محمد فايق رئيس «القومى لحقوق الإنسان»: «أدينا دورنا زيادة عن اللزوم.. وكويس إن الحكومة اتحملتنا»
آخر تحديث: الأربعاء 24 يوليه 2019 - 8:42 م بتوقيت القاهرة
حوار ــ ليلى عبدالباسط:
بعض السجون مغلقة أمام زياراتنا ولا نعرف ما يحدث داخلها.. ورأى الأمن ضرورى فى قوائم العفو
الخضوع للمراقبة 12 ساعة يوميا أفضل للمحكوم عليه من البقاء فى السجن
صورة مصر فى مجال حقوق الإنسان تتحسن دوليا رغم الحملات الإخوانية.. ولدينا خصوصية مختلفة عن أوروبا
قانون الجمعيات الأهلية نقلة كبيرة فى عمل المجتمع المدنى
إجراءات الإصلاح تحمى الطبقة الضعيفة لكن الناس بتنسى.. وليس من الطبيعى تجاهل التقدم والحديث عن حبس شخص أو القبض على آخر
أكد رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان محمد فايق، تحسن سمعة مصر دوليا فى مجال حقوق الإنسان على الرغم مما وصفها بالحملات الإخوانية المناهضة لمصر، لافتا إلى أن المجلس أدى دوره «زيادة عن اللزوم» خلال فترة عمله.
وأضاف فائق، فى حواره لـ«الشروق»، أن ذلك لا يعنى اختفاء الانتهاكات، خاصة فى غلق السجون أمام أعضاء المجلس للتعرف على أوضاعها، وأشار فى الوقت ذاته إلى أن إجراءات الإصلاح التى اتخذتها الدولة استهدفت حماية الطبقة الضعيفة، إلا أن البعض ينسى ذلك.
وإلى نص الحوار:
> ما تقييمك لحالة حقوق الإنسان فى مصر الآن؟
ــ عندما نتحدث عن حقوق الإنسان بنظرة شاملة فهى فى تقدم، فمثلا الحقوق الاقتصادية والاجتماعية تشهد طفرة كبيرة، لاسيما تنفيذ برامج التنمية المستدامة فى إطار رؤية «مصر 2030» الذى التزمت بها مصر أمام الأمم المتحدة، فهناك اهتمام بالمهمشين، مثل برنامج تكافل وكرامة، وتنمية سيناء، وإنشاء الأنفاق، فضلا عن شبكة الطرق الجديدة.
وهناك تقدم على صعيد آخر، متعلق بالبنية التحتية للديمقراطية، حيث أصبحت لدينا انتخابات واستفتاءات سليمة، لم تكن كذلك فى السابق، حيث كانت تتدخل فيها الدولة، كما أن لدينا حرية فى تدشين الأحزاب بسهولة، أى نعم لا تزال ضعيفة لكنها موجودة ولديها فرصة للعمل.
> وماذا عن الحقوق المدنية والسياسية؟
ــ لدينا مشاكل كثيرة بشأنها، لكن لحسن الحظ هناك تطورات تحدث مثل التشريعات الجديدة، أو تصحيح التشريعات محل الخلاف، مثلما حدث فى قانون الجمعيات وقانون النقابات العمالية.
> وما هى المشكلات من وجهة نظرك؟
ــ هناك مشكلات فى رأيى قابلة للحل، فبعض السجون مغلقة للزيارة أمام المجلس، ولا نعرف ما يحدث داخلها، وهذا خطر لابد أن يعالج سريعا، ونبهنا له عدة مرات.
> هل طالبتم بالزيارات؟
ــ بالفعل طالبنا أكثر من مرة، ولكن الردود كانت تسويفات، حيث كان يقال لنا «بعد الاستفتاء»، «بعد بطولة الأمم الإفريقية»، ونعلم أن ذلك يعنى أنه لا زيارات الآن، ما يعد خللا فى قضية متابعة أوضاع السجون.
> البعض يرى أن قوائم العفو التى يفرج عنها هى القوائم الأمنية وليست التى يرسلها المجلس؟
ــ نحن لا نزال نرسل قوائم بأسماء الشباب المحبوس، وكل فترة يتم الإفراج عن دفعة جديدة، ونتمنى أن يفرج عن جميع الشباب، ولابد أن يقول الأمن رأيه فى هذا الشأن.
> وماذا عن الشكاوى المتعلقة بطول مدة المراقبة والتدابير الاحترازية التى يراها البعض كعقوبة مماثلة كالسجن؟
ــ المراقبة تقييد لحرية الشخص، وهى بالفعل نوع من السجن لأنها جزء من الحكم، ورغم ذلك سنعقد ورشة عمل لبحث الأمر، وأرى أن المراقبة لمدة 12 ساعة أفضل للمحكوم عليه من البقاء فى السجن.
> هل توجد مشكلات أخرى من وجهة نظرك؟
ــ هناك حاجة إلى تعديل قانون الإجراءات الجنائية وما يتعلق بالحبس الاحتياطى، وهى بالفعل مشكلات مصنفة ومعروفة ولدينا أمل فى حلها، ورأيى أن مسيرة حقوق الإنسان تتقدم وتعطى أملا كبيرا، ونحن فى المجلس القومى نمتلك الريادة سواء فى رئاسة الشبكة العربية لحقوق الإنسان، أو رئاسة الشبكة الإفريقية لحقوق الإنسان فى نوفمبر القادم، لاسيما أن النظرة الإفريقية تختلف عن النظرة الأوروبية فى هذا المجال.
> وفيم تختلف النظرة الإفريقية؟
ــ هناك ميثاق إفريقى لحقوق الإنسان وله خصوصيته، ونظرته المختلفة عن الحملات التى تشنها منظمات إخوانية فى الغرب الأوروبى، فمن يسمع عن مصر من خلال محافل حقوق الإنسان الأوروبية يرى أن هناك تأخرا فى الملف الحقوقى، نحن نعترف بعالمية حقوق الإنسان، لكن لدينا خصوصية بعض الشىء.
> ماذا تعنى بشأن الخصوصية؟
ــ الخصوصية فى المفاهيم فمثلا عقوبة الإعدام حولها لغط كبير، شخصيا أنا ضدها، لكن لا أستطيع إلغاءها الآن، كما أن لدينا ثقافة الثأر فى الصعيد، وإن لم ينفذ العقاب فورا على الجانى ستبدأ سلسلة القتل خارج نطاق القانون بين العائلات، فضلا عن الموروث الدينى، على الرغم من أنه تفسير خاطئ للدين.
ومع ذلك، تسير مصر فى الاتجاه الصحيح، فالجرائم التى تعاقب بالإعدام تنحصر، وحتى الأعداد الكبيرة من الأحكام الصادرة من قبل لم تنفذ جميعها، وتتراجع خلال درجات التقاضى، ويحسب لمصر أنها لم تعقد محاكم استثنائية، رغم أن ذلك يؤخذ عليها دوليا، وكانت هناك ضغوط على الرئيس عبدالفتاح السيسى لعقد تلك المحاكم الاستثنائية، ولكنه رفض.
> وكيف ترى صورة مصر دوليا على مستوى المجال الحقوقى؟
ــ صورة مصر تتحسن دوليا، وتراجعت سابقا بسبب خلل فى المفاهيم، فالبعض يتصور أن التحول الديمقراطى يحدث بين يوم وليلة، وهذا أمر غير معقول لأنه يستغرق وقتا، بالإضافة إلى تأثير عوامل أخرى سلبا على صورة مصر دوليا، بسبب الحملة الضخمة التى تشنها جماعة الإخوان المسلمين، بتدشين جميعات خاصة بحقوق الإنسان فى لندن وتركيا والتشيك، من بينها 6 منظمات أصدرت تقريرا ضد المجلس القومى بحرفية شديدة، ما كان من الممكن أن يؤثر على تقييم المجلس، لكننا لا نزال فى التصنيف «أ»، وهو أعلى مرتبة فى تصنيف المجالس الوطنية.
> كيف ترى تعاون البرلمان مع المجلس القومى؟
ــ التعاون جيد جدا لأبعد الحدود، وما يتردد بشأن وجود شكاوى من عدم إرساله القوانين المتعلقة بالحريات إلينا لإبداء الرأى بشأنها غير صحيح، حيث نتلقى جميع مشروعات القوانين.
> وهل تتم الاستجابة لملاحظاتكم؟
ــ هذا أمر آخر، المهم أن نعطى رأينا، والدستور كفل لنا هذا الحق لإبداء الرأى فى القوانين المتعلقة بالحقوق والحريات كما يجب، وإذا صدرت ناقصة بعض الشىء، فهذا شىء آخر.
> وما رأيك فى قانون الجمعيات الأهلية؟
خطوة تعديل القانون جيدة جدا، والمجلس القومى أول من تناول القضية، والحقيقة أن الرئيس السيسى كان لديه الاستعداد لتعديله، قد تكون لنا ملاحظات بسيطة نعمل على إعدادها، لكن القانون بصورته الحالية نقلة تفتح مجالا كبيرا أمام المجتمع المدنى.
> هناك تخوفات من بعض المنظمات الحقوقية من وجود عراقيل أثناء تنفيذ القانون؟
ــ لا أعتقد أن يشمل القانون عراقيل، وعموما التنفيذ أمر آخر.
> وكيف ترى تأثير خطة الإصلاح على المواطن خاصة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية؟
ــ الإجراءات التى اتخذت قبل الإصلاح لحماية الطبقة الضعيفة كانت كثيرة، لكن الناس بتنسى، مثل تكافل وكرامة، وتطوير العشوائيات والتأمين الاجتماعى، ومشروع قانون التأمين الصحى، حتى شبكات الطرق، وحملة فيروس سى، حينها لم يشعروا بخفض قيمة الجنيه بسبب الإجراءات الإصلاحية، وهذا يعنى أن الدولة لا تنسى الفقراء.
كما أن القضاء على الفقر من ضمن التزامات مصر للتنمية المستدامة، وليس من الطبيعى تجاهل كل هذا التطور والتقدم، والحديث فقط عن حبس شخص أو القبض على آخر، ورغم ذلك أؤكد أن عملنا أساسه الدفاع عن الحريات، والبعض تصيبه الصدمة حينما أتحدث عن تقدم حقوق الإنسان، فهى أوسع بكثير من أن تشمل أوضاع المسجونين فقط.
> لكن تقرير البنك الدولى أخيرا أشار إلى أن الإصلاحات لم تنعكس على ملفى التعليم والصحة؟
ــ التعليم والصحة يحظيان باهتمام ومناقشات عديدة من القيادة السياسية، بما يعنى أن هناك اهتماما حتى لو لم يحصلا على الميزانية المطلوبة من الموازنة، خاصة أنهما يشملان أزمات كبيرة.
> كان هناك مطالبات بتقنين تعويضات أهالى الشهداء هل سيتبنى المجلس الأمر؟
ــ هناك اهتمام كبير من الرئيس سواء بأسر شهداء قوات الجيش والشرطة أو المدنيين، ونحن ندفع فى طريق تقنين هذه التعويضات بشكل منهجى، والقوات المسلحة مستعدة لذلك.
> وما تقييمك للتشكيل الحالى للمجلس ونحن على أعتاب تغيره؟
ــ أعتقد أننا حققنا أشياء كثيرة، وإلا لما استمر بقاؤنا حتى الآن رغم انتهاء المدة القانونية، والمجلس له استقلالية جيدة، كما اقتحم الكثير من المشكلات، كويس إن الحكومة استحملته.
هدفنا وطنى بنسبة 100%، ونريد الإصلاح من خلال ملاحظاتنا، وإذا لم نتأكد من وجود رد فعل جيد على ملاحظاتنا لما استمر تشكيل المجلس حتى الآن، ورأيى أنه أدى دوره زيادة عن اللازم.
ــ بصفتك وزير إعلام سابق، كيف تقيم المشهد الحالى؟
ــ المشهد الإعلامى صعب، وأحواله لم تشهد استقرارا حتى الآن كما يحتاج إلى انضباط كبير، وأنا شخصيا حزين على أوضاع اتحاد الإذاعة والتليفزيون «ماسبيرو»، لأنه طاقة رائعة من الممكن أن يخرج منها إعظم إعلام فى الوطن العربى، لكن للأسف لم يأخذ حقه، هناك بداية صحوة حاليا، لكنها غير كافية.