«جدران الحرية».. قصة كتاب احتجزته الجمارك المصرية فأصبح الأكثر مبيعًا

آخر تحديث: الأربعاء 25 فبراير 2015 - 6:50 م بتوقيت القاهرة

عزة جرجس

ساعات قليلة مرت على إعلان جمارك إسكندرية حجز 400 نسخة من كتاب «جدران الحرية» للمؤلف الألماني دون كارل والمصرية بسمة حمدي، بدعوى وجود رسومات "تحرض على الجيش والشرطة" حتى قفز الكتاب إلى قائمة الأكثر مبيعا على موقع أمازون.

لم يكن كارل وبسمة يعلمان أن رسومات الجرافيتي بشوارع مصر التي قاما بجمعها، على مدار ثلاث سنوات، مع 100 رسام جرافيتي ومائة مصور، سوف تكون اتهاما ضدهما بتهديد نظام الحكم في مصر والدعوة للثورة عليه.

"هذا الاتهام حقا مثير للسخرية، الكتاب يوثق لأشياء بالفعل حدثت، ومعظم الرسومات لا زالت تطل من الشوارع في مصر" يقول رسام الجرافيتي ومؤلف كتاب «جدران الحرية» دون كارل لـ«الشروق»، قبل أن يضيف قائلا "أن الترويج لكتاب ما هو بمثابة عمل شاق جدا، لذا فأنا أشكر الجمارك على مساهمتها في الترويج للكتاب بهذا المحضر التي تقدمت به للنيابة".

وكتاب «جدران الحرية» الذي تم الانتهاء من جمع رسوماته في 2014، هو أول كتاب يوثق أعمال الجرافيتي في الشوارع المصرية منذ2011 وحتى أوائل العام الماضي. ويتناول كل الأعمال التي رسمها فنانو الجرافيتي المصريين ضد مبارك ثم المجلس العسكري والإخوان المسلمين وصولا إلى الرئيس المؤقت عدلي منصور. ولا تقتصر الرسومات على الجانب السياسي فقط ولكنها تناقش أيضا الحياة الاجماعية والثقافية للمصريين في تلك السنوات.

«كارل» الناشط الثقافي الذي بدأ رسم الجرافيتي على جدران برلين في 1983، كأوائل الفنانين الذين اهتموا بهذا الفن في أوروبا. لم يكن ليترك الجرافيتي المصري الذي "انفجر" في مصر عقب هدم جدران الخوف مع ثورة يناير دون توثيق، خاصة أنه في 2011 كان قد أنهى كتابا عن الجرافيتي باستخدام الخط العربي.

«كارل» الذي كان شاهدا على انتشار "فيرس" الجرافيتي في الشرق الأوسط، يرى أن تجربة الجرافيتي في مصر مختلفة وتستحق الرصد: "الفنانون المصريون لما يرسموا الجرافيتي في الشارع عندما كانوا أطفالا، ولكنهم ما أن بدأت الثورة حتى شعروا أن تواجدهم في الشارع بمهاراتهم وموهبتهم أصبح أمرا ضروريا".

رئيس جمارك المنطقة الشمالية بالإسكندرية، أحمد الصياد، قال للشروق أن الكتاب الآن في النيابة وسوف تنتظر رأي الرقابة على المطبوعات الأجنبية فيه، رافضا تأكيد أو نفي تصريحاته لبعض الصحف بأنه اطلع على الكتاب ووصفه بأنه "يحرض على الدولة".

أمير عزيز، المستشار القانوني لدار نشر التنوير والتي تستورد الكتاب من دار النشر الألمانية، قال أن المحضر المقدم للنيابة بخصوص الكتاب وحمل الرقم 1325، قدمه موظف بالجمارك شعر بـ"الهلع" بمجرد رؤية جرافيتي الكتاب الذي يحتوي في بعض الصفحات على جمل "يسقط حكم العسكر" وصور للأمن يطلق النار على متظاهرين.

ويشير «عزيز» إلى أن هناك سبب آخر لحجز الكتاب، حيث أن الدار تركت الكتاب في المنطقة الجمركية بالأسكندرية سبعة أشهر، وعليها دفع مبلغا من المال ثمن إيجار الأرضية، وأنهم يحاولون تسوية الأمر مع جمارك الأسكندرية بالفعل.

"ما زال هناك ظاهرة المواطنين الشرفاء" يقول شريف جوزيف، رئيس دار نشر تنوير، المسؤولة عن استيراد الكتاب معقبا على ما فعله الموظف بالجمارك الذي قام بالإبلاغ عن الكتاب، قبل أن يذكر واقعة الصحفي الفرنسي الذي قبضت عليه الشرطة بمجرد أن أبلغت عنه مواطنة لأنه كان يتحدث في شؤون مصر على أحد المقاهي، ويشير جوزيف إلى أن الكتاب يباع بالفعل في مصر منذ شهور. رافضا تصريحات الجمارك حول الكتاب "ليس من شأنها فحص محتوى الكتاب".