المهرجان محتاج دعاية أكبر، وأتمنى حضور الجمهور والنجوم والمسئولين، وهو ما أتمناه فى الدورات القادمة، فوجود الجمهور والمسئولين مهم للمهرجان، طبيعى أننى أدعم السينما لأنها رسالة إنسانية، وأشاهد أفلاما وبشرا، وتونس بها سينما رائعة، ومن خلال المهرجانات تعرفت على أفلام ومخرجين مميزين، وطبيعى أن ندعم السينما فى أى مكان فى الدنيا وليس مصر وتونس فقط.
تحرص إلهام شاهين على السفر وراء فيلمها وتشعر معه أنها ما زالت تواصل حلم تقديم أدوار قوية تبرز توهجها كممثلة مثل شخصية فاتن، وفى حوارى معها قالت لى «التمثيل عندى ليس وظيفة وأحترم تاريخى كممثلة».
قدمت إلهام شاهين فى الفيلم دورا مدهشا وثريا ومغايرا، ملمة بفلسفته وتركيبته النفسية المعقدة، لزوجة مظلومة ارتكبت جريمة ودفعت ثمنها غاليا، كانت تعبيرات عينيها توحى بالكثير وربما أجابت عن المسكوت عنه دون أن تتكلم.
عشنا تلك اللحظة المثقلة بهموم بطلتنا فاتن «إلهام شاهين» وحيرة وغضب ابنتها ليلى «أمينة خليل»، الأولى حكم عليها بالسجن لمدة عشرين عاما بتهمة قتل الزوج، والثانية تتبرأ من أمها وجريمتها الكبرى بقتل أبيها، فيما يلعب الفيلم بموجات إنسانية وشاعرية فى رحلة استكشاف الحقيقة ومواجهة كل منهما الأخرى، حيث يسير السيناريو بواقعية شديدة على خيط رفيع لتلك العلاقة التى ينفجر توهجها الدرامى عندما يلتقى الاثنان معا وجها لوجه بعد سنوات طويلة من الفراق، الأم تلتزم الصمت أمام تساؤلات ابنها وتأبى أن تفصح لابنتها عن دوافع الجريمة لحمايتها من حقيقة مرة صدمتها، وهى أن والدها كان متحرشا، فى نطاق زنا محارم، ويترك الحوار الذكى والعميق بجمله وإيحاءاته وكذلك الصورة الشفافة كلا الطرفين وكذلك المشاهد ليكشف السر الذى رفضت الأم البوح به، وكأن الزمن كفيل بحل المعضلة.
أحداث الفيلم الذى كتبه أمير رمسيس أيضا تدور فى إحدى ليالى خريف ٢٠١٣ خلال فترة حظر التجوال بمصر، نرى البداية مع فاتن التى كانت تعمل مدرسة وهى تستعد للخروج من السجن بعد قضاء فترة العقوبة، وبصحبتها زوج ابنتها حسن «أحمد مجدى»، بينما تنتظر ليلى فى السيارة ليصطحبها إلى المنزل، الأم التى كانت شغوفة بلقاء إنسانى بعد الغياب، لكنها تجد الجفاء من الابنة وهو أمر أراده الفيلم طبيعيا فى ظل هاجس الاتهام، فليلى غير قادرة على تجاوز الماضى والعفو عنها فى مقابل رفض تام من (فاتن) للإفصاح عن سبب الجريمة، مما يضع الابنة فى صراعٍ ما بين عقلها الرافض للأم وقلبها الذى يميل لها تدريجيا مع الوقت والعشرة وربما الإحساس بأن الأم لم ترتكب جريمتها بسبب ضبط الزوج لخيانتها، حسبما كانت تسمع وهى صغيرة، ولكنه لفعل أكبر أظهره المخرج على استحياء، وهو أن الزوجة هى التى ضبطت زوجها يفعل شيئا محرما ومشينا، حيث كشفت الكاميرا عن ملابس الابنة وهى طفلة ملقاة على الأرض فى غرفة النوم، نحن لم نرَ جريمة القتل واضحة، ولم نرى حتى وجه الزوج لكنها وصلت بلغة السينما التى أرادها أمير رمسيس، والتى لم يجرح بها مشاعر المشاهد.
كما عرض الفيلم المصرى «معالى ماما» بحضور مخرجه أحمد نور وبطلته بشرى، التى قالت لى إنها تعتمد بتلك التجربة فى السينما وأنها ستركز خلال الفترة القادمة على مشاريع سينمائية تقدم من خلالها شخصيات مؤثرة اجتماعيا.
تدور أحداث «معالى ماما» فى إطار اجتماعى كوميدى من خلال علاقة الأم بأطفالها فى ظل وجود مسئوليات أخرى تحيط بها، مثل عملها فى منصب كبير والمزيد من التحديات التى تواجهها.
وقالت بشرى عقب العرض إن «معالى ماما» ينتمى لأفلام كوميديا العائلة التجارية المبهجة؛ حيث يحكى قصة امرأة المعيلة بدون زوج، والصراع التى تجده بين البيت والعمل.
وأضافت: سعيدة أنى موجودة فى دورة تأسيس تجريبية، وحزينه لوقف مهرجان الجونة، لابد أن ندعم أى تظاهر ثقافية تعزز الجسور بين الشعوب، يتوقف مهرجان ويولد مهرجان، وأثنت بشرى على المخرج والمنتج أحمد نور كونه تحمس لتقديم فيلم بطلته امرأة، مشيرة إلى أن الفنانة المرأة مظلومة فى السينما المصرية حاليا، واحنا الجيل المظلوم فى السينما المصرية وأشكر المخرج والمنتج أحمد نور.
فيما أكدت د.عبلة لسود أن الدورة التأسيس الأولى للمهرجان تحمل بارقة أمل للقاهرة سينمائية طموحة، وأن الفنانين المصريين داعمين كبار، وخاصة الفنانة إلهام شاهين.
وفى مواجهة الفيلمين عرض فى نفس اليوم الفيلم التونسى «الهربة»، للمخرج التونسى غازى الزغبانى والذى يشكل محطة فارقة فى السينما التى تناولت قضايا الإرهاب والتطرف على الشاشة، ويعود ذلك إلى جرأته ليس فقط فى الطرح والفكرة والغوص فى منطقة شائكة، ولكن أيضا فى طبيعة التناول والمعالجة وأسلوب السرد والصورة الذهنية التى ستصاحب المتلقى عقب ترك صالة العرض، وهى تحمل حالة الأرق الخاصة التى عاشها مع طرفى المعادلة السينمائية التى جسدها الفيلم وهما عالمان لـ«متطرف» و«فتاة ليل» وجسدهما نادية بوستة وغازى الزغبانى، مخرج وكاتب الفيلم نفسه ومشاركة محمد قريع ورانية القابسى.
يروى «الهربة» رحلة متطرف دينى تونسى يدعى «محسن» متهم بجرائم متعلقة بالإرهاب يهرب من الشرطة وسط شوارع المدينة العتيقة ليجد نفسه أمام بيت دعارة؛ حيث يلجأ إلى غرفة فتاة ليل تدعى «نرجس»، ويتوسل إليها لإخفائه فتستجيب لطلبه كى لا تتورط مع الشرطة وتساعده فى التعامل مع الموقف على الرغم من أفكارهما المتضاربة.
وجد «محسن»، هذا الشاب المتخرج حديثا من الجامعة بعد دراسة فى المجال الإعلامى، نفسه مرغما على تحمل مجموعة من المفارقات بين أفكاره الدينية المتعصبة والتحرر المفرط من جانب نرجس ورفقائها، فتضعه فى مواجهة بين أفكاره ومواقفه وغرائزه ومقاومته لإغراءات هذه السيدة الجميلة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved