في نزاع حجب يوتيوب.. كيف تحول الاختصاص من جهاز الاتصالات إلى الأعلى للإعلام؟

آخر تحديث: الإثنين 25 يناير 2021 - 12:29 م بتوقيت القاهرة

محمد نابليون

على مدى 8 سنوات من تداول النزاع القضائي الخاص باستمرار عرض موقع يوتيوب للفيلم الأمريكي "براءة المسلمين" المسيئ للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) أمام محاكم مجلس الدولة، شهدت القضية تطورات عدة؛ لعل أبرزها تحوّلت دفة الاختصاص بحجب الروابط الإلكترونية المستمرة في إذاعة الفيلم على الموقع من سلطة الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات إلى سلطة المجلس الأعلى للإعلام، وذلك بموجب الحكم الأخير الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري أمس.

الحكم الجديد الصادر برئاسة المستشار فتحي إبراهيم توفيق، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين رأفت محمد عبد الحميد، وأحمد جلال زكي، نائبي رئيس مجلس الدولة، وبحضور المستشار جورج فاروق سلامة مفوض الدولة، قضت فيه المحكمة بإلزام المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بحجب الروابط الإلكترونية المحملة على موقع يوتيوب التي تعرض الفيلم المسيء، في الدعوى المقامة من محمد حامد سالم المحامي.

يذكر أن ذلك الحكم ليس الأول من نوعه الذي تصدره محاكم مجلس الدولة بشأن هذا النزاع، بل سبقه حكمان أصدرت أحدهما الدائرة السابعة بمحكمة القضاء الإداري في 2013 وقضت فيه بإلزام الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بما له من سلطات بحجب موقع يوتيوب لمدة شهر بسبب سماحه بعرض الفيلم، وفي 2018 أيدت المحكمة الإدارية العليا ذلك الحكم وألزمت الجهاز القومي بتنفيذه.

غير أن الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري ارتأت في حكمها الحديث أنه بصدور القانون رقم 180 لسنة 2018 بشأن تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أصبح الاختصاص بحجب المواد الإعلامية التي تُبث من الخارج ومن شأنها الإخلال بمقتضيات الأمن القومي المصري، محجوزاً للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والذي يمنحه القانون سلطة إصدار أمر بمنع تداولها أو عرضها داخل البلاد.

وأكدت أنه إذا كانت تلك المواد إباحية أو تتعرض للأديان والمذاهب الدينية بما من شأنه تكدير السلم العام، أو تحض على التمييز أو العنف أو العنصرية أو الكراهية، فقد أوجب المشرع على المجلس الأعلى أن يأمر بمنع تداول أو عرض المادة المخالفة في مصر.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إنه رغبة من الشارع الدستوري في حماية حرية الصحافة والإعلام والحفاظ على استقلالها وضبط الأداء الإعلامي بما يحافظ على الأصول والأخلاقيات المتعارف عليها وكذا مقتضيات الأمن القومي، فقد أنشأ المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وأولاه شخصية اعتبارية مستقلة، واختصه بتنظيم شئون الإعلام المسموع والمرئي والصحافة المطبوعة، ووضع الضوابط والمعايير التي تضمن التزام الصحافة ووسائل الإعلام بأصول المهنة وأخلاقياتها، ومقتضيات الأمن القومي، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون.

وقالت المحكمة إن سلطة الحجب التي باتت ممنوحة للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ليست من قبيل الجزاء أو العقوبة التي يتم توقيعها على الوسيلة الإعلامية الأجنبية المخالفة، ولكنها إحدى تجليات الوظيفة الحمائية التي يضطلع بها المجلس الأعلى حفاظاً على الأمن القومي للبلاد والآداب العامة والنظام العام، وللمجلس الأعلى في هذا الخصوص أيضاً أن يتواصل مع الجهات النظيرة في الدولة التي يتم البث منها للعمل على تدارك أسباب المخالفة.

وشددت المحكمة على أن المجلس الأعلى للإعلام إذا لم يحجب تلك الروابط فإن قراره السلبي المطعون عليه يكون قد صدر بالمخالفة للقانون، خليقاً والحال كذلك بالإلغاء، مع كافة ما يترتب على ذلك من آثار، وهو ما تقضي به المحكمة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved