ملحمة «الاختيار» تصل إلى نهايتها.. معركة «البرث» كما يرويها أبطالها

آخر تحديث: الأحد 24 مايو 2020 - 6:40 ص بتوقيت القاهرة

حسام عماد

آخر من رأى المنسي حيا: ضرب طلقة وهو بيطلع آخر أنفاسه

الجندي الصعيدي أبوحمدون: قلت أفجر نفسي ولا أنهم يرفعوا العلم ويصورونا مقتولين

أحد ابطال كمين الفرافرة: كل اللي فكرت فيه اللي عايز يخش هنا هيعدي على جثثنا كلنا

وصلت ملحمة «الاختيار» الدرامية إلى نهايتها، بعدما جذبت إليها فئات عمرية مختلفة في مصر والوطن العربي، محاولة الغوص في جزء من أعماق تاريخ نعيشه يسطره أبطال القوات المسلحة في سيناء مدافعين كما فعل أجدادهم خلال آلاف السنين عن حرية وكرامة وحدود مصر.

تناول المسلسل خال حلقاته بشهر رمضان الكريم الكثير من الأحداث واستعرض العديد من الروايات التي تسطر بطولة وتضحيات أبطال الوطن في المعركة ضد جماعات الرايات السود، أبرزها معركة البرث التي تركزت أحداث الحلقات الأخيرة على سرد وقائعها، وتعددت وجوه وألوان البطولة والتضحية بها.

قائد معركة البرث، الا، والبطل الذي تدور حوله أحداث مسلسل «الاختيار»، تروي زوجته منار وتقول خلال الحلقة الأخيرة من المسلسل والتي أذيعت كـ«فيلم تسجيلي» عن الأبطال الحقيقيين: «كذا سيناريو أنا رسمته لنفسي قبل الاستشهاد بسنين، أنا توقعت خبر الفجر ألو حضرتك زوجة فلان الفلاني، توقعت يجيلي وأنا عند أهلي وأنا في النادي في تدريب ابني.. بالنسبة لي كنت حاسة إن الموضوع خلاص مفيهوش جدال».

وعن اختياره الدفاع عن بلده وكرامته وحياة زملائه حتى آخر لحظة، تقول: «كان باين إنه مقرر قبلها بسنين، مجرد الوقت أمتى» مشيرة إلى وجوده مع أسرته آخر 5 أيام في شهر رمضان وترديده عبارة: «هو انتِ عندك شك انكم أغلى حاجة عندي في الدنيا».

في السابع والعشرين من شهر يوليو عام 2017، هجم مجموعة من المسلحين التكفيريين على أحد الكمائن جنوب مدينة رفح بمربع البرث فجرا؛ ما تسبب في إصابة 15 فردا من القوات المسلحة واستشهاد 11 آخرين، ومقتل 40 من التكفيريين، لا يمكن الاكتفاء بهذا السرد للتعريف بلمحمة البرث التي شهدت على بسالة وشجاعة أبطال مصر.

قال الملازم أول محمد طلعت سباعي: «كنت أن النبطشي أصلا، النبطشية اليوم دا كنت أنا وحسانين، وكنت ببدل الخدمة الساعة 4 الفجر».

جندي آخر كان مع الملازمين سباعي وحسانين هو «محمد علي» الشهير بـ«تايسون» قال :«لسه طالعين فوق لسه بادئين طالعين فوق بنجهز حاجتنا والدنيا تمام، خالد جه قال الساعة بدرية والنهاردة الجمعة، ودي ساعة بتاعتهم، كل واحد يلبس فيسته وخوذته ويوقف صح».

خلال نزول الملازم سباعي السلم سمع نداء المجند خالد علي موسى أبوحمدون على جهاز الاتصال «بلغت على الجهاز الظابط سباعي، قلت في هجوم يا فندم عربية داخلة على المدق وضربت عليها واتعاملت».

وبمجرد نداء «حرس سلاح» التي توازي النفخ في الأبواق أو درب الطبول إعلانا لبدء الحرب، اجتمع الأبطال الذي يبيتون وأسلحتهم تحت رؤوسهم، يقول الجندي أحمد محمد أباظة: «سمعنا حرس ساح بدأنا نردد الكلمة طبعا واحد ورا التاني»، يضيف الجندي باسل رفعت: «كنت نايم وصحيت على حرس سلاح قمت كل واحد سلاحه نايم وتحت راسه، في عربيات برا كل واحد بالسواق محاوطنا ومحاوط البرج وأنا طالع كان في عسكري قبلي اسمه فرج نط من على السلم عشان كان في تعامل».

من تحت الأنقاض

سيارة مفخخة ارتطمت بالمبنى فحدث انفجار وسقوط لجزء كبير من المبنى، يروي الجندي فتحي عبدالرحمن كيف دخلت عربة، يقول أحد الجنود: «العربية المفخخة داخلة والتكفيري بيبص وبيضحك انفجرت وكانوا نحو 15 فردا على السطح طاروا بأسلحتهم، يقول خالد حراز إن حائطا بأكمله سقط فور الانفجار الذي جاء من الناحية الغربية».

«الموضوع كان صعب، البيت اتهد علينا، دخل النقيب شبراوي الله يرحمه والظابط سباعي وهرم الله يرحمه، أخلوني طلعوني من تحت الأنقاض» تنهد الجندي البطل أحمد عزت وهو يروي هذه اللحظات، ويضيف زملاؤه «طلعت فوق نزلت على خدي الشمال مش داري بحاجة»، «طرت للسقف ونزلت على الأرض تاني، نت حاسس إني ميت مش حاسس بحاجة، بحرك إيدي لقتني عايش، ببص لقيت سلاحي تحتي، وحولي الظابط سباعي والنقيب منسي وكل الناس».

بدأ الرجال يزحفون لاستعادة أماكنهم فتلقوا ضربة «آربي جي»، يصعد القائد المنسي على أعلى نقطة وأمر جنوده بألا يلحقوا به ويظلوا بالأسفل رغم محاولاتهم الصعود خلفه، يقول الجندي الصعيدي أبوحمدون: «وقف الضابط سباعي على السلم وقلت يا فندم مفيش ساتر فوق، قال محدش يطلع وراي خليكم كلكم تحت، نزلنا.. اشتبك فوق واحنا مأمنين تحت السلم، ويطلع من برج الحمام يضرب والنقيب شبراوي بردوا، وكان أحمد نجم خد طلقة واستشهد، وحد تاني خد طلقة في كتفه».

يقول الأبطال: «أسمع في الجهاز بتاعهم يقولوا هتجيبوا المنسي .. هاتوا المنسي»، وفور سماعهم لهذا احتشدوا لإغلاق الطريق على التكفيريين الذي كلهم همهم الحصول على القائد منسي.. «آخر خزنة يا هرم».. «اضربها يلا».. «مكملين للآخر يا كلاب».

كدا كدا موتة

يقول أحد الأبطال: «لقيت اتنين طالعين واحد ماسك سلاح وواحد ماسك كاميرا ضربت فيهم 25 طلقة طلعت فوق لقيت النقيب فزع في وقالي انزل تحت»، يقول الملازم سباعي عن استشهاد خالد مغربي الشهير بـ«دبابة»: «أنا بنادي على الجهاز وخالد مغربي رد علي اثبت ربع ساعة وهنخش عليكوا، اثبت يا سباعي اثبتوا يا رجالة سمعت التفجير في عربية خالد».

يضيف الصعيدي أبوحمدون: «قلت لهم يا رجالة اللي هيخش علينا هنفجر نفسي خلاص كدا كدا موتة، يخشوا يصوروا الكمين ويصورونا مقتولين».

استشهاد القائد منسي

وعن استشهاد النقيب أحمد منسي، يقول الجندي أحمد عزت: «جيت أطلعله تاني لقيته استشهد طلقة قناصة، والقايش بتاع السلاح كان على كتفه، أيديه جوه التيتك، وحتى ضرب طلقة وهو بيطلع آخر أنفاسه».

فيما يقول أبوحمدون: «أول ما استشهد، كان حاضن السلاح، والأمور دا ما شاء الله وشه دا من حد الله تعالى منور».

وعن هشام عشماوي، تقول زوجة البطل المنسي: «بعد ما هشام عشماوي تحول كدا، كلنا شوفنا، ابتدا الأمر يسمع في الجيش كله كان في غليان واحتقان من واحد كان زي أخوهم أو زميلهم وبعد كدا دخل يرفع السلاح عليهم».

كمين الفرافرة

واقعة أخرى هي كمين الفرافرة، التي حدثت في التاسع عشر من يوليو عام 2014 والذي وافق الثامن عشر من رمضان، يرويها أبطالها، حيث يقول الجندي مايكل عادل «كنا خمسة مسيحيين كنا نأمن الطريق يفطروا ويصلوا وبعدين كل واحد يأخد خدمته، الساعة اتنين بالظبط 4 عربيات لاند كروزر دخلت بسرعة البرق دخل اتنين وراء النقطة واتنين قدام النقطة».

يضيف النقيب أحمد نصر: «اتوجه الرائد البطل محمد درويش معاه الجندي البطل إلهامي والجندي مايكل واشتبكوا العناصر التكفيرية عن طريق مدخل وباب النقطة، وأنا والنقيب محمد إمام وكان معانا الجندي بطرس كنا في مخزن الذخيرة كان في شباكين كنا مشتبكين مع التكفيريين قعدنا مشتبكين تلت ساعة والتكفيريين مش عارفين يدخلو المبنى أو محيط الكمين بالكامل».

«كان كل هدفنا ميدخلوش النقطة كنا عاوزين نحمي زمايلنا اللي بره طبعا، لكن كان الضرب كتير وكان كل همنا نحمي القطة طبعا» بهذه الكلمات روى الجندي عمر عبدالعزيز بطولته، فيما تلقى خلال الاشتباكات الجندي مايكل 4 طلقات في رجله خلال تذخيره لسلاحه.

يواصل النقيب نصر: «كانوا عاوزين يفجروا عربية مفخخة في الكمين، ضربت في السواق وبعدين ضربت في الماتور لحد الحمد لله وقفت العربية قبل الكمين بحوالي 50 متر الحمد لله».

وعن بسالته أمام الإرهابي هشام عشماوي، يقول النقيب نصر: «وأنا بشتبك جت عيني في عين هشام عشماوي طبعا أنا عارفه وهو عرفني، أول رد فعل منه رفع السلاح علي ضربني في كتفه، رحت أنا اديتهاله في كتفه، وبعدين اديته طلقة في رجه، بدأ العناصر التكفيرية يقولوا الأمير الأمير ويحاولوا يضربوا عليه نار بكثافة عشان يخلوه».

ظل رجال كمين «البرث» و«الفرافرة» يقاتلون رافضين تسليم الأرض أو أجساد زملائهم الشهداء أو المقاتلين الأبطال المصابين للمتطرفين ليرفعوا راياتهم السوداء، بل ظل يقاتلون حتى وصل الدعم من القوات المسلحة وأسقط التكفيريين.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved