عائشة رضوان أخصائي العلاج بالفنون التعبيرية: التأمل والتعبير الحركي بديل للعلاج النفسي

آخر تحديث: الجمعة 23 سبتمبر 2022 - 7:35 م بتوقيت القاهرة

إلهام عبدالعزيز

عن طريق العلاج بالفنون التعبيرية والذي هو وسيلة للتعبير عن المشاعر الداخلية من خلال إنشاء أشكال خارجية بالفنون، باستخدام الجوانب العاطفية والبديهية للتعبير عن المشاعر، ساعدت الفنانة والمعالجة النفسية عائشة رضوان، الأشخاص الذين يبحثون عن طرق بديلة وشاملة للصحة النفسية والسلام النفسي.

كما ساعدت في تصميم و تدريس أول دبلوم في العلاج بالفنون التعبيرية المعتمدة على الجسد والقائمة على أساس الصلة بالطبيعة، وهو أول تدريب في مصر معتمد من الخارج مع ساعات محسوبة للتسجيل في الرابطة الدولية للعلاج بالفنون التعبيرية.

ولمعرفة تفاصيل أكثر عن طرق العلاج بالفنون التعبيرية، ومدى فاعليتها واستجابة الناس للمعالجة بها، توصلت الشروق مع عائشة رضوان لتروي تفاصيل أكثر نرصدها في السطور التالية:

تقول عائشة: من قديم الزمن و الفنون والأنشطة التعبيرية بتلعب دور مهم جدا في كل الحضارات، ومن خلال الفنون وصل إلينا ثقافة، معاناة وانتصارات الشعوب، كما استعملت الفنون في علاج الاضطرابات وتحقيق التوازن من وقت إنسان الكهف الذي كان يرقص لكي يتغلب على الفرائس ويرسمها على جدران الكهوف.

كما أن الفراعنة استخدموا الشعر والرسم والطقوس الشعائرية والموسيقى للتعبير عن مختلف مشاعرهم ومعتقداتهم، واستعمل اليونان العمل الدرامي المسرحي كطريقة لتطهير الأفراد المتوترين من مشاعر القلق، واستخدمت الكثير من القبائل الموسيقى والرقص وفنون أخرى للترويح عن النفس والاسترخاء والتواصل مع الطبيعة، كما اعتمد الرومان على الأدب والشعر للترفيه عن النفس المتضررة.

أما العلاج بالفنون التعبيرية، فهو ممارسة استخدام الرسم ورواية القصص والرقص والموسيقى والدراما والشعر والحركة والفنون البصرية مدمجين بطريقة متكاملة؛ لهدف تعزيز النمو البشري وتطوره وشفائه.

كما أن الاستخدام العلاجي للفنون التعبيرية في العلاج النفسي يتم في إطار علاقة مهنية بين المعالج والشخص الذي يحتاج لتنمية شخصيته والتواصل أكثر مع مشاعره، أو تصحيح معتقداته و منظوره عن صورته الذاتية، أو الشخص الذي يعاني من أزمة نفسية أو يمر بتحديات في العلاقات، من خلال العملية الإبداعية في جلساتي للعلاج بالفنون التعبيرية يزيد الوعي الذاتي ويتعلم الشخص طرق التعامل الصحي مع التجارب المؤلمة، وكذلك تعزيز قدراته المعرفية.

وفي الجلسات يقوم الشخص بالتعبير عن نفسه، وعن تجاربه وخبراته في مساحة آمنة خالية من الحكم بطرق لفظية وغير لفظية؛ ما يساعد على إنشاء الثقة في العلاقة العلاجية، حيث يشعر الشخص بالاطمئنان وهو أساس نجاح العملية العلاجية، ومن الخصائص المميزة والفريدة للعلاج بالفنون أنه يمنح الفرصة للشخص للتعبير عن أفكاره ومشاعره خـلال صـور المرئية مادية، والتي من الممكن أن تكون رسما أو نحت أو حركة أو تمثيل لمشهد.

وفي هذا النوع ده من العلاج في العمليات الإبداعية والتي تمثل مصدراً للتواصل مع العقل الباطن، والعمل بالأدوات الفنية، فإنها تخلق استجابة فسيولوجية من الهدوء والسلام النفسي والاسترخاء، مما يخفض نسبة القلق، وبذلك يصبح الفـرد أكثر استعداداً للتعبير عن الذات بشكل أعمق، كما يساعد التعبير الفني على إخـراج الانفعالات.

كما أقوم بدمج العلاج النفسي بالفنون التعبيرية بتطبيقات مختلفة من نظريات علم النفس؛ بين نظرية الجشطالت في علم النفس لماكس فيرتهايمر، وتطبيقات نظرية يونغ (نظرية علم النفس التحليلي) لكارل يونغ واستخداماتها في العلاج بالفن.

وفي العلاج النفسي الديناميكي، أقوم باستخدام الدافع الغريزي للتطور النفسي، لتحقيق الشفاء النفسي من خلال التوفيق بين الجوانب الواعية واللاواعية للشخصية، والنظر للعقل والسلوك البشري ككل، بناءً على فكرة أن الإدراك العام للإنسان يعتمد على التفاعل بين العديد من العوامل والخبرات السابقة، البيئة الحالية، الأفكار، المشاعر والاحتياجات.

وهدفي من هذا العمل هو تحسين نوعية حياة الأشخاص، وخلق فهم أعمق لأنفسهم، وفهم شكل العلاقات الصحية، والاحتياجات والمسؤوليات الشخصية، وتعليمهم على كيفية إيجاد حدود صحية في العلاقات، فالعلاج بالفنون التعبيرية منهج متعدد الأساليب يدمج التقنيات مع العديد من الأساليب الفنية المختلفة.

و هو نوع من العلاج النفسي يشجّع الناسَ على الإدراك والتعبير عن العواطف من خلال التعبير الفني و العملية الإبداعيّة التي تتضمن إنتاج الفنون البصرية، مثل الرسم أو النحت، الدراما، الحركة، الكتابة الابداعية و غيرها من مداخل التعبير الفني من أجل الوصول إلى فهم أفضل لمشاعر الشخص، كما أن الفن يتيح للشخص إسقاط مابداخله من مشاعر قد يكون غير قادر عن التعبير عنها لفظيا.

كما أن معرفتي كمعالج بالأساليب والطرق العلاجية المختلفة ومنها الأنشطة التعبيرية، أعطتني الفرصة لأخذ القرار حسب كل شخص، من حيث أفضل اختيار للأساليب والطرق المناسبة لعلاج كل مشكلة، و التنوع في أساليب التعبير الفني تتيح للأشخاص خيارات أوسع لاستخدام النشاط التعبيري التي نعتقد أنها ستكون مناسبة دون غيرها في هذه اللحظة.

وعن مدى تأثير جلسات العلاج بالفنون التعبيرية، تقول عائشة : كان تأثير العلاج بالفنون التعبيرية على الأشخاص الذين عملت معهم في خلال السنين الماضية كان مغير وفارق، وبدلالات إحصائية تم قياسها باختبارات نفسية قبلية وبعدية لحضورهم للجلسات، على عدة مستويات، بداية من أول رؤيتهم الذاتية، وتصحيح مفاهيمهم عن العلاقات والحدود الصحية، وكذلك تقبلهم للصعوبات وإيجاد طرق جديدة لمواجهة الصعوبات و تحسين جودة حياتهم بشكل عام.

واستكملت: عملت مع مختلف المراحل العمرية، وتخصصت في علاج اضطرابات ما بعد الصدمة، حيث أن الصدمات النفسية تؤثر في مدى تقبل الحياة، وتؤثر بشكل مباشر على جودة علاقاتنا وجودة الحياة، كما أثبت تأثير جلساتي للعلاج بالفنون التعبيرية على خفض نسبة القلق والاكتئاب، وعلاج اضطرابات الأكل، وحالات الفصام والذهان والاضطرابات السلوكية.

وتابعت، قمت برحلات علاجية وورش عمل للعلاج بالفنون التعبيرية في الجامعة الأمريكية، وجامعة كوفنتري في العاصمة الجديدة و للطلبة من الجامعة في إنجلترا حين استضافهم في مصر لعمل برنامج علاجي بالفنون التعبيرية، كما أن العلاج بالفنون التعبيرية يتم مع الأسوياء ومع المرض النفسيين.

حيث إن كل الأشخاص لديهم فرصة للاستفادة من هذا النوع من العلاج لأنه يسمح للشخص فهم طرق تفكيره، وأسباب المشاكل التي يواجهها، بل ويتواصل أكثر مع مشاعره وجذور الأسباب التي تجعله يتصرف تصرف معين.

وأكدت عائشة أن دبلومة العلاج بالفنون التعبيرية ستكون أول دبلومة معتمدة من الخارج، كما أن العلاج بالفنون التعبيرية يصل إلى العقل الباطن بشكل أسهل وأسرع ونستطيع من خلاله استكشاف أشياء كثيرة عن أنفسنا قد نكون لا نستطيع التعبير عنها بالكلام، وفي الجلسات التي أقوم بها نبدأ بالجسد.

وتشرح عائشة نظام جلسات العلاج قائلة: نبدأ بالجسد ونستخدم التأمل والنفس العميق وتمارين كثيرة، وبعدها يتم التعبير عن الموضوع الذي سنتحدث عنه بالرسم أو الحركة أو الرقص أو الكتابة، أو التمثيل، ومعظم الجلسات يتم عملها في أماكن مفتوحة بها طبيعة بحر أو جبل أو صحراء، وأيضاً على ضفاف النيل، حيث إن التواصل مع الطبيعة من العمليات التي تساعد في إتمام العملية العلاجية بشكل أعمق.

وتابعت: معظم الناس يستنكر طريقة العلاج بالفنون التعبيرية، ولكن أثبت علمياً ومن خلال أبحاث عالمية أن أثره أقوي وأعمق من العلاج النفسي بالكلام أو الأدوية فقط، كما أنه العلاج بالفنون التعبيرية يعد من العلاجات الفعالة، وتحديدا في سنوات الطفولة، وخصوصاً الأمراض العضوية، حيث يقوم برفع المناعة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved