خبيرة بالقومي للبحوث الجنائية لـ الشروق: نسبة الرجال المنتحرين ضعف السيدات

آخر تحديث: الجمعة 24 سبتمبر 2021 - 4:05 م بتوقيت القاهرة

ياسمين سعد

ما زال المجتمع المصري يواجه أزمة حالات الانتحار المتسارعة، رغم محاولات الدولة ومؤسساتها في الحد من انتشارها كـ "ظاهرة" داخل البلاد، وتأكيد مركز الأزهر للفتوى العالمية على أن "الإسلام أمر بالحفاظ على النفس البشرية".

ففي دراسة بعنوان «مشكلة الانتحار في المجتمع المصري»، نشر المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية رسوم بيانية أوضح من خلالها زيادة أعداد المنتحرين لتصل لأعلى معدلاتها في عام 2018، بواقع 1,31 شخص لكل 100 ألف من السكان.

ما هي الأعداد الحقيقية للمنتحرين في المجتمع المصري؟
أكدت الدكتورة سالي عاشور، مدرس العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن الدراسة، التي حاولت حصر أعداد المنتحرين في مصر لعام 2018، أجريت بعد مراجعة تقارير جميع الجهات الحكومية، مثل تقارير الأمن العام، مركز التعبئة والإحصاء، معهد السموم، بجانب تقارير النيابة العامة.

وأوضحت عاشور، أن الدراسة كانت تراجع أي تقرير لوفاة غير طبيعية، وقد وجد فريق البحث أن النيابة العامة هي الجهة الأكثر ثقة، والتي تقدم البيانات الدقيقة لأعداد المنتحرين، فلا تحصل عائلة المتوفى على شهادة وفاة للمنتحر إلا من خلالها، وبالتالي يمكنها حصر أعداد المنتحرين من هذه الشهادات بدقة.

وأكدت أنه ووفقا للأرقام التي استخلصتها الدراسة، فإن الانتحار ليس ظاهرة في المجتمع المصري، فبحسب تعريف علم الاجتماع، ومنظمة الصحة العالمية فالظاهرة هي المشكلة أو القضية التي تثبت إحصائياتها أنها في نسبة تصاعدية دائما وبأعداد منتظمة.

وأشارت عاشور إلى أنه ووفقا لإحصائيات تقارير النيابة العامة التي فحصتها الدراسة فإن أعداد المنتحرين في مصر ليس في زيادة منتظمة، بل أنه أقل من معدلات منظمة الصحة العالمية، التي أقرت أنه يمكن أن تكون هناك مشكلة عندما تتراوح أعداد المنتحرين بين 2 – 4 لكل 100 ألف من السكان، بينما في مصر أعداد المنتحرين هي 1.31 لكل 100 ألف من السكان.

وأشارت سالي إلى أن المجتمع المصري يتحدث حاليا عن الانتحار باعتباره ظاهرة، ليس لزيادة أعداد المنتحرين، لأن الدراسة أثبتت عكس ذلك، ولكنهالتسريبت فيديوهات للحوادث، وهو الأمر الذي وصفته بالفعل غير الأخلاقي والذي طالبت بتجريمه.

ووفقا للدراسة، فقد تصدر استخدام الشنق والقفز من أعلى كأكثر وسيلتين تم استخدامها للانتحار في المجتمع المصري خلال الفترة من عام 2001 إلى عام 2018، يليها السموم، خاصة باستخدام المبيدات الحشرية، التي حصلت على المرتبة الأولى في السموم التي استخدمها المنتحرون في الفترة من 2017 إلى 2019، وذلك لسهولة الحصول عليها.

وتركزت حالات الشروع في الانتحار في الفئات العمرية من 15 إلى 30 عاما، بينما تركزت حالات الانتحار الفعلية في الفئات العمرية من 20 إلى 40 عاما، هذا بحسب ما ذكر في دراسة مركز البحوث الجنائية والاجتماعية.

وأكدت الدراسة أن وفيات الانتحار بين الذكور مرتفعة عن الإناث، وعن هذا تقول دكتورة سالي، "نسبة الانتحار بين الرجال أعلى من السيدات على مستوى العالم، فالأرقام العالمية هي أن الرجال تنتحر بنسبة تساوي ثلاث أضعاف نسبة النساء، وفي مصر تمثل أعداد الانتحار بين الرجال ضعف أعداد النساء، ولكن لا نعلم الأسباب وراء ذلك بعد".

وأشارت عاشور إلى عدم توقف حالات الانتحار على الرجال والسيدات البالغين فقط، بل شمل الأطفال أيضا، حيث أوضحت أن الإحصائية التي استخلصتها الدراسة، وجدت أن الفئة العمرية من 15 إلى 29 هي الفئة الأكثر شروعا في الانتحار، بينما تنجح الفئة العمرية من 20 إلى 40 عاما في الانتحار بالفعل، مما يعني أن هناك أطفال شرعوا في الانتحار وأطفال انتحروا بالفعل، مؤكدة أن الألعاب الإلكترونية كانت السبب الأول في انتحار الأطفال.

بالرغم من تأكيد أستاذ العلوم السياسية على دقة أرقام الدراسة بخصوص عدد حالات المنتحرين في عام 2018، إلا أنها أكدت أن تلك الأرقام لا تمثل الأعداد الحقيقية للمنتحرين خلال هذا العام أو العام الماضي، فربما تكون زادت أو قلت، "لن نعلم ماذا تغير إلا بعد إجراء دراسة جديدة خلال العالم الحالي".

هل مصر بحاجة إلى وضع استراتيجية فعّالة لمكافحة الانتحار؟
قالت الخبيرة بالمركز، إنه وطبقا لالتزامات مصر الدولية مع منظمة الصحة العالمية فإنها يجب أن تعلن عن استراتيجية خاصة بمكافحة الانتحار، حتى إذا كانت غير معلنة حاليا للجمهور، مشيرة إلى بدء الدولة في اتخاذ إجراءات لمكافحة الانتحار مثل افتتاح مراكز للدعم النفسي وإعادة بناء الذات في عدد من الجامعات المصرية، وقيام بعض الوزارات بتوعية المواطنين بمخاطر الانتحار، بالإضافة إلى وجود خطوط ساخنة منها الخط الساخن للأمانة العامة للصحة النفسية لمكافحة الانتحار.

وأشارت أستاذ العلوم السياسية إلى القصور الموجود في المجتمع المصري في الوعي بأضرار المرض النفسي، الذي يؤدي إلى الانتحار، كقصور الدولة والمجتمع المدني في توعية المواطنين بمخاطر المرض النفسي، والتوعية بمكافحة الانتحار، وأيضا التناول الإعلامي الحالي لقضايا الانتحار، الذي يمكن أن يكون مصدرا محتملا للتشجيع على عدوى الانتحار.

وتابعت عاشور: "الانتحار علميا من الظواهر المعدية، فمن الممكن أن يرى الشخص غير المهيأ نفسيا حالات الانتحار في وسائل الإعلام، فيقوم بتقليدها، ومن الممكن أن يرى تعاطف الناس مع المنتحر بعد وفاته، فيريد ينتحر للحصول على هذا التعاطف".

وكشفت عاشور أن الدراسة أوصت الإعلام المصري بالالتزام بتعاليم منظمة الصحة العالمية في تغطية حوادث الانتحار، مشيرة إلى أنه يجب عدم كتابة معلومات غير مؤكدة عن المنتحرين، بالإضافة لعدم تسريب صور أو فيديوهات لحوادث الانتحار، وموضحة أن المركز يعمل على دراسة قادمة حول اتجاهات النشأ والشباب تجاه مشكلة الانتحار، وذلك لمعرفة كيف تفكر هذه الفئة العمرية في الانتحار.

في نهاية حديثها، أكدت أستاذة العلوم السياسية أن المركز قدم جميع أبحاثه إلى صانعي القرار، فقام مجلس النواب بتشكيل لجنة وزارية متعددة الاختصاصات للبت في الأمر، مشيرة إلى أن نتائج اللجنة الوزارية ربما تحدد إذا ما كانت مصر ستطلق استراتيجية لمكافحة الانتحار أم لا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved