«بعلم الوصول»: رحلة فى 2000 جواب «مش مسوجر».. خير الدين يترجم ولعه بـ «الجوابات القديمة» فى كتاب يرصد أفراح وأشواق وعذابات المصريين فى القرن العشرين

آخر تحديث: السبت 24 أغسطس 2019 - 2:45 م بتوقيت القاهرة

ياسر محمود

«يا حرجى..
جوابك بيرد المية للزور الناشف ويبل
ده أحنا عايشين هنا ع السيرة
وزادنا الأخبار
زوجتك فاطنة أحمد عبدالغفار..
جبلاية الفار»..


هكذا قرر الكاتب والمذيع أحمد خير الدين أن يستهل أحدث أعماله «بعلم الوصول» الصادر عن دار الشروق، ربما مستلهما من جوابات حراجى القط، للشاعر الكبير الراحل عبدالرحمن الأبنودى، فكرة كتابه الجديد، والذى يعرض بين دفتيه نماذج من رسائل تنتمى لزمن مضى، كانت فيه الرسائل هى وسيلة التواصل بين الأسر المصرية، إذ يمضى خير الدين مع هذه الرسائل نحو العامين، ربما بدافع الفضول أو الرغبة فى البحث عما تحويه من ذكريات وأسرار شخصية متدفقة، تحمل بين سطورها انطباعات عن أحداث كبرى وومضات من العشرينيات إلى تسعينيات القرن الماضى، معبرا فى ذات الوقت عن حيوات إنسانية وتجارب بشرية وعلاقات متنوعة فى شرائح مجتمعية متعددة، وراصدا أفكارا ومكونات ثقافية متفاوتة، تترجمها كلمات تلقائية، بعضها تكتنفه الضحكات وبعضها يستثير الدموع.


وقبل أن يبحر بنا خير الدين بين ضفتى نهر جار من الرسائل، وبعد أن يشرح لنا ولعه بالخطابات القديمة ــ والتى كانت وسيلة التواصل بين والده فى غربته ببلدان الخليج واسرته فى مصر ــ يروى لنا مؤلف «بعلم الوصول» ملابسات عثورة على «خبيئة الجوابات» فى غيابات مخازن الكتب القديمة، حينما كان يبحث عن مواد أرشيفية لأحد الموضوعات الصحفية لدى أحد تجار الكتب القديمة «التقطت إحدى الأوراق لأقرأ ما فيها فاكتشفت رسالة عابثة من صديق، وبجوارها رسالة أخرى من صديق آخر فى أسيوط، وثالثة من صديقة فى بيروت، جميعها لنفس الشخص، وبدأت الرحلة.. لم أكن عباس البوسطجى فى قصة يحيى حقى، لكنى شاركته الهوس بفتح الرسائل الواردة واكتشاف حياة البشر المحيطين به، أقارن بين الرسائل، وأقتفى أثر اللغة وتطورها بمرور الأيام، وأتأثر بتعبيرات أصحاب الخطابات عن مشاعرهم فى علاقات الحب والأخوة والصداقة، ويمتد بى الهوس من تاجر إلى آخر، ومن رسالة إلى آلاف».. ليظل المؤلف قابعا بين تلك التلال من الجوابات، ليخرج علينا أخيرا بـ «بعلم الوصول».

 

طير يا حمام.. بلِّغ سلام سامح لفيروز
بنسلفانيا فى ١٥/٣/٧٠

عزيزى بابا والجميع
سلام الرب يسوع المسيح يكون معكم، لعلكم فى أحسن حال.
وصلتنى جوابات كثيرة الأسبوع ده منكم جواب ماما أليس وجواب أبونا ميخائيل، وسلمولى عليه وبعدين وصل جوابين من خالى باقى واحد بتاريخ 5 مارس وطوابع الكويت ظريفة خالص، وواحد بتاريخ 7 مارس وبعدين وصل جواب خالى إدوار من الزقازيق بتاريخ 9 مارس رأس السنة الهجرية والحمد لله انكم كويسين.
النهارده الأحد والجو بارد جدا جدا والثلوج نازلة باستمرار ما تحسش بودانك أو مناخيرك أو ايديك وطبعا مفيش حد بيمشى فى الشوارع كلها بالعربيات.
والشتاء ده يعتبر أقسى شتاء فى تاريخ بنسلفانيا، وبيقولوا عمرها ما حصلت ان احنا فى مارس والدنيا برد بالشكل ده.
اتصلت دلوقت بالتليفون بفؤاد وكلمته حوالى نصف ساعة ومبسوط خالص والدنيا دفا عندهم ومفيش برد وحتى بيقول انه الناس من غير بلاطى والشمس دايما طالعة. والحقيقة انا مبسوط لأنه ساب البلد الفقرية اللى انا فيها وكان بيصعب على خالص وهو طالع الصبح «لما كان هنا فى بطرسبرج» والدنيا تلج وطالع يدور على شغل. ربنا رحمه من البرد اللى هنا.
فؤاد مبسوط وسيبدأ الدراسة يوم الاثنين ٢٣ مارس ولقى سكن كويس فى بيت الشباب المسيحى، حاجة زى جمعية الشباب المسيحية، والبيت فيه 5 طلبة، وكل واحد أوضة وعندهم مطبخ وتليفزيون وتليفون وقاعة مكتبة وبحوالى ٣٠ دولار فى الشهر وده أجرة كويسة جدا ورخيصة جدا بالنسبة لهنا، وقريب من الجامعة ومن صاحبه كرم ومش محتاج لأى مواصلات وبعدين فيه أكل جاهز يعنى مثلا غذاء كامل بيشتريه ويحطه فى الثلاجة وبعدين يطلعه ويسخنه يبقى حاجة ممتازة، وبيشتغل فى المفرخة ومبسوط والحمد لله.
من ناحية سفرى لبيروت سوف أقرر الأسبوع ده إن شاء الله يعنى فى الجواب اللى جاى سأقول لكم بناء على مصاريف الدراسة بتاعة فؤاد وبعدين سأحاول ازود الشغل فى مستشفى منصور علشان الايراد يزيد شوية وأجيب مصاريف السفر وبعدين عايزك يا خالى جورج تقول لى عن مشروعاتك ايه فى بيروت وبعدين أنا عندى اجازة حوالى اسبوعين سأحاول أعملهم ثلاثة أسابيع ولو حتى أسبوع من غير ماهية. وأنا ممكن آخدهم فى أى وقت وغالبا فى يونيو.
من ناحية سفرى لفؤاد فهو يبعد عنى بمسافة حوالى ١٢٠٠ ميل يعنى سفر حوالى 3 أيام بالعربية يبقى مفيش إلا الطيارة وبعدين لو سافرت سأسافر السبت وأرجع الأحد وده سيضيع على الشغل فى منصور لأنه أنا بأشتغل فى الويك إند هناك، وأنا طبعا محتاج للفلوس فى الوقت الحاضر وسأكتفى بالمكالمات التليفونية فى الوقت الحاضر.
أخبارى ليس فيها جديد بأشتغل فى جراحة القلب ومن ضمن الحاجات اللى بنشوفها هنا: محاكم الطلاق. يقعد القاضى يسمع شكوى الست والراجل. الست تقول انه جوزى مش مهتم بالبيت وانه دايما فى الشغل واكتشفت انه على علاقة مع واحدة تانية منذ حوالى ست شهور، والزوج يقول انا مراتى ست مش كويسة ولها Boy friend منذ حوالى سنتين وحاجة تكسف، ويحكم القاضى بالطلاق فى منتهى السهولة.
د. رفعت لم يجد شغل للآن ومنتظرين نتيجة امتحانه وربنا يوفقه.
سلامى لكم جميعا
سجل يا طير.. طير يا حمام لفيروز
مستعد لأى خدمة يا خالى جورج بس أنت قول وكل حاجة تكون عندك.

 

من شريف إلى إحسان ورأفت: الرقص أيها الناس أكبر وأعظم وسيلة للنجاح فى القرن العشرين
رأس البر ١٩٣٦

عزيزىّ إحسان ورأفت
أرجو أن تكونا على أتم صحة وعافية
طبعا أنتم فى شوق شديد وشديد جدا لسماع أخبارى، وقد كنت عازما على الكتابة إليكما أمس لولا أننى رأيت أنه من الأحسن التقل شوية.
ركبت قطار الساعة ٨ وليس هناك ما يهمكم لأخبركم به عنه سوى أننى تقابلت فى القطار مع امرأتين من الشوام اليهود اللى بيتكلموا فرنساوى وعربى ولغة بطالة، وظنتنى إحداهما صيدة فأخرجت كوتشينة ودعتنى للعب وعبثا حاولت اقناعى أن ألعب بوكر وانتهى الجدل بلعب الكونكان، وكنا أربعة أنا والشاميتان وشاب مصرى موظف ومقيم بالمنصورة.
لا داعى طبعا لذكر النتيجة لأننى قمت من مصر ومعى سبعة قروش فكة، فوصلت ومعى ٦٥ قرشا، أما المصرى فقد نزل فى المنصورة ولم يخسر شيئا كثيرا. وقبل وصولى إلى دمياط تقدمت كأى رجل شريف إلى كل واحدة منهما بالمبلغ الذى كسبته معتذرا عن قبوله شاكرا ومعلنا سعادتى بمعرفتهما ومتمنيا دوام هذه المعرفة فى رأس البر. وقبلتا على الفور الفلوس. وحين وصلت دمياط انهمكت فى نقل الشنط وخلافه وتركت فوتوغرافية ثابت ــ وكانت فى يدى ــ ريثما انتهى من تلك الشغلانة وبينما أنا أعد الشنط للشيال سألنى الرجل إذا كانت الفوتوغرافية التى بيد المدام ــ وكانت إحداهما ــ بتاعتى ولا لأ! فى هذه اللحظة كأننى خسرت مبلغ الـ٥٨ قرشا وتندمت أشد الندم لاستعمال الذوق مع هذا الجنس من الناس. وأخذت منها الكوداك بأدب ولطف بعد أن اعتذرت هى بأنه سهى عليها.
المقصود.. ركبنا اللنش إلى رأس البر وكانت رحلة ظريفة وعشرة لطيفة جدا وجيران عال العال. واسترحت من السفر وخرجت فى المغرب لكى أتأكد أنه من المحال الاستفادة من المصيف. يا إحسان يا رأفت نصيحتى إليكما ألا تتحسرا على شىء مطلقا ففى رأس البر أكبر مجموعة من البنات المصريات وخلافه واخدة حريتها خالص. ويا ويلى فبعد ساعة مشى وراحة وألم وحسرة ذهبت إلى كورتيل وهناك قابلت مدام جيفون ــ وهى التى قلت لكما حكايتها ــ فما رأتنى حتى حيتنى ثم أخذتنى وقدمتنى إلى مجموعة هائلة من البنات والبنين بوصفى Le plus grand concanist وجلست معهم حوالى نصف ساعة جلسة ممتعة وليس فى البنات واحدة يقال عنها إنها غير جميلة، وليس فى البنين واحد يقال عنه إنه رجل!
وبعد ذاك عزف الأوركسترا معلنا أكبر هزيمة رأيتها فى حياتى وملقيا بى من سماء الخيال إلى درك سحيق من التأخر. يا إحسان يا رأفت كانت هناك مسابقة لنيل جائزة أدبية عن وسيلة النجاح فى القرن العشرين. والفائز فيها قال إنه الوسيلة الوحيدة هى الأخلاق والمقدرة وغير ذلك، ولكنى وجدت وسيلة النجاح هذه فى رأس البر وهى.. الرقص!
الرقص أيها الناس أكبر وأعظم وسيلة للنجاح من القرن العشرين إلى الخمسين، عزف الأوركسترا وتقدمت إحداهن إلى ضاحكة قائلة إنها اختبرت خطوات جميع الحاضرين وهى تريد أن تجرب خطواتى فى الرقص! واحد من اثنين إما أن أؤلف كتابا فى وصف شعورى حينذاك أو أسكت والأحسن السكوت مع التنهيدات اللازمة، ولما أخبرتهم بأنى لا أعرف الرقص نظر إلىّ الجميع بنظرة لا أستطيع وصفها ولكنها على كل حال أقوى من نظرة أخرى وجهوها إلى رجل لابس بدلة وطربوش وكل حاجة ثم سار أمامنا حافيا على الرمال!
وبين ضجيج الرقص والضحك وشرب كأس واحد من الويسكى ودفع ثمن خمسة كئوس انتهت الليلة الأولى.
واستيقظت فى صباح اليوم التالى لأخذ حمام وكان البحر هائجا وله حق لأن مجموعة البنات اللى كانوا بيعوموا اضطرونى خمس مرات للغطس العميق ومسك الأقدام ثم الخروج على الماء مع تقديم الاعتذار اللازم، وفى كل مرة كنت أقابل بصرخة خافتة ثم ابتسامة تذهب بى إلى السماء لدرجة أنه حين خرجت من الماء ــ لما حان ميعاد السيدات ــ كنت حاصرا ذهنى فى ثمانية يلزمهن ثمانية دبل للخطوبة أربعة لثابت وأربعة لى أما رأفت فحكم الشريعة لا يكفيه.
إحسان.. رأفت.. المرأة العارية لا تهيج إلا إذا لمستها وقد لاقيت من اللمس الأمرين، وباستعمال ثلاث حيل علمنى إياهم فيكتور أمكننى فى يوم واحد أن أكون موضع اهتمام جمع كبير من الفتيات «الخوافات» ولو أنهم سألونى عن الوسيلة الوحيدة لحفظ صحتى من التلف وضمان استفادتى من المصيف لقلت على الفور بقتل جميع الدمياطيات.
الدمياطيات أيها السادة. العلايلية. الكردانين وغيرهم وغيرهن. لا شيء سيجعلنى أرجع من المصيف كغصن البان سواهن. والبلاج فى رأس البر أوقح إعلان عن الراغبات فى الزواج وعلى نقاوة عينك يا جدع!
وكان خالى عباس بك ــ أدامه الله ــ واسطة فى معرفتى بمجموعة من الفتيات عرفهم بواسطة الرقص والكلام الفرنساوى وهو مشهور عندهم باسم «باس» وهو هايص جدا هنا، وفى الليلة الواحدة يرقص مع عشر بنات على الأقل من مختلف الجنسيات والملل ولكن قليل جدا من المصريات، وأمس صباحا كنت فى البحر لما رأيت عن بعد غزال وبأسرع ما يمكن غطست ومع الموج أديت اللازم ثم رفعت رأسى لكى أنظر إلى الوجه المليح ذو الجسد المليح فأجد.. استلا!
وتصافحنا وأخبرتنى أنها جاءت لزيارة عمتها يوما واحدا وراجعه إلى بورسعيد فى نفس اليوم. وقد دعتنى وألحت فى دعوتى بذهابى إلى بورسعيد وقضاء أسبوع هناك بحجة أن المصاريف قليلة وأننى سأنزل فى بنسيون أمها بدون أجر، وقد عزمت على الذهاب فى بحر هذا الأسبوع لقضاء يومين أو ثلاثة هناك.
أرجو ألا تخبرا شفيق بذلك الآن. لم أشعر إلى الآن بضيق والوقت يمر بسرعة ولا شيء يهددنى سوى الفلس!
أرجو أن تكتبا إلى بأخباركما ولا مؤاخذة فى كتابة الخطاب إليكما أنتما الاثنين، كما أرجو إفادتى عن رقم منزل ثابت والإسراع فى الرد ضرورى خيفة أن أقوم إلى بورسعيد فلا يصلنى خطابكما.
قبلاتى وسلامى إلى الجميع
كيف حال هدايت وتحياتى إلى الشقيقات العزيزات
وهل تفضلن بالذهاب إلى منزل خالى أم أن الفستان لسه ما خلصش
المخلص شريف حسن
عنوانى: يحفظ بشباك البوستة رأس البر

 

 

الحزين فيليب بواب يشكو من بروكلين للمحترمة ميلانى
بروكلين فى ٢٣ آب ١٩٢٩

حضرة ميلانى المحترمة
أقبل أياديكى، ولكنى لا أتمنى لك أن تكونى على شىء من المصيبة الأليمة التى ألمت بى فى الأسبوع الماضى، حتى أفقدتنى الرشد وهدت قواى ومازلت واقعا تحت تأثيرها الشديد، لا يصفو لى عيش ولا يهنأ لى بال عن وفاة حبيبة القلب ورفيقة الحياة وريحانة الأنس عفيفة. قد كان موتها غير المنتظر ضربة أليمة علىّ وعلى جميع أهلى وصحبى ألا رحمها الله رحمة واسعة.
ثم أخبرك عن السبب من مدة شهرين حست بوجع فى بطنها أحضرنا لها الحكيم فحصها وقال عندها طلوع فى بطنها لازم لها عملية، جبنا لها حكيم تانى قال مثل الأول ثم شاروا علينا الأهل والأصحاب حتى نجيب لها جمعية حكما أحضرنا لها خمسة حكما من أشهر حكماء النيويورك فقرروا كلهم لازم عملية من كل بد ولاكن ما فيش عليها خطر أبدا، فلذلك قبلت عفيفة بكل رضاها وهى لا تنتظر هذه النتيجة المفجعة ذهبت إلى المستشفى يوم الأحد الواقع فى ١١ أغسطس الجارى بعد الظهر وصباح الاثنين اعترفت وتناولت القربان المقدس ورأيناها صاعدة إلى غرفة العمليات وهى باسمة مطمئنة وأجريت عليها العملية وعادت إلى غرفتها نحو الظهر وحالتها حسنة لا تدعو إلى اضطراب والساعة ٣ بعد الظهر أفاقت من تأثير البنج، وكنت أنا وأخواتى حول راسها فعرفتنا وطلبت منى شربة ماء فجاءتها بها الراهبة شربة بكل راحة ثم شاكتها كيفك حبيبتى.. جاوبتنى الحمد لله عال مبسوطة بقيت مبسوطة لغاية الساعة ٧ مساء، ثم ظهر عليها اضطراب فى دقات القلب فعالجوها بكل ما امر الطبيب من الأسباب، وأيضا استدعى الحكيم فى الوقت نفسه أشهر حكيم فى النيويورك لاجل يمنعوا الاضطراب الذى حصل لها ولكن ما كان الطب يجدى نفعا البتة.
وفى الساعة ٧ غابت عن الوعى وما انقضت الساعة الثانية عشرة حتى كانت روحها قد طارت إلى باريها.. تذكرى هذه المصيبة وكلها مائلة أمامى ليل نهار تزيد فى حسرتى وحرقتى على ما عشته معها عشرين سنة لم أر منها إلا كل ذكره بالخير، ويوم عيد السيدة المجيدة كانت الاحتفال بدفنها فى كنيسة سيدة لبنان المارونية، واعلمى أن هذا التاريخ هو تذكار زواجنا منذ عشرين سنة فتأملى حوادث الدهر سائلا لك الصحة والعمر الطويل ولها الرحمة السعيدة ودمتى إلى ولدكى فى التربية.
لا تجيبى سيرة قدام والدتها أنا أخبرها.
الحزين
فيليب بواب

 

غرام أحلام وعادل
الأربعاء ٢٤ أكتوبر سنة ١٩٥٦

حبيبى عادل
إزيك النهاردة يا حبيبى وازى مزاجك إن شاء الله يكون رايق قوى. زى النهارده الأسبوع اللى فات كنت انت معايا مش عارفة ازاى فات الأسبوع ده، يا ريتك جيت الاسبوع ده بدال الأسبوع اللى فات عشان كان زمانك موجود معايا دلوقت ويمكن مكنش حصل زعل ولا حاجة، لكن معلهش الحمد لله الزعل فات ومش عايزين يجى زعل تانى أبدا. مش كده ولا إيه؟
الجو يا ترى فى مصر برد ولا لسه؟ هنا اكتر الأوقات برد خصوصا بالليل. النهارده الصبح ما خرجتش وبعد الضهر كلمت تهانى عشان أقول لها تروح معانا سينما وعشان أشوف إذا كان فيه أخبار ولا لأ. طبعا ما لقيتش أى أخبار. معلش ضرورى لسه جوابى ما وصلش لكن أوعى تتأخر عليا فى الكتابة لما الجواب يوصلك.
فتنا على تهانى أنا وإبراهيم ورحنا سينما أمير لكن كان فيلم مقلب، وقلنا يا ريتنا ما رحنا. المهم ضيعنا شوية وقت وخلاص.. وأنت أخبارك إيه اشتقت لك قوى ولجواباتك كمان كأنك بقى لك مدة كبيرة مش بتكتب لى عايزة أعرف إذا كانت صحتك كويسة وماشى زى الدكتور ما قال لك ومخفف السجاير ولا لأ. لازم تقول لى وإذا كنت مش ماشى ع الدوا لازم تاخده بانتظام علشان يفيدك.
قل لى بقى مين جالك العيادة النهارده وعملت ايه بعد العيادة روحت على طول ولا خرجت. مين عارف يمكن تكون قاعد بتكتب لى جواب. يا ريت علشان نبقى زى بعض ومع بعض، على العموم انت معايا دايما.
بون سوار بقى يا حبيبى ومنتظرة جوابك
أحلام

 

وعد بابا محمد لسيف من مكة: إن شاء الله سوف أشترى لك العجلة


بسم الله الرحمن الرحيم
مكة المكرمة فى ٢٧/٣/٧٨
ابنى حبيبى/ سيف
أهديك سلامى وقلبى وحبى وقبلاتى.. وحشتنى وحشتنى كثير كثير جدا جدا وكمان نفسى أشوفك، ويا ترى عامل ايه فى المذاكرة والمدرسة. أنا نفسى أشوفك ناجح ومجتهد والأول على الفصل علشان أجيب لك كل حاجة انت نفسك فيها، وإن شاء الله سوف أشترى لك فى هذه الأيام العجلة وقد اتفقت على شرائها وبها فتيس زى السيارة وكشافات وسوف اشترى لها كلاكس جميل جدا زى ما وعدتك من قبل.
وكمان يا سيدى سوف أشترى لك اللعبة بتاعة التليفزيون ولو إنها غالية جدا والغالى يرخص لك وربنا يقدرنى أسعدك طول ما أنا عايش، وكمان إن شاء الله عند عودتى بالسلامة سوف أشترى لك البندقية بس لا تنسى المذاكرة علشان أكون مبسوط منك وأشكرك كتير على خطابك الحلو اللى أرسلته لى وأتمنى تكتب لى دائما ولا أوصيك على ماما سوسو وماما مديحة وماما فهيمة، لأنهم يهمونى كتير. وربنا يخليك لى وليهم بصحة وعافية وإلى اللقاء فى الخطاب القادم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بابا محمد

 

يوميات سامية


والدتى العزيزة/
باكر يوم عيد الأمهات، ولعلك سمعت عن هذا اليوم من قبل، وبهذه المناسبة تذكرت أن أكتب إليك وكنت أتمنى أن تكونى موجودة معنا فنعمل لك عيد كما يعمل الأجانب لأمهاتهم ليعبروا عن شعورهم نحوهم.. وها أنا أكتب إليك لا للتعبير عن شعورى فقط لأنه فى كل خطاب من خطاباتى تجدى هذا التعبير. إنما كتبت إليك لأبلغك أسفى الشديد لحرماننا منك هذه المدة الطويلة، وكنت سأقول لحرماننا من عطفك ولكن لا.. فعطفك دائما معنا ونحن نشعر به مهما بعدنا.
من مدة طويلة لم يصل منك خطاب ولا من سميرة الكسلانة فما السبب؟ هل هى سافرت إلى أسيوط؟ ومتى تنوى الحضور وطبعا ستحضر معك.
سامح سافر أمس إلى الإسكندرية فى الصباح وعاد اليوم ظهرا وكان فى إمكانى السلف منه إذا كانت الحالة المالية تسمح بذلك.
كل شىء عال ولا يوجد عندى أخبار أقولها لك غير هذه.
قبلاتى لك ولسميرة وابتسام الذى أرجو أن يكون بصحة جيدة والذى اشتقت لرؤيته جدا
سامية
أشرف حاولت اعطاءه الجنيه ولكنه لم يقبل فأعطه له أنت إذا ذهب عندك لأنه مسافر اليوم على ما أظن.

 

«ملك النساء» يسأل عن حسين فى اليمن: وحشتنى خالص يا حمار يا صغير ووحشتنى أيامك



بريد حربى ــ الجمهورية العربية اليمنية
إلى ملازم أول
حسين سعيد إبراهيم سعيد ــ الوحدة ٩٦٥٣
الإسكندرية فى تمام الساعة ١١ من مساء يوم الثلاثاء الموافق ٤/١٠ حسب التوقيت المحلى لملك النساء بالإسكندرية خاصة والجمهورية عامة، وعلى أنغام أغنية «أنا باستناك» لنجاة الصغيرة أرسل لك خطابى هذا يا أخى الصغير والعزيز.
تحية قلبية وأشواق زائدة وسلامات عاطرة.. دام الله عليك نعمه وإن شاء الله تكون فى صحة وعافية واهدأ بال وأجمل مزاج وأحسن حال.. وبعد
أنت فى الحقيقة وحشتنى خالص يا حمار يا صغير ووحشتنى أيامك الجميلة فى بلياردو بالاس ثم الذهاب بعد ذلك إلى السينما حيث التبويخ على المشاهدين وآخر قلة أدب ثم الذهاب أخيرا لأكل الكبدة الممتازة من عند أبوغريب بتاع مطعم الشرق مع البيرة التمام التمام، أو أكل طاجن لسان عصفور بالجامبو من عند مطعم استريا وذلك كله بالإسكندرية.
وهذا كله غير اللى كان بيحصل فى مصر وأكل الكبدة من عند فلفل بالسيدة، أو رغيف الحواوشى.
وفى الحقيقة أنا لما أذهب إلى أبوغريب أفتكر الواد حسين على طول وأيامه وسهراته الحلوة، وعلى فكرة احنا أنا وخيرى لم نقبل عذرك لعدم الحضور إلينا بالنادى كما اتفقنا وخاصة أنها كانت آخر ليلة لك بالإسكندرية، وأحب أن أعرفك ان البنت بتاعتك ليست أهم منا يا ابن الكلب يا واطى، وأنت لازم تتعلم ان هذه أمور تافهة بالنسبة لأصدقائك، وعلشان خاطر هذا المقلب فإننا سوف نذهب إلى كلية التجارة جامعة الإسكندرية وعلشان نتعرف على هذه البنت وخاصة ان خيرى قد قدم طلب للانتساب للكلية وأنا قدمت طلب للدراسات العليا بنفس الكلية يعنى احنا جاهزين خالص ولازم نشد هذه البنت وحسين مين وأصحابه مين واحنا سوف ندخل عليها بدور اننا اصحاب حسين سعيد وصديقه وهو عاوز يبلغ هذه الآنسة رسالة خاصة ولكن عن طريقنا.
وعلى فكرة يا حسين أنا كنت فى مصر الاسبوع الماضى وقابلت على وسألنى عما فعلناه بعد سفره مع العائلة إلى القاهرة فأنا طبعا بوظت مخه خالص وقلت له ان الواد حسين خطير وهو نازل شغل فى الإسكندرية مع كل العالم، وهو حقود خالص قد يسألنى ويستدرجنى فى الكلام ولكن أخوك طلّع دين أمه فى هذا اليوم بأننا أولاد خطرين على مدينة الإسكندرية، وان حسين ماشى مع ملكة جمال الجامعة وهى بتحبه وتعبده.
وعلى فكرة يا سيدى احنا نازلين شغل كل يوم وكل ساعة وجاهزين خالص فى كل وقت حتى الشرب كل يوم واحنا فى انتظارك على أحرّ من الجمر ولازم تعرفنا موعد وصولك علشان كمان تذهب معانا إلى كلية تجارة وتشوف البنت وهى معنا فى الكافتيريا.
وأنا أشكرك على الأشياء التى طلبتها منك ومش عارف أقول لك ايه وخاصة انك سافرت ولم تأخذ منى ثمن هذه الأشياء، ولكن أنا سوف أجهز لك كل النقود اللى سوف تطلبها منى ثمن هذه الأشياء، وعايز منك طرحة حرير أو شيفون سوداء لأجل الست والدتى، وهو طلب عزيز علىّ خالص، ولذلك أرجوك ألا تنسى هذه الطرحة.
شد حيلك وربنا يسهل وترجع لنا بالسلامة.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved