في الذكرى الـ150 على إنشائها.. تعرف على رحلة دار الكتب المصرية من الاستقلال للتبعية

آخر تحديث: الثلاثاء 24 مارس 2020 - 3:07 ص بتوقيت القاهرة

الشيماء أحمد فاروق

في مثل هذا اليوم 23 مارس، شيد أحد الأماكن الهامة في مصر الحديثة، وهو دار الكتب المصرية، عام 1870، بجهود وزير المعارف وقتها علي باشا مبارك، وفي عهد الخديوي إسماعيل، وكانت تعرف بـ"الكتب-خانة" الخديوية المصرية أو الكتبخانة المصرية.

وفي ضوء مرور قرن ونصف على بناء هذا الصرح الذي يحتوي على نفائس الكتب والوثائق، نستعرض أحد الكتب التي تناولت هذا الحدث من بدايته، وهو كتاب "دار الكتب المصرية تاريخها وتطورها" للمؤرخ الدكتور أيمن فؤاد السيد، والصادر عام 1996.

تناول الكتاب تاريخ نشأة دار الكتب المصرية، وقبل ذلك استعرض أهمية دار الكتب في العصر الإسلامي وعند الغرب، ثم أفرد مساحة هائلة من الكتاب للوثائق والكتب والمستندات والمخطوطات التي تحويها دار الكتب وقام بتصنيفها في فصول.

وقال «السيد»، في المقدمة: "كانت نتيجة الجهل بقيمة الممتلكات الثقافية التي تمتلكها مصر وعدم وجود قوانين وتشريعات تحمي هذه الممتلكات وتمنع الاتجار فيها أو نقلها بالإضافة لتردد الأجانب على مصر، إلى تسرب جزء كبير من المخطوطات وأوراق البردي إلى مكتبات تركيا وأوروبا وكذلك الولايات المتحدة، وقد تنبه إلى ذلك أحد أبناء مصر المستنيرين على باشا مبارك، مدير ديوان المدارس، اقترح على الخديو إسماعيل إنشاء دار كتب على نمط دور الكتب الوطنية في أوروبا واستصدر منه قرارًا أسند إليه فيه جمع المخطوطات النفيسة ليكون من مجموع هذا الشتات نواة لمكتبة عامة، ضمت في أول عهدها عشرين ألفاً من المجلدات والمراجع ومجاميع الخرائط".

نواة المكتبة

إن الكتب التي جمعت فيها في البداية كانت من أماكن شتى، ومنها المكتبة الأهلية القديمة، هي إحدى إصلاحات محمد علي وأنشأت في 1829، ومكتبتي وزارة الأشغال والمعارف، وكتب تم حصرها من ديوان الأوقاف ومكتبات الجوامع في شتى أنحاء مصر.

أما النواة الأولى لمجموعتها الأجنبية كانت من كتب الجمعية المصرية التي تم تأليفها عام 1836، من بعض الأجانب الذين حصلوا على خدمة العلم في مصر.

ويقول علي مبارك في ذلك: "زهر لي أن أجعل كتبخانة خديوية داخل الديار المصرية، أضاهي بها كتبخانة مدينة باريس، فاستأذنت الخديوي إسماعيل باشا، فأذن لي، فشرعت في بنائها، في سرايا مصطفى فاضل بدرب الجماميز، وجمعت فيها ما تشتت من الكتب التي كانت بجهات الأوقاف، زيادة إلى ما صار مشتراه من الكتب العربية والإفرنجية، وجعلت لها ناظراً ومعاونين وخدمة".

ومع التوسع في ضم المكتبة لمزيد من الوثائق والمخطوطات، وتزايد رصيدها ونمو مقتنياتها، أصدر الخديو توفيق عام 1895 أمراً بعمل مشروع لبناء مكان يليق بحفظ ما بها من محتويات.

وفي عام 1899 وضع الخديوي عباس حلمي الثاني حجر أساس الكتبخانة الخديوية ودار الآثار العربية في ميدان باب الخلق، وانتقلت إليه الدار عام 1903.

وتضم الدار مجموعات نادرة ومنها، المخطوطات وأوراق البردي والنقود الإسلامية ولوحات الخط العربي، ومجموعة من الخرائط النادرة، والدوريات وأمهات الكتب، وتناول الكتاب أيضاً الأقسام والمراكز التي تنقسم لها الدار "الكتبخانة".

القوانين واللوائح التي نظمت دار الكتب

كان أول القوانين واللوائح التي نظمت عمل دار الكتب هو قانون "الكتبخانة الخديوية"، واللائحة التنفيذية له وضعها صاحب فكرة الإنشاء، علي مبارك، وقد حدد هذا القانون مقرها، الذي كان في الدور الأسفل لسراي مصطفى فاضل، وحدد حجم استيعابها بثلاثين ألف مجلد مقسمة إلى كتب مطبوعة ومنسوخة ورسوم ونماذج والأجهزة والآلات الهندسية والطبيعية، وجعل حق استخدام محتوياتها لمن كان بالغاً سن الرشد ولطلبة المدارس العليا.

وتقرر المبلغ الخاص لميزانية الدار على أن يكون ألفين وخمسمائة جنيه، وكان مسؤولًا عن دفعاها إدارة عموم الأوقاف، وفي عام 1896 وقعت اتفاقية بين وزارة المالية والمعارف لتنظيم الإشراف المالي على الدار.

أما في عام 1911 فقد أصدر قانون جديد لتنظيم الإدارة داخل دار الكتب، ونص على أن تتولى وزارة المالية الجانب المادي، أما النواحي الإدارية تولاها مجلس أعلى لدار الكتب، يعقد جلسته برئاسة وزير المعارف، وحدد القانون عدد أعضاء المجلس.

وفي عام 1937 تم إعادة تنظيم دار الكتب، بقانون جديد محدد أعراض الدار وجعل لها شخصية معنوية وميزانية مستقلة تصدر بقانون خاص بها، ووسع من حجم المجلس الأعلى المسئول عنها، على حد وصف المؤرخ أيمن فؤاد السيد.

وحدثت بعض التغيرات في هذا القانون فيما بعد، عندما قامت ثورة عام 1952، وأصدر قانون جديد منح الدار شخصية اعتبارية وما يترتب على ذلك من استقلال مالي، وقام بتغيير اللجنة المشكلة للمجلس الأعلى للدار.

ونقلت تبعية دار الكتب والوثائق القومية، بعد أن تم تغيير اسمها، إلى وزارة الثقافة، وأن يشكل لها مجلس أعلى ولكن برئاسة وزير الثقافة وليس المعارف، او ما عرف بالإرشاد القومي، وكان ذلك عام 1966.

وفي عام 1971 تم إنشاء الهيئة المصرية العامة للكتاب، وضمت إليها دار الكتب والوثائق القومية ودار التأليف والنشر، ويرى الكاتب في هذا الشأن: "إن هذا القانون مسح صورة دار الكتب المصرية وحد من إمكاناتها، وكان يجب الانتظار أكثر من عشرين عامًا لتصحيح الوضع والعودة بدار الكتب إلى ما كانت عليه قبل عام 1971، ولا شك أن نجاح الدار يتطلب سرعة فصلها واستعادة استقلالها، لتتمكن من أداء دورها على أكمل وجه".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved